المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حلف الفضول وأسبابه


عبدالله بن مفرح
09-03-2018, 07:04 PM
بسم الله الرخمن الرحيم

كان سبب عقد هذا الحلف ألا وهو حلف الفضول أن رجلا من بني زبيد كان قد قدم ببضاعة معه إلى مكة ، رجل تاجر ، فقدم ببضاعته إلى مكة فاشترى منه البضاعة العاصي ابن وائل السهمي ، اشترى هذه البضاعة ولم يعطه نقود، وكان العاص شريفا في قومه . والعاص ابن وائل السهمي هو الذي جاء يفت العظام البالية بين يديه للنبي صلى الله عليه وسلم ويقول : يامحمد أتزعم أن ربك يحيي هذه بعدما صارت رميما؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : نعم يميتك ثم يبعثك ثم يدخلك جهنم . ونزل قول الله تعالى أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ{77} وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ{78} قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ{79} . فاشترى البضاعة منه العاصي ابن وائل ولم يعطه مالا وكان شريفا سيدا في قومه . فاستعدى عليه هذا الرجل من بني زبيد استعدى عليه الأحلاف من بني عبد الدار ومخزوم وغيرها من قبائل مكة المشهورة بالسيادة والشرف .فأبوا أن يعينوه على العاص ، رفضوا وزجروه وطردوه لأن العاصي كما ذكرت كان شريفا سيدا من السادة . فطردوا الرجل الغريب ونهروه ، فكان الرجل ألماعيا ذكيا. فرفع هذا الرجل من بني زبيد على جبل أبي قبيس ، جبل عال في مكة يطل على البيت صعد على الجبل عند طلوع الشمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة ، اختار وقتا اجتمع فيه السادة حول الكعبة ونادى من على جبل بني قبيس بأعلى صوته وقال :

ياآل فهر لمظلوم بضاعتـــــــــه ببطن مكة ماء الدار والنفـــــر
ومحرم أشعث لم يقض عمرته يا للرجال وبين الحجر والحجر
إن الحرام لمن تمت مكارمـــه ولا حرام لثوب الفاجر الغبـــــر
(بطن مكة ، العاص ابن وائل . ماء الدار والنفر ، أنا غريب ولست من مكة وليس لدي عصبة تعينني على أخذ حقي )
كلام جميل . عبر الرجل عن قضيته ببلاغة منقطعة النظير .
فسمع هذه الكلمات الزبير ابن عبد المطلب وهو عم النبي لكي تعرف أن الشرف في الأسرة والمكانة والسيادة . فسمع هذه الكلمات المعبرة الزبير ابن عبد المطلب عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما سمع هذه الكلمات قال الزبير : ألهذا مترك؟ يعني هل نترك هذا الرجل؟ لا نأتي له بحقه؟
فاجتمعت قريش وبنو زهرة وبنو تيد في دار عبد الله بن جدعان وكان معهم النبي عليه الصلاة والسلام ، شاب في العشرين من عمره تصور، شاب يجلس مع هؤلاء الكبار بل أنا أقسم بالله بأنه أرجح الكبار عقلا وفضلا صلى الله عليه وسلم . فاجتمعوا في دار عبد الله
ابن جدعان وتحالفوا وتعاهدوا وتعاقدوا في ذي القعدة الحرام ، شهر من الأشهر الحرم .و تعاقدوا على حلف الفضول.

موقف الرسول من حلف الفضول شهد النبيّ مُحمّد -صلّى الله عليه وسلَّم- حلفَ الفضول قبل بعثته، وقد كان عمره حينها 20 سنة، وله قولٌ مشهورٌ فيما يتعلَّق بالحلف، حيث قال عنه لاحقاً: (لقد شهدتُ مع عمومتي حلفاً في دار عبد الله بن جدعان ما أحبَّ أنَّ لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت)، ولقد كان الحلف وما يتضمنّه من مكارم الأخلاق متوافقاً مع ما جاءت به رسالة الإسلام، حيث كان من أهمَّ البنود التي أرساها النبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- العدالة والإنصاف، حيث قال: (أيّها الناسُ إنّما أهلكَ الذين قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ، وأيم الله لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدَها) رواه البخاري.

منقول