عبدالله بن مفرح
16-04-2014, 12:08 AM
لباس الشهرة
أولا تعريف لباس الشهرة :
قال ابن الأثير رحمه الله في جامع الأصول : هو الذي إذا لبسه الإنسان افتضح به واشتهر بين الناس ... اهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى : هو المترفع الخارج عن العادة والمتخفض الخارج عن العادة فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين المترفع والمتخفض وبنحو ذلك قال ابن القيم في الزاد والمناوي في فيض القدير .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ثوب الشهرة ليس له كيفية معينة أو صفة معينة وإنما يراد بثوب الشهرة ما يشتهر بهالإنسان أو يشار إليه بسببه فيكون متحدث الناس في المجالس فلان لبس كذا فلان لبسكذا وبناء على ذلك قد يكون الثوب الواحد شهرة في حق إنسان وليس شهرة في حق الآخرفلباس الشهرة إذن هو ما يكون خارجا عن عادات الناسبحيث يشتهر لابسه وتلوكهالألسن وإنما جاء النهي عن لباس الشهرة لئلا يكون ذلك سببا لغيبة الإنسان وإثمالناس بغيبته .
هل يشترط النية للباس الشهرة ؟
وللجواب عن هذا إليك كلام عالمين جليلين :
سئل العلامة الألباني رحمه الله : ما المقصود بلباس الشهرة أو ثوب الشهرة الذي ورد التحذير منه في الحديث في واقعنا المعاصر ؟
فأجاب : واقعنا المعاصر كل بلد له نمطه في اللباس وهيأته فإذا لبس رجلٌ لباسا ما في ذاك البلد ليس معهودا ولا معروفا فيه ويبتغي هو الشهرة فهو لباس الشهرة؛ أما إذا طرأ البلد الذي لا يلبس هذا اللباس ومعنى الشهرة في ذهنه غير وارد إطلاقا فهذا ليس لباس شهرةيعني لباسالشهرة قبل كل شيء يتعلق بالنية ثم يُلاحظ في ذلك عادة البلد ... " اهـ سلسلة الهدى والنور
وقال الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في شرح سنن أبي داود عند حديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة مثله " قال المصنف رحمه الله تعالى : باب في لبس الشهرة ... قال في حديث شريك (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=317&ftp=alam&id=1000605&spid=317) يرفعه " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوباً مثله " زاد عن أبي عوانة (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=317&ftp=alam&id=1000803&spid=317) " ثم تلهب فيه النار " .
والمراد بالشهرة الشيء الذي يشتهر به الإنسان ويتميز به على غيره، وقد يدعو إلى الكبر بكونه غالياً وباهظ الثمن ونفيساً، فيكون مع ذلك تعاظم وتكبر وترفع على الناس، وقد يكون شيئاً يلفت الأنظار، في لباسه المتميز الذي يخالف لباس أهل بلده ويخالف لباس قومه .
... وثوب الشهرة قد يكون بقصد وهو داخل في الوعيد، وقد يكون بغير قصد وهذا يخشى عليه أن يكون داخلاً في الوعيد أيضاً، علاوة على أنه قد يتهم في عقله بلبسته تلك .اهـ
أقول ـ حسام ـ وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : " كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان : سرَف ومَخِيلة " رواه ابن أبي شيبة
هل يجوز لبس لباس أعتاده الناس ؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ... لبس ما اعتاده الناس ولم يكن محرماً بعينه فهو سنة؛ أما ما كان محرماً بنوعه كالحرير للرجال أو بصفته كلبس الرجال ما ينزل عن الكعب؛ فهذا لا يجوز ولو اعتاده الناس، لكن ما كان مباحاً وكان من عادة الناس؛ فإن السنة أن تلبس كما يلبسون؛ لأنك لو خرجت عن ذلك لصار شُهرة ... . اهـ
قلت ـ حسام ـ وكون أنه كان لباس طائفة معينة أو لباس غير المسلمين أصلا ليس دليلا على المنع فعن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس جبة رومية ضيقة الكمين . متفق عليه
ثم بارك الله فيك على هذا يلزم الرد على زي طلاب العلم وعلماء المملكة حيث أشتهر العالم بلباس البشت والشماغ وكذالك فعل خطباء الجمعة وعدم لباس الشماغ والبشت للشيخ أصبح من خوارم المروءة فهل تلزم بذلك لوجود العلة ... !!
ضوابط لباس الشهرة :
قال الدكتور ناصر بن محمد الغامدي في كتابه لباس الرجل أحكامه وضوابطه وهو رسالة دكتوراه : لباس الشهرة يختلف من زمن لآخر فما يُعد في زمن شهرة قد لا يُعد في زمن آخر كذلك وما يُعتبر شهرة في بلد أو مجتمع قد لا يكون كذلك في غيره من البلاد والمجتمعات؛ ومن الضوابط في لباس الشهرة ما يلي :
أولا : أن يلبس الشخص خلاف زِيِّه ولباسه المعتاد لقصد الاشتهار فإن هذا تشهير بنفسه وتفطين إليها كما لو لبس الإنسان ثوبا مقلوبا أو لباسا لا يلبس مثُله مثَله .
ثانيا : أن يلبس الشخص خلاف زِيّ أهل بلده من غير حاجة تدعو إلى ذلك فما يفعله بعض الشباب في هذه البلاد من لبس الملابس المخالفة لزي أهل بلدهم كاللباس الأفغاني أو السوداني أو الرياضي أو الإفرنجي مثلا من غير حاجة إلى ذلك والخروج به إلى الأسواق بل الدخول به إلى المساجد وأماكن العبادة ومجتمعات الناس هو في الحقيقة من لباس الشهرة المحرم الذي تشمله النصوص الشرعية لأنه خارج عن لباس أهل بلده وعشيرته وسبب لغيبته والوقوع في عرضه والإشارة إليه .
ثالثا : كل لباس أزرى بصاحبه فهو لباس شهرة محرم كما يفعله بعض المتعبدين والزهاد مما يقصدون به الارتفاع عن الناس وإظهار التواضع والزهد وقد يجمع إلى الشهرة الرياء ، وهذا من كبائر الذنوب المهلكة .
رابعا : كل لباس يلبسه الإنسان على وجه التسيد والبروز والتفاخر به على الناس . خامسا : ليس ثوب الشهرة مختصا بنفس الثياب بل كل ثوب - ولو كان رثا رديئا ـ يلبسه الإنسان ويؤدي به إلى الشهرة أو يلبسه بقصد الاشتهار به بين الناس فهو ثوب شهرة محرم لأن التحريم يدور مع الاشتهار والمعتبر القصد؛ ووصف الإمام الثوري رحمه الله السلف بقوله " كانوا يكرهون من الثياب الجياد التي يُشتهر بها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم والثياب الردئية التي يُحتقر فيها ويُستذل دينه " وبه يعلم أن من لباس الشهرة الداخل في عموم النهي ما يلبسه بعض الساخرين والمهرجين والممثلين ومن يحترفون الضحك والدعابة على الناس ليُعجبوا من صنيعهم ويضحكوا من فعالهم .
سادسا : المعتبر في الشهرة هو القصد والنية والرغبة في الاشتهار والكبر والفخر والتميز على الأقران أما من لبس ثوبا فاشتهر به من غير قصد فلا يشمله النهي – إن شاء الله تعالى - ما لم يعلم أن ذلك من لباس الشهرة فيُصر عليه ولا يغيره لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " .
سابعا : ليس من الشهرة في شيء التزام الرجل المسلم بحد اللباس الشرعي المنافي للإسبال ، ولو أدى ذلك إلى اشتهاره بين الناس .
هل لباس الأزاهرة لباس شهرة وهل يجوز للعالم التميز بلباس ؟
قلت ـ حسام ـ روى الرامهرمزي في المحدث الفاصل بسنده عن مطرف قال : سمعت مالك بن أنس يقول : قلت لأمي أذهب فأكتب العلم فقالت لي أمي تعال فالبس ثياب العلماء ثم اذهب فاكتب قال فأخذتني فألبستني ثيابا مشمرة ووضعت الطويلة على رأسي وعممتني فوقها ثم قالت : اذهب الآن فاكتب .
وعن أبي معمر قال : قال لي أبي : كنت عند مسعر بن كدام فرأى رجلا نبيلا عليه ثياب خيار فقال له مسعر : أنت من أصحاب الحديث ؟
قال : نعم .
قال : لو كنت من أصحاب الحديث كنت مقنعا وكانت نعلك مخصوفة .
وأيضاً جاء في عدة مصادر عند ترجمة القاضي أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة أنه أول من خصص زياً للعلماء .
وكذالك أجازه ومنهم العز بن عبد السلام وحكى واقعة حدثت معه فقال : ولا بأس بلبس شعار العلماء من أهل الدين ليعرفوا بذلك فيسئلوا فإني كنت محرما فأنكرت على جماعة من المحرمين لا يعرفونني ما أخلوا به من آداب الطواف فلم يقبلوا فلما لبست ثياب الفقهاء وأنكرت على الطائفين ما أخلوا به من آداب الطواف سمعوا وأطاعوا فإن لبس شعار الفقهاء لمثل هذا الغرض كان فيه أجر لأنه سبب إلى امتثال أمر الله والانتهاء عما نهى الله عنه ... . اهـ
وقال السفاريني في غذاء الألباب : .. سئل الحافظ جلال الدين السيوطي عن طالب علم تزيا بزي أهل العلم وهو في الأصل من قرى البر ثم لما رجع إلى بلاده وعشيرته تزيا بزيهم وترك زي أهل العلم هل يعترض عليه في ذلك أم لا ؟
فأجاب بما معناه : لما اتصف بالصفتين لا اعتراض عليه في أي الزيين تزيا لأنه إن تزيا بزي العلماء فهو منهم وإن تزيا بزي أهل بلده وعشيرته فلا حرج عليه اعتبارا بالأصل ولأنه بين أظهر عشيرته وقومه .
وهذا واضح ولعل كلام علمائنا لا يخالفه ومرادهم في قولهم : ويكره خلاف زي بلده يعني بلا حاجة تدعو إلى خلافهم فإن من صار من العلماء تزيا بزيهم في أي مصر كان أو بلدة كانت غالبا والله أعلم . اهـ
قلت ـ حسام ـ وعند النظر في أصل المسألة يعرف أن الأصل في اللباس الحل والمنع طارئ على الإباحة ومما جاء في المنع لباس الشهرة وليعلم جيدا كلمة لباس الشهرة لا لباس الأزاهرة فإن كانت العلة في النسبة إلى الأزهر فالقياس مبني على لباس البشت والشماغ حيث عرف عن أهل العلم المنتسبين للحجاز وغيرهم والعلة تدور مع الحكم وجودا وعدما ولا أحد قائل بالمنع فليفهم.وجمعه أبو صفية حسام بن أحمد السوهاجي
__________________
قال العلامة الألباني رحمه الله : الامتثالُ هو الأدبُ، بل خيرٌ من الأدبِ .
منقول بدون تعديل
أولا تعريف لباس الشهرة :
قال ابن الأثير رحمه الله في جامع الأصول : هو الذي إذا لبسه الإنسان افتضح به واشتهر بين الناس ... اهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى : هو المترفع الخارج عن العادة والمتخفض الخارج عن العادة فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين المترفع والمتخفض وبنحو ذلك قال ابن القيم في الزاد والمناوي في فيض القدير .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ثوب الشهرة ليس له كيفية معينة أو صفة معينة وإنما يراد بثوب الشهرة ما يشتهر بهالإنسان أو يشار إليه بسببه فيكون متحدث الناس في المجالس فلان لبس كذا فلان لبسكذا وبناء على ذلك قد يكون الثوب الواحد شهرة في حق إنسان وليس شهرة في حق الآخرفلباس الشهرة إذن هو ما يكون خارجا عن عادات الناسبحيث يشتهر لابسه وتلوكهالألسن وإنما جاء النهي عن لباس الشهرة لئلا يكون ذلك سببا لغيبة الإنسان وإثمالناس بغيبته .
هل يشترط النية للباس الشهرة ؟
وللجواب عن هذا إليك كلام عالمين جليلين :
سئل العلامة الألباني رحمه الله : ما المقصود بلباس الشهرة أو ثوب الشهرة الذي ورد التحذير منه في الحديث في واقعنا المعاصر ؟
فأجاب : واقعنا المعاصر كل بلد له نمطه في اللباس وهيأته فإذا لبس رجلٌ لباسا ما في ذاك البلد ليس معهودا ولا معروفا فيه ويبتغي هو الشهرة فهو لباس الشهرة؛ أما إذا طرأ البلد الذي لا يلبس هذا اللباس ومعنى الشهرة في ذهنه غير وارد إطلاقا فهذا ليس لباس شهرةيعني لباسالشهرة قبل كل شيء يتعلق بالنية ثم يُلاحظ في ذلك عادة البلد ... " اهـ سلسلة الهدى والنور
وقال الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في شرح سنن أبي داود عند حديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة مثله " قال المصنف رحمه الله تعالى : باب في لبس الشهرة ... قال في حديث شريك (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=317&ftp=alam&id=1000605&spid=317) يرفعه " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوباً مثله " زاد عن أبي عوانة (http://audio.islam***.net/audio/index.php?page=ft&sh=317&ftp=alam&id=1000803&spid=317) " ثم تلهب فيه النار " .
والمراد بالشهرة الشيء الذي يشتهر به الإنسان ويتميز به على غيره، وقد يدعو إلى الكبر بكونه غالياً وباهظ الثمن ونفيساً، فيكون مع ذلك تعاظم وتكبر وترفع على الناس، وقد يكون شيئاً يلفت الأنظار، في لباسه المتميز الذي يخالف لباس أهل بلده ويخالف لباس قومه .
... وثوب الشهرة قد يكون بقصد وهو داخل في الوعيد، وقد يكون بغير قصد وهذا يخشى عليه أن يكون داخلاً في الوعيد أيضاً، علاوة على أنه قد يتهم في عقله بلبسته تلك .اهـ
أقول ـ حسام ـ وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : " كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان : سرَف ومَخِيلة " رواه ابن أبي شيبة
هل يجوز لبس لباس أعتاده الناس ؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ... لبس ما اعتاده الناس ولم يكن محرماً بعينه فهو سنة؛ أما ما كان محرماً بنوعه كالحرير للرجال أو بصفته كلبس الرجال ما ينزل عن الكعب؛ فهذا لا يجوز ولو اعتاده الناس، لكن ما كان مباحاً وكان من عادة الناس؛ فإن السنة أن تلبس كما يلبسون؛ لأنك لو خرجت عن ذلك لصار شُهرة ... . اهـ
قلت ـ حسام ـ وكون أنه كان لباس طائفة معينة أو لباس غير المسلمين أصلا ليس دليلا على المنع فعن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس جبة رومية ضيقة الكمين . متفق عليه
ثم بارك الله فيك على هذا يلزم الرد على زي طلاب العلم وعلماء المملكة حيث أشتهر العالم بلباس البشت والشماغ وكذالك فعل خطباء الجمعة وعدم لباس الشماغ والبشت للشيخ أصبح من خوارم المروءة فهل تلزم بذلك لوجود العلة ... !!
ضوابط لباس الشهرة :
قال الدكتور ناصر بن محمد الغامدي في كتابه لباس الرجل أحكامه وضوابطه وهو رسالة دكتوراه : لباس الشهرة يختلف من زمن لآخر فما يُعد في زمن شهرة قد لا يُعد في زمن آخر كذلك وما يُعتبر شهرة في بلد أو مجتمع قد لا يكون كذلك في غيره من البلاد والمجتمعات؛ ومن الضوابط في لباس الشهرة ما يلي :
أولا : أن يلبس الشخص خلاف زِيِّه ولباسه المعتاد لقصد الاشتهار فإن هذا تشهير بنفسه وتفطين إليها كما لو لبس الإنسان ثوبا مقلوبا أو لباسا لا يلبس مثُله مثَله .
ثانيا : أن يلبس الشخص خلاف زِيّ أهل بلده من غير حاجة تدعو إلى ذلك فما يفعله بعض الشباب في هذه البلاد من لبس الملابس المخالفة لزي أهل بلدهم كاللباس الأفغاني أو السوداني أو الرياضي أو الإفرنجي مثلا من غير حاجة إلى ذلك والخروج به إلى الأسواق بل الدخول به إلى المساجد وأماكن العبادة ومجتمعات الناس هو في الحقيقة من لباس الشهرة المحرم الذي تشمله النصوص الشرعية لأنه خارج عن لباس أهل بلده وعشيرته وسبب لغيبته والوقوع في عرضه والإشارة إليه .
ثالثا : كل لباس أزرى بصاحبه فهو لباس شهرة محرم كما يفعله بعض المتعبدين والزهاد مما يقصدون به الارتفاع عن الناس وإظهار التواضع والزهد وقد يجمع إلى الشهرة الرياء ، وهذا من كبائر الذنوب المهلكة .
رابعا : كل لباس يلبسه الإنسان على وجه التسيد والبروز والتفاخر به على الناس . خامسا : ليس ثوب الشهرة مختصا بنفس الثياب بل كل ثوب - ولو كان رثا رديئا ـ يلبسه الإنسان ويؤدي به إلى الشهرة أو يلبسه بقصد الاشتهار به بين الناس فهو ثوب شهرة محرم لأن التحريم يدور مع الاشتهار والمعتبر القصد؛ ووصف الإمام الثوري رحمه الله السلف بقوله " كانوا يكرهون من الثياب الجياد التي يُشتهر بها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم والثياب الردئية التي يُحتقر فيها ويُستذل دينه " وبه يعلم أن من لباس الشهرة الداخل في عموم النهي ما يلبسه بعض الساخرين والمهرجين والممثلين ومن يحترفون الضحك والدعابة على الناس ليُعجبوا من صنيعهم ويضحكوا من فعالهم .
سادسا : المعتبر في الشهرة هو القصد والنية والرغبة في الاشتهار والكبر والفخر والتميز على الأقران أما من لبس ثوبا فاشتهر به من غير قصد فلا يشمله النهي – إن شاء الله تعالى - ما لم يعلم أن ذلك من لباس الشهرة فيُصر عليه ولا يغيره لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " .
سابعا : ليس من الشهرة في شيء التزام الرجل المسلم بحد اللباس الشرعي المنافي للإسبال ، ولو أدى ذلك إلى اشتهاره بين الناس .
هل لباس الأزاهرة لباس شهرة وهل يجوز للعالم التميز بلباس ؟
قلت ـ حسام ـ روى الرامهرمزي في المحدث الفاصل بسنده عن مطرف قال : سمعت مالك بن أنس يقول : قلت لأمي أذهب فأكتب العلم فقالت لي أمي تعال فالبس ثياب العلماء ثم اذهب فاكتب قال فأخذتني فألبستني ثيابا مشمرة ووضعت الطويلة على رأسي وعممتني فوقها ثم قالت : اذهب الآن فاكتب .
وعن أبي معمر قال : قال لي أبي : كنت عند مسعر بن كدام فرأى رجلا نبيلا عليه ثياب خيار فقال له مسعر : أنت من أصحاب الحديث ؟
قال : نعم .
قال : لو كنت من أصحاب الحديث كنت مقنعا وكانت نعلك مخصوفة .
وأيضاً جاء في عدة مصادر عند ترجمة القاضي أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة أنه أول من خصص زياً للعلماء .
وكذالك أجازه ومنهم العز بن عبد السلام وحكى واقعة حدثت معه فقال : ولا بأس بلبس شعار العلماء من أهل الدين ليعرفوا بذلك فيسئلوا فإني كنت محرما فأنكرت على جماعة من المحرمين لا يعرفونني ما أخلوا به من آداب الطواف فلم يقبلوا فلما لبست ثياب الفقهاء وأنكرت على الطائفين ما أخلوا به من آداب الطواف سمعوا وأطاعوا فإن لبس شعار الفقهاء لمثل هذا الغرض كان فيه أجر لأنه سبب إلى امتثال أمر الله والانتهاء عما نهى الله عنه ... . اهـ
وقال السفاريني في غذاء الألباب : .. سئل الحافظ جلال الدين السيوطي عن طالب علم تزيا بزي أهل العلم وهو في الأصل من قرى البر ثم لما رجع إلى بلاده وعشيرته تزيا بزيهم وترك زي أهل العلم هل يعترض عليه في ذلك أم لا ؟
فأجاب بما معناه : لما اتصف بالصفتين لا اعتراض عليه في أي الزيين تزيا لأنه إن تزيا بزي العلماء فهو منهم وإن تزيا بزي أهل بلده وعشيرته فلا حرج عليه اعتبارا بالأصل ولأنه بين أظهر عشيرته وقومه .
وهذا واضح ولعل كلام علمائنا لا يخالفه ومرادهم في قولهم : ويكره خلاف زي بلده يعني بلا حاجة تدعو إلى خلافهم فإن من صار من العلماء تزيا بزيهم في أي مصر كان أو بلدة كانت غالبا والله أعلم . اهـ
قلت ـ حسام ـ وعند النظر في أصل المسألة يعرف أن الأصل في اللباس الحل والمنع طارئ على الإباحة ومما جاء في المنع لباس الشهرة وليعلم جيدا كلمة لباس الشهرة لا لباس الأزاهرة فإن كانت العلة في النسبة إلى الأزهر فالقياس مبني على لباس البشت والشماغ حيث عرف عن أهل العلم المنتسبين للحجاز وغيرهم والعلة تدور مع الحكم وجودا وعدما ولا أحد قائل بالمنع فليفهم.وجمعه أبو صفية حسام بن أحمد السوهاجي
__________________
قال العلامة الألباني رحمه الله : الامتثالُ هو الأدبُ، بل خيرٌ من الأدبِ .
منقول بدون تعديل