صائد الفوائد
23-10-2011, 04:16 AM
أقمت ما يقارب ربع عمري خارج المملكة … حتى كتابة هذه السطور … فمن الصين … ثم إيطاليا … وبريطانيا … فإسبانيا … إما مرافقة لعمل والدي … أو تفرغاً لدراسة … وكل ذلك بغيةً في الرقي بأمتي ووطني و ذاتي … في هذه البلدان المختلفة … تعددت الثقافات … ومظاهر العيش من مكان لأخر … فمن نظام شيوعي … إلى أخر رأسمالي … ومن ديمقراطية بحته … إلى بلد تكاد تنعدم فيه حرية التعبير … ومن بلد ذا منهج إقتصادي وخطى مدروسة … إلى بلد أخر تنهشه المحسوبيات والفساد الإداري … ولكن كانت جميع هذه البلدان تنتهج أسلوباً شبيهاً إلى حد ما في التعاطي مع قضية المرأة …
باويو هي فتاة صينية تبلغ من العمر الخامسة والعشرين … حتى العام 2004 … تقطن في منطقة لانجفانج … وهي منطقة تبعد قرابة الـ 58 كلم جنوبي العاصمة بكين … تنتقل يومياً من لانجفانج إلى بكين بواسطة إستخدام معظم وسائل المواصلات العامة و المعروفة لدى البشر … فمن قطار … لميترو … إلى حافلة … في رحلة شاقة تستغرق قرابة الساعتين والنصف … حتى تصل إلى مصنع منسوجات … يقبع في شمالي بكين العاصمة … وهذا المصنع هو مقر عملها … تحدثنا … أنا ووالدّي … في إحدى قطارات الميترو وتحديداَ في محطة دونغدان (Dongdan) … بأن هذا هو روتينها اليومي منذ ثلاثة سنوات … هي تقول أنها تضيع يومياً خمس ساعات فقط في المواصلات … وتضيف باويو أنها تستيقظ يومياً قرابة الساعة الرابعة والنصف صباحاً وتأوي إلى فراشها في حدود العاشرة مساءاً … في روتينِ ممل وحياة كئيبة خاوية … في بكين يا سادة … لا تعجبوا … إن وجدت أفواج كبيرة من النساء … يعملن ويكدحن في المصانع في أعمال تعتبر إلى حدِ ما صعبة للرجال … فكيف على النساء !!! ولا تعجب إن رأيت ألوفاً مؤلفة من النساء في بكين دورهن في الحياة كألات … هن مجردات من العاطفة … ومن الأحاسيس … ومن كل ما يرمز للمرأة … كأنثى !!! إني أجزم ياسادة أن وضع باويو الصينية … والتي تجاوزت الثلاثين حتى كتابة هذه الكلمات … لم يتغير … فهي مكانك سر … مازالت تنتقل يومياً … مضيعة مايقارب الخمس ساعات … ومازالت تحلم أن يأتي اليوم الذي تستطيع من خلاله أن تصبح ربة منزل … زوجة … أم لابن أو ابنه … (طبقاً للنظام الصيني طبعاً و الذي لايسمح بإنجاب أكثر من ابن) … أو أن يأتي اليوم الذي تخلع فيه لباس الشيوعية إلى الأبد … وتستبدل ذلك بنظام يحافظ على كرامتها و عزها وشرفها كأنثى …
في ضواحي روما الغربية … وتحديداً منطقة إنفيرنتو (Infernetto) … يقبع هناك مجمع سكني ضخم … يدعى ترايانغولي … والذي يضم فلل سكنية بأحجام مختلفة وفندق أخر ذي أربع نجوم … كنا نعيش في أحد الفلل السكنية … وبالقرب منا مجموعة من العوائل السعودية المتواجدين في روما لنفس الغرض … بحكم عمل والدي في روما خلال الفترة من أغسطس 2006 وحتى أغسطس 2009 … كنت أتردد في أي إجازة إلى روما من أجل زيارة الأهل والإستمتاع بالإجازة في روما العتيقة … فمن يستطيع مقاومة إغراءات جو روما وخضرة تضاريسها ومذاق طعامها وطيبة أهلها !!! وكعادتنا كسعوديين في أي إجازة يكثر السهر ليلاً ويحلو النوم نهاراً … فكنت أقضي بعض الساعات ليلاً برفقة عبدالعزيز و زياد … وهم أبناء أصحاب الوالد … في بهو الفندق وذلك بسبب توافر الإنترنت وإنعدام توافره في الفلل السكنية … جل الأوقات التي كنا نقضيها في بهو الفندق … كانت أدريانا … وهي إمرأة إيطالية تجاوزت الثلاثين … تعمل في إستقبال هذا الفندق ذي الأربع نجوم … كانت تعاني الامرين … مر العمل متأخراً إلى ساعات الفجر الأولى … ومر المواقف العصيبة التي تواجهها بشكل شبه يومي … فمن رجل ثمل يدخل إلى بهو الفندق بعد منتصف الليل ويبدأ في الحديث الممل مع هذه السيدة … محاولةً إلى إستدراجها !!! إلى أخر يكثر الإتصالات من أجل إصلاح عطل التلفاز … أو تعديل برودة المكيف … أو الشكوى من عدم توافر الماء الساخن …و بين كثرة هذه المواقف … كان تذمرها يبدو واضحاً … وليس لهذه المسكينة من منفس إلا في الحديث معنا … فكانت تقول … أن النظام غير عادل … وأنا لدي طفلين … كيف أستطيع أن أوازن بين واجباتي الأسرية … والعمل لساعات متأخرة من الليل … وكيف أن عملها بدل أن يكون داعماُ لحياتها الأسرية … أصبح مهدداُ لإستمرارها … إني أجزم ياسادة … أن الإنترنت قد دخل الآن … وبحمد من الله إلى جميع الفلل السكنية في المجمع … ولكن حتى كتابة هذه الأحرف … لا أتوقع أن سحابة الأمل قد أطلت على هذه المسكينة … فهي مكانك سر … أملاُ أن تأتي معجزة تنتشل الوضع مما فيه …
مارغريت هي عجوز إنجليزية … في منتصف عقدها السادس … تعمل كمنظفة لدورات المياه في مبنى كلية الهندسة الكيميائية في جامعة نيوكاسل … تقول مارغريت أنها عملت في هذه المهنة … منذ قرابة الثماني سنوات … بجد و إخلاص … وهي بعملها البسيط هذا تقوم بالإنفاق على نفسها وعلى تكاليف دراسة ابنتها الوحيدة … مارغريت … سوف تبقى خمس سنوات إضافية في نفس هذه المهنة … كي تصل إلى سن الستين … وهو سن التفاعد للنساء في بريطانيا مالم يغير القانون … وأنا أجزم يا سادة … أن مارغريت مكانك سر … فروتينها واحد لا يتغير … وهل تتوقعون أنه لم يخطر ببالها يوماً … أنه أن الاوان أن تحال إلى التقاعد … كي تعيش مابقي من عمرها حياة أفضل … أو أن تجد في السنوات المتبقية عمل أرقى … بمدخول أعلى …
في صيف 2010 … كنت حينها قد أنهيت السنة الأولى من تخصص الهندسة الكيمائية … وكانت الإجازة الصيفية قرابة الثلاث أشهر قضيت جلها في مدريد … وهي مكان تواجد عائلتي خلال تلك الفترة … فكرت في أن أستفيد من وقتي وأن أعمل في إحدى الشركات الهندسية كمتدرب … بلا مقابل … وكانت تجربة إيجابية بالنسبة لي من ناحيتين … الناحية الأولى … ربط الكثير من المبادئ النظرية التي تعلمتها خلال السنة الأولى إلى واقع عملي … والناحية الأخرى … أخذ فكرة ولو مبسطة عن طريقة عمل الشركات … كان في القسم الذي عملت فيه سكارتيره تدعى ساندرا … لم تتجاوز الثلاثين من العمر … وكانت تعيش حياة ذلِ ومهانه … كل ذلك بحثاً عن لقمة العيش … فمن ظغط العمل … إلى إذلال المدير … إلى التضحية بكثير من الأوقات ذهاباً و إياباً … إلى عدم الإستقرار الوظيفي … فهي ربما تعمل اليوم في مكتبها وربما غداً على أعتاب الشارع تبحث عن مصدر أخر للرزق … والنتيجة … لا عائلة … لا طموح … لا إستقرار … ومكانك سر …
إذاً يا سادة كفانا لعباً على وتر … الغرب حفظ كرامة المرآة … وعزها … وشرفها … أسألوا المبتعثين … والمغتربين … والسائحين … عن صورة المرأة في الغرب … فلا عجب أن تنتشر المومسات في أطراف روما … وشرق بكين … وشمال لندن … ووسط مدريد … حيث يباع جسد المرأة في العالم الأول … بأقل من خيشة الرز ذات العشر كيلوهات !!! ولا عجب أن تنتشر صورة المرأة عارية في كل مكان … في القطارات … والحافلات … وفي لوحات الإعلان … والتي أصبحت سلعة … ومصدر إعلان كل شيئ حتى إطارات الفورميلا ون !!! ولا عجب أن ترى المرأة حاملة أكوام النفايات … أو تنظف الأرضية … أو تغسل الأواني … الثانية بعد منتصف الليل بعد أن تكون قد أتمت عملها كنادلة في مطعم أو بار في أي من العواصم الأنفة الذكر !!!
ليس من العدل والإنصاف يا سادة … أن أُظهر فقط الجوانب السلبية عن المرآة في العالم الأول … وأنها مهانة … مخذولة … مكسورة الجناح … فهناك المرأة المتعلمة … وهناك المهندسة … وهناك الطبيبة … والممرضة … و هناك الوزيرة … والنائبة … لكن في المقابل … ليس من العدل ولا من الإنصاف أيضاً أن يكون منهجهم هو المنهج السوي في مخيلاتنا … والمثل الأعلى الذي يجب أن نصل إليه … عزيزي القارئ قبل أن أختم موضوعي أريد أن أقف على ثلاث حقائق فقط … من أصل مجموعة كبيرة من الحقائق التي تظهر زيف شعار مساواة المرأة بالرجل في العالم الأول … والتي تكشف فقط جانب من أصل مجموعة كبيرة من الجوانب حيال موضوع المرأة في الغرب …
الحقيقة الأولى … هل تعلم عزيزي القارئ … أن النسبة القياسية لمقاعد النساء في الكونجرس الأمريكي وصلت إلى 17 % … وأن عدد مقاعد النساء في البرلمان البريطاني لإنتخابات العام 2010 هو 139 مقعد … من أصل 651 مقعد … أي ما نسبته 21 % تقريباً ( جريدة الجورديان: عدد الأثنين 10/05/2010) … إذاً أين مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق رغم أن نسبة النساء مساوية لنسبة الرجال في الدول الآنفة الذكر … في حين أن موضوع المرأة … في دولنا يعتبر بمثابة مادة دسمة في وسائل الإعلام الغربية … فعلى سبيل المثال … نسبة مقاعد النساء في البرلمان العراقي يجب أن لا تقل عن 25 % … وهذا ما هو إلا ضحك على الذقون … وتنفيذ لأجندة خارجية !!! إذ كيف نلزم بتطبيق ما عجزوا هم عن التوصل إليه …
الحقيقة الثانية … في دراسة قامت بها جامعة ميتشغن الأمريكية … وظهرت نتائجها صيف العام 2010 … والتي أظهرت أن 90 % من النساء اللواتي شاركن في إستفتاء أعدته الجامعة … تعرضن لمضايقات وتمييز من الذكور في أماكن عملهم … بسبب أنهم إناث … إبتداءاً من الغزل اللفظي … وإنتهاءاً بممارسة الجنس … مع الوعود بالترقية وزيادة الراتب … (جريدة الديلي ميل : عدد الأربعاء 11/08/2010) …
الحقيقة الثالثة … التمييز بحسب الجنس في قضية الرواتب … فلا عجب أن ترى رجل سائق تاكسي يعمل في شركة معينة يتقاضى 7 باوند إسترليني في الساعة … والمرأة سائقة التاكسي في نفس الشركة تتقاضى 5 باوند إسترليني في الساعة … ذكرت جريدة الميترو المجانية … أن الحكومة المحلية في بيرمينغهام … إحدى المدن الكبرى في إنجلترا … معرضة لتعويض 4000 موظفة … مايعادل الـ 500 مليون جنيه إسترليني … لقاء التمييز بين الجنسين … إذ أن الرجل الذي يعمل في نفس الوظيفة التي تعمل فيها المرأة … يتقاضى 60 % أكثر من المرأة … وهو ما يعرض الحكومة أن تدفع ما قرابة الـ 100000 جنية إسترليني كحد ادنى لكل موظفة … (جريدة الميترو: عدد الأربعاء (28/04/2010 …
إذاً … هل وعينا الدرس يا سادة … إن الغرب لم ولن يكون يوماً منهجاً أو منبراً يدعى من خلاله لحقوق المرأة … بل إن الحديث عن دولة بعينها أو منهج بعينه بأنه ظلم المرأة … وأهانها … وأذلها … من قبل الدول الغربية … إنما يستغل لمصالح سياسية … ومطامع شخصية ضيقة … مع مباركة السلطة الرابعة … وتحرك الطابور الخامس …
منقوووول.
باويو هي فتاة صينية تبلغ من العمر الخامسة والعشرين … حتى العام 2004 … تقطن في منطقة لانجفانج … وهي منطقة تبعد قرابة الـ 58 كلم جنوبي العاصمة بكين … تنتقل يومياً من لانجفانج إلى بكين بواسطة إستخدام معظم وسائل المواصلات العامة و المعروفة لدى البشر … فمن قطار … لميترو … إلى حافلة … في رحلة شاقة تستغرق قرابة الساعتين والنصف … حتى تصل إلى مصنع منسوجات … يقبع في شمالي بكين العاصمة … وهذا المصنع هو مقر عملها … تحدثنا … أنا ووالدّي … في إحدى قطارات الميترو وتحديداَ في محطة دونغدان (Dongdan) … بأن هذا هو روتينها اليومي منذ ثلاثة سنوات … هي تقول أنها تضيع يومياً خمس ساعات فقط في المواصلات … وتضيف باويو أنها تستيقظ يومياً قرابة الساعة الرابعة والنصف صباحاً وتأوي إلى فراشها في حدود العاشرة مساءاً … في روتينِ ممل وحياة كئيبة خاوية … في بكين يا سادة … لا تعجبوا … إن وجدت أفواج كبيرة من النساء … يعملن ويكدحن في المصانع في أعمال تعتبر إلى حدِ ما صعبة للرجال … فكيف على النساء !!! ولا تعجب إن رأيت ألوفاً مؤلفة من النساء في بكين دورهن في الحياة كألات … هن مجردات من العاطفة … ومن الأحاسيس … ومن كل ما يرمز للمرأة … كأنثى !!! إني أجزم ياسادة أن وضع باويو الصينية … والتي تجاوزت الثلاثين حتى كتابة هذه الكلمات … لم يتغير … فهي مكانك سر … مازالت تنتقل يومياً … مضيعة مايقارب الخمس ساعات … ومازالت تحلم أن يأتي اليوم الذي تستطيع من خلاله أن تصبح ربة منزل … زوجة … أم لابن أو ابنه … (طبقاً للنظام الصيني طبعاً و الذي لايسمح بإنجاب أكثر من ابن) … أو أن يأتي اليوم الذي تخلع فيه لباس الشيوعية إلى الأبد … وتستبدل ذلك بنظام يحافظ على كرامتها و عزها وشرفها كأنثى …
في ضواحي روما الغربية … وتحديداً منطقة إنفيرنتو (Infernetto) … يقبع هناك مجمع سكني ضخم … يدعى ترايانغولي … والذي يضم فلل سكنية بأحجام مختلفة وفندق أخر ذي أربع نجوم … كنا نعيش في أحد الفلل السكنية … وبالقرب منا مجموعة من العوائل السعودية المتواجدين في روما لنفس الغرض … بحكم عمل والدي في روما خلال الفترة من أغسطس 2006 وحتى أغسطس 2009 … كنت أتردد في أي إجازة إلى روما من أجل زيارة الأهل والإستمتاع بالإجازة في روما العتيقة … فمن يستطيع مقاومة إغراءات جو روما وخضرة تضاريسها ومذاق طعامها وطيبة أهلها !!! وكعادتنا كسعوديين في أي إجازة يكثر السهر ليلاً ويحلو النوم نهاراً … فكنت أقضي بعض الساعات ليلاً برفقة عبدالعزيز و زياد … وهم أبناء أصحاب الوالد … في بهو الفندق وذلك بسبب توافر الإنترنت وإنعدام توافره في الفلل السكنية … جل الأوقات التي كنا نقضيها في بهو الفندق … كانت أدريانا … وهي إمرأة إيطالية تجاوزت الثلاثين … تعمل في إستقبال هذا الفندق ذي الأربع نجوم … كانت تعاني الامرين … مر العمل متأخراً إلى ساعات الفجر الأولى … ومر المواقف العصيبة التي تواجهها بشكل شبه يومي … فمن رجل ثمل يدخل إلى بهو الفندق بعد منتصف الليل ويبدأ في الحديث الممل مع هذه السيدة … محاولةً إلى إستدراجها !!! إلى أخر يكثر الإتصالات من أجل إصلاح عطل التلفاز … أو تعديل برودة المكيف … أو الشكوى من عدم توافر الماء الساخن …و بين كثرة هذه المواقف … كان تذمرها يبدو واضحاً … وليس لهذه المسكينة من منفس إلا في الحديث معنا … فكانت تقول … أن النظام غير عادل … وأنا لدي طفلين … كيف أستطيع أن أوازن بين واجباتي الأسرية … والعمل لساعات متأخرة من الليل … وكيف أن عملها بدل أن يكون داعماُ لحياتها الأسرية … أصبح مهدداُ لإستمرارها … إني أجزم ياسادة … أن الإنترنت قد دخل الآن … وبحمد من الله إلى جميع الفلل السكنية في المجمع … ولكن حتى كتابة هذه الأحرف … لا أتوقع أن سحابة الأمل قد أطلت على هذه المسكينة … فهي مكانك سر … أملاُ أن تأتي معجزة تنتشل الوضع مما فيه …
مارغريت هي عجوز إنجليزية … في منتصف عقدها السادس … تعمل كمنظفة لدورات المياه في مبنى كلية الهندسة الكيميائية في جامعة نيوكاسل … تقول مارغريت أنها عملت في هذه المهنة … منذ قرابة الثماني سنوات … بجد و إخلاص … وهي بعملها البسيط هذا تقوم بالإنفاق على نفسها وعلى تكاليف دراسة ابنتها الوحيدة … مارغريت … سوف تبقى خمس سنوات إضافية في نفس هذه المهنة … كي تصل إلى سن الستين … وهو سن التفاعد للنساء في بريطانيا مالم يغير القانون … وأنا أجزم يا سادة … أن مارغريت مكانك سر … فروتينها واحد لا يتغير … وهل تتوقعون أنه لم يخطر ببالها يوماً … أنه أن الاوان أن تحال إلى التقاعد … كي تعيش مابقي من عمرها حياة أفضل … أو أن تجد في السنوات المتبقية عمل أرقى … بمدخول أعلى …
في صيف 2010 … كنت حينها قد أنهيت السنة الأولى من تخصص الهندسة الكيمائية … وكانت الإجازة الصيفية قرابة الثلاث أشهر قضيت جلها في مدريد … وهي مكان تواجد عائلتي خلال تلك الفترة … فكرت في أن أستفيد من وقتي وأن أعمل في إحدى الشركات الهندسية كمتدرب … بلا مقابل … وكانت تجربة إيجابية بالنسبة لي من ناحيتين … الناحية الأولى … ربط الكثير من المبادئ النظرية التي تعلمتها خلال السنة الأولى إلى واقع عملي … والناحية الأخرى … أخذ فكرة ولو مبسطة عن طريقة عمل الشركات … كان في القسم الذي عملت فيه سكارتيره تدعى ساندرا … لم تتجاوز الثلاثين من العمر … وكانت تعيش حياة ذلِ ومهانه … كل ذلك بحثاً عن لقمة العيش … فمن ظغط العمل … إلى إذلال المدير … إلى التضحية بكثير من الأوقات ذهاباً و إياباً … إلى عدم الإستقرار الوظيفي … فهي ربما تعمل اليوم في مكتبها وربما غداً على أعتاب الشارع تبحث عن مصدر أخر للرزق … والنتيجة … لا عائلة … لا طموح … لا إستقرار … ومكانك سر …
إذاً يا سادة كفانا لعباً على وتر … الغرب حفظ كرامة المرآة … وعزها … وشرفها … أسألوا المبتعثين … والمغتربين … والسائحين … عن صورة المرأة في الغرب … فلا عجب أن تنتشر المومسات في أطراف روما … وشرق بكين … وشمال لندن … ووسط مدريد … حيث يباع جسد المرأة في العالم الأول … بأقل من خيشة الرز ذات العشر كيلوهات !!! ولا عجب أن تنتشر صورة المرأة عارية في كل مكان … في القطارات … والحافلات … وفي لوحات الإعلان … والتي أصبحت سلعة … ومصدر إعلان كل شيئ حتى إطارات الفورميلا ون !!! ولا عجب أن ترى المرأة حاملة أكوام النفايات … أو تنظف الأرضية … أو تغسل الأواني … الثانية بعد منتصف الليل بعد أن تكون قد أتمت عملها كنادلة في مطعم أو بار في أي من العواصم الأنفة الذكر !!!
ليس من العدل والإنصاف يا سادة … أن أُظهر فقط الجوانب السلبية عن المرآة في العالم الأول … وأنها مهانة … مخذولة … مكسورة الجناح … فهناك المرأة المتعلمة … وهناك المهندسة … وهناك الطبيبة … والممرضة … و هناك الوزيرة … والنائبة … لكن في المقابل … ليس من العدل ولا من الإنصاف أيضاً أن يكون منهجهم هو المنهج السوي في مخيلاتنا … والمثل الأعلى الذي يجب أن نصل إليه … عزيزي القارئ قبل أن أختم موضوعي أريد أن أقف على ثلاث حقائق فقط … من أصل مجموعة كبيرة من الحقائق التي تظهر زيف شعار مساواة المرأة بالرجل في العالم الأول … والتي تكشف فقط جانب من أصل مجموعة كبيرة من الجوانب حيال موضوع المرأة في الغرب …
الحقيقة الأولى … هل تعلم عزيزي القارئ … أن النسبة القياسية لمقاعد النساء في الكونجرس الأمريكي وصلت إلى 17 % … وأن عدد مقاعد النساء في البرلمان البريطاني لإنتخابات العام 2010 هو 139 مقعد … من أصل 651 مقعد … أي ما نسبته 21 % تقريباً ( جريدة الجورديان: عدد الأثنين 10/05/2010) … إذاً أين مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق رغم أن نسبة النساء مساوية لنسبة الرجال في الدول الآنفة الذكر … في حين أن موضوع المرأة … في دولنا يعتبر بمثابة مادة دسمة في وسائل الإعلام الغربية … فعلى سبيل المثال … نسبة مقاعد النساء في البرلمان العراقي يجب أن لا تقل عن 25 % … وهذا ما هو إلا ضحك على الذقون … وتنفيذ لأجندة خارجية !!! إذ كيف نلزم بتطبيق ما عجزوا هم عن التوصل إليه …
الحقيقة الثانية … في دراسة قامت بها جامعة ميتشغن الأمريكية … وظهرت نتائجها صيف العام 2010 … والتي أظهرت أن 90 % من النساء اللواتي شاركن في إستفتاء أعدته الجامعة … تعرضن لمضايقات وتمييز من الذكور في أماكن عملهم … بسبب أنهم إناث … إبتداءاً من الغزل اللفظي … وإنتهاءاً بممارسة الجنس … مع الوعود بالترقية وزيادة الراتب … (جريدة الديلي ميل : عدد الأربعاء 11/08/2010) …
الحقيقة الثالثة … التمييز بحسب الجنس في قضية الرواتب … فلا عجب أن ترى رجل سائق تاكسي يعمل في شركة معينة يتقاضى 7 باوند إسترليني في الساعة … والمرأة سائقة التاكسي في نفس الشركة تتقاضى 5 باوند إسترليني في الساعة … ذكرت جريدة الميترو المجانية … أن الحكومة المحلية في بيرمينغهام … إحدى المدن الكبرى في إنجلترا … معرضة لتعويض 4000 موظفة … مايعادل الـ 500 مليون جنيه إسترليني … لقاء التمييز بين الجنسين … إذ أن الرجل الذي يعمل في نفس الوظيفة التي تعمل فيها المرأة … يتقاضى 60 % أكثر من المرأة … وهو ما يعرض الحكومة أن تدفع ما قرابة الـ 100000 جنية إسترليني كحد ادنى لكل موظفة … (جريدة الميترو: عدد الأربعاء (28/04/2010 …
إذاً … هل وعينا الدرس يا سادة … إن الغرب لم ولن يكون يوماً منهجاً أو منبراً يدعى من خلاله لحقوق المرأة … بل إن الحديث عن دولة بعينها أو منهج بعينه بأنه ظلم المرأة … وأهانها … وأذلها … من قبل الدول الغربية … إنما يستغل لمصالح سياسية … ومطامع شخصية ضيقة … مع مباركة السلطة الرابعة … وتحرك الطابور الخامس …
منقوووول.