عبدالله بن مفرح
28-01-2012, 11:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت بعض المواضيع عن تعريف الليبرالية وماذا تعني واطلعت على كثير من الآراء عن سوء الليبراليه في أنظار البعض وهي بالطبع تمثل آراء كتابها فقط وسألت نفسي كثيراً من يستطيع تعريف الليبراليه بواقعية مجردة من الهوى والإنحياز فقد ينمقها كاتب معين لهدف نشرها بين الناس والتسويق لها كيفما كان وآخر يلبسها أسوأ الألبسه السوداء دون تعمق في ماهيتها وأهداف المقتنعين بها كمنهج سوي للتعايش بإيمان بها والسير على نهجها ومنهجها بدلالاتها المصوره من داعٍ لها ومحارب ضدها وعدت إلى ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن الفرقة التي وصفها بالنجاه عندما قال ( تفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة اثنتان و سبعون في النار وواحدة في الجنة وهي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم و أصحابي ) وبما أننا كمسليمن سنفترق أو قد إفترقنا إلى هذه الفرق ونسأل الله أن نكون من الناجيه ومنهجنا وديننا واحد وهو ( الإسلام ) فمن الطبيعي أن يكون لأي مذهب أو معتنق أو توجه ديني أو منهجي أياً كان أوجه عده منها ما يكون سيئاَ ومنها ما يكون جيداً من شأنه حفظ حقوق الإنسان بما حفظه القرآن وحفظته السنة النبويه وبما حفظته الأعراف المهتمه بالقيم الإنسانيه وليس بما يفسره من يفسره على هواه ومقاصده وتصنيفه للبشريه ليحكم في النهايه على الليبرالي والعلماني بأنه أقرب إلى الكفر منه إلى الإسلام كما يحلو للبعض ممن لا يعلمون عن الليبراليه إلا إسمها حاصراً فهمه لليبراليه في أسوأ تفسيرٍ لها بما يوافق رغبته أو معرفته القاصره رغم إختلاف مفاهيمها ومقاصدها بين مجتمع وآخر
وأثناء بحثي لأفضل تعريف لليبراليه وجدت ما جاء أدناه تحت عنوان ( مبادئ الليبرالية الإسلاميه ) وقد آثرت أن يكون الموضوع متاح للقراء للتمعن في التعريف والقيم التي إحتواها هذا الموضوع فقد وجدت فيه الدعوه إلى أسمى ما جاء في القرآن الكريم ( الحرية والتسامح وعدم الوصايه )
فما أجمل الليبراليه الإسلاميه إن كانت هذه مبادئها ...
عزيزي الكريم لا يهمني ردك بقدر ما يهمني فهمك لهذا التعريف الواقعي لمقاصد الليبرالية الإسلاميه قبل الرد أو المشاركه بالرأي ،،،
مباديء الليبرالية الإسلامية
هذه دعوة صريحة إلى العودة بالإسلام إلى الأصول واعتناق قيمه الأصيلة وتنكب طريق التطرف والغلو.
ولنرسم للقارئ ولأجيالنا عامة معالم الطريق والنهج القويم ونكشف مايكتنف صورة المسلم الليبرالي من ضبابية وغموض .
مبادئ أساسية :
1ـ أبرز دعامتين أو ركيزتين أساسيتين تقوم عليهماالليبرالية هما :
الحرية والتسامح
2ـ إن الليبرالية في المملكة تختلف عنها في أي مكان آخر في العالم
ولكن ...لماذا؟ الجواب :
1ـ نحن لم ولن نلغي الدين من حياتنا .
2ـ قيم الحرية لدينا منضبطة ولها سقف محدد لانخرج فيه عن ثوابتنا الأصيلة ولانقفز على سماتنا الجوهرية.
وبذلك نصل إلى السؤال التالي :
كيف ولماذا أصبحناليبراليين ؟
الإجابة سهلة : ذلك ما فرضته علينا ظروف التطرف والتزمت الديني التي عانينا منها أجيال تلو أجيال .
فبسبب مناخ التكفير والإقصاء والانفراد بالرأي والوصاية الدينية والحجر على الأفكار ، لم يكن أمامي إلا أن أكون ليبراليا ولكن ليس بمقتضى إطلاق هذاالمصطلح ، وإنما وفقاً لضوابط وشروط كثيرة .
حيث أنني أؤمن بأن الإسلام دين شمولي عظيم يقر قيم التسامح والحرية المنضبطة التي لاتطال الأصول
ولكنها لاتضخم الفروع ولاتتوقف عند الجزئيات ...
وبناء عليه غدوت مسلماً ليبرالياً محافظاً منضبطاً أؤمن بمبادئ الإسلام ومثله العليا ، ولكنني أكره أن أتخذ وسطاء بيني وبين ربي ، وبذلك فأنا لاأعير عقلي أحداً ولاأسمح لكائن من كان أن ينصب نفسه وصياً على فكري وتوجهي ، ولاأبيح لأحد أن يفاوضني في قيمي ومبادئي التي أؤمن بها .
كما أنني لاأرفض ثقافة الآخر كلياً بل أستقي منها مايلائم طبيعتي وثوابتي ، ولدي إيمان عميق بأن الإسلام جاء ليحرر البشر من الظلم والاستعباد ، وهو بذلك يتلاقى في كل أصوله وثوابته مع القيم العالمية.
وماكان الرعيل الأول من المسلمين بضيق الأفق ومحدودية الفكر والانغلاق التي ابتلينا بها في أخرة من زماننا هذا ، ولذلك استطاعوا أن يتفاهموا ويفهموا ما يموج في محيطهم من فكر وثقافة لدى أمم أخرى (فارس والروم) واستطاعوابالفكر والفكر فقط أن يجبوا ثقافات وأن يغيروا خارطة العالم في عصرهم بفكرهم النير ومبادئهم العظيمة السامية ، وهكذا نجد الكثير من قصص الأمم الأخرى وتراثها في كتاب الله وسنة رسوله .
إذا وعلى قيم الحرية والتسامح قام الإسلام الليبرالي في عصوره الزواهر ، حتى جاء زمان وجدنا أنفسنا فيه وقد انحرفنا بديننا انحرافات خطيرة خلقت هذه الراديكالية الجديدة التي أفرزت ثقافة الرفض والتوجس من كل جديد فأصبحنا نعد كل ثقافة مغايرة تغريباً ، وكل حضارة كفراً ، ولم نكتف بذلك بل عمدنا إلى مناصبة الآخرين العداء والمجافاة حتى من بني جلدتنا الذين يختلفون معنا في بعض الأمور البسيطة التي ماكان يعدها المسلمون الأوائل ذات شأن.
ثم جاءت هذه المذهبيات الضيقة والطائفية البغيضة فكرست ثقافة الكراهية وأصلت للتكفير والانغلاق المذهبي ، وتقديس الأشخاص ، وخلطت الأولويات ، وأدخلت بعض الأعراف والعادات في الدين ، وجعلت الناس يتخبطون في عقائدهم وأفكارهم لايميزون الأصيل من الدخيل ، فضاعت النصوص والأدلة القطعية في خضم هذه الجدليات التي لبست الحق بالباطل ، وغيبت مصادر الشريعة الأولى (الكتاب والسنة) ليستبدلهاالناس بمصادر أخرى جديدة تقوم على فكر عالم المذهب وفتاواه وأهواءه الشخصية . ومن هنا اخترت أن أكون مسلماً ليبرالياً متحرراً من عبودية البشر لاأنساق لدعاوى التضليل والتطبيل والنفاق الاجتماعي وتسييس الدين والاتجار به ، مما قلب العبادة نفاقاً ومراءاة ومصالح ، حتى غدت دور العبادة نواد للخطابة وقد فقدت سكينتها وطمأنينتها وخشوعها . وسطحت الدين لتحصره في أفكار ساذجة وخزعبلات وأساطير وخرافات ماأنزل الله بها من سلطان .
هذه الفكرة العامة واضحة المعالم سهلة بديهية تضع المرء أمام خيارين :
إما أن تكون أصولياً متطرفاً تجدف ضد تيار الحضارة والمدنية وقيم التعايش السلمي ؟
وإما أن تكون مسلماً ليبرالياً معتدلاً تؤمن بعالمية الدين وشموليته وتبقى علاقتك بربك خاصة لاتتأثر بأي مؤثر خارجي ولاتريد من ورائها إلا وجه الله .
فأيهما تختار ؟وإلى أيهما تميل فطرتك السليمة أيهاالأخ الكريم ؟
وإلى أين سيقودك كل من الطريقين ؟
إذا كان أئمة المذاهب والعلماء كل قد عرف الإسلام أو فهمه بطريقة تختلف عن الآخر ، وإذا كان فهمنا للإسلام هو واحد من فهوم كثيرة ، فقد آن الأوان لنوضح للاخرين كيف نفهم الإسلام ، وهل هناك تعارض أو تناقض بين العلمانية والإسلام ، وهل يوجد مايعرف بالإسلام الليبرالي ؟ وهل يتعارض هذاالفهم مع فهوم أخرى للإسلام ؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يكفر بعضها بعضاَ ، ولماذا يسود هذاالفهم ويدحض فهم الآخرين للإسلام .
ثم أليست العبادة هي أمر خاص بالمرء ، وعلاقة تربطه بربه وخالقه ،فهل يحتاج الإنسان إلى وسطاء أو شفعاء يصلونه بربه ؟
ثم هل يحق لفئة أن تحتكر الدين وتتحدث باسمه دون غيرها ؟ وهل يصح أن ننسب هذاللإسلام ونخرج ذاك منه ؟
لقد أحدثت تلك الصحوة الحديثة المزعومة وماصاحبها من التزمت والغلو فجوات واسعة بين المسلمين وحفرت هوات واسعة سحيقة بينهم تسببت في خلق هذاالمناخ الإقصائي الهدام الذي شل حركة الفكر الإسلامي ووأدت كل جهد في سبيل النهضة و التجديد ، فقدأغلق باب الاجتهاد وأصّل هذاالتصادم بين الدين ومستجدات الحياة والحضارة المعاصرة والأدهى من ذلك أنه أغفلت جوانب هامة في الدين يأتي في مقدمتها الأخلاق والقيم الإنسانية التي لم تعد لهاالأولوية في خطابناالديني فأدلج الدين وأصبح همّ رجاله والمشتغلين به اختطافه وتوظيفه لخدمة مصالحهم الآنية وغاياتهم الأنانية الذاتية وأهدافهم القاصرة .
وبعد أن جعلواالدين يصطدم بقيم الحضارة المعاصرة والإنسانية والأخلاق وهوليس كذلك ، قام بعض أدعيائه بمحاولة إضفاء نظرتهم الشخصية القاصرة ليجعلوه يتعارض مع الوطنية والحقوق الإنسانية ، وأصبح حق المطالبة بالحقوق عصياناً وتمرداً وبدعة تجب محاربتها وبرروا بنفاقهم وازدواجيتهم وفتاواهم المضطربة المشوشة أعمالاً ماكان يعدهاالمسلمون الأوائل من الإسلام .
وبعد : فإن هذاالإنحراف الخطير بالعبادة عن مقاصدهاالعليا وأهدافهاالسامية أوقعنانحن المسلمين في معارك جانبية وشتت جهودنا ، وسهل على أعدائناالنيل منا بسبب ضعفنا في شتى مناحي الحياة ، وتردى الحال إلى ماهو عليه اليوم من انهيار أصابنا وهيأنالتقبل غزو الثقافات الوافدة ، وماذلك إلا بسبب أحادية الرأي والانغلاق المذهبي وتحويل الإسلام إلى مجموعة من الخرافات والتقاليد والمظاهر الخاوية والعصبيات المذهبية الضيقة
مما جعلنانعيش الجاهلية من جديد بعصبياتها وحميتها وبدعها وخرافاتها وأساطيرها بعودة فكر الكرامات والخوارق الذي أصاب الناس بخواء وفراغ فكري رهيب وأفق ضيق هابط شل كل ملكاتناالعقلية وانحدرنابسببه إلى مستنقعات التفاهة والسطحية وفقدان الهوية والرابطة الجامعة .
وذلك كله كان نتيجة لابتعاد الناس عن مصادر الإسلام الصحيحة الكتاب والسنة ، وتمجيدهم لعلماء المذهب وكأن رأيهم هو الإسلام يستمدون منهم أحكام دينهم وابتعدوا بذلك رويداً رويداً عن أصول الإسلام ومناهله الصحيحة.
إن هذااالتقوقع في ظل هذه المذهبيات القاصرة زرع بذور الفتنة والانقسام بين أبناء الأمة الواحدة ، وأفقدهم التمتع بلذة الدين القويم دين التسامح والرفق واليسر ، بسبب تنفير بعض أدعياء الدين المرتدين عباءته والذين لاهمّ لهم سوى الإرجاف واصطناع المشكلات وبث روح الفرقة والتشرذم بين المسلمين ، فهم بحق ضالين مضلين انصرفوا بالدين عن غاياته وحصروه في فهمهم فأبعدواالناس عنه ونفروهم منه . إنهم المنافقون حقاً الذين اشتغلوا بالدين كوظيفة دنيوية، واتخذوه وسيلة وسلمالبلوغ مآربهم وتحقيق مطامعهم، فغدت فتاواهم حسب الطلب وحسب ماتوحي به أهواؤهم العليلة وفهمهم السقيم للدين .
فهل خدم ذلك الشطط الإسلام؟أم انحرف به عن مفهومه الصحيح؟
فهمنا للإٍسلام:
ماهكذا فهم الرعيل الأول الإسلام ، وماهكذا فهمناالإسلام ؟ وإن قذفنابالعلمانية تارة والليبرالية تارة أخرى ، وإن وصمنابالكفر فمايضيرنا ذلك.
أمافهمنا للإسلام فهو يتمثل فيمايلي :
أولاً: لانقر التجربة الطالبانية بل ونعمل على أن لاتتكرر في أي زمان ومكان ، ونعمل على اجتثاث هذاالفكر الطالباني المريض بمجرد أن يطل برأسه لما عرفناه من تعارض ذلك النموذج مع الفطرة السليمة ، وأبسط الحقوق الإنسانية .
ثانياً :إن التيارات الدينية المتطرفة يؤخذعليها رفضها بل وإقصائها ومصادرتها للإبداع والفكر والبحث الأكاديمي ورفضها لكثير من مستجدات الحياة المعاصرة ، وفرضها الوصاية والحجر على الرأي وحتى على العقول والضمائر وهذا الفكر الأحادي والنزعة التحريمية التي تصبح تكفيرية أحياناً تشكل أكبر عائق في سبيل نهضة الأمة من كبوتها وتصحيح مسيرتها التنموية.
ثالثاً : إثارة التعصب المذهبي وغرس بذور الفتن الطائفية هما من أشد الأمور خطورة ويجب العمل على وأد تلك الفتنة في مهدها بالحوار والتفاهم والتعاون ونبذ الكراهية والإجبار وتأجيج الضغائن.
رابعاً: ما جرى في الجزائر وأفغانستان يجب ألا يتكرر وتلك مهمة أخرى ملقاة على عاتق الدعاة والمثقفين والمسؤولين للقيام بواجبهم في إصلاح التعليم والتوجيه الديني وإبراز جوانب الحوار والتعايش في كل ثقافة يتلقاها طالب العلم ، واتباع النهج المحمدي في وسائل الدعوة المتسم بالحلم والإغضاء والتعليم والتأديب (( فبمارحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفرلهم وشاورهم في الأمر))
وقد سجل التاريخ لنبي الأمة صلى الله عليه وسلم تفاهم وتعاون حتى مع ملك الحبشة النجاشي رغم أنه لم يصل ولم يصم ولم يهاجر إلى رسول الله قال الله تعالى(( والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا)) ويوم توفي النجاشي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم إماماً بالمسلمين كما أخرج ذلك الإمام البخاري في الصحيح .
وسجل له صلى الله عليه وسلم ود وتراحم مع نصارى نجران على نصرانيتهم ومع مقوقس مصر على قبطيته ، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي.
إن عقدة احتواء الناس بالجبر والإكراه وقضم أفكارهم وآرائهم بالقوة لم يكن أبداً في منهج النبي صلى الله عليه وسلم ، وعاش ومات وهو مكلل بشرف قول الله عزوجل((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين))
وإن علينا أن نعود جميعاً رعاة ورعية إلى تربية القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ومنهاجهما السماوي لإعداد أجيال الدعاة فنكشف عما فيهما من محبة وخير وتسامح ونور وإخاء ورحمة .
وقبل أن نسعى إلى ردم الهوة السحيقة التي تفصلنا عن الغرب من خلال مد الجسور الثقافية بيننا فإن علينا أن نبدأ بردم الفجوات الداخلية التي تفصلنا عن بعض وذلك بالعمل على إصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر مما يدعم توحيد صفوفنا ويقوي وسائل وأدوات نشر رسالتنا ، ويمنحنا المناعة ويمكننا من التصدي لحملات الغزو الفكري والتغريب .
أما الاستمرار في إثارة فتن ومعارك جانبية فإنه لايحقق لرسالتنا الانتشار ، ويحرمنا من اتخاذ أسباب القوة ، ويعطل مشاريعنا التنموية وفي مقدمتها الصحة والتعليم والاقتصاد...نحو الرخاء وتحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية ، كما وأن تلك المنازعات تشغلنا وتستهلك وقتنا وتشل من قدرتنا على التأثير وتنمي الكراهية والحقد والبغضاء في النفوس.
ويجب أن يعمل الجميع على إيجاد نقاط التقاء تجمع المتشددين والليبراليين الإسلاميين على الثوابت المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله ، مع تأكيدنا على أنه لايمكن لفكر واحد أن يسود وينفرد بالرأي العام واتجاهاته ،إذلابد من التسامح تجاه تعددية الآراء والاختلاف رحمة ، وتلك حقيقة لاينكرها إلا مكابر متعصب لرأيه وقد توصل لها الإنسان منذ أمد بعيد، فلم الإصرار على إقصاء الآخر وتهميشه والحجر على آرائه ، كما أننا يجب أن نتوقف عن إساءة الظن بالآخر ، وأن نتوسم في الناس الخير والصلاح وألا نلاحقهم ونفرض الوصاية والحجر على تفكيرهم وتصرفاتهم ونتدخل حتى في صميم حرياتهم الشخصية ، وأن لا نحول بينهم وبين اختياراتهم من خلال التشكيك والاتهام تارة والقذف بالتكفير تارة أخرى وتلك أمور لاتزيد الناس إلا نفوراً من الدين ،و ماتلك بأساليب دعوة ونصح وإرشاد.
إن علينا أن نغرس المحبة والتسامح وقبول الآخر في نفوس أطفالنا ، وأن نعمل سوياً على منح المرأة حقوقها الأساسية ، وأن نؤصل ثقافة العمل والإنتاج في نفوس شبابنا ، وأن نرسخ ثقافة الاعتدال والتسامح في كل جوانب حياتنا ونعمل من أجلها .
يجب أن نعلم أن هناك ثوابت دينية لا نحيد عنها ، وأن هناك قيماً غربية ننبذها ولانقبلها ،
ولكن أيضاً يجب أن نعترف أن هناك قيماً عالمية إنسانية نحتاجها ويجب ترسيخها وفي طليعتها الاعتدال والتسامح ونبذ الغلو والتطرف ، وتلك مطالب لكل إنسان سوي على هذه البسيطة.
علينا أن نحارب الراديكالية والتطرف وقد آن الآوان أن يعلو صوت المفكرين الإسلاميين الليبراليين (المعتدلين)للدفاع عن حرية الفكر والمطالبة بمجتمع إسلامي إنساني ولنقل العالم الإسلامي إلى العالم الحديث ، والعمل على أن يشكل المسلمون حلقة من حلقات مجتمع عصري مرتفع فوق ضجيج التطرف وعبودية الفكر الأحادي ، عالم تسوده القيم الفاضلة والأخلاق النبيلة ولايتحقق ذلك إلا بالعودة إلى جوهر الإسلام الأصيل والنهل من منابعه الصافية .
قرأت بعض المواضيع عن تعريف الليبرالية وماذا تعني واطلعت على كثير من الآراء عن سوء الليبراليه في أنظار البعض وهي بالطبع تمثل آراء كتابها فقط وسألت نفسي كثيراً من يستطيع تعريف الليبراليه بواقعية مجردة من الهوى والإنحياز فقد ينمقها كاتب معين لهدف نشرها بين الناس والتسويق لها كيفما كان وآخر يلبسها أسوأ الألبسه السوداء دون تعمق في ماهيتها وأهداف المقتنعين بها كمنهج سوي للتعايش بإيمان بها والسير على نهجها ومنهجها بدلالاتها المصوره من داعٍ لها ومحارب ضدها وعدت إلى ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن الفرقة التي وصفها بالنجاه عندما قال ( تفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة اثنتان و سبعون في النار وواحدة في الجنة وهي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم و أصحابي ) وبما أننا كمسليمن سنفترق أو قد إفترقنا إلى هذه الفرق ونسأل الله أن نكون من الناجيه ومنهجنا وديننا واحد وهو ( الإسلام ) فمن الطبيعي أن يكون لأي مذهب أو معتنق أو توجه ديني أو منهجي أياً كان أوجه عده منها ما يكون سيئاَ ومنها ما يكون جيداً من شأنه حفظ حقوق الإنسان بما حفظه القرآن وحفظته السنة النبويه وبما حفظته الأعراف المهتمه بالقيم الإنسانيه وليس بما يفسره من يفسره على هواه ومقاصده وتصنيفه للبشريه ليحكم في النهايه على الليبرالي والعلماني بأنه أقرب إلى الكفر منه إلى الإسلام كما يحلو للبعض ممن لا يعلمون عن الليبراليه إلا إسمها حاصراً فهمه لليبراليه في أسوأ تفسيرٍ لها بما يوافق رغبته أو معرفته القاصره رغم إختلاف مفاهيمها ومقاصدها بين مجتمع وآخر
وأثناء بحثي لأفضل تعريف لليبراليه وجدت ما جاء أدناه تحت عنوان ( مبادئ الليبرالية الإسلاميه ) وقد آثرت أن يكون الموضوع متاح للقراء للتمعن في التعريف والقيم التي إحتواها هذا الموضوع فقد وجدت فيه الدعوه إلى أسمى ما جاء في القرآن الكريم ( الحرية والتسامح وعدم الوصايه )
فما أجمل الليبراليه الإسلاميه إن كانت هذه مبادئها ...
عزيزي الكريم لا يهمني ردك بقدر ما يهمني فهمك لهذا التعريف الواقعي لمقاصد الليبرالية الإسلاميه قبل الرد أو المشاركه بالرأي ،،،
مباديء الليبرالية الإسلامية
هذه دعوة صريحة إلى العودة بالإسلام إلى الأصول واعتناق قيمه الأصيلة وتنكب طريق التطرف والغلو.
ولنرسم للقارئ ولأجيالنا عامة معالم الطريق والنهج القويم ونكشف مايكتنف صورة المسلم الليبرالي من ضبابية وغموض .
مبادئ أساسية :
1ـ أبرز دعامتين أو ركيزتين أساسيتين تقوم عليهماالليبرالية هما :
الحرية والتسامح
2ـ إن الليبرالية في المملكة تختلف عنها في أي مكان آخر في العالم
ولكن ...لماذا؟ الجواب :
1ـ نحن لم ولن نلغي الدين من حياتنا .
2ـ قيم الحرية لدينا منضبطة ولها سقف محدد لانخرج فيه عن ثوابتنا الأصيلة ولانقفز على سماتنا الجوهرية.
وبذلك نصل إلى السؤال التالي :
كيف ولماذا أصبحناليبراليين ؟
الإجابة سهلة : ذلك ما فرضته علينا ظروف التطرف والتزمت الديني التي عانينا منها أجيال تلو أجيال .
فبسبب مناخ التكفير والإقصاء والانفراد بالرأي والوصاية الدينية والحجر على الأفكار ، لم يكن أمامي إلا أن أكون ليبراليا ولكن ليس بمقتضى إطلاق هذاالمصطلح ، وإنما وفقاً لضوابط وشروط كثيرة .
حيث أنني أؤمن بأن الإسلام دين شمولي عظيم يقر قيم التسامح والحرية المنضبطة التي لاتطال الأصول
ولكنها لاتضخم الفروع ولاتتوقف عند الجزئيات ...
وبناء عليه غدوت مسلماً ليبرالياً محافظاً منضبطاً أؤمن بمبادئ الإسلام ومثله العليا ، ولكنني أكره أن أتخذ وسطاء بيني وبين ربي ، وبذلك فأنا لاأعير عقلي أحداً ولاأسمح لكائن من كان أن ينصب نفسه وصياً على فكري وتوجهي ، ولاأبيح لأحد أن يفاوضني في قيمي ومبادئي التي أؤمن بها .
كما أنني لاأرفض ثقافة الآخر كلياً بل أستقي منها مايلائم طبيعتي وثوابتي ، ولدي إيمان عميق بأن الإسلام جاء ليحرر البشر من الظلم والاستعباد ، وهو بذلك يتلاقى في كل أصوله وثوابته مع القيم العالمية.
وماكان الرعيل الأول من المسلمين بضيق الأفق ومحدودية الفكر والانغلاق التي ابتلينا بها في أخرة من زماننا هذا ، ولذلك استطاعوا أن يتفاهموا ويفهموا ما يموج في محيطهم من فكر وثقافة لدى أمم أخرى (فارس والروم) واستطاعوابالفكر والفكر فقط أن يجبوا ثقافات وأن يغيروا خارطة العالم في عصرهم بفكرهم النير ومبادئهم العظيمة السامية ، وهكذا نجد الكثير من قصص الأمم الأخرى وتراثها في كتاب الله وسنة رسوله .
إذا وعلى قيم الحرية والتسامح قام الإسلام الليبرالي في عصوره الزواهر ، حتى جاء زمان وجدنا أنفسنا فيه وقد انحرفنا بديننا انحرافات خطيرة خلقت هذه الراديكالية الجديدة التي أفرزت ثقافة الرفض والتوجس من كل جديد فأصبحنا نعد كل ثقافة مغايرة تغريباً ، وكل حضارة كفراً ، ولم نكتف بذلك بل عمدنا إلى مناصبة الآخرين العداء والمجافاة حتى من بني جلدتنا الذين يختلفون معنا في بعض الأمور البسيطة التي ماكان يعدها المسلمون الأوائل ذات شأن.
ثم جاءت هذه المذهبيات الضيقة والطائفية البغيضة فكرست ثقافة الكراهية وأصلت للتكفير والانغلاق المذهبي ، وتقديس الأشخاص ، وخلطت الأولويات ، وأدخلت بعض الأعراف والعادات في الدين ، وجعلت الناس يتخبطون في عقائدهم وأفكارهم لايميزون الأصيل من الدخيل ، فضاعت النصوص والأدلة القطعية في خضم هذه الجدليات التي لبست الحق بالباطل ، وغيبت مصادر الشريعة الأولى (الكتاب والسنة) ليستبدلهاالناس بمصادر أخرى جديدة تقوم على فكر عالم المذهب وفتاواه وأهواءه الشخصية . ومن هنا اخترت أن أكون مسلماً ليبرالياً متحرراً من عبودية البشر لاأنساق لدعاوى التضليل والتطبيل والنفاق الاجتماعي وتسييس الدين والاتجار به ، مما قلب العبادة نفاقاً ومراءاة ومصالح ، حتى غدت دور العبادة نواد للخطابة وقد فقدت سكينتها وطمأنينتها وخشوعها . وسطحت الدين لتحصره في أفكار ساذجة وخزعبلات وأساطير وخرافات ماأنزل الله بها من سلطان .
هذه الفكرة العامة واضحة المعالم سهلة بديهية تضع المرء أمام خيارين :
إما أن تكون أصولياً متطرفاً تجدف ضد تيار الحضارة والمدنية وقيم التعايش السلمي ؟
وإما أن تكون مسلماً ليبرالياً معتدلاً تؤمن بعالمية الدين وشموليته وتبقى علاقتك بربك خاصة لاتتأثر بأي مؤثر خارجي ولاتريد من ورائها إلا وجه الله .
فأيهما تختار ؟وإلى أيهما تميل فطرتك السليمة أيهاالأخ الكريم ؟
وإلى أين سيقودك كل من الطريقين ؟
إذا كان أئمة المذاهب والعلماء كل قد عرف الإسلام أو فهمه بطريقة تختلف عن الآخر ، وإذا كان فهمنا للإسلام هو واحد من فهوم كثيرة ، فقد آن الأوان لنوضح للاخرين كيف نفهم الإسلام ، وهل هناك تعارض أو تناقض بين العلمانية والإسلام ، وهل يوجد مايعرف بالإسلام الليبرالي ؟ وهل يتعارض هذاالفهم مع فهوم أخرى للإسلام ؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يكفر بعضها بعضاَ ، ولماذا يسود هذاالفهم ويدحض فهم الآخرين للإسلام .
ثم أليست العبادة هي أمر خاص بالمرء ، وعلاقة تربطه بربه وخالقه ،فهل يحتاج الإنسان إلى وسطاء أو شفعاء يصلونه بربه ؟
ثم هل يحق لفئة أن تحتكر الدين وتتحدث باسمه دون غيرها ؟ وهل يصح أن ننسب هذاللإسلام ونخرج ذاك منه ؟
لقد أحدثت تلك الصحوة الحديثة المزعومة وماصاحبها من التزمت والغلو فجوات واسعة بين المسلمين وحفرت هوات واسعة سحيقة بينهم تسببت في خلق هذاالمناخ الإقصائي الهدام الذي شل حركة الفكر الإسلامي ووأدت كل جهد في سبيل النهضة و التجديد ، فقدأغلق باب الاجتهاد وأصّل هذاالتصادم بين الدين ومستجدات الحياة والحضارة المعاصرة والأدهى من ذلك أنه أغفلت جوانب هامة في الدين يأتي في مقدمتها الأخلاق والقيم الإنسانية التي لم تعد لهاالأولوية في خطابناالديني فأدلج الدين وأصبح همّ رجاله والمشتغلين به اختطافه وتوظيفه لخدمة مصالحهم الآنية وغاياتهم الأنانية الذاتية وأهدافهم القاصرة .
وبعد أن جعلواالدين يصطدم بقيم الحضارة المعاصرة والإنسانية والأخلاق وهوليس كذلك ، قام بعض أدعيائه بمحاولة إضفاء نظرتهم الشخصية القاصرة ليجعلوه يتعارض مع الوطنية والحقوق الإنسانية ، وأصبح حق المطالبة بالحقوق عصياناً وتمرداً وبدعة تجب محاربتها وبرروا بنفاقهم وازدواجيتهم وفتاواهم المضطربة المشوشة أعمالاً ماكان يعدهاالمسلمون الأوائل من الإسلام .
وبعد : فإن هذاالإنحراف الخطير بالعبادة عن مقاصدهاالعليا وأهدافهاالسامية أوقعنانحن المسلمين في معارك جانبية وشتت جهودنا ، وسهل على أعدائناالنيل منا بسبب ضعفنا في شتى مناحي الحياة ، وتردى الحال إلى ماهو عليه اليوم من انهيار أصابنا وهيأنالتقبل غزو الثقافات الوافدة ، وماذلك إلا بسبب أحادية الرأي والانغلاق المذهبي وتحويل الإسلام إلى مجموعة من الخرافات والتقاليد والمظاهر الخاوية والعصبيات المذهبية الضيقة
مما جعلنانعيش الجاهلية من جديد بعصبياتها وحميتها وبدعها وخرافاتها وأساطيرها بعودة فكر الكرامات والخوارق الذي أصاب الناس بخواء وفراغ فكري رهيب وأفق ضيق هابط شل كل ملكاتناالعقلية وانحدرنابسببه إلى مستنقعات التفاهة والسطحية وفقدان الهوية والرابطة الجامعة .
وذلك كله كان نتيجة لابتعاد الناس عن مصادر الإسلام الصحيحة الكتاب والسنة ، وتمجيدهم لعلماء المذهب وكأن رأيهم هو الإسلام يستمدون منهم أحكام دينهم وابتعدوا بذلك رويداً رويداً عن أصول الإسلام ومناهله الصحيحة.
إن هذااالتقوقع في ظل هذه المذهبيات القاصرة زرع بذور الفتنة والانقسام بين أبناء الأمة الواحدة ، وأفقدهم التمتع بلذة الدين القويم دين التسامح والرفق واليسر ، بسبب تنفير بعض أدعياء الدين المرتدين عباءته والذين لاهمّ لهم سوى الإرجاف واصطناع المشكلات وبث روح الفرقة والتشرذم بين المسلمين ، فهم بحق ضالين مضلين انصرفوا بالدين عن غاياته وحصروه في فهمهم فأبعدواالناس عنه ونفروهم منه . إنهم المنافقون حقاً الذين اشتغلوا بالدين كوظيفة دنيوية، واتخذوه وسيلة وسلمالبلوغ مآربهم وتحقيق مطامعهم، فغدت فتاواهم حسب الطلب وحسب ماتوحي به أهواؤهم العليلة وفهمهم السقيم للدين .
فهل خدم ذلك الشطط الإسلام؟أم انحرف به عن مفهومه الصحيح؟
فهمنا للإٍسلام:
ماهكذا فهم الرعيل الأول الإسلام ، وماهكذا فهمناالإسلام ؟ وإن قذفنابالعلمانية تارة والليبرالية تارة أخرى ، وإن وصمنابالكفر فمايضيرنا ذلك.
أمافهمنا للإسلام فهو يتمثل فيمايلي :
أولاً: لانقر التجربة الطالبانية بل ونعمل على أن لاتتكرر في أي زمان ومكان ، ونعمل على اجتثاث هذاالفكر الطالباني المريض بمجرد أن يطل برأسه لما عرفناه من تعارض ذلك النموذج مع الفطرة السليمة ، وأبسط الحقوق الإنسانية .
ثانياً :إن التيارات الدينية المتطرفة يؤخذعليها رفضها بل وإقصائها ومصادرتها للإبداع والفكر والبحث الأكاديمي ورفضها لكثير من مستجدات الحياة المعاصرة ، وفرضها الوصاية والحجر على الرأي وحتى على العقول والضمائر وهذا الفكر الأحادي والنزعة التحريمية التي تصبح تكفيرية أحياناً تشكل أكبر عائق في سبيل نهضة الأمة من كبوتها وتصحيح مسيرتها التنموية.
ثالثاً : إثارة التعصب المذهبي وغرس بذور الفتن الطائفية هما من أشد الأمور خطورة ويجب العمل على وأد تلك الفتنة في مهدها بالحوار والتفاهم والتعاون ونبذ الكراهية والإجبار وتأجيج الضغائن.
رابعاً: ما جرى في الجزائر وأفغانستان يجب ألا يتكرر وتلك مهمة أخرى ملقاة على عاتق الدعاة والمثقفين والمسؤولين للقيام بواجبهم في إصلاح التعليم والتوجيه الديني وإبراز جوانب الحوار والتعايش في كل ثقافة يتلقاها طالب العلم ، واتباع النهج المحمدي في وسائل الدعوة المتسم بالحلم والإغضاء والتعليم والتأديب (( فبمارحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفرلهم وشاورهم في الأمر))
وقد سجل التاريخ لنبي الأمة صلى الله عليه وسلم تفاهم وتعاون حتى مع ملك الحبشة النجاشي رغم أنه لم يصل ولم يصم ولم يهاجر إلى رسول الله قال الله تعالى(( والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا)) ويوم توفي النجاشي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم إماماً بالمسلمين كما أخرج ذلك الإمام البخاري في الصحيح .
وسجل له صلى الله عليه وسلم ود وتراحم مع نصارى نجران على نصرانيتهم ومع مقوقس مصر على قبطيته ، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي.
إن عقدة احتواء الناس بالجبر والإكراه وقضم أفكارهم وآرائهم بالقوة لم يكن أبداً في منهج النبي صلى الله عليه وسلم ، وعاش ومات وهو مكلل بشرف قول الله عزوجل((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين))
وإن علينا أن نعود جميعاً رعاة ورعية إلى تربية القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ومنهاجهما السماوي لإعداد أجيال الدعاة فنكشف عما فيهما من محبة وخير وتسامح ونور وإخاء ورحمة .
وقبل أن نسعى إلى ردم الهوة السحيقة التي تفصلنا عن الغرب من خلال مد الجسور الثقافية بيننا فإن علينا أن نبدأ بردم الفجوات الداخلية التي تفصلنا عن بعض وذلك بالعمل على إصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر مما يدعم توحيد صفوفنا ويقوي وسائل وأدوات نشر رسالتنا ، ويمنحنا المناعة ويمكننا من التصدي لحملات الغزو الفكري والتغريب .
أما الاستمرار في إثارة فتن ومعارك جانبية فإنه لايحقق لرسالتنا الانتشار ، ويحرمنا من اتخاذ أسباب القوة ، ويعطل مشاريعنا التنموية وفي مقدمتها الصحة والتعليم والاقتصاد...نحو الرخاء وتحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية ، كما وأن تلك المنازعات تشغلنا وتستهلك وقتنا وتشل من قدرتنا على التأثير وتنمي الكراهية والحقد والبغضاء في النفوس.
ويجب أن يعمل الجميع على إيجاد نقاط التقاء تجمع المتشددين والليبراليين الإسلاميين على الثوابت المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله ، مع تأكيدنا على أنه لايمكن لفكر واحد أن يسود وينفرد بالرأي العام واتجاهاته ،إذلابد من التسامح تجاه تعددية الآراء والاختلاف رحمة ، وتلك حقيقة لاينكرها إلا مكابر متعصب لرأيه وقد توصل لها الإنسان منذ أمد بعيد، فلم الإصرار على إقصاء الآخر وتهميشه والحجر على آرائه ، كما أننا يجب أن نتوقف عن إساءة الظن بالآخر ، وأن نتوسم في الناس الخير والصلاح وألا نلاحقهم ونفرض الوصاية والحجر على تفكيرهم وتصرفاتهم ونتدخل حتى في صميم حرياتهم الشخصية ، وأن لا نحول بينهم وبين اختياراتهم من خلال التشكيك والاتهام تارة والقذف بالتكفير تارة أخرى وتلك أمور لاتزيد الناس إلا نفوراً من الدين ،و ماتلك بأساليب دعوة ونصح وإرشاد.
إن علينا أن نغرس المحبة والتسامح وقبول الآخر في نفوس أطفالنا ، وأن نعمل سوياً على منح المرأة حقوقها الأساسية ، وأن نؤصل ثقافة العمل والإنتاج في نفوس شبابنا ، وأن نرسخ ثقافة الاعتدال والتسامح في كل جوانب حياتنا ونعمل من أجلها .
يجب أن نعلم أن هناك ثوابت دينية لا نحيد عنها ، وأن هناك قيماً غربية ننبذها ولانقبلها ،
ولكن أيضاً يجب أن نعترف أن هناك قيماً عالمية إنسانية نحتاجها ويجب ترسيخها وفي طليعتها الاعتدال والتسامح ونبذ الغلو والتطرف ، وتلك مطالب لكل إنسان سوي على هذه البسيطة.
علينا أن نحارب الراديكالية والتطرف وقد آن الآوان أن يعلو صوت المفكرين الإسلاميين الليبراليين (المعتدلين)للدفاع عن حرية الفكر والمطالبة بمجتمع إسلامي إنساني ولنقل العالم الإسلامي إلى العالم الحديث ، والعمل على أن يشكل المسلمون حلقة من حلقات مجتمع عصري مرتفع فوق ضجيج التطرف وعبودية الفكر الأحادي ، عالم تسوده القيم الفاضلة والأخلاق النبيلة ولايتحقق ذلك إلا بالعودة إلى جوهر الإسلام الأصيل والنهل من منابعه الصافية .