صالح آل عبيد
25-10-2015, 10:07 PM
-ذكريات قبل نصف قرن !!
كتبتها وبعثتها الى انسان لم اقابله من قبل
لأبيه علاقة بما ورد فيها
--------------------
انا من السعودين المحدد تاريخ ميلادهم بأول رجب من كل عام
اي انني ممن تجاوز الستين عاما
بل أوشكت ان أقرع ابواب السبعين حولا
ولله الحمد والمنّة...
منذ كنت غلاماً يافعا ، أرعى غنم والدي ، في شعاب وجبال وأودية قريتي - الخارجة - في بني مالك عسير
أتحدث عن ما يزيد على نصف قرن من الزمن ، بالتحديد قبل ١٣٨٢هـ
لم يكن حينها لدى أحد في قبيلتي
بني شِدان ، بل وجيرانهم آل يعلا
او القرى المجاورة من يمتلك سيارة
والطرق لم تمهد ولم تصل سيارة من قبل الى قرانا.
نسمع عن السيارات ولم نرها خاصة من لم يغادر قريته للوظيفة او للحج،،
رجل من سكان قرية اللصبة من قبيلة آل يعلا المجاورة لنا يملك حماراً انتشر خبره وذاعت شهرت
وسرى بها الركبان في أنحاء بني مالك على الأقل،،
هذا الحمار رأيته بعيني مرة واحدة وصاحبه يمتطيه
وفذا نزل من عليه لحاجة أو للسلام عندملاقاة أحدا
لا يستطيع العودة الى صهوته
الا باستخدام شيء يعينه على الوثب على ظهره ، كأنْ يعتلي جداراً ،،،
هذا الحمار اصبح مضربا للمثل في زمنه
ولا زال كبار السن يتحدثون عنه حتى الآن!
بل وازعم صادقاً أن خبره انتقل لمن لم يعاصروا وقته أو ولدوا لاحقاً !!
صاحبه حي يرزق حتى يومنا هذا اسمه( أحمد بن معلوي)
كان ميسور الحال
فهو يملك طاحوناً يأتي اليه الناس من قرى بعيدة لطحن حبوبهم
حينها قد بدأ الناس يعزفون عن استخدام الرحِي( جمع رحا)
وبجوار الطاحون أوجد دكاناً به بعض لوازم الناس في ذلك الزمن
كالقهوة وتوابعها والهيل لميسوري الحال
بدأ الناس يعرفون االسكر ويجلبه بعضهم لعمل الشاهي للضيف فقط
ويعد نادرا
فليس كل الناس يعرفونه أو يجلبونه لبيوتهم
لا شيء غير ذلك في الدكان
مثال يدل على الحال لم يكن الصابون منتشرا ولامعروفا...
اذا أتى أحمد بن معلوي على صهوة ذلك الحصان !!
(فعلا انه يشبه هيئة الحصان بنيةً وارتفاعا )
انه يعدل سمعة افخم سيارة في زمننا الحالي
بل يمتاز عنها أنه وحيد زمنه
( فللسيارة ما يماثلها )
وشكله ملفت للنظر جدا،،،.
اذا مرّ بأي قرية
فاعلم ان الكل يدع شغله وعمله وينظر الى جمال هذا الحمار وشكله
وهيئة ممتطيه
( أحس بشيء من الظلم حين أنعته واسميه حمارا )
كان له عناناً يمسك به صاحبه
فتنثني رقبته قليلا للاعلا
ويرتفع راسه ثم يشق طريقه في فخامة وخيلاء
وكأنه قد درَّبه أحسن سايس خيل في وقتنا الحاضر..
لم يدم بقاؤه طويلا مع صاحبه أحمد.،
دليل ذلك أني لم أره الا مرة واحدة كانت كفيلة ببقاء صورته وهيئته في مخيلتي حتى يومنا هذا!!
فقد آل مصيره الى رجل آخر
بالبيع
- لم يكن صاحبه راضيا -
مع أن الثمن باهض جدا جدا جدا
(١٥٠٠ ريال عدا ونقدا)
في زمنٍ لم يكن الألف يدرج على ألسنة عامة الناس في ذلك المجتمع
وأثمان الحيوانات بالعشرات
وقل أن تصل المئات
زاد هذا الثمن الباهض من خَبَره
وأصبح حديث كبار السن حتى يومنا هذا،
فلاتكاد تسأل عنه كبير سنٍ
من قرى بني مالك عمره فوق الستين الا وتجد لديه معلومة عنه
ومقدار ما بيع به ، علم بها في حينه
أو نُقل اليه الخبر.
لم أكن أعرف من اشتراه ولم يسعفنِ صغر سني وبعدي عن المالك - فهو من قبيلة أخرى -
أن اتخصصه عن صحة المبلغ
فكان ذلك مجرد خبر سمعته ووعيته..
تمر السنون وأبلغ سن البحث عن وظيفة ولم اهتم بذلك كثيرا ، لكني لم أنسه حدث نادر جدا..
فاتوظف وامضي ماشاء الله لي
في الوظيفة حتى تقاعدت ...
ـ ثم اصيف في مدينة بأبها ١٤٢٣هـ
ويجمعني الله بالبائع
وقد نضجت وكبرت وبدأ يدخلني الشك في صحة ما سمعت عن القيمة
طوال هذه المدة
لسبب واحد هو قلة وندرة المال بأيدي الناس حينها
فالمادة غير متيسرة للكل ،،
فانتهزت الفرصة وسألته عن صحة ذلك المبلغ واخبرته انني رأيت ذلك الحمار العملاق والجميل ايضا ،
والذي أراه أقرب لفصيلة الخيل منه الى الحمير،،،
ابتسم الرجل بل ضحك وعادت به الذاكرة الى الوراء
فوق اربعين سنة
وقال
نعم صحيح بعته بألف وخمسمائة من
(حسن بن عقران العلكمي من قرية قرضة )
فالرجل سمع عن الحمار أو ربما رآه في سوق او غيره
وانشرحت نفسه وتاقت له
وعزم على اقتنائه بأي ثمن
أتاني في داري بقرية اللصبة
وحاول الشراء ، ولم تكن لي رغبة في بيعه حاول وابيت
ورفع السعر الى منتهاه
فقد دفع حتى وصل ١٢٠٠ ريالا
وتوقف عندها
وهو يُعدُّ مبلغا كبيرا جدا جدا
وألحَّ وامتنعت عن فكرة البيع
واشتد الكلام وعند ذلك
هددني
وقال حمارك ان لم تبعه لي
فانه سيموت
( كناية انه سيُصاب بعين)
يخوفه حاثاً إياه على البيع
عندها قلت له بشيء من الضيق وعدم الرضا
حماري بالف وخمسمائة
ومن كذا الى كذا ( طلق)
ما يخرج من بيتي الا وقد دُفع كامل ثمنه
لم يكن بيد ابن عقران حينها
الا مادفع ١٢٠٠ ريال
واشتد الكلام بيننا كناية عن عدم رضاي بالبيع
وشدة رغبته في الشراء، وعدم تفويت فرصة الموافقة
عندها اضطر والدي
( والد البائع )
أن يتدخل لاصلاح الوضع
فأقرض المشتري ٣٠٠ ريال
فدفع كانل المبلغ وأخذ بخطام الحمار وامتطاه وذهب به ممسكاً بعنانه ..
اقترنت في ذهني صورة لهذا المشتري ربما اختلفت عن صور اقرانه وامثاله في جبل عسير
وبالسؤال والتقصي علمت انه شيخ قبيلته
وانه ميسور الحال وذائع الصيت
ولديه من المناقب الطيبة ماجعله معروفا وعلما من أعلام الرجال في جبل عسير..
رحمه الله واسكنه الجنة فقد قرأت عن وفاته قبل عام او يزيد
ورأيت صورته رحمه الله
وصوراً من مجلس عزائه،،
وكذا علمت وسمعت وقرأت عن ابنه الدكتور فهد بن عقران
رئيس تحرير جريدتي المفضلة
( المدينة)...
من شهر رمضان الماضي
لا يكاد يمر يوم الا وابني عبدالرحمن بارك الله فيه
يحمل اليَّ سلاما وسؤالا
من ابن الراحل الآخر
رئيس ابني في عمله الجديد.
وهو من أكتب له هذه الخاطرة
الآن
وأتمنى رؤيته ولقاءه قريبا إن شاء الله.
ذاك العقيد سعيد حسن بن عقران
حفظه الله وسدده..
واعتذر منه ان أطلت
فالمقام غير مناسب خاصة وانه أول اتصال لي به!!،،
لكني حبيت أن أوصله شيئاً
من الماضي ولعله
يتبين فيسأل الأحياء. من كبار جماعته فنفوا ذلك أو أثبتوه
وربما شُرح له شيء
عن هذا الحيوان النادر حقاً ،
أو وصله شيء عنه ،
رغم مضى زمنه وبُعدَ رحليه ،
فلم يبقَ سوى ذكريات نتداولها
فيكون لها وقع بنفسه
سيما وأن محورها عن والده رحمه الله ، و بارك عمر الطرف الآخر أحمد بن معلوي.........
كتبها
محبك
صالح أحمد بن عبيد
مكة المكرمة
١٤٣٦/١١/٥
__________________
كتبتها وبعثتها الى انسان لم اقابله من قبل
لأبيه علاقة بما ورد فيها
--------------------
انا من السعودين المحدد تاريخ ميلادهم بأول رجب من كل عام
اي انني ممن تجاوز الستين عاما
بل أوشكت ان أقرع ابواب السبعين حولا
ولله الحمد والمنّة...
منذ كنت غلاماً يافعا ، أرعى غنم والدي ، في شعاب وجبال وأودية قريتي - الخارجة - في بني مالك عسير
أتحدث عن ما يزيد على نصف قرن من الزمن ، بالتحديد قبل ١٣٨٢هـ
لم يكن حينها لدى أحد في قبيلتي
بني شِدان ، بل وجيرانهم آل يعلا
او القرى المجاورة من يمتلك سيارة
والطرق لم تمهد ولم تصل سيارة من قبل الى قرانا.
نسمع عن السيارات ولم نرها خاصة من لم يغادر قريته للوظيفة او للحج،،
رجل من سكان قرية اللصبة من قبيلة آل يعلا المجاورة لنا يملك حماراً انتشر خبره وذاعت شهرت
وسرى بها الركبان في أنحاء بني مالك على الأقل،،
هذا الحمار رأيته بعيني مرة واحدة وصاحبه يمتطيه
وفذا نزل من عليه لحاجة أو للسلام عندملاقاة أحدا
لا يستطيع العودة الى صهوته
الا باستخدام شيء يعينه على الوثب على ظهره ، كأنْ يعتلي جداراً ،،،
هذا الحمار اصبح مضربا للمثل في زمنه
ولا زال كبار السن يتحدثون عنه حتى الآن!
بل وازعم صادقاً أن خبره انتقل لمن لم يعاصروا وقته أو ولدوا لاحقاً !!
صاحبه حي يرزق حتى يومنا هذا اسمه( أحمد بن معلوي)
كان ميسور الحال
فهو يملك طاحوناً يأتي اليه الناس من قرى بعيدة لطحن حبوبهم
حينها قد بدأ الناس يعزفون عن استخدام الرحِي( جمع رحا)
وبجوار الطاحون أوجد دكاناً به بعض لوازم الناس في ذلك الزمن
كالقهوة وتوابعها والهيل لميسوري الحال
بدأ الناس يعرفون االسكر ويجلبه بعضهم لعمل الشاهي للضيف فقط
ويعد نادرا
فليس كل الناس يعرفونه أو يجلبونه لبيوتهم
لا شيء غير ذلك في الدكان
مثال يدل على الحال لم يكن الصابون منتشرا ولامعروفا...
اذا أتى أحمد بن معلوي على صهوة ذلك الحصان !!
(فعلا انه يشبه هيئة الحصان بنيةً وارتفاعا )
انه يعدل سمعة افخم سيارة في زمننا الحالي
بل يمتاز عنها أنه وحيد زمنه
( فللسيارة ما يماثلها )
وشكله ملفت للنظر جدا،،،.
اذا مرّ بأي قرية
فاعلم ان الكل يدع شغله وعمله وينظر الى جمال هذا الحمار وشكله
وهيئة ممتطيه
( أحس بشيء من الظلم حين أنعته واسميه حمارا )
كان له عناناً يمسك به صاحبه
فتنثني رقبته قليلا للاعلا
ويرتفع راسه ثم يشق طريقه في فخامة وخيلاء
وكأنه قد درَّبه أحسن سايس خيل في وقتنا الحاضر..
لم يدم بقاؤه طويلا مع صاحبه أحمد.،
دليل ذلك أني لم أره الا مرة واحدة كانت كفيلة ببقاء صورته وهيئته في مخيلتي حتى يومنا هذا!!
فقد آل مصيره الى رجل آخر
بالبيع
- لم يكن صاحبه راضيا -
مع أن الثمن باهض جدا جدا جدا
(١٥٠٠ ريال عدا ونقدا)
في زمنٍ لم يكن الألف يدرج على ألسنة عامة الناس في ذلك المجتمع
وأثمان الحيوانات بالعشرات
وقل أن تصل المئات
زاد هذا الثمن الباهض من خَبَره
وأصبح حديث كبار السن حتى يومنا هذا،
فلاتكاد تسأل عنه كبير سنٍ
من قرى بني مالك عمره فوق الستين الا وتجد لديه معلومة عنه
ومقدار ما بيع به ، علم بها في حينه
أو نُقل اليه الخبر.
لم أكن أعرف من اشتراه ولم يسعفنِ صغر سني وبعدي عن المالك - فهو من قبيلة أخرى -
أن اتخصصه عن صحة المبلغ
فكان ذلك مجرد خبر سمعته ووعيته..
تمر السنون وأبلغ سن البحث عن وظيفة ولم اهتم بذلك كثيرا ، لكني لم أنسه حدث نادر جدا..
فاتوظف وامضي ماشاء الله لي
في الوظيفة حتى تقاعدت ...
ـ ثم اصيف في مدينة بأبها ١٤٢٣هـ
ويجمعني الله بالبائع
وقد نضجت وكبرت وبدأ يدخلني الشك في صحة ما سمعت عن القيمة
طوال هذه المدة
لسبب واحد هو قلة وندرة المال بأيدي الناس حينها
فالمادة غير متيسرة للكل ،،
فانتهزت الفرصة وسألته عن صحة ذلك المبلغ واخبرته انني رأيت ذلك الحمار العملاق والجميل ايضا ،
والذي أراه أقرب لفصيلة الخيل منه الى الحمير،،،
ابتسم الرجل بل ضحك وعادت به الذاكرة الى الوراء
فوق اربعين سنة
وقال
نعم صحيح بعته بألف وخمسمائة من
(حسن بن عقران العلكمي من قرية قرضة )
فالرجل سمع عن الحمار أو ربما رآه في سوق او غيره
وانشرحت نفسه وتاقت له
وعزم على اقتنائه بأي ثمن
أتاني في داري بقرية اللصبة
وحاول الشراء ، ولم تكن لي رغبة في بيعه حاول وابيت
ورفع السعر الى منتهاه
فقد دفع حتى وصل ١٢٠٠ ريالا
وتوقف عندها
وهو يُعدُّ مبلغا كبيرا جدا جدا
وألحَّ وامتنعت عن فكرة البيع
واشتد الكلام وعند ذلك
هددني
وقال حمارك ان لم تبعه لي
فانه سيموت
( كناية انه سيُصاب بعين)
يخوفه حاثاً إياه على البيع
عندها قلت له بشيء من الضيق وعدم الرضا
حماري بالف وخمسمائة
ومن كذا الى كذا ( طلق)
ما يخرج من بيتي الا وقد دُفع كامل ثمنه
لم يكن بيد ابن عقران حينها
الا مادفع ١٢٠٠ ريال
واشتد الكلام بيننا كناية عن عدم رضاي بالبيع
وشدة رغبته في الشراء، وعدم تفويت فرصة الموافقة
عندها اضطر والدي
( والد البائع )
أن يتدخل لاصلاح الوضع
فأقرض المشتري ٣٠٠ ريال
فدفع كانل المبلغ وأخذ بخطام الحمار وامتطاه وذهب به ممسكاً بعنانه ..
اقترنت في ذهني صورة لهذا المشتري ربما اختلفت عن صور اقرانه وامثاله في جبل عسير
وبالسؤال والتقصي علمت انه شيخ قبيلته
وانه ميسور الحال وذائع الصيت
ولديه من المناقب الطيبة ماجعله معروفا وعلما من أعلام الرجال في جبل عسير..
رحمه الله واسكنه الجنة فقد قرأت عن وفاته قبل عام او يزيد
ورأيت صورته رحمه الله
وصوراً من مجلس عزائه،،
وكذا علمت وسمعت وقرأت عن ابنه الدكتور فهد بن عقران
رئيس تحرير جريدتي المفضلة
( المدينة)...
من شهر رمضان الماضي
لا يكاد يمر يوم الا وابني عبدالرحمن بارك الله فيه
يحمل اليَّ سلاما وسؤالا
من ابن الراحل الآخر
رئيس ابني في عمله الجديد.
وهو من أكتب له هذه الخاطرة
الآن
وأتمنى رؤيته ولقاءه قريبا إن شاء الله.
ذاك العقيد سعيد حسن بن عقران
حفظه الله وسدده..
واعتذر منه ان أطلت
فالمقام غير مناسب خاصة وانه أول اتصال لي به!!،،
لكني حبيت أن أوصله شيئاً
من الماضي ولعله
يتبين فيسأل الأحياء. من كبار جماعته فنفوا ذلك أو أثبتوه
وربما شُرح له شيء
عن هذا الحيوان النادر حقاً ،
أو وصله شيء عنه ،
رغم مضى زمنه وبُعدَ رحليه ،
فلم يبقَ سوى ذكريات نتداولها
فيكون لها وقع بنفسه
سيما وأن محورها عن والده رحمه الله ، و بارك عمر الطرف الآخر أحمد بن معلوي.........
كتبها
محبك
صالح أحمد بن عبيد
مكة المكرمة
١٤٣٦/١١/٥
__________________