المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إستبانه عن عوائق الإستقامه


مخاوي الذيب
27-11-2011, 08:50 PM
عوائق الاستقامة: كثير من الشباب يدرك أنه على طريق خاطئ، ويتمنى أن يسلك طريق الاستقامة لكن هناك عوائق وحواجز تحول بينهم , وبين طريق الاستقامة، وعندما نتحدث عن هذه العوائق لا نعني أنها تعتبر عذراً , ومانعاً لهم، فإن كل شاب مسئول أمام الله سبحانه وتعالى مهما كان عنده من العوائق والعقبات ؛ فإن الله سبحانه وتعالى لم يكلفه إلا بما يستطيع، و لن يحاسبه إلا على أعماله، ولئن كان البعض يدعي : أن الذي يمنعه , ويحجزه عن سلوك طريق الالتزام والاستقامة هي هذه العوائق , فهناك الكثير من الشباب عندهم من العوائق التي لا تقارن أبداً تلك العوائق التي يحتج بها هؤلاء الشباب . و أول عائق من هذه العوائق , وأهمها من خلال الدراسة التي أجريت هو :
أولاً: التعلق بالشهوات: لقد وجدنا أن [ 62% ] من طلاب المرحلة المتوسطة و [ 56 % ] من طلاب المرحلة الثانوية و [ 52 % ] من الفئة التي هداها الله يرون أن التعلق بالشهوات يعتبر عائقاً من عوائق الاستقامة، ومن خلال الحوارات الشفوية التي أجريناها مع الشباب على الأرصفة يكاد يتفق الكثير منهم على أن هذا العائق : يعتبر من أكبر العوائق التي تعوق عن طريق الاستقامة، فالشاب يعرف الحق , ويراه واضحاً لكن نفسه قد تعلقت بهذه الشهوة ، فأصبح أسيراً لا يستطيع الانتصار على نفسه، ولا يستطيع أن يترك هذا الطريق ؛ لأنه يعلم أنه سوف يخسر هذه الشهوات واللذات التي يجدها . و مما يؤيد هذه القضية انتشار وسائل الفساد , والانحراف , والإثارة , ومنها :
التلفاز: وجدنا أن : [ 86% ]من طلاب المرحلة المتوسطة , و [ 85% ] من طلاب المرحلة الثانوية , و [ 83% ] من شباب الفئة الثانية الملتزمة : يتابعون برامج التلفاز، فهذا يعني أن الغالبية العظمى من هؤلاء الشباب يتابع متابعة شبه كاملة لبرامج التلفاز، وتعرفون ماذا يعني الشباب من هذه البرامج , وماذا يشاهدون . أتظن أنهم يتابعون الأخبار العالمية , أو البرامج العلمية , أو الكشوفات الجديدة , أو يتابعون ما يسمى بالبرامج الدينية , أم أنهم يتابعون أمراً آخر؟ ولقد وجدنا أن :
[ 45% ] منهم : يفضل المسرحيات , و [ 43 % ] يفضل التمثيليات، ومعروف ما وراء ذلك من صور فاتنة ومثيرة، ومما يزيد الأمر خطورةً هو وجود أجهزة الاستقبال المباشر , وانتشارها الواسع حتى أنه : لا يكاد يخلو بيت إلا وفيه جهاز من هذه الأجهزة، ومع ذلك نجد صمتاً مطبقاً من كثير ممن يعنيهم من عامة المسلمين، مع أنه لا يخفى على أحد ما ينشأ عن هذه الأجهزة من مخاطر لا تحصى، ومنها :
*مخاطر عقدية , ودينية : كعرض حلقات للتنصير , والتبشير , والتشكيك في الدين .
*مخاطر أخلاقية : ولست بحاجة عن الحديث عما يجري في تلك القنوات التي تستقبل من كافة أنحاء العالم .
*مخاطر أمنية:فالشاب يرى في هذه القنوات كيف ترتكب الجرائم،وكيف يخطط لارتكابها،وكيف تتم أعمال السطو، و تهديد الناس، وهو بالتالي سيستعمل هذه الوسائل لتهديد أمن مجتمعه .
*مخاطر سياسية : فبعض بلاد المسلمين لا تعرف المظاهرات , ولا أعمال العنف , ولا تعرف أيضاً أعمال الشغب، فما موقف شباب المجتمع عندما يرون المظاهرات التي تقام في البلدان الأخرى ؟ أو عندما يشاهدون أعمال الشغب , و الانتفاضات التي يقوم بها من يسمون بالمعارضة أو غيرهم ؟ وكيف سيكون أثر تلك الأمور عليهم ؟ ولهذا فإن واحداً من هذه المخاطر ؛ كافٍ لأن يتخذ قرار حاسم فيه،والقضية تعنيكم جميعاً، فالذي سيتضرر هم أبناؤكم وأحفادكم، وستكون النتيجةوخيمة .
الفيديو : من الوسائل الخطيرة أفلام الفيديو،فـ [ 81 % ] من هؤلاء الشباب يشاهدون أفلام الفيديو، ولك أن تتصور ما يشاهده هؤلاء الشباب في هذه الأفلام !!! فأكثر هذه الأفلام التي يحرص الشباب على مشاهدتها أفلام ساقطة، وهذه الأفلام كما أفاد الكثير من هؤلاء: أفلام جنسية، والبعض الآخر يقول : أفلام ساقطة، وبعضهم يقول : أفلام ممنوعة، والبعض أخذ يعبر بعبارات تشعر بذلك فأحد الشباب يقول : إذا بليتم فاستتروا، وآخر يقول : أستحي من ذكرها، وكل يدور حول هذا القصد وهذا المضمون، أما بقية الأفلام فأحسنها حالاً الذي يعرض الصور , واللقطات الفاتنة المثيرة لغريزة هؤلاء الشباب، فما موقف هؤلاء الشباب عندما يشاهدون مثل تلكم الأفلام ؟
بل إنه مما يزعج , ويبعث القلق أيضاً هو أن : [ 53% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و [ 49% ] من طلاب المرحلة الثانوية يشاهدون هذه الأفلام خارج منازلهم , وهي قضية خطيرة، فقد لايوجد جهاز فيديو داخل البيت , فيستطيع مشاهدة هذه الأفلام خارج المنزل , والأب المسكين قد لا يعلم ذلك .... ثم ما نوعية هذه الأفلام التي سيشاهدها مع زميله، وما الذي سيجري بعد ذلك عندما يقوم الشباب بالمشاهدة المشتركة لهذه الأفلام ؟ أترك الإجابة لكم!.
وفي دراسة لتحصيل درجة الماجستير لعبد العزيز الشثري بعنوان : 'وقت الفراغ وشغله في مدينة الرياض ' توصل فيها إلى نتائج منها :
أن : [ 67% ] من شباب المرحلة الثانوية يمتلكون أجهزة فيديو مع ملاحظة أن الدراسة التي أجراها هي دراسة عامة لا تختص بهذه النوعية من الشباب التي نتحدث عنها، وأيضاً أفادت الدراسة أن : [ 45% ] من هؤلاء الشباب يقضي وقت الفراغ في مشاهدة الفيديو.
المجلات : تبين من الدراسة التي قمنا بإجرائها أن : [ 37% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و [ 38% ] من طلاب المرحلة الثانوية , و [ 34% ] من الفئة الثانية يقرءون المجلات، فهذا يعني أن ثلث هؤلاء الشباب يقرءونها.
ومن خلال الاستبانة كان سؤال آخر هو : اذكر عوائق أخرى تعوقك عن الاستقامة ؟
فيقول أحد الشباب : إن القابض على دينه في هذا الوقت كالقابض على الجمر، والآخر يقول: التلفاز، والآخر يقول : حب الصديق وعزته علىَّ.
وكان من ضمن الأسئلة :كلمة أخيرة تود أن تقولها ؟ فإليكم هذه النماذج التي كتبها مجموعة من الشباب : يقول أحدهم : نعم، أجزم أن كثيراً من الشباب غير ملتزمين، وسبب ذلك ثلاثة أشياء هي : النساء الفاتنات في السوق , وكتابة الأرقام لهن .... الصور الخليعة .... الهاتف والمكالمات مع النساء، فقد سمعت أن بعضهن متزوجات , ويتكلمن وقت الفراغ مع الشباب .
شاب آخر من هؤلاء الشباب يقول : أتمنى من الله أن يجمعنا بكم في فسيح جناته، فحبذا لو أن وسائل الإعلام تقوم بواجبها الديني في عدم عرض الأفلام التي يخدعنا بها الغرب , وأرجو من المسئولين منع أفلام الفيديو الخليعة، لما لها من تأثير مباشر على شباب وشابات المسلمين . هذا كلام لا يقوله أحد الملتزمين , أو المستقيمين بل يقوله أحد المتابعين لهذه الأفلام، وشاب آخر يوجه إلى إيجاد حل لمشكلة الحجاب والبرقع التي أساء الكثير من النساء استعمالها , وأصبحن فتنة للكثير من الشباب .
ثانيا : الجليس: قد يفكر الشاب بالاستقامة، بل إنه قد يقدم عليها، بل قد يخطو خطوات عملية في ذلك، ولكن عندما يعود إلى جلسائه وزملائه سرعان ما يعود إلى حالته السابقة، والذين تم سؤالهم شفوياً اتفق أكثرهم على أن الجليس والصديق يعتبر من أهم العوائق التي تعوق الشاب عن الاستقامة، فنجد أن : [ 48% ] من الفئة الثانية , و [ 36% ] من طلاب المرحلة الثانوية , و [ 29% ] من طلاب المرحلة المتوسطة يعتبرون ذلك من أهم الأسباب .
ومن خلال سؤال وجه للشباب عن كيفية التقائك بصديقك، فأجاب [ 58% ] من الفئة الثانية , و [ 51 % ] من طلاب المرحلة الثانوية , و [ 48% ] من طلاب المرحلة المتوسطة أنهم يلتقون بأصدقائهم يومياً، وهذا يعني قوة تأثير الصديق عندما يلتقي معه يوميًّا. وفي بحث أجراه طالبان من طلاب قسم علم النفس في جامعة الإمام عن أسباب الجنوح أفاد [ 84% ] من أفراد العينة الجانحة أن لهم أصدقاء , و [ 56% ] أن أصدقاءهم ساهموا في انحرافهم، وهذا من وجهة نظرهم، وقد تكون النسبة الحقيقية أكثر من ذلك .
وفي دراسة أخرى أجريت لأسباب الجنوح في قسم علم النفس بجامعة الإمام أجراها : عبدالرزاق الجنيدل توصل فيها إلى أن : [ 62% ] من الجانحين ساهم زملاؤهم , وأصدقاؤهم في انحرافهم .
وفي دراسة أيضاً أجراها : سعد الأسمري عن : ' دور التوجيه والإرشاد النفسي في الوقاية من الانحراف في المرحلة الثانوية المطورة بمنطقة الرياض ' وتقدم بها للمعهد العالي للعلوم الأمنية للحصول على درجة الماجستير، ومن النتائج التي وصل إليها أن : [ 27% ] من هؤلاء الشباب يقول : لا أستطيع رفض طلبات صديقي ولو كانت ضارة -من وجهة نظره هو- لكنا نعلم أنه عندما يسلك طريق الانحراف , فهناك طلبات كثيرة لا يرى أنها ضارة، وبالتالي لن يرفض هذه الطلبات، فإذا كان ثلث هؤلاء تقريباً لا يستطيع رفض طلبات صديقه لسبب , أو لآخر فلك أن تتصور أثر الجليس بعد ذلك على زميله .
ولاشك أن الشاب عندما يعرف أن هذا الأمر بهذه الخطورة ؛ فحينئذٍ أظن أنه يوافقنا على أن أول قرار يجب أن يتخذه عندما يفكر بالاستقامة هو : أن يغير جلساءه، وأن يتخلى عنهم، أما إذا تصور أنه سيسلك طريق الاستقامة , وطريق الالتزام مع أصدقائه , ومع جلسائه السابقين الذين يوجهونه ويشاركونه , ويشجعونه على الانحراف , فهذا التصور بعيد وتصور محال، و المرء على دين خليله ويحشر يوم القيامة مع من أحب . والكثير من الشباب يستجيب للموعظة , ويتأثر بها بل يعزم عزيمة صادقة على التوبة، بل يسلك خطوات عملية في ذلك، ولكن عندما يعود إلى جلسائه لا يستمر، لأنهم سيسخرون منه، وقد يكون يحقق لهم مصالح متنوعة، ومن جانب آخر هذا الزميل يعرف عنهم معلومات يخشون أن تتسرب منه عندما يسلك طريق الاستقامة، لذا فإنهم لن يألوا جهداً في استعمال كافة ألوان الضغط عليه ؛ حتى يحرفوه عن هذا الطريق .
لذلك إذا كان الشاب جادًّا فعلاً، ويريد أن يسلك طريق الاستقامة فأول قرار يتخذه -بعد التوبة الصادقة لله عز وجل- هو أن يتخلى عن جميع هؤلاء الجلساء، وأن يقول لزميله أو صديقه : 'هذا فراق بيني وبينك '، ويجب أن يعلم أنه عندما يفقد أولئك فإنه لن يعيش وحيداً، بل يستبدل أولئك بالجلساء الأخيار الذين يقول الله تعالى عنهم : ] الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [ 67 ] [ سورة الزخرف ، ويوم القيامة يود أن يفتدي الإنسان من النار بالأهل والأصحاب والأحباب بل من ضمنهم أبوه وأمه ، قال الله تعالى: ] يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ [ 34 ] وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ [ 35 ] وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [ 36 ] لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [ 37 ] [ سورة عبس ، وتنقطع هذه الأواصر التي هي أقوى من أواصر الصداقة , وتبقى علاقة الأخوة والمحبة في الله، فلماذا لا تستبدل تلك الصداقة السيئة التي تقودك إلى الوبال في الدنيا والآخرة والتي سرعان ما يتخلى أصحابها عنك , فتأتي يوم القيامة قائلاً : ] يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا [ 28 ] [ سورة الفرقان .
ثالثا : عدم تصور خطورة الأمر: كثير من هؤلاء الشباب مع إدراكه لخطأ الطريق الذي هو عليه , ورغبته في الاستقامة إلا أنه لا يتصور خطورة هذا الذي يسير عليه، فتراه يتساهل, ويتهاون بالمعاصي بل بالكبائر والموبقات، ولا يمنعه أي وازع عن ارتكاب أي معصية , أو أي فاحشة، بل تجده يسعى إليها بكل وسيلة، بل يساهم في نشرها بكل الوسائل، كما أن بعضهم قد يفعل بعض الأمور المخرجة من الإسلام : كترك الصلاة , أو السخرية و الاستهزاء بالدين وأهله ، و مع ذلك كله يشعر بأن الأمر ليس فيه خطورة . وكنت أتحدث مع مجموعة من الشباب من أصحاب هذه الممارسات، وهم أصحاب سفر للخارج، ويمارسون المضايقات للفتيات في الأسواق، ولهم مواقف , ومشكلات كثيرة مع رجال الحسبة، ومع ذلك كله يقولون : نحن بخير، القضية هي قضية أخطاء , وكلٌ يقع في هذا الخطأ , ولازلنا نصلي , ونصوم , ونمارس ألوان الشعائر التعبدية.
ونسي هؤلاء أمرا خطيرا : وهو أن التعلق بهذه المعاصي قد يؤدي بالإنسان إلى سوء الخاتمة، فهذا الشاب قد يصلي , وقد يعمل أعمالاً لا تخرجه من الإسلام، ولكنه عندما يكون منهمكاً في هذه الشهوات , غارقاً فيها ؛ فإنه قد يختم له بخاتمة سوء , فيقول بكلمة الكفر قبل موته، ومعروف مصيره ونهايته، و تصوروا أن أحد هؤلاء الشباب كان غارقاً في الشهوات، وكان على موعدٍ مع أحد صديقاته لكنها تأخرت عليه , فقلق عليها , فلما جاءته لم يملك إلا أن سجد لها، فإلى هذه الدرجة يصل بالإنسان التعلق بالشهوة ؟ .... و آخر : كان صالحاً مستقيماً , و تعلق بعلاقة محرمة شاذة مع أحد الشباب، وقبل موته قال كلمة _ عافانا الله وإياكم _ أدت به إلى سوء الخاتمة، حيث قال : رضاك أشهى إلي من رحمة الخالق الجليل .
أمر آخر : وهو أن هذه المعاصي قد تتدرج بالإنسان , فتقوده بعد ذلك إلى الكفر , والانسلاخ من كافة الواجبات الشرعية .... أحد الشباب اتصل بي وكنت لا أعرفه، يشكو إلي أنه وقع في جريمة الزنا مع فتاة، وهذا الشاب لا يسعى إلى إيجاد حل لهذه القضية، بل يقول هل يجوز لي بعد ذلك أن أتزوج هذه الفتاة أو لا يجوز ؟! فقلت له : لماذا الاستخفاف بهذا الأمر ؟ وكيف تقع فيه ؟ فقال : يا أخي هذا خطأ، وكل إنسان يقع فيه، وكل ابن آدم خطاء .... فعندما يتعامل الإنسان مع هذه المعاصي بهذا الاستخفاف , وهذا المنطق ؛ فإنه بلاشك لن يرى حاجة وضرورة لأن يشتكي لأحد هذه المعاصي، ولن يسعى للتخلي عنها، فقلت له : فرق بين ما تقع فيه من نظرة محرمة , أو شهوة محرمة , وغير ذلك من المعاصي , وبين من كانت له لقاءات طويلة مع فتاة حتى أوقعت به في جريمة الزنا !! فبين الأمرين فرق شاسع ، وهذا دليل على ضعف إيمانك , وعلى استخفافك بهذه المعصية، بل إنك تسأل بعد ذلك : هل يجوز لي أن أتزوج ممن عاشرتها تلك العشرة المحرمة ؟! فمع إدراك بعض الشباب لخطأ الطريق الذي هم عليه , فإنهم لا يدركون خطورة الأمر الذي هم عليه، وأظن أنهم لو أدركوا ذلك لاستطاعوا أن يتجاوزوا الكثير من تلكم العقبات .
رابعا: الفهم الخاطئ للوسطية : كلمة يتفق عليها الجميع لكن يبقى فهمها وتفسيرها: فالجميع يتفقون على أن المغالاة والمبالغة في التشدد والغلو أمر غير مرغوب فيه، ويتفقون على أن الانحراف , والتفريط , والكسل هو الآخر أمر غير مرغوب فيه، ويتفق الجميع على سلوك طريق الوسط، ومن الشباب من عندما تناقشه يقول لك : نعم أنا لست أسلك طريق الانحراف، ولا أنا من الشباب الملتزمين والمستقيمين، ولكني أسلك طريق الوسط، وهذا أمر نتفق عليه، بل إن سنة الله في الكون قائمة على الوسطية، و دين الله قائم على الوسطية في كل أمر، ولكن نقطة الخلاف هي تحديد الوسطية، فعندنا ثلاث مناطق:
الأولى منها : هي منطقة الغلو .... والمنطقة الثانية : الوسطية .... والثالثة : هي الانحراف . وتحديد هذه المناطق يختلف الناس فيه، فما هو ضابط الوسطية ؟ وما هو مفهوم الوسطية ؟ فهل المقصود بالشاب الوسط مثلاً الذي لا يتورع عن النظرة الحرام : سواءٌ أكانت في التلفاز أم في الفيديو أم في الشارع ؟ وهل المقصود بأن الوسط هو الذي لا يتورع عن بعض الممارسات التي يعتبرها سهلة وهينة – وكل معصية لله عز وجل لا شك أنها يجب أن تعظم في نفس المؤمن – هل هذا هو مفهوم الوسطية؟ وهل يعني التشدد الخلل والمبالغة ؟ و هل يعني التورع التام عن النظر المحرم بكافة قنواته , ووسائله , أو الحرص على العبادة , ومحاسبة النفس عليهما تشدداً , وتطرفاً ؟
وللأسف , فإن مفهوم الوسطية , و الغلو , والتساهل من المفاهيم التي أصابها الانحراف في أفهام كثير من الناس، فيقيس الشاب الوسطية بنفسه : فيعتبر الطريق الذي يسير عليه هو الطريق الوسط، فما كان أعلى منه فهو تشدد، وما كان أدنى منه فهو انحراف .
إن طريق الوسطية هو : ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالذي نهى عن الغلو هو النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من خُوطب بالوسطية هو النبي صلى الله عليه وسلم، وإن هذه الأمة أمة وسط، فالمعيار للوسطية : هو حياة النبي صلى الله عليه وسلم , وحياة السلف الصالح , وما زاد عنه فهو غلو، وما كان دون ذلك , فهو انحراف, وتفريط .
خامسا : القدوة السيئة: قد يجد الشباب مظاهر سلبية , وأخطاء من بعض الشباب الملتزمين ، فهؤلاء ضمن غيرهم ليسوا معصومين من الوقوع في الخطأ، ومع محبتنا لهؤلاء الشباب الملتزمين، ومع أننا نُسر برؤيتهم، ومع أنهم ولا شك حققوا ألواناً من الانتصار على النفس وعلى الشهوات، بل إن سلوكهم طريق الاستقامة أصلاً وطريق الالتزام في وسط هذه الشهوات والفتن، هذا بحد ذاته يعتبر انتصاراً، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينهم , وأن يثبتهم على هذا الطريق، فإن بعض هؤلاء الشباب قد يقع في أخطاء خاصة تجاه أمثال هؤلاء الشباب غير الملتزمين، فيأتي هذا الشاب غير المستقيم ويرى الشاب الآخر المستقيم قد وقع في هذه الأخطاء، فيرى شابًّا ملتزماً مهملاً في دراسته، أو يراه على سوء خلق،أو يراه مقصراً في أي جانب من الجوانب، فيقول أتريدونني أن أكون مثل فلان من الناس.
من قال لك بأن هذا هو النموذج الذي نريد أن تصل إليه، فليس كل هؤلاء الشباب على هذه الشاكلة، قد تكون أنت نظرت إلى فعل واحد، أو إلى شخص واحد أو إلى عينة واحدة، فرأيت فعلاً أن هؤلاء الشباب يقعون في مثل هذه الأخطاء، فتخيلت أن جميع الشباب الملتزم بهذه الصورة، فلنفرض جدلاً : أن هؤلاء الشباب الملتزمين يمارسون هذه الأخطاء، فهل هذا عذر لك عند الله سبحانه وتعالى أن تسلك طريق الانحراف، وأن ترتكب ألواناً من الكبائر , والموبقات بحجة أن هؤلاء الشباب قدوة صالحة ؟ فليس عذراً لك لو كان الناس جميعاً يسلكون طريق الانحراف، بل لو كان أستاذك , أو جميع الناس من حولك يدعونك , ويرغمونك على طريق الانحراف، فكيف لمجرد أنك ترى بعض المواقف مع أننا نجزم أنها ليست عامة بل هي مواقف ، وحالات فردية.
وعندما وجه سؤال لهؤلاء الشباب : اذكر عوائق أخرى تعوقك عن طريق الاستقام ؟

فهذه بعض الإجابات والعبارات التي وردت: بعضهم يقول : الملتزمون أنفسهم بتصرفاتهم التي يفعلونها للنفاق والرياء .... فهو يكثر من اتهامهم بالرياء والنفاق، والسبب أنه يرى الشاب عنده حرص على العبادة ,والطاعة , فيراه قد وقع في خطأ، ومن خلال هذا الخطأ يتهمه بالرياء والنفاق، والشاب الملتزم قد ينهاك عن الغيبة , ويغلظ أمرها لكنه قد يقع فيها، وإذا منعنا الناس من الإصلاح لخطأ وقعوا فيه , فمن ينصح الناس ؟ يقول الشاعر: إذا لم يعظ الناس من هو مذنب فمن يعظ العاصين بعد محمد


وآخر يقول : الملتزمون سبب عدم استقامتي ؛ لقيامهم ببعض التصرفات السيئة، وتدخلهم فيما لا يعنيهم واحتقار الآخرين .... و عندما طلب من أحدهم توجيه كلمة للملتزم قال : يترك العزلة والأنانية، ويكسر الحواجز بينه , وبين غير الملتزمين .
ونسأل كثيراً عن الملاحظات التي ترد على هؤلاء، فيجيبنا أحد الشباب بكلمة رائعة كتبها وهو غير ملتزم فقال: إن العيون موجهة إليكم، عيون أهل الشر, وعيون أهل الخير، فكونوا على أهبة الاستعداد.
سادسا : عدم وجود المعين: قد لا يجد الشاب من يعينه على طريق الاستقامة أو طريق الخير، والبشر لا يستغنون عن ذلك، ولذلك يخاطب الله سبحانه وتعالى نبيه فيقول: ] وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ... [ 28 ] [سورة الكهف , وهاهو موسى يدعو ربـه فيقول :] وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي [ 29 ] هَارُونَ أَخِي [30 ] اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي [ 31 ] [سورة طه ،ويقول تعالـى له: ] قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ... [ 35 ] [سورة القصص، فإذا كان الأنبياء يحتاجون إلى من يعينهم على هذا الطريق , فغيرهم من باب أولى، ولذلك فإن [80% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و [ 71% ] من طلاب المرحلة الثانوية , و [ 79% ] من فئة الشباب الملتزم : أفادوا بأن الرفيق الصالح من الأسباب المعينة على الاستقامة إذاً فابحث عن هذا الجليس ؛ فإنه خير معين لك .
سابعا : ضغط البيئة: قد يقع الشاب تحت ضغط البيئة ، فقد يكون الشاب في بيت غير محافظ، فهذا أحدهم يقول: السبب في عدم استقامتي والدي الذي لا يشهد حتى صلاة الجمعة، ويقترف أمامي كافة أنواع الفساد ، فماذا تريدني أن أصنع بعد ذلك ؟ وإن كانت هذه الحالات قليلة , لكن هناك ضغط آخر قد لايستطيع تحمله بعض الشباب , وهو السخرية، ولذلك فإن بعض الشباب يعتبر السخرية عائقاً من عوائق الاستقامة.
فهو عندما يسلك طريق الاستقامة , سيواجه سخرية من القريبين والبعيدين، بل للأسف إن البعض من الآباء والأقارب يمارسون ألواناً من هذه السخرية مع أبنائهم ويتهمونهم بنوع من التشدد فيشكل هذا نوعاً من الضغط النفسي على الشاب , فلا يستطيع أن يتحمله، ولذلك فإن : [ 27% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و [20% ] من طلاب المرحلة الثانوية يعتبرون السخرية عائقاً من عوائق الاستقامة. ونلاحظ هنا أنه كلما تقدم سن الشاب أصبح أكثر قدرة على تحمل ضغط الآخرين، فإنه لصغر سنه قد لا يستطيع أن يتحمل ويواجه هذه السخرية، وغاية ما نقوله لهؤلاء الشباب : أن عزاءكم فيما تواجهون أن أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم وعلى نبينا : قد وُوجهوا بالسخرية والإيذاء، فلن تكونوا خيراً من أنبياء الله، فإذا سُخر من أنبياء الله , فغيرهم من باب أولى .
ثامنا: ثقل التكاليف: فغير المستقيم يعلم أنه سيترتب على استقامته تكاليف شرعية مثل التخلي عن الشهوات , وتحمل بعض الواجبات وبعض الأعباء التي لا يحرص عليها كالاستيقاظ لصلاة الفجر، وسيعرف أن الحياة والتكاليف ستكون ثقيلة عليه، ولذلك قد يتردد في الالتزام بهذا الأمر، فمثلاً : [ 34% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و [ 35% ] من طلاب المرحلة الثانوية ذكروا : أن من عوائق الالتزام عدم القدرة على تحمل الالتزام . إذاً ثلث هؤلاء الشباب يرون أنهم لن يستطيعوا تحمل تكاليف حياة الاستقامة والالتزام، فنقول لهم: نعم إن هذه التكاليف قد تكون ثقيلة في البداية ولا بد منها لأنها ضريبة الالتزام، قال الله تعالى : ] أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ [ 214 ] [ سورة البقرة , فهي ضريبة لسلوك درب السعادة، وضريبة للحصول على طريق الجنة، فإن الجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات، وثمن لابد أن يدفعه الشاب، لكنه إذا قام بهذه التكاليف ؛ سرعان ما ينسى هذه المشقة ؛ فتصبح لذة وسعادة يجدها المرء في طاعة الله سبحانه وتعالى .
تاسعا : العجز عن اتخاذ القرار الحاسم: من النتائج المفاجئة أن : [ 92% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و [ 92% ]من طلاب المرحلة الثانوية سبق أن فكروا بالالتزام .... إذاً القضية ليست عدم قناعة بل هو فكّر فعلاً أن يسلك طريق الالتزام، بل إن : [74% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و[ 71% ] من طلاب المرحلة الثانوية فكروا أكثر من ثلاث مرات، فهذا يعني : أنه قد تكرر تفكيره وعزمه على هذا الأمر، بل إن كثيراً منهم قد خطا خطوات عملية في ذلك , لكنه لم يستطع , فما هو السبب؟
قال بعضهم: ضعف الإرادة، فهذا الشاب يبقى أمامه قرار يجب أن يتخذه، وقرار حاسم سيغير حياته كلها، قرار يودع به حياة الغفلة والإعراض، ويسلك طريق الاستقامة، وهذا القرار سيحتاج إلى عزيمة قوية , وإليكم هذه العبارات التي قالها بعض الشباب من خلال الكلمة الأخيرة :
يقول أحدهم :كنت أتمنى منذ الصغر أن أكون شيخاً وخطيباً.... ويقول آخر : أشكر الأستاذ على هذا الاستبيان، وإن شاء الله في الاستبيان القادم يكون ردي على سؤالك : هل أنت ملتزم أم لا، فأقول , وبكل سرور: إنني ملتزم بإذن الله وجزاك الله خيراً .... إذاً ما الذي يمنعك من الالتزام ؟ وما الذي يمنعك من الاستقامة ؟ الجواب : هو اتخاذ هذا القرار .
عاشرا: الاعتذار بالقدر: فمثلاً : أحدهم يقول: كل شيء موجود لكن ينقص توفيق الله سبحانه وتعالى، فإذا كان الذي يمنعك , ويحول بينك , وبين طريق الاستقامة هو توفيق الله تعالى، فلماذا تجتهد في دراستك , وتُجد للاستعداد للامتحان، و لا تنتظر توفيق الله الذي تنتظره حتى يقودك لطريق النجاح في الامتحان ؟ فمطالب الدنيا : تجتهد فيها , ولا تنتظر توفيق الله، وأما الهداية فلا تجتهد , وتنتظر توفيق الله .... أيضاً كثير من الشباب عندما وجهنا له سؤالاً يقول :ما الذي يمنعك من الاستقامة ؟ كان الجواب : إنك لا تهدي من أحببت، وأن الهداية بيد الله سبحانه وتعالى .
نعم الهداية بيده سبحانه وتعالى , والضلالة كذلك بيد الله سبحانه وتعالى، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الإنسان يكتب له : رزقه , وأجله , وعمله , وشقي أم سعيد , فعن عبد اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّ : [ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ] رواه البخاري ومسلم والترمذي وابو داود وابن ماجة وأحمد . فلماذا تسلك طريق الشقاوة وتقول :لم يرد الله هدايتي , فهلا اخترت طريق الاستقامة كما تجتهد في أمور الدنيا من طلب الرزق و غيره , ولا تتكل على القدر؟ فهذه مخادعة للنفس .
العائق الحادي عشر: التدخين: أحدهم قال في كلمته الأخيرة: عائق آخر كنت أنتظر أن تسألني عنه، وهو عائق التدخين الذي أعاني منه شخصياً . وأيضاً بعض الشباب الذين وُجه لهم السؤال الشفوي أفادوا أن التدخين مما يعوقهم عن سلوك طريق الاستقامة، ولهؤلاء نقول : إن هذا الدين قد نزل على أقوام يتغنون بالخمر , وأحدهم يقول :

إذا مت فادفني إلى جنب كرمة تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفني في الفلاة فإنــني أخاف إذا ما مت ألا أذوقها



وقال آخر :

ونشربها فتتركنا ملوكاً وأسداً ما ينهنهنا اللقاء
والكثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يشربون الخمر، بل كانوا مدمنين عليها، وكانوا يتغنون بها، وعندما نزل تحريمها تخلوا عنها ،ولا يشك أحد أن التعلق بالخمر أشد على الإنسان من التعلق بالتدخين.

العائق الثاني عشر : التسويف : ومن العوائق التي ذكرها الشباب , ووردت في إجابات شفوية ما ذكره بعضهم قائلا : إن البعض منا يقول : أستقيم بعد الزوج .... والبعض منا يقول : حتى أتخرج .... حتى يتقدم بي العمر ... و نسى هذا , أو جهل : أنه قد تخطفه المنية قبل أن يعمل ما أراد . ويقول أحدهم في الكلمة الأخيرة: إن شاء الله مهما بعُد الزمن , فسوف أعود إلى الله، وأعمل الأعمال الصالحة إن شاء الله تعالى .... إذاً ما الذي يمنعه , فهو يقول : لابد أن أعود إلى الله وإلى الاستقامة , ولو بعد زمن ؟ الذي يمنعه هو : التسويف.
العائق الثالث عشر: انتظار المصائب: وهذا أيضاً تكرر في الإجابات الشفوية، فعندما سألنا بعض الشباب قال : إنه ينتظر أن يحصل له حادث , أو أن يموت له قريب , أو أن يحصل له أمر يعظه ويدعوه ليسلك طريق التوبة ....و كثير من الشباب أجابوا بأن هذه الأمور من الوسائل التي تؤثر في الشاب , فيستقيم . وحينئذٍ نسأل هذا السؤال : افترض أنه لم يحصل لك هذا الشيء، بل مت أنت قبل أن يحدث لك ما يهز مشاعرك، فما هو مصيرك ؟ !
و بعد الحديث عن هذه العوائق ننتقل إلى نقطة أخرى , وهي الأخيرة.
أدوار مهملة: بقي أن أقول أن ما عرضته عن هذه العوائق إنما هو مجرد عرض لها، وبقي الحديث عن أدوار مهملة يجب أن تستغل لإنقاذ هؤلاء الشباب :
1- خطبة الجمعة : فـ [ 75% ] من المتوسطة والثانوية يرون أن خطبة الجمعة لا تؤثر على الشباب في سلوك طريق الالتزام، وقال أحدهم _ بالحرف الواحد _: خطبة الجمعة يحضرها الجميع، وهي ليست مثل المحاضرات والأشرطة , حيث يحضرها جميع المسلمين , وينصتون لها , ويسمع فيها الشاب ما لا يسمعه في غيرها، فيجب أن يعتني بها، ويجب أن يوجه خطاب خاص لهؤلاء الشباب فيه نقاش : عقلي منطقي , وموعظة تسلك كافة الأساليب والوسائل لمخاطبة أمثال هؤلاء الشباب . فهؤلاء الشباب يشتكون أنهم لا يخاطبون بخطب الجمعة، ولا توجه لهم هذه الخطب.
2 - إمام المسجد: من أهم مسئوليات إمام المسجد : المساهمة في دعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى، فإمام المسجد يقابل هذا الشاب في المسجد , وعند منزله , وعند المحلات التجارية , وفي الحي ، فما دوره ؟ [ 86% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و [80 % ] من المرحلة الثانوية , و [81% ]من الفئة الملتزمة يقولون : أنهم لم يتلقوا نصيحة من إمام المسجد، إن مهمته ليست محصورة في إمامة الناس، بل في إنكار المنكرات أيضا ، وفي نصح هؤلاء الشباب وفي توجيههم، خاصة أنه يعيش معهم في الحي , ويلتقي معهم كل يوم . ولا يقتصر أيضاً على إلقاء الكلمات ؛ لأنه قد يلقي كلمة وهؤلاء يخرجون بعد الصلاة .
3- الأب: مما يؤسف له أن : [ 55% ] من طلاب المرحلة المتوسطة , و [ 51% ]من المرحلة الثانوية , و [ 76% ] من الفئة الملتزمة : لم يتلقوا نصيحة من والدهم ، مع أن دور الأب لا يقتصر على النصيحة، فإذا كان أكثر من نصف الآباء لم يوجه لابنه النصيحة الخاصة بالالتزام فماذا بعد ذلك؟ وانظر إلى ما يقوله هؤلاء الشباب عن آبائهم _ في الدراسة التي أشرت إليها وهي دور التوجيه والإرشاد النفسي في الوقاية من الانحراف _ تبين أن : [ 28% ]من الطلاب يقولون : لا يأخذنا والدنا إلى النزهة خارج المنزل لماذا ؛ لأنه يذهب مع أصحابه !! فالشاب يريد أن يذهب خارج المنزل للنزهة , فإذا لم يأخذه والده من سوف يأخذه ؟ .... ومع من سيذهب ؟ .
وقال : [ 21% ] : قليلاً ما يسألني أبي عن أحوالي .... وقال : [ 17% ] : عندما أعود متأخراً لا يسألني والدي .... مجرد السؤال فقط لا يحدث .... لكن الذين يسألون لا يعني أنهم يهتمون، فقد يسأل الأب ابنه: أين كنت ؟ فيقول : مع فلان، فتنتهي القضية عند مجرد السؤال دون اكتشاف الخطأ، ولو اكتشف الخطأ فماذا يصنع ؟
وقال : [ 44.5% ] : لا أستطيع التحدث مع والدي بصراحة .... فإذا لم يستطع , فمع من سيتحدث , ومن سيوجهه ؟ لن يجد إلا أصدقاء السوء . أيضاً عندما وجه سؤال لهؤلاء الشباب أفاد الكثير منهم : أن الآباء لا يعلمون حقيقة ما يفعله أبناؤهم .... فهو يعرف أن ابنه يذهب ويأتي مع فلان , لكن ماذا يصنع ابنه ؟ لا يدري !
وهذه صورة تتكرر : فيقف الأب عند رجال الشرطة بعد أن يقع ابنه في مصيبة , أو جريمة , ويقول : لم أكن أتوقع هذا , ويجهل أن القضية كانت منذ سنوات، ولئن نسيت فإني لا أنسى موقف شاب رأيته يبكي أمامي , ويوجه اللوم لأبيه الذي اكتشف أنه يدخن , وعاتبه قائلاله : الآن وقد وقعت في هذا الأمر منذ ثلاث سنوات، إن السبب هو أنت ....فإذا كان التدخين الذي تظهر آثاره على المدخن , قد لا يكتشفه الأب إلا في مرحلة متأخرة فما بالك بالممارسات اللاأخلاقية التي قد تكون أخطر ؟ .... كثير من الآباء لا يعرف ماذا يصنع ابنه، فإما أنه يحسن الظن، أو يعرف أنه يذهب مع فلان بن فلان , ويظن معرفته .... وغيرها من الأمور التي يخدر بها نفسه .
وطلب من الشباب توجيه رسالة للأستاذ، و الداعية، و الأب , فقال أحدهم : مؤاخاة الابن والتحدث معه بصراحة , وسماع مشاكله، لماذا فلان أباه لا يفعل شيء من .... وآخر يقول : إذا كان رب البيت .... وآخر يقول : إن من واجب الأب مساعدة ابنه في التغلب على عوائق الالتزام .
والآخر يقول : أبي أعطني جزءاً من وقتك.... وآخر يقول : الأب لا يدري ماذا بابنه , أو ماذا يفعل ابنه .... وآخر يقول : لا تقطع عملك الصالح في الدنيا فإنه : [ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ] رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد والدارمي .
هذه عبارات للشباب الذين ليسوا على طريق الاستقامة , وهذه بعض رسائلهم لآبائهم، وغيرها كثير، فكلها تعكس صورة الإهمال، وصورة الغيبوبة المطلقة عند الكثير من الآباء عن واقع أبنائهم : إما أنه يجهل واقع أبنائه ولا يريد أن يعلم، أو أنه يهمل , ولا يدرك المسئولية، أو قد يدرك للأسف أن ابنه في طريق الانحراف , ومع ذلك لا يحرك ساكناً وكأن الأمر لا يعنيه .
ما موقف الأب الذي يأتي أول الناس إلى المسجد , وابنه قد لا يشهد الصلاة .... وتجد الأب أحياناً يتهجد بالليل , وابنه في الخارج لا يدري ماذا يصنع .... إننا نريد منك أن تؤدي المسئولية التي عليك التي سيسألك الله عنها يوم القيامة .... فما الذي يدفعك إلى أن تترك الدنيا , وتأتي إلى المسجد قبل الأذان ؟!! و إلى أن تهجر لذة الفراش , وتقوم الليل ؟!! و إلى الاجتهاد في النوافل والصدقة ؟!! . أليس مرضاة الله عز وجل .... ألا يدفعك ذلك للشعور بالمسئولية؟
نحن لا ندعو الآباء إلى أن يشكُّوا في أبنائهم، ولكننا ندعو الأب إلى أن يكون واقعيًّا .... إلى أن يعرف حقيقة ما يجري، وبدلا من أن تسهر أيها الأب مع فلان , و فلان , خذ أبناءك إلى نزهة .... واقض وقتك مع أبنائك .... وقدم لهم البديل الذي يشغل أوقاتهم .... وابحث لهم عن الجلساء الصالحين. و في الختام أقول : إن عرض هذه النتائج , والحديث عنها طويل جدًّا, وبقيت جوانب أخرى، خاصة الجوانب الإيجابية لم نتحدث عنها، و ستكون موضوع حديثنا في محاضرة قادمة بعنوان [ من حق إخوتنا علينا ] نسأل الله أن يوفقنا للحق والصواب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
{من محاضرة عوائق الاستقامة للشيخ محمد الدويش}

صاحب السمو
11-12-2011, 09:51 PM
مخاوي الله ياربي طويله مره من عيوني بتصل عليك وتعلملي

حـــــوريه
11-12-2011, 10:51 PM
جزاك الله الجنه وكتب الله اجرك

تسلم يدينك

تقبل مروري