عبدالله بن مفرح
23-11-2013, 10:33 AM
الهيئة في أول مرة أكتب أو أتحدث عنها مقال د. حمزة السالم -
http://www.nabdapp.com/jump_android.php?id=6659335
http://www.al-jazirah.com/2013/20131123/1535.jpg
لم أكتب قط، أو أتحدث عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي قبل مقالي هذا، اللهم أنني غردت عند صدور أمر تعيين الرئيس الجديد مؤيداً لهذا الاختيار، ومبرراً ذلك بأن آل الشيخ هم من أوجدوا الهيئة، وأمر إصلاحها يقع اليوم تحت مسؤوليتهم.. وقد أجبرني على الخروج من حيادي هذا، تباشير الإصلاح التي يقوم بها معالي رئيس الهيئة.. فصلاح الهيئة له أثر كبير على إصلاح الدين وثقافة المجتمع. ولا أكون مبالغاً إن قلت بأن رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد أنجز من الإصلاحات في فترة قصيرة ما يعتبر استثنائياً، إذا ما اعتبرنا وضع الهيئة المعقد سياسياً ودينياً واجتماعياً وإعلامياً.
فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنشئت في فترة زمنية معينة كاستجابة لاحتياجات سياسية تنظيمية، تنظم حماس المحتسبين للدعوة.. وذلك عندما أناط الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ولاية الحسبة للشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ، تقريباً في عام 1940م. وقد كانت الهيئة منذ عهد تأسيسها التنظيمي ذلك، تتماشى مع الأوضاع والأعراف السائدة في المجتمع، كل مجتمع بحسب عاداته وأعرافه وزمانه. فعادات أهل نجد ليس كعادات وأعراف أهل الحجاز، وزمان الملك عبدالعزيز ليس كزمان الملك فيصل، رحم الله المؤسس الأول والمؤسس الثاني. والتباين بين الزمانين عظيم، وكذلك كان تبعاً له التباين العظيم في ثقافة الهيئة. وقد كان لما يسمى بالصحوة -وهي الغفلة- أثر في تكيف ثقافة الهيئة معها، واتجاهها للتشدد، استجابة للتغير الذي حدث لتقاليد المجتمع وأعرافه. وقد جاء الشيخ عبداللطيف بن عبدالعزيز ليقود الهيئة اليوم في فترة اجتماعية انتقالية سريعة الأحداث والتغيرات.. والأمر ليس بهذه السهولة، فتغير ثقافة المجتمعات، قد يكون في كثير من الأحيان أسهل من تغيير ثقافة المنظمة أو المؤسسة (سواء أكانت تجارية أو حكومية أو غير ذلك). والهيئة -كأي كيان تنظيمي- لها ثقافتها وأعرافها ورجالها المؤثرون فيها من داخلها وخارجها، وتتنازعها مصالح متعارضة، كأي منظمة أخرى. فالمجتمعات الإنسانية أفرادها متشابهون ويقلد بعضهم البعض بحكم اتباع النمط الاجتماعي، فيسهل تغيرها أحياناً بسرعة، بخلاف المنظمات والمؤسسات. وشاهد ذلك أن الهيئة اليوم ما زالت لم تخرج من ثقافة زمن الصحوة، بينما المجتمع قد خرج منها. وهناك مخلصون طيبون وآخرون مستنفعون، وكلا الفريقين لا يريدون للهيئة أن تخرج من ثقافتها التي تعيش فيه. وإظهار واقع الهيئة دون مبالغة أو تجميل مع إيجاد بديل إفضل لواقعها، هو من أهم الأمور المعينة على تجاوز مرحلة الصحوة والانتقال بالهيئة لتقوم بدور إيجابي في المجتمع وكسب أو تحييد المخلصين.
فواقع الهيئة أنها تعيش وهماً إعلامياً، كالوهم الذي يعيشه العرب عموماً. فما تقوم به الهيئة من أعمال وجهود في الإيقاع بالمخدرات ونحوها من الأعمال الجيدة، مع ما ترتكبه من أخطاء وتجاوزات، إذ أخذنا بها نسبة وتناسباً، لا يقارن مطلقاً بما تقوم به الجهات الأمنية المسؤولة. فقد تنجح الهيئة عشرات المرات وترتكب خطأ أو تجاوزاً شنيعاً مرة، بينما تنجح الجهات الأمنية الأخرى الآلاف من المرات وترتكب خطأ أو تجاوزاً شنيعاً مرة. فليس هناك جدوى اقتصادية ولا سياسية ولا أمنية من عمل الهيئة في أمور يقوم بها المتخصصون من الجهات الحكومية بدور أكثر فعالية وإنتاجية. وما ينشر من بعض المتحمسين لها بأنها تحافظ على الفضيلة ونحو ذلك، فالواقع أن في هذا اتهاماً للمجتمع السعودي بأنه لا فضيلة له إلا بوجود رقيب عليه وحسيب. مما نتج عن ذلك غياب الحس الفردي في المسؤولية الاجتماعية الذي يمنع التحرش والإيذاء اجتماعياً، لكون المجتمع هو الرقيب والحسيب. وما حادثة التحرش الأخيرة في الشرقية وعدم تدخل الجمهور بأمر نادر، بل هو أمر يتكرر كثيراً، ولكن على مقياس أصغر. فالضرر الذي أتت به الهيئة بأن خلقت بيئة يحدث فيها كثير من التحرشات والإيذاء -وذلك بسبب بلادة المجتمع في إحساسه بالمسؤولية الاجتماعية- لا تقارن منفعته بعدد الحالات التي نجحت بإيقافها، ولا يساوي كلفة تجاوزات بعض أفراد الهيئة وأخطائها.
ومن مشاكل الهيئة أنها تحتاج إلى دور اجتماعي إيجابي حقيقي تقوم به. فكثير من التجاوزات والأخطاء، وخلق الوهم الإنتاجي صادر عن تسلط مرده محاولة إيجاد دور وأهمية للهيئة تماماً كفقهاء المذاهب في العصور الوسطى، يحرمون الحلال ثم يعودون ويحللونه، ويتشدقون في أحكام العبادات من أجل الحفاظ على الصنعة وإيجاد دور وأهمية لهم في مجتمعاتهم، فعقدوا الدين ونفروا الناس منه وظلموا أنفسهم في جناب الله بالافتئات عليه في الأحكام.
وإيجاد دور إيجابي فعال وحقيقي للهيئة هو أمر ممكن ومتيسر وقد طرحت الكثير من الآراء والمقترحات في الصحف والمؤتمرات والمجالس سراً وعلناً، وهناك الكثير مما لم يطرح. والأمل معقود بمعالي رئيس الهيئة، فقد استبشرنا به خيراً، وهو يرينا في كل يوم أنه أهل لهذه المسؤولية التي والله لا يحسد عليها، ولا يتمناها الأب المشفق لابنه. ولن يسلم الشيخ عبداللطيف من الأذى والتهمة، فهذا ديدن حال المصلحين للمجتمعات، وله، بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في جده الإمام المجدد شيخ التوحيد محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- قدوة ومثلاً يعينه على مسيرته الإصلاحية للهيئة
http://www.nabdapp.com/jump_android.php?id=6659335
http://www.al-jazirah.com/2013/20131123/1535.jpg
لم أكتب قط، أو أتحدث عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي قبل مقالي هذا، اللهم أنني غردت عند صدور أمر تعيين الرئيس الجديد مؤيداً لهذا الاختيار، ومبرراً ذلك بأن آل الشيخ هم من أوجدوا الهيئة، وأمر إصلاحها يقع اليوم تحت مسؤوليتهم.. وقد أجبرني على الخروج من حيادي هذا، تباشير الإصلاح التي يقوم بها معالي رئيس الهيئة.. فصلاح الهيئة له أثر كبير على إصلاح الدين وثقافة المجتمع. ولا أكون مبالغاً إن قلت بأن رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد أنجز من الإصلاحات في فترة قصيرة ما يعتبر استثنائياً، إذا ما اعتبرنا وضع الهيئة المعقد سياسياً ودينياً واجتماعياً وإعلامياً.
فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنشئت في فترة زمنية معينة كاستجابة لاحتياجات سياسية تنظيمية، تنظم حماس المحتسبين للدعوة.. وذلك عندما أناط الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ولاية الحسبة للشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ، تقريباً في عام 1940م. وقد كانت الهيئة منذ عهد تأسيسها التنظيمي ذلك، تتماشى مع الأوضاع والأعراف السائدة في المجتمع، كل مجتمع بحسب عاداته وأعرافه وزمانه. فعادات أهل نجد ليس كعادات وأعراف أهل الحجاز، وزمان الملك عبدالعزيز ليس كزمان الملك فيصل، رحم الله المؤسس الأول والمؤسس الثاني. والتباين بين الزمانين عظيم، وكذلك كان تبعاً له التباين العظيم في ثقافة الهيئة. وقد كان لما يسمى بالصحوة -وهي الغفلة- أثر في تكيف ثقافة الهيئة معها، واتجاهها للتشدد، استجابة للتغير الذي حدث لتقاليد المجتمع وأعرافه. وقد جاء الشيخ عبداللطيف بن عبدالعزيز ليقود الهيئة اليوم في فترة اجتماعية انتقالية سريعة الأحداث والتغيرات.. والأمر ليس بهذه السهولة، فتغير ثقافة المجتمعات، قد يكون في كثير من الأحيان أسهل من تغيير ثقافة المنظمة أو المؤسسة (سواء أكانت تجارية أو حكومية أو غير ذلك). والهيئة -كأي كيان تنظيمي- لها ثقافتها وأعرافها ورجالها المؤثرون فيها من داخلها وخارجها، وتتنازعها مصالح متعارضة، كأي منظمة أخرى. فالمجتمعات الإنسانية أفرادها متشابهون ويقلد بعضهم البعض بحكم اتباع النمط الاجتماعي، فيسهل تغيرها أحياناً بسرعة، بخلاف المنظمات والمؤسسات. وشاهد ذلك أن الهيئة اليوم ما زالت لم تخرج من ثقافة زمن الصحوة، بينما المجتمع قد خرج منها. وهناك مخلصون طيبون وآخرون مستنفعون، وكلا الفريقين لا يريدون للهيئة أن تخرج من ثقافتها التي تعيش فيه. وإظهار واقع الهيئة دون مبالغة أو تجميل مع إيجاد بديل إفضل لواقعها، هو من أهم الأمور المعينة على تجاوز مرحلة الصحوة والانتقال بالهيئة لتقوم بدور إيجابي في المجتمع وكسب أو تحييد المخلصين.
فواقع الهيئة أنها تعيش وهماً إعلامياً، كالوهم الذي يعيشه العرب عموماً. فما تقوم به الهيئة من أعمال وجهود في الإيقاع بالمخدرات ونحوها من الأعمال الجيدة، مع ما ترتكبه من أخطاء وتجاوزات، إذ أخذنا بها نسبة وتناسباً، لا يقارن مطلقاً بما تقوم به الجهات الأمنية المسؤولة. فقد تنجح الهيئة عشرات المرات وترتكب خطأ أو تجاوزاً شنيعاً مرة، بينما تنجح الجهات الأمنية الأخرى الآلاف من المرات وترتكب خطأ أو تجاوزاً شنيعاً مرة. فليس هناك جدوى اقتصادية ولا سياسية ولا أمنية من عمل الهيئة في أمور يقوم بها المتخصصون من الجهات الحكومية بدور أكثر فعالية وإنتاجية. وما ينشر من بعض المتحمسين لها بأنها تحافظ على الفضيلة ونحو ذلك، فالواقع أن في هذا اتهاماً للمجتمع السعودي بأنه لا فضيلة له إلا بوجود رقيب عليه وحسيب. مما نتج عن ذلك غياب الحس الفردي في المسؤولية الاجتماعية الذي يمنع التحرش والإيذاء اجتماعياً، لكون المجتمع هو الرقيب والحسيب. وما حادثة التحرش الأخيرة في الشرقية وعدم تدخل الجمهور بأمر نادر، بل هو أمر يتكرر كثيراً، ولكن على مقياس أصغر. فالضرر الذي أتت به الهيئة بأن خلقت بيئة يحدث فيها كثير من التحرشات والإيذاء -وذلك بسبب بلادة المجتمع في إحساسه بالمسؤولية الاجتماعية- لا تقارن منفعته بعدد الحالات التي نجحت بإيقافها، ولا يساوي كلفة تجاوزات بعض أفراد الهيئة وأخطائها.
ومن مشاكل الهيئة أنها تحتاج إلى دور اجتماعي إيجابي حقيقي تقوم به. فكثير من التجاوزات والأخطاء، وخلق الوهم الإنتاجي صادر عن تسلط مرده محاولة إيجاد دور وأهمية للهيئة تماماً كفقهاء المذاهب في العصور الوسطى، يحرمون الحلال ثم يعودون ويحللونه، ويتشدقون في أحكام العبادات من أجل الحفاظ على الصنعة وإيجاد دور وأهمية لهم في مجتمعاتهم، فعقدوا الدين ونفروا الناس منه وظلموا أنفسهم في جناب الله بالافتئات عليه في الأحكام.
وإيجاد دور إيجابي فعال وحقيقي للهيئة هو أمر ممكن ومتيسر وقد طرحت الكثير من الآراء والمقترحات في الصحف والمؤتمرات والمجالس سراً وعلناً، وهناك الكثير مما لم يطرح. والأمل معقود بمعالي رئيس الهيئة، فقد استبشرنا به خيراً، وهو يرينا في كل يوم أنه أهل لهذه المسؤولية التي والله لا يحسد عليها، ولا يتمناها الأب المشفق لابنه. ولن يسلم الشيخ عبداللطيف من الأذى والتهمة، فهذا ديدن حال المصلحين للمجتمعات، وله، بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في جده الإمام المجدد شيخ التوحيد محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- قدوة ومثلاً يعينه على مسيرته الإصلاحية للهيئة