مشاهدة النسخة كاملة : كوكبة الأبطال
مخاوي الذيب
03-03-2012, 01:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني منسوبي ديوانية القاريه ولحيفه عندي إقتراح أمل أن يحوز على رضاكم وهو إن يتم إنزال سيره من سير الأبطال المسلمين الفاتحين والبارعين في أي مجال تحت هذا العنوان {كوكبة الأبطال} حتى نستلهم من خلال سيرتهم المباركه ونصرتهم للإسلام والمسلمين الهمه العاليه . ونتذكر من خلالها أمجادنا وتاريخنا المجيد . وسوف أبدا بسيرة الصحابي الجليل عمر أبن العاص رضي الله عنه وأرضاه والموضوع والعنوان عام للجميع ولكن يجب مراعاة أن تأخذ الشخصيه حقها من المطالعه والمداخلات حتى تعم الفائده .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشخصيه الأولى هو فاتح مصر رضي الله عنه
عمرو بن العاص
إنه الصحابي الجليل عمرو بن العاص بن وائل السهمي -رضي الله عنه- أحد فرسان قريش وأبطالها، أذكى رجال العرب، وأشدهم دهاءً وحيلة، أسلم قبل فتح مكة، وكان سبب إسلامه أنه كان كثير التردد على الحبشة، وكان صديقًا لملكها النجاشي، فقال له النجاشي ذات مرة: يا عمرو، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك؟ فوالله إنه لرسول الله حقًا. قال عمرو: أنت تقول ذلك؟ قال: أي والله، فأطعني. [ابن هشام وأحمد]. فخرج عمرو من الحبشة قاصدًا المدينة، وكان ذلك في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة، فقابله في الطريق خالد بن الوليد
وعثمان بن طلحة، وكانا في طريقهما إلى النبي ( فساروا جميعًا إلى المدينة، وأسلموا بين يدي رسول الله (، وبايعوه.
أرسل إليه الرسول ( يومًا فقال له: (خذ عليك ثيابك، وسلاحك، ثم ائتني)، فجاءه، فقال له رسول الله (: (أني أريد أن أبعثك على جيش، فيسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك رغبة صالحة من المال). فقال: يا رسول الله، ما أسلمتُ من أجل المال، ولكنى أسلمتُ رغبة في الإسلام، ولأن أكون مع رسول الله (. فقال (:
(نعم المال الصالح للرجل الصالح) [أحمد].
وكان عمرو بن العاص مجاهدًا شجاعًا يحب الله ورسوله، ويعمل على رفع لواء الإسلام ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، وكان رسول الله ( يعرف لعمرو شجاعته وقدرته الحربية، فكان يوليه قيادة بعض الجيوش والسرايا، وكان يحبه ويقربه، ويقول عنه: (عمرو بن العاص من صالحي قريش، نعم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبد الله، وعبد الله) [أحمد]. وقال (: (ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام) [أحمد والحاكم].
وقد وجه رسول الله ( سرية إلى ذات السلاسل في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة، وجعل أميرها عمرو بن العاص رضي الله عنه، وقد جعل النبي ( عمرو بن العاص واليًا على عُمان، فظل أميرًا عليها حتى توفي النبي ( . وقد شارك عمرو بن العاص في حروب الردة وأبلى فيها بلاءً حسنًا.
وفي عهد الفاروق عمر -رضي الله عنه- تولى عمرو بن العاص إمارة فلسطين، وكان عمر يحبه ويعرف له قدره وذكاءه، فكان يقول عنه: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرًا. [ابن عساكر]، وكان عمر إذا رأى رجلاً قليل العقل أو بطيء الفهم يقول: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.
وكان عمرو يتمنى أن يفتح الله على يديه مصر، فظل يحدث عمر بن الخطاب عنها، حتى أقنعه، فأمَّره الفاروق قائدًا على جيش المسلمين لفتح مصر وتحريرها من أيدي الروم، فسار عمرو بالجيش واستطاع بعد كفاح طويل أن يفتحها، ويحرر أهلها من ظلم الرومان وطغيانهم، ويدعوهم إلى دين الله عز وجل، فيدخل المصريون في دين الله أفواجًا.
وأصبح عمرو بن العاص واليًا على مصر بعد فتحها، فأنشأ مدينة الفسطاط، وبنى المسجد الجامع الذي يعرف حتى الآن باسم جامع عمرو، وكان شعب مصر يحبه حبًا شديدًا، وينعم في ظله بالعدل والحرية ورغد العيش، وكان عمرو يحب المصريين ويعرف لهم قدرهم، وظل عمرو بن العاص واليًا على مصر حتى عزله عنها عثمان ابن عفان -رضي الله عنه-، ثم توفي عثمان، وجاءت الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما-، فوقف عمرو بن العاص بجانب معاوية، حتى صارت الخلافة إليه.
فعاد عمرو إلى مصر مرة ثانية، وظل أميرًا عليها حتى حضرته الوفاة، ومرض مرض الموت، فدخل عليه ابنه عبد الله -رضي الله عنه-، فوجده يبكي، فقال له: يا أبتاه! أما بشرك رسول الله ( بكذا؟ أما بشرك رسول الله ( بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: أني كنت على أطباق ثلاث (أحوال ثلاث)، لقد رأيتني وما أحد أشد بغضًا لرسول الله ( مني، ولا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار.
فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي ( فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال فقبضت يدي، فقال: (مالك يا عمرو؟) قال: قلت: أردت أن أشترط: قال: (تشترط بماذا؟) قلت: أن يغفر لي، قال: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟)، وما كان أحد أحب إلى من رسول الله ( ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأنني لم أكن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة.
ثم ولينا أشياء ما أدرى ما حالي فيها، فإذا أنا مت، فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا على التراب شنًّا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور (الوقت الذي تذبح فيه ناقة)، ويقسم لحمها؛ حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي) [مسلم].
وتوفي عمرو -رضي الله عنه- سنة (43 هـ)، وقد تجاوز عمره (90) عامًا، وقد روى عمرو عن النبي ( (39) حديثًا.
همس الغروب
03-03-2012, 04:25 AM
رضي الله عنه وارضااه وكان داهيه
من قصص دهاء عمرو بن العاص رضي الله عنه
وصل عمرو بن العاص إلى الرملة في بلاد الشام وجد عندها جمعآ من الروم عليهم
الأرطبون (والمقصود بالأرطبون عندهم الداهيه اوالرجل المُفرض في الذكاء)
وكان أدهى الروم وأبعدها غورآ وأنكاها فعلآ ،
فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بالخبر ،
فلما جاءه كتاب عمرو بن العاص
قال أمير المؤمنين:
قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب فانظروا عما تنفرج.
وكانت الروم في حصن منيع وجيش المسلمين محيط بهم
فبعث عمرو بن العاص الرسل إلى الأرطبون ولكن لم تأتي بشي يشفيه
فتولى عمرو بن العاص الأمر بنفسه
فدخل على الأرطبون كأنه رسول من عمرو بن العاص فأبلغه مايريد
وسمع كلامه وتأمل حصونه حتى عرف ماأراد،
وقال الأرطبون في نفسه وكان داهيةً : والله إن هذا لعمرو بن العاص
أو إنه الذي يأخذ عمرو برأيه،
وما كنت لأصيب القوم بأمر هو أعظم من قتله،
((لأنه أعجب بعمرو بن العاص كثيرآ))
فدعا أحد الحراس فخالاه وقال إذهب في مكان كذا وكذا فإذا مر بك فاقتله.
ففطن عمرو بن العاص ،
فقال للأرطبون: أيها الأمير ، إني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي
وإني واحد من عشرة بعثنا عمر بن الخطاب لنكون مع هذا الوالي لنشهد أموره
وقد أحببت أن آتيك بهم ليسمعوا كلامك ويروا مارأيت.
فقال الأرطبون : نعم ، فاذهب فأتني بهم
((طمع في أن يقتل العشرة))ودعا الأرطبون
رجلا فخالاه وقال أذهب إلى فلان وقل له لا تقتله
فقام عمرو بن العاص فذهب إلى جيشه
ثم تحقق الأرطب أن الرسول الذي كان عنده هو عمرو بن العاص
فقال : خدعني الرجل هذا والله أدهى العرب
وبلغت عمر بن الخطاب هذه القصة فقال:
لله در عمرو بن العاص
00000
اخي مخاوي الذيب الله يجزاك الجنه موضوع رائع جدااا
الزير سالم
03-03-2012, 07:52 PM
جزاكم الله خير والله لم اقراء قبل ذلك هذه السيره العطره
الطاروق
05-03-2012, 03:07 AM
وكانت في حياتك لي عظاتٌ ......... وأنت اليوم أوعظ منك حيا
هذه السّير التي تستحق منا وقفات ...
وشتان بين اولئك الابطال وبين كثير من شبيحة زمننا الراهن ...
ومنهم بشار الذي لم يستطع استرداد الجولان ولكن وبكل وحشية استطاع ان يقتل ابناء جلدته ابشع قتلة ...
اليورو
05-03-2012, 11:12 AM
موضوع رااااااااااائع جدا
اليورو
05-03-2012, 11:19 AM
مجزأة بن ثور السدوسي
هاهم أولاء الأبطال من جند الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)ينفضون عنهم غبار القادسية جذلين فرحين بما آتاهم الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)من نصر...
مغتبطين بما كتب لإخوانهم الشهداء من أجر...
متشوقين إلى معركة أخرى تكون أختاً للقادسية في روعتها و جلالها...
متربصين أن يأتيهم أمر خليفة رسول الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)عمر بن الخطاب بمواصلة الجهاد لاجتثاث العرش الكسروي من جذوره.
لم يطل تشوق الغر الميامين وتشوفهم كثيراً.
فها هو ذا رسول الفاروق يقدم من المدينة إلى الكوفة , و معه أمر من الخليفة لواليها أبي موسى الأشعري بالمضي بعسكره والالتقاء مع جند المسلمين القادمين من البصرة, والإنطلاق معا إلى
الأهواز لتتبع الهرمزان والقضاء عليه وتحرير مدينة تستر درة التاج الكسروي, و لؤلؤة بلاد فارس.
وقد جاء في الأمر الذي وجهه الخليفة لأبي موسى أن يصطحب معه الفارس الباسل "مجزأة بن ثور السدوسي" سيد بني بكر وأميرهم المطاع.
صدع أبو موسى الأشعري بأمر خليفة المسلمين, فعبأ جيشه, وجعل على ميسرته "مجزأة بن ثور السدوسي", وانضم إلى جيوش المسلمين القادمة من البصرة, و مضوا معاً غزاة في سبيل
الله.
فما زالوا يحررون المدن, ويطهرون المعاقل, و الهرمزان يفر من أمامهم من مكان إلى آخر حتى بلغ مدينة "تستر", و احتمى بحماها.
كانت "تستر" التي انحاز إليها "الهرمزان" من أجمل مدن الفرس جمالاً, وأبهاها طبيعة, و أقواها تحصيناً.
وهي إلى ذلك مدينة عريقة ضاربة في أغوار التاريخ, مبنية على مرتفع من الأرض على شكل فرس, يسقيها نهر كبير يدعى بنهر "دجيل".
و فوقها أحواض و نوافير بناها الملك "سابور", ليرفع إليها ماء النهر من خلال أنفاق حفرها تحت الأرض.
و أحواض تستر و أنفاقها هي من عجائب البناء, شيدت بالحجارة الضخمة المحكمة, و دعِّمت بأعمدة الحديد الصلبة, و بلطت هي و أنفاقها بالرصاص.
وحول "تستر" سور كبير عال يحيط بها إحاطة السوار بالمعصم, قال المؤرخون عنه:
إنه أول و أعظم سور بني على ظهر الأرض.
ثم حفر "الهرمزان" حول السور خندقاً عظيماً يتعذر اجتيازه, و حشد وراءه خيرة جنود فارس.
عسكرت جيوش المسلمين حول خندق "تستر" و ظلت ثمانية عشر شهراً لا تستطيع إجتيازه.
وخاضت مع جيوس "الفرس" خلال تلك المدة الطويلة ثمانين معركة.
وكانت كل معركة من هذه المعارك تبدأ بالمبارزة بين فرسان الفريقين, ثم تتحول إلى حرب ضارية ضروس.
وقد أبلى مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور في هذه المبارزات بلاءً أذهل العقول, و أدهش الأعداء و الأصدقاء في وقت معاً.
فقد تمكن من قتل مائة من شجعان العدو مبارزة, فأصبح اسمه يثير الرعب في صفوف الفرس, و يبعث النخوة والعزة في صدور المسلمين.
وعند ذلك عرف الذين لم يكونوا قد عرفوه من قبل لم حرص أمير المؤمنين على أن يكون هذا البطل الباسل في عداد الجيش الغازي.
وفي آخر معركة من تلك المعارك الثمانين حمل المسلمون على عدوهم حملة باسلة صادقة فأخلى الفرس لهم الجسور المنصوبة فوق الخندق, ولاذوا بالمدينة, و أغلقوا عليهم أبواب حصنها
المنيع.
انتقل المسلمون بعد هذا الصبر الطويل من حال سيئة إلي أخرى أشد سوءًا, فقد أخذ الفرس يمطرونهم من أعالي الأبراج بسهامهم الصائبة...
وجعلوا يدلون من فوق الأسوار سلاسل من الحديد, في نهاية كل سلسلة كلاليب متوهجة من شدة ما حميت بالنار.
فإذا رام أحد جنود المسلمين تسلق السور أو الإقتراب منه, أنشبوها فيه و جذبوه إليهم, فيحترق جسده, و يتساقط لحمه , و يقضى عليه.
اشتد الكرب على المسلمين, و أخذوا يسألون الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بقلوب ضارعة خاشعة أن يفرج عنهم, و ينصرهم على عدوه و عدوهم.
و بينما كان أبو موسى الأشعري يتأمل سور "تستر" العظيم, يائساً من اقتحامه, سقط أمامه سهم قُذِفَ نحوه من فوق السور, فنظر فيه فإذا فيه رسالة تقول: لقد وثقت بكم معشر المسلمين, و
إني أستأمنكم على نفسي ومالي و أهلي و من تبعني, ولكم علي أن أدلكم على منفذ تنفذون منه إلى المدينة.
فكتب أبو موسى أماناً لصاحب السهم, وقذفه إليه بالسهم.
فاستوثق الرجل من أمان المسلمين لما عرف عنها من الصدق بالوعد والوفاء بالعهد, وتسلل إليهم تحت جناح الظلام, و أفضى لأبي موسى بحقيقة أمره فقال:
نحن من سادات القوم, و قد قتل "الهرمزان" أخي الأكبر, و تعدى على ماله و أهله, و أضمر لي الشر في صدره حتى ما عدت آمنه على نفسي و أولادي...
فآثرت عدلكم على ظلمه, ووفاءكم على غدره, وعزمت على أن أدلكم على منفذ خفي تنفذون منه إلى "تستر"...
فأعطني إنساناً يتحلى بالجرأة والعقل, ويكون ممن يتقنون السباحة حتى أرشده إلى الطريق.
استدعى أيو موسى الأشعري مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور السدوسي, و أسر إليه بالأمر و قال:
أعنَّي برجل من قومك له عقل و حزم, وقدرة على السباحة.
فقال مجزأة: اجعلني ذلك الرجل أيها الأمير.
فقال له أبو موسى : إذا كنت قد شئت, فعلى بركة الله.
ثم أوصاه أن يحفظ الطريق, و أن يعرف موضع الباب, و أن يحدد مكان "الهرمزان", و أن يتثبت من شخصه, و ألا يحدث أمراً غير ذلك.
مضى مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور تحت جنح الظلام مع دليله الفارسي, فأدخله في نفق تحت الأرض يصل بين النهر والمدينة.
فكان النفق يتسع تارة حتى يتمكن من الخوض في مائه وهو ماشٍ على قدميه, ويضيق تارة أخرى حتى يحمله على السباحة حملا.
وكان يتشعب و يتعرج مرة, و يستقيم مرة ثانية...
وهكذا حتى بلغ به المنفذ الذي ينفذ منه إلى المدينة, و أراه "الهرمزان" قاتل أخيه, و المكان الذي يتحصن فيه.
فلما رأى مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)"الهرمزان", همَّ بأن يرديه بسهم في نحره, لكنه مالبث أن تذكر وصية أبي موسى له بألا يحدث أمرا, فكبح جماح هذه الرغبة في نفسه و عاد من حيث جاء قبل بزوغ الفجر.
أعد أبو موسى ثلاثمائة من أشجع جند المسلمين قلباً, و أشدهم جلدا و صبراً, و أقدرهم على العوم و أمَّر عليهم مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور وودَّعهم و أوصاهم... وجعل التكبير علامة على دعوة جند
المسلمين لاقتحام المدينة.
أمر مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)رجاله أن يتخففوا من ملابسهم ما استطاعوا حتى لا تحمل من الماء ما يثقلهم.
وحذرهم من أن يأخذوا معهم غير سيوفهم... و أوصاهم أن يشدوها على أجسادهم تحت الثياب...
و مضى بهم في آخر الثلث الأول من الليل.
ظل مجزأه بن ثور وجنده البواسل نحوا من ساعتين يصارعون عقبات هذا النفق الخطير, فيصرعونها تارة و تصرعهم تارة أخرى.
ولما بلغوا المنفذ المؤدي إلى المدينة وجد مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)أن النفق قد ابتلع مائتين وعشرين رجلاً من رجاله , و أبقى له ثمانين...
وما أن وطئت أقدام مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)و صحبه أرض المدينة حتى جردوا سيوفهم, و انقضوا على حماة الحصن , فأغمدوها في صدورهم.
ثم وثبوا إلى الأبواب و فتحوها و هم يكبرون.
فتلاقى تكبيرهم من الداخل مع تكبير أخوانهم من الخارج...
و تدفق المسلمون على المدينة عند الفجر...
و دارت بينهم و بين أعداء الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)رحى معركة ضروس قلما شهد تاريخ الحروب مثلها هولاً و رهبةً و كثرة في القتلى.
و فيما كانت المعركة قائمة على قدم و ساق أبصر مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور "الهرمزان" في ساحها, فاتجه نحوه, و ساوره بالسيف, فما لبث أن ابتلعه موج المتقاتلين و أخفاه عن ناظريه... ثم إنه بدا له مرة
أخرى فاندفع نحوه و حمل عليه...
وتصاول مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)و الهرمزان بسيفيهما فضرب كل منهما صاحبه ضربة قاضية, فارتد سيف مجزأة, و أصاب سيف الهرمزان...
فخر البطل الكميُّ الباسل صريعا على أرض المعركة, و عينه قريرة بما حقق الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)على يديه.
وواصل جند المسلمين القتال, حتى كتب الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)لهم النصر, ووقع الهرمزان في أيديهم أسيراً.
انطلق المبشرون إلى المدينة المنورة يزفون إلى الفاروق بشائر الفتح.
و يسوقون أمامهم الهرمزان وعلى كتفيه حلته الموشاة بخيوط الذهب ليراه الخليفة.
و كان المبشرون يحملون مع ذلك تعزية حارة للخليفة بفارسه الباسل مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور.
عبدالهادي الشهراني
05-03-2012, 06:49 PM
اخي الحبيب مخاوي الذيب
لقد اعجبني موضوعك الجميل الذي افردته للاطلاع على سير كوكبة من الابطال وجميل ان بدأت بسيرة الصحابي الجليل عمرو ابن العاص رضي الله عنه وارضاه وهو من دهاة العرب كما سطر التاريخ ومن افضل القادة الحربيين على مرّ التاريخ وكان رضي الله عنه يتمتع بفكر عسكري عميق في المعارك الحربية وتدرس خططه الى الآن في معظم الكليات العسكرية .
واصل يارعاك الله
دمت لمحبيك وانا منهم
اخوك ابو راكان
ابن الوطن
05-03-2012, 07:03 PM
موضوع رائع من شخص رائع ذو اهداف واضحة و جميلة اسأل الله ان ينفع بك يا مخاوي الذيب و ينفع بكل من سيشارك في هذا الموضوع كاتباً و قارئاً
مخاوي الذيب
05-03-2012, 09:07 PM
رضي الله عنه وارضااه وكان داهيه
من قصص دهاء عمرو بن العاص رضي الله عنه
وصل عمرو بن العاص إلى الرملة في بلاد الشام وجد عندها جمعآ من الروم عليهم
الأرطبون (والمقصود بالأرطبون عندهم الداهيه اوالرجل المُفرض في الذكاء)
وكان أدهى الروم وأبعدها غورآ وأنكاها فعلآ ،
فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بالخبر ،
فلما جاءه كتاب عمرو بن العاص
قال أمير المؤمنين:
قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب فانظروا عما تنفرج.
وكانت الروم في حصن منيع وجيش المسلمين محيط بهم
فبعث عمرو بن العاص الرسل إلى الأرطبون ولكن لم تأتي بشي يشفيه
فتولى عمرو بن العاص الأمر بنفسه
فدخل على الأرطبون كأنه رسول من عمرو بن العاص فأبلغه مايريد
وسمع كلامه وتأمل حصونه حتى عرف ماأراد،
وقال الأرطبون في نفسه وكان داهيةً : والله إن هذا لعمرو بن العاص
أو إنه الذي يأخذ عمرو برأيه،
وما كنت لأصيب القوم بأمر هو أعظم من قتله،
((لأنه أعجب بعمرو بن العاص كثيرآ))
فدعا أحد الحراس فخالاه وقال إذهب في مكان كذا وكذا فإذا مر بك فاقتله.
ففطن عمرو بن العاص ،
فقال للأرطبون: أيها الأمير ، إني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي
وإني واحد من عشرة بعثنا عمر بن الخطاب لنكون مع هذا الوالي لنشهد أموره
وقد أحببت أن آتيك بهم ليسمعوا كلامك ويروا مارأيت.
فقال الأرطبون : نعم ، فاذهب فأتني بهم
((طمع في أن يقتل العشرة))ودعا الأرطبون
رجلا فخالاه وقال أذهب إلى فلان وقل له لا تقتله
فقام عمرو بن العاص فذهب إلى جيشه
ثم تحقق الأرطب أن الرسول الذي كان عنده هو عمرو بن العاص
فقال : خدعني الرجل هذا والله أدهى العرب
وبلغت عمر بن الخطاب هذه القصة فقال:
لله در عمرو بن العاص
00000
اخي مخاوي الذيب الله يجزاك الجنه موضوع رائع جدااا
همس بارك الله فيك وفي إضافتك الرائعه المفيده والهامه في نفس الوقت لهذا البطل المغوار رضي الله عنه وأرضاه
مخاوي الذيب
05-03-2012, 09:09 PM
جزاكم الله خير والله لم اقراء قبل ذلك هذه السيره العطره
أخي الكريم الزير سالم مرورك شرفني وعطر موضوعي
مخاوي الذيب
05-03-2012, 09:14 PM
وكانت في حياتك لي عظاتٌ ......... وأنت اليوم أوعظ منك حيا
هذه السّير التي تستحق منا وقفات ...
وشتان بين اولئك الابطال وبين كثير من شبيحة زمننا الراهن ...
ومنهم بشار الذي لم يستطع استرداد الجولان ولكن وبكل وحشية استطاع ان يقتل ابناء جلدته ابشع قتلة ...
الطاروق المبدع مداخلتك كبيره وفي حجم عطائك شكراً لك والحمد لله على عودتك و ترى وجودك أصبح ضروره بارك الله في علمك وقلمك
مخاوي الذيب
05-03-2012, 09:28 PM
مجزأة بن ثور السدوسي
هاهم أولاء الأبطال من جند الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)ينفضون عنهم غبار القادسية جذلين فرحين بما آتاهم الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)من نصر...
مغتبطين بما كتب لإخوانهم الشهداء من أجر...
متشوقين إلى معركة أخرى تكون أختاً للقادسية في روعتها و جلالها...
متربصين أن يأتيهم أمر خليفة رسول الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)عمر بن الخطاب بمواصلة الجهاد لاجتثاث العرش الكسروي من جذوره.
لم يطل تشوق الغر الميامين وتشوفهم كثيراً.
فها هو ذا رسول الفاروق يقدم من المدينة إلى الكوفة , و معه أمر من الخليفة لواليها أبي موسى الأشعري بالمضي بعسكره والالتقاء مع جند المسلمين القادمين من البصرة, والإنطلاق معا إلى
الأهواز لتتبع الهرمزان والقضاء عليه وتحرير مدينة تستر درة التاج الكسروي, و لؤلؤة بلاد فارس.
وقد جاء في الأمر الذي وجهه الخليفة لأبي موسى أن يصطحب معه الفارس الباسل "مجزأة بن ثور السدوسي" سيد بني بكر وأميرهم المطاع.
صدع أبو موسى الأشعري بأمر خليفة المسلمين, فعبأ جيشه, وجعل على ميسرته "مجزأة بن ثور السدوسي", وانضم إلى جيوش المسلمين القادمة من البصرة, و مضوا معاً غزاة في سبيل
الله.
فما زالوا يحررون المدن, ويطهرون المعاقل, و الهرمزان يفر من أمامهم من مكان إلى آخر حتى بلغ مدينة "تستر", و احتمى بحماها.
كانت "تستر" التي انحاز إليها "الهرمزان" من أجمل مدن الفرس جمالاً, وأبهاها طبيعة, و أقواها تحصيناً.
وهي إلى ذلك مدينة عريقة ضاربة في أغوار التاريخ, مبنية على مرتفع من الأرض على شكل فرس, يسقيها نهر كبير يدعى بنهر "دجيل".
و فوقها أحواض و نوافير بناها الملك "سابور", ليرفع إليها ماء النهر من خلال أنفاق حفرها تحت الأرض.
و أحواض تستر و أنفاقها هي من عجائب البناء, شيدت بالحجارة الضخمة المحكمة, و دعِّمت بأعمدة الحديد الصلبة, و بلطت هي و أنفاقها بالرصاص.
وحول "تستر" سور كبير عال يحيط بها إحاطة السوار بالمعصم, قال المؤرخون عنه:
إنه أول و أعظم سور بني على ظهر الأرض.
ثم حفر "الهرمزان" حول السور خندقاً عظيماً يتعذر اجتيازه, و حشد وراءه خيرة جنود فارس.
عسكرت جيوش المسلمين حول خندق "تستر" و ظلت ثمانية عشر شهراً لا تستطيع إجتيازه.
وخاضت مع جيوس "الفرس" خلال تلك المدة الطويلة ثمانين معركة.
وكانت كل معركة من هذه المعارك تبدأ بالمبارزة بين فرسان الفريقين, ثم تتحول إلى حرب ضارية ضروس.
وقد أبلى مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور في هذه المبارزات بلاءً أذهل العقول, و أدهش الأعداء و الأصدقاء في وقت معاً.
فقد تمكن من قتل مائة من شجعان العدو مبارزة, فأصبح اسمه يثير الرعب في صفوف الفرس, و يبعث النخوة والعزة في صدور المسلمين.
وعند ذلك عرف الذين لم يكونوا قد عرفوه من قبل لم حرص أمير المؤمنين على أن يكون هذا البطل الباسل في عداد الجيش الغازي.
وفي آخر معركة من تلك المعارك الثمانين حمل المسلمون على عدوهم حملة باسلة صادقة فأخلى الفرس لهم الجسور المنصوبة فوق الخندق, ولاذوا بالمدينة, و أغلقوا عليهم أبواب حصنها
المنيع.
انتقل المسلمون بعد هذا الصبر الطويل من حال سيئة إلي أخرى أشد سوءًا, فقد أخذ الفرس يمطرونهم من أعالي الأبراج بسهامهم الصائبة...
وجعلوا يدلون من فوق الأسوار سلاسل من الحديد, في نهاية كل سلسلة كلاليب متوهجة من شدة ما حميت بالنار.
فإذا رام أحد جنود المسلمين تسلق السور أو الإقتراب منه, أنشبوها فيه و جذبوه إليهم, فيحترق جسده, و يتساقط لحمه , و يقضى عليه.
اشتد الكرب على المسلمين, و أخذوا يسألون الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بقلوب ضارعة خاشعة أن يفرج عنهم, و ينصرهم على عدوه و عدوهم.
و بينما كان أبو موسى الأشعري يتأمل سور "تستر" العظيم, يائساً من اقتحامه, سقط أمامه سهم قُذِفَ نحوه من فوق السور, فنظر فيه فإذا فيه رسالة تقول: لقد وثقت بكم معشر المسلمين, و
إني أستأمنكم على نفسي ومالي و أهلي و من تبعني, ولكم علي أن أدلكم على منفذ تنفذون منه إلى المدينة.
فكتب أبو موسى أماناً لصاحب السهم, وقذفه إليه بالسهم.
فاستوثق الرجل من أمان المسلمين لما عرف عنها من الصدق بالوعد والوفاء بالعهد, وتسلل إليهم تحت جناح الظلام, و أفضى لأبي موسى بحقيقة أمره فقال:
نحن من سادات القوم, و قد قتل "الهرمزان" أخي الأكبر, و تعدى على ماله و أهله, و أضمر لي الشر في صدره حتى ما عدت آمنه على نفسي و أولادي...
فآثرت عدلكم على ظلمه, ووفاءكم على غدره, وعزمت على أن أدلكم على منفذ خفي تنفذون منه إلى "تستر"...
فأعطني إنساناً يتحلى بالجرأة والعقل, ويكون ممن يتقنون السباحة حتى أرشده إلى الطريق.
استدعى أيو موسى الأشعري مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور السدوسي, و أسر إليه بالأمر و قال:
أعنَّي برجل من قومك له عقل و حزم, وقدرة على السباحة.
فقال مجزأة: اجعلني ذلك الرجل أيها الأمير.
فقال له أبو موسى : إذا كنت قد شئت, فعلى بركة الله.
ثم أوصاه أن يحفظ الطريق, و أن يعرف موضع الباب, و أن يحدد مكان "الهرمزان", و أن يتثبت من شخصه, و ألا يحدث أمراً غير ذلك.
مضى مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور تحت جنح الظلام مع دليله الفارسي, فأدخله في نفق تحت الأرض يصل بين النهر والمدينة.
فكان النفق يتسع تارة حتى يتمكن من الخوض في مائه وهو ماشٍ على قدميه, ويضيق تارة أخرى حتى يحمله على السباحة حملا.
وكان يتشعب و يتعرج مرة, و يستقيم مرة ثانية...
وهكذا حتى بلغ به المنفذ الذي ينفذ منه إلى المدينة, و أراه "الهرمزان" قاتل أخيه, و المكان الذي يتحصن فيه.
فلما رأى مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)"الهرمزان", همَّ بأن يرديه بسهم في نحره, لكنه مالبث أن تذكر وصية أبي موسى له بألا يحدث أمرا, فكبح جماح هذه الرغبة في نفسه و عاد من حيث جاء قبل بزوغ الفجر.
أعد أبو موسى ثلاثمائة من أشجع جند المسلمين قلباً, و أشدهم جلدا و صبراً, و أقدرهم على العوم و أمَّر عليهم مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور وودَّعهم و أوصاهم... وجعل التكبير علامة على دعوة جند
المسلمين لاقتحام المدينة.
أمر مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)رجاله أن يتخففوا من ملابسهم ما استطاعوا حتى لا تحمل من الماء ما يثقلهم.
وحذرهم من أن يأخذوا معهم غير سيوفهم... و أوصاهم أن يشدوها على أجسادهم تحت الثياب...
و مضى بهم في آخر الثلث الأول من الليل.
ظل مجزأه بن ثور وجنده البواسل نحوا من ساعتين يصارعون عقبات هذا النفق الخطير, فيصرعونها تارة و تصرعهم تارة أخرى.
ولما بلغوا المنفذ المؤدي إلى المدينة وجد مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)أن النفق قد ابتلع مائتين وعشرين رجلاً من رجاله , و أبقى له ثمانين...
وما أن وطئت أقدام مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)و صحبه أرض المدينة حتى جردوا سيوفهم, و انقضوا على حماة الحصن , فأغمدوها في صدورهم.
ثم وثبوا إلى الأبواب و فتحوها و هم يكبرون.
فتلاقى تكبيرهم من الداخل مع تكبير أخوانهم من الخارج...
و تدفق المسلمون على المدينة عند الفجر...
و دارت بينهم و بين أعداء الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)رحى معركة ضروس قلما شهد تاريخ الحروب مثلها هولاً و رهبةً و كثرة في القتلى.
و فيما كانت المعركة قائمة على قدم و ساق أبصر مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور "الهرمزان" في ساحها, فاتجه نحوه, و ساوره بالسيف, فما لبث أن ابتلعه موج المتقاتلين و أخفاه عن ناظريه... ثم إنه بدا له مرة
أخرى فاندفع نحوه و حمل عليه...
وتصاول مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)و الهرمزان بسيفيهما فضرب كل منهما صاحبه ضربة قاضية, فارتد سيف مجزأة, و أصاب سيف الهرمزان...
فخر البطل الكميُّ الباسل صريعا على أرض المعركة, و عينه قريرة بما حقق الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)على يديه.
وواصل جند المسلمين القتال, حتى كتب الله (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)لهم النصر, ووقع الهرمزان في أيديهم أسيراً.
انطلق المبشرون إلى المدينة المنورة يزفون إلى الفاروق بشائر الفتح.
و يسوقون أمامهم الهرمزان وعلى كتفيه حلته الموشاة بخيوط الذهب ليراه الخليفة.
و كان المبشرون يحملون مع ذلك تعزية حارة للخليفة بفارسه الباسل مجزأة (http://www.htoof.com/vb/t66958.html)بن ثور.
اليورو العمله النادره أمثالك تعتبر مكسب كبير لهذا المنتدى بارك الله فيك ورفع قدرك وزاد في علمك وأدبك . ما أحوجنا لأمثال مجزأه بن ثور هذا الفارس لبطل وقد أعجبني أيضاً هذا الإنتقا الجميل لهذا الفارس .أخي الكريم أسأل الله أن يعيد لأمة الأسلام المجد والسؤدد ... تحياتي
مخاوي الذيب
05-03-2012, 09:32 PM
اخي الحبيب مخاوي الذيب
لقد اعجبني موضوعك الجميل الذي افردته للاطلاع على سير كوكبة من الابطال وجميل ان بدأت بسيرة الصحابي الجليل عمرو ابن العاص رضي الله عنه وارضاه وهو من دهاة العرب كما سطر التاريخ ومن افضل القادة الحربيين على مرّ التاريخ وكان رضي الله عنه يتمتع بفكر عسكري عميق في المعارك الحربية وتدرس خططه الى الآن في معظم الكليات العسكرية .
واصل يارعاك الله
دمت لمحبيك وانا منهم
اخوك ابو راكان
أبوركان لا يفتى في المدينه وفيها مالك . من أمثالك نستفيد مرورك أسعدني ويا اليت تكون الشخصيه القادمه من إختيارك تقبل تحياتي أخي الحبــــــــيـــــــــب
مخاوي الذيب
05-03-2012, 09:37 PM
موضوع رائع من شخص رائع ذو اهداف واضحة و جميلة اسأل الله ان ينفع بك يا مخاوي الذيب و ينفع بكل من سيشارك في هذا الموضوع كاتباً و قارئاً
الرائع أنت والجميل مداخلتك الراقيه أنورة الديوانيه بتواجد أبن الوطن البار مرحباً مليون .... تحياتي وربي يرعاك
عبدالهادي الشهراني
07-03-2012, 01:17 PM
أبوركان لا يفتى في المدينه وفيها مالك . من أمثالك نستفيد مرورك أسعدني ويا اليت تكون الشخصيه القادمه من إختيارك تقبل تحياتي أخي الحبــــــــيـــــــــب
بارك الله فيك اخي الحبيب ورفع قدرك
اختياري هو خالد ابن الوليد رضي الله عنه وارضاه فأرجو ان تتحفنا بنبذة عنه
قطرة ندى
07-03-2012, 07:27 PM
سيرة عطرة لشخصية عظيمة
عمرو بن العاص صاحب المقولة المشهورة
"(الكلام كالدواء إن اقللت منه نفع , وإن اكثرت منه قتل)
الله يجزاك الجنة موضوع يحمل من الاهداف الوجدانية والتربوية
الكم الوفير ..... لك شكري وتقبل مروري
عبدالهادي الشهراني
20-03-2012, 04:44 PM
بارك الله فيك اخي الحبيب ورفع قدرك
اختياري هو خالد ابن الوليد رضي الله عنه وارضاه فأرجو ان تتحفنا بنبذة عنه
وينك يا مخاوي الذيب
اتحفنا بمقتطفات من سيرة الصحابي الجليل والقائد الفذ خالد ابن الوليد رضي الله عنه وارضاه
اللافندر
20-03-2012, 08:41 PM
موضوع جميل شكرا لمثل هذاه المواضيع المفيدة
قال صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "([1] (http://www.alqaryh.com/vb/#_ftn1)).
اختياري أسما بنت عميس
مما أثار عجبي ودهشتي عندما كنت أطالع سيرة تلك السيدة الجليلة والمرأة العظيمة
الصابرة على أقدار الله المؤلمة الراضية بما قدره الله لها وكتبه عليها, المهاجرة إلى الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم إنها السيدة الفاضلة والصحابية الجليلة أسماء بنت عميس فقد جمعت
من الفضائل العظام والمناقب الجسام الشيء الكثير قلما اجتمع ذلك في صحابية مثلها.
فهي صاحبة الهجرتين, ومصلية القبلتين, وزوجة الخليفتين وزوجة الشهيدين وزوجة الأخوين
إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة والعبر الجليلة التي يجدها القارئ عندما يطالع تلك السيرة العطرة الزكية,
وفي الأسطر القليلة القادمة نتناول شيئاً يسيراً مما سبق الإشارة إليه فمستعيناً بالله أقول:
1. كونها صاحبة الهجرتين لأنها هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الحبشة،
وهذه هي الهجرة الأولى, ثم هاجرت معه إلى المدينة النبوية من الحبشة إلى المدينة في سفينة،
ولذلك يسمون بأصحاب السفينة، وهذه هي الهجرة الثانية، فتكون بذلك صاحبة الهجرتين.
2. كونها مصلية القبلتين, لأنها صلت إلى بيت المقدس في بداية الإسلام، لأن القبلة
في بداية الإسلام كانت إلى بيت المقدس, وهذه هي القبلة الأولى ثم تحولت القبلة بعد ذلك
إلى البيت الحرام تلبية لرغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في السنة الثانية للهجرة
المباركة وبالتحديد منتصفها بعد مضي 16 شهراً أو 17 شهراً، وهذه هي القبلة الثانية, فتكون بذلك مصلية القبلتين.
3. كونها زوج الشهيدين لأنها تزوجت أول ما تزوجت بالصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب
رضي الله عنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن هاجر جعفر رضي الله عنه
وزوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها من الحبشة إلى المدينة, وقد سعد به
النبي صلى الله عليه وسلم وفرح بقدومه جداً, وكان ذلك في السنة السابعة للهجرة
وبالتحديد يوم فتح خيبر من أعظم حصون اليهود حينذاك، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم
معبراً عن فرحه وسروره بقدوم جعفر وباقي الصحابة الذين كانوا في الحبشة:
"ما أدري بأيهما أفرح بقدوم جعفر أو بفتح خيبر, ثم تلقاه والتزمه وقبل ما بين عينيه"([2] (http://www.alqaryh.com/vb/#_ftn2)).
4. بعد ذلك أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن القواد الثلاثة في غزوة مؤتة وقتل هناك شهيداً
مدرجاً بدمائه الطاهرة بعد أن قطعت يداه فأبدله الله بهما جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء
كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، ولقب بعد ذلك بجعفر الطيار, وهذا هو الشهيد الأول.
5. أما الشهيد الثاني فهو الإمام والصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه, فقد تزوجته أسماء بنت عميس
آخر من تزوجت، وقد قتل شهيداً رضي الله عنه, فبذلك تكون زوج الشهيدين.
6. كونها زوج الخليفتين بعدما قلت جعفر رضي الله عنه في مؤتة كما سبق بيانه تزوجت أسماء بنت عميس
بالصديق الأكبر وشيخ الصحابة أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد انتهاء العدة، وولدت له ابنه محمداً
بذي الحليفة في السنة العاشرة للهجرة عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم
يتهيأ للمسير إلى الحج، فأبو بكر رضي الله عنه هو الخليفة الأول.
7. وبعد موت أبو بكر رضي الله عنه تزوجت أسماء بنت عميس بالخليفة الرابع علي رضي الله عن الجميع,
وتكون بذلك زوج الخليفتين.
8. كونها زوج الأخوين, فكما أسلفنا أنها تزوجت أول ما تزوجت بالصحابي الجليل والبطل النحرير
جعفر الطيار رضي الله عنه, وآخر ما تزوجت تزوجت بالفارس المقدام والأسد الضرغام علي رضي الله عنه،
ومعلوم أن كل من جعفر وعلي رضي الله عنهما أخوان
فتكون بذلك زوج الأخوين. هذا والله أعلم بالصواب، وانظر في ذلك كتب السير والتراجم وهي كثيرة
كالطبقات لابن سعد, والسيرة لابن هشام, والاستيعاب لابن عبد البر,
وأُسْد الغابة لابن الأثير والإصابة لا بن حجر العسقلاني وغيرها كثير جداً.
· فوائد عظيمة:
ومن الفوائد العظيمة والدرر النفيسة أن هذه الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس رضي الله عنها
لها خمس أخوات كلهن صحابيات ومنهن اثنتان من أمهات المؤمنين وهنَّ كالتالي:
1. أختها لأمها زينب بنت خزيمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم والتي تلقب بأم المساكين،
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ثم توفيت بعد مدة يسيرة جداً رضي الله عنها.
2. أختها لأمها أيضاً ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
بمكان يقال له سرف بين مكة والمدينة وهو أقرب من جهة مكة، ومن الطريف أنها رضي الله عنها ماتت أيضاً
بنفس المكان الذي تزوجها وبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3. ومن الطريف أيضاً هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بأختين ولكن لم يجمع بينهما قطعاً
لأن هذا لا يجوز ومحرم, فقد تزوج بزينب بنت خزيمة أولاً ثم تزوج بميمونة بنت الحارث بعد وفاة زينب وهما أختان لأم، وأمهما هي هند بنت عوف.
4. أختها لأمها لبابة بنت الحارث أم الفضل وهي التي تلقب بلبابة الكبرى وهي زوجة
العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وأم حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
5. أختها لأمها لبابة بنت الحارث أم خالد بن الوليد سيف الله وهي التي تلقب بلبابة الصغرى.
6. ويستفاد من ذلك أيضاً أن كل من عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد رضي الله عنهم أبناء خالة أشقاء.
7. أختها شقيقة سلمى بنت عميس وكانت زوجة الأسد الجسور حمزة بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم،
ولذلك قال ابن عبد البر وغيره عن أم أسماء بنت عميس وهي هند بنت عوف رضي الله عن الجميع هي أعظم امرأة صهراً في قريش،
فصهرها النبي صلى الله عليه وسلم وعماه العباس وحمزة, وأبو بكر وجعفر وعلي رضي الله عنهم.
مخاوي الذيب
21-03-2012, 12:00 AM
بسم الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)وبركاته
تلبيه لطلب الغالي أبوركان هذه سيرة الصحابي الجليل خالد أبن الوليد رضي الله عنه وأرضاه
سيف الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)المسلول
خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)بن المغيرة المخزومي (581 - 642 م) فارس و قائد إسلامي لقبه الرسول بـ سيف الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)المسلول حارب في بلاد فارس و بلاد الروم وفي الشام وتوفي ودفن بعدها في حمص .
نشأته رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه
هوخالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)بن المغيرة بن عبد الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)بن عمر بن مخزوم، أبو سليمان، وقيل: أبو الوليد، القرشي المخزومي، أمه لبابة الصغرى، وقيل: الكبرى، والأول أصح، وهي بنت الحارث بن حزن الهلالية، وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم، وأخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم، هو ابن خالة أولاد العباس الذين من لبابة. ويكنى بأبي سليمان
وكان أحد الأشراف قريش في الجاهلية، وكان إليه القبة وأعنة الخيل في الجاهلية، أما القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش، وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدم على خيول قريش في الحرب، قاله الزبير بن بكار.
ولد خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)سنة 584م في مكة ، وكان والده الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)بن المغيرة سيدا في بني مخزوم ومن سادات قريش واسع الثراء ورفيع النسب والمكانة, حتى أنه كان يرفض أن توقد نار غير ناره لاطعام الناس خاصة في مواسم الحج و سوق عكاظ ولقب بريحانة قريش لأنه كان يكسو الكعبة عامآ وقريش أجمعها تكسوها عامآوأمه هي لبابة بنت الحارث الهلالية.
كان له ستة إخوة وأختان، نشأ معهم نشأة مترفة، وتعلم الفروسية منذ صغره مبدياً فيها براعة مميزة، جعلته يصبح أحد قادة فرسان قريش.
كان خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)كثير التردد في الأنتماء للاسلام، وقد أسلم متأخراً بعدما أسلم اخوه الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)بن الوليد, وحارب المسلمين في غزوتي أحد وقتل من المسلمين عدداً كبيراً و في الأحزاب ولم يحارب في بدر لأنه كان في بلاد الشام وقت وقوع الغزوة الأولى بين المسلمين و مشركي قريش ، غير أنه مال إلى الإسلام وأسلم قبل فتح مكة، رغم أنه كان صاحب دور رئيسي في هزيمة المسلمين في غزوة أحد في نهاية الغزوة بعد ان قتل من بقي من الرماة المسلمين على جبل الرماة و التف حول جيش المسلمين و طوقهم من الخلف و قام بهجوم ادى إلى ارتباك صفوف جيش المسلمين.
إسلامه رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه
أسلم خالد متأخراً في صفر للسنة الثامنة الهجرية، قبل فتح مكة بستة أشهر، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين، وتعود قصة اسلام خالد إلى ما بعد معاهدة الحديبية حيث أسلم أخوه الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)بن الوليد، ودخل الرسول -صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم- مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عن أخيه خالد، فقال: (أين خالد؟)... فقال الوليد: (يأتي به الله).
فقال النبي: -صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم-: (ما مثله يجهل الاسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره)... فخرج الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)يبحث عن أخيه فلم يجده، فترك له رسالة قال فيها: (بسم الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)الرحمن الرحيم أما بعد... فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسلام وعقلك عقلك، ومثل الاسلام يجهله أحد؟!... وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد - وذكر قول النبي -صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم- فيه - ثم قال له: فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه، فقد فاتتك مواطن صالحة) . وقد كان خالد -رضي اللـه عنه- يفكر في الاسلام، فلما قرأ رسالة أخيـه سر بها سرورا كبيرا، وأعجبه مقالة النبـي -صلى اللـه عليه وسلم-فيه، فتشجع و أسلـم...
الحلم
ورأى خالد رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه في منامه كأنه في بلادٍ ضيّقة جديبة، فخرج إلى بلد أخضر واسع، فقال في نفسه: (إن هذه لرؤيا)... فلمّا قدم المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق فقال له: (هو مخرجُكَ الذي هداك الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)للإسلام، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشرك).
الـــرحــلـــــة
يقول خالد رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه عن رحلته من مكة إلى المدينة: (وددت لو أجد من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص، فقال: (مرحبا بالقوم)... قلنا: (وبك)... قال: (أين مسيركم؟)... فأخبرناه، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم ليسلم، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان).
قدومه رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه المدينة
فلما رآهم رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)-صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم- قال لأصحابه: (رمتكم مكة بأفلاذ كبدها)... يقول خالد: (ولما اطلعت على رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)-صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم- سلمت عليه بالنبوة فرد على السلام بوجه طلق، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وحينها قال الرسول -صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم-: (الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا إلى الخير)... وبايعت الرسـول صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم وقلت: (استغفر لي كل ما أوضعـت فيه من صد عن سبيل اللـه)... فقال صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم: (إن الإسلام يجـب ما كان قبله)... فقلت: (يا رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)على ذلك)... فقال عليه الصلاة والسلام: (اللهم اغفر لخالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك)... وتقدم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم)...
خالد رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه بعد إسلامه
شارك خالد في أول غزواته في غزوة مؤتة ضد الغساسنة و الروم، وقد قتل فيها قادتها الثلاثة: زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنهم-، فسارع إلى الراية (ثابت بن أقرم) فحملها عاليا وتوجه مسرعا إلى خالد قائلا له: (خذ اللواء يا أبا سليمان) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا: (لا، لا آخذ اللواء أنت أحق به، لك سن وقد شهدت بدرا)... فأجابه ثابت: (خذه فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله ما أخذته إلا لك). ثم نادى بالمسلمين: (أترضون إمرة خالد؟)... قالوا: (نعم)... فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين، يقول خالد:- (قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية).
وقال النبي -صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب ،... وعيناه -صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم- تذرفان...، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليهم)... فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله.
ولقد أمره الرسول صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم على أحد الكتائب الاسلامية التي تحركت لفتح مكة واستعمله الرسول صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم أيضا في سرية للقبض على اكيدر ملك دومة الجندل أثناء غزوة تبوك.
ولا يصح لخالد مشهد مع رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم قبل فتح مكة، ولما فتح رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم مكة بعثه إلى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي، فقتل منهم من لم يجز له قتله، فقال النبي صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد".
فأرسل مالاً مع علي بن أبي طالب فوردى القتلى، وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم، حتى ثمن ميغلة الكلب، وفضل معه فضلة من المال فقسمها فيهم، فلما أخبر رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم بذلك استحسنه، ولما رجع خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)من بني جذيمة أنكر عليه عبد الرحمن ابن عوف ذلك، وجرى بينهما كلام، فسب خالد عبد الرحمن بن عوف، فغضب النبي صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم وقال لخالد: "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه".
وكان على مقدمة رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم يوم حنين في بني سليم، فجرح خالد، فعاده رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم، ونفث في جرحه فبرأ، وأرسله رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم إلى أكيدر بن عبد الملك، صاحب دومة الجندل، فأسره، وأحضره عند رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم فصالحه على الجزية، ورده إلى بلده، وأرسله رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بن مذحج، فقدم معه رجال منهم فأسلموا، ورجعوا إلى قومهم بنجران
وعن خالد بن الوليدرضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه: أنه دخل مع رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم بيت ميمونة، فأتى بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم يريد أن يأكل منه، فقالوا: يا رسول الله، هو ضب. فرفع رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم يده، فقلت: أحرام هو? قال: "لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه". قال خالد: فاجتزرته فأكلته ورسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم ينظر.
دوره رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه في حروب الردة
قام خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)بدور كبير في حروب الردة بعد وفاة النبي صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم وواجه بجيشه المرأة سجاح مدعية النبوة و مالك بن نويرة الذي اتهم بالردة " .
ثم إن أبا بكر أمره بعد رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم على قتال المرتدين، منهم: مسيلمة الحنفي في اليمامة، وله في قتالهم الأثر العظيم، ومنهم مالك بن نويرة، في بني يربوع من تميم وغيرهم، إلا أن الناس اختلفوا في قتل مالك بن نويرة، فقيل: إنه قتل مسلما لظن ظنه خالد به، وكلام سمعه منه، وأنكر عليه أبو قتادة وأقسم أنه لا يقاتل تحت رايته، وأنكر عليه ذلك عمر بن الخطاب . وهناك شبهة تقول انه تبريراً لما سيقدم عليه خالد ادعى أن مالك بن نويرة ارتد عن الإسلام بكلام بلغه أنه قاله، فانكر مالك ذلك وقال: أنا على دين الإسلام ما غيرت ولا بدلت - لكن خالد لم يصغ لشهادة أبي قتادة وابن عمر، ولم يلق أذناً لكلام مالك، بل أمر فضربت عنق مالك وأعناق أصحابه. وقبض خالد زوجته ليلي (أم تميم في الليلة التي قتل فيها زوجها).والرد علي ذلك انه لم يتاكد له اسلامه كدليل أول والدليل الثاني انه لم يقتله ولكن كانت ليلة شديدة البرد فقال خالد لاحد جنوده دافئوهم وكان الجندي من كنانة ودافئوهم في لغة كنانة معناها اقتلوهم فقتلهم وخالد منهم برئ وعندما استدعاه الخليفة أبو بكر الصديق وهو من هو من كونه خليفة المسلمين والسابق في الاسلام ولايدانيه أحد قد رضي من خالد عذره وروايته لانه يعرفه جيداوهي اصح الروايات.
خالد رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه و معركة اليمامة :-
بعث أبا بكر جيش تحت قيادة عكرمة بن أبي جهل و لما اشتد بهم الحال ، بعث لخالد لنصرتهم. و مع قدومه و اشتداد المعركة التي بدأت لصالح مسيلمة جال خالد مع فرسانه وسط العدو فأربكوه و ألحقوا به الهزيمة و تشجع باقي الجيش فأجهز على العدو و هرب مسيلمة في حديقته فاقتحمها المسلمون و قتل وحشي ابن حرب برمحه مسيلمة الكذاب لتنكسر شوكة أحد أكبر المشركين المدعين بالنبوة. ثم سارع خالد ابن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)بجيشه و فرسانه ليجول وسط الجزيرة العربية تأديبا للمرتدين و قد جعل الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)النصر على يديه و أيدي الفرسان الباسلين الذين فاقوا كل تصور في الحنكة و البذل و العطاء في سبيل الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)و لو صنعت الأفلام لبطولاتهم فلا تظاهيها بطولات قط فقد أوقعوا و كسروا شوكة ملوك العال آنذاك بفضل إيمانهم.
دوره رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه في فتح بلاد الروم و الشام
وله الأثر المشهور في قتال الفرس والروم، وافتتح دمشق، وكان في قلنسوته التي يقاتل بها شعر من شعر رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم يستنصره به وببركته، فلا يزال منصوراً.
وسقطت منه قلنسوته يوم اليرموك، فأضنى نفسه والناس في البحث عنها فلما عوتب في ذلك قال: (إن فيها بعضا من شعر ناصية رسول الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)وإني أتفائل بها وأستنصر)... ففي حجة الوداع ولمّا حلق الرسول -صلى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عليه وسلم- رأسه أعطى خالداً ناصيته، فكانت في مقدم قلنسوته، فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه الله
ارسله الخليفة أبو بكر الصديق لنجدة جيوش المسلمين في الشام بعد ان ثبت خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)اقدامه في العراق ، تحرك خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)وقطع صحراء السماوة و معه دليله رافع وجيشه ووصل في وقت قليل لنجدة المسلمين في بلاد الشام .
حين وصل إلى الشام ومعه تسعة آلاف وجد هناك جيوشا متعددة عند اليرموك وأقترح أن تجمع الجيوش في جيش واحد فأختاره القواد ليأمر الجيش فقام بتنظيمه وإعادة توزيعه قبل معركة اليرموك. قبيل المعركة توفي أبو بكر وتولى الخلافة عمر بن الخطاب الذي أرسل كتابا إلى أبو عبيدة بن الجراح يأمره بإمارة الجيش وعزل خالد لأن الناس فتنوا بخالد حتى ظنوا أن لا نصر بدون قيادته ولكن أبا عبيدة آثر أن يخفي الكتاب حتى إنتهاء المعركة وإستباب النصر تحت قيادة خالد. في المجمل خاض خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)رضي الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه معارك عديدة انتصر فيها كلها و أهمها - ذات السلاسل -الثني-الولجة-أليس-أمغيشيا-الحيرة-الأنبار-عين تمر-دومة الجندل-الفراض. قتل من الفارسيين مئات الآلاف ليذوب الملك العظيم لفارس على يد عباد لله .
وفاته رضى الله (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)عنه:-
خالد بن الوليدتوفي خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)في حمص - سورية وكان قد ولي عليها بعد فتح الشام، ومات ميتة طبيعية وقيل انه لم يورث أحد من ابناءه لانهم ماتو قبله وورث أيوب بن سلمة داره بالمدينة .لكن الصحيح انه كان له عقب منهم عبد الرحمن الذى كان والى حمص في خلافة سيدنا عثمان بن عفان ومات في خلافة معاوية
وأيوب بن سلمة بن هشام بن المغيرة هو ابن عم لخالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)والقاعدة الشرعية أن ابن العم لايرث إلا بعد انقراض الأبناء والأخوة
ودفن فيها في الجامع المعروف بأسمة في مدينة حمص . وقد شهد خالد بن الوليد (http://www.alqaryh.com/vb/www.sahatksa.com/forum/showthread.php?t=73964)حوالى مائة معركة بعد إسلامه, قال على فراش الموت:-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
الكلمه الخالده لخالد أبن الوليد
لقد شهدت مائة زحف أو زهاها وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، فلا نامت أعين الجبناء
مخاوي الذيب
31-03-2012, 03:41 PM
بسم الله الحمن الرحيم
اليوم رحلتنا مع كوكبة الأبطال ستكون مع بطل من أبطال الإسلام مع الصحابي الجليل القعقاع بن عمرو.. فارس المهام الصعبة رضي الله عنه وأرضاه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
حينما أمر أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قائد جيوشه خالد بن الوليد بالتوجه إلى العراق لمواجهة
جيوش الفرس ، طلب خالد أن يمده بجنود إضافيين من المسلمين بعد أن استشهد عدد كبير من أفراد جيشه في حرب الردة.
فأمده أبو بكر بالقعقاع بن عمرو التميمي ، فقيل له: أتمد رجلا انفض عنه جنوده برجل؟ فقال أبو بكر: لا يُهزَم جيش فيهم
مثل هذا، وكان القعقاع أحد فرسان العرب وشعرائهم وشهد أكثر الفتوحات الإسلامية في العراق والشام. وقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوما: ما أعددت للجهاد؟ فقال: طاعة الله ورسوله والخيل.
وفي موقعة ذات السلاسل التي كان يقود الفرس فيها قائدهم هرمز تقابل المسلمون والفرس في كاظمة، وخرج هرمز من بين
صفوف جنده ونادى بالنزال فمشى إليه خالد بن الوليد. واحتضنه خالد فهجم جند فارس يريدون قتل خالد وتخليص هرمز
من قبضته. ولكن القعقاع لم يمهلهم فقد حمل عليهم بسيفه وصال وجال في رقابهم، والمسلمون خلفه، فانهزم جند فارس وفروا
من أمامهم فطاردهم المسلمون وركبوا أكتافهم إلى الليل. ولما حقق خالد انتصاراته على قواد الفرس وغادر الحيرة قاصدا الأنبار
خلف على الحيرة فارس العرب القعقاع بن عمرو لحمايتها من أية غارات محتملة من الفرس. ولم تدم إقامة القعقاع في الحيرة،
فما هي إلا أيام حتى استدعاه خالد ليقود هجوم المسلمين على الروم في معارك اليرموك ومعه عكرمة بن أبي جهل، وقد حقق الجيش
الإسلامي في اليرموك نصرا ساحقا على الروم.
دائما في المقدمة
إننا نرى القعقاع في كل موقعة يشتد فيها القتال سواء مع الفرس أو الروم، فهو كما قال عنه أبو بكر لا يهزم جيش فيه
القعقاع بن عمرو التميمي. فقد أرسل عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين إلى قائد جيوشه في الشام أبي عبيدة بن الجراح أن
يرسل الجند الذين جاؤوه من العراق مع خالد بن الوليد إلى سعد بن أبي وقاص ليكونوا عونا له في فتح بلاد فارس. وكان عددهم
ستة آلاف منهم خمسة آلاف من ربيعة ومضر، وألف من اليمن. وكان أمير الجيش هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعلى مقدمته
القعقاع بن عمرو، وحينما وصل القعقاع إلى القادسية أراد أن يكون وصوله نذير شؤم على الفرس، وأن يبث الرعب في قلوبهم،
ويوقع في ظنهم أن المدد الذي جاء لجيش المسلمين من الشام جيش كبير العدد والعدة، فعهد إلى أصحابه وكانوا ألف جندي أن
يقسموا أنفسهم إلى أعشار، بحيث يتقدمون عشرة عشرة مثيرين زوبعة من التراب وكأن العشرة مائة، ونفذوا خطته. وكلما وصل
عشرة إلى مشارف الفرس جاء بعدهم عشرة آخرون. ثم أثار الحمية في نفوس جنوده وتقدمهم إلى الفرس ونادى: من يبارز؟
فبرز إليه رجل من الفرس. فقال له القعقاع: من أنت؟ قال: أنا بهمن جادويه (أحد قواد الفرس) فنادى القعقاع :
يالثارات أبي عبيدة وسليط وأصحاب الجسر، وكان الفرس قتلوا آلاف المسلمين في معركة الجسر. وهجم القعقاع على جادويه فقتله.
ونشط فرسان المسلمين فأصابوا عدوهم.
ثم استمر القتال إلى الليل وفي صباح اليوم التالي نادى القعقاع: من يبارز؟ فخرج إليه اثنان هما البيرزان والبندوان، فانضم إلى
القعقاع الحارث بن ظبيان. فبارز القعقاع البيرزان فضربه بسيفه فأطار رأسه. وبارز ابن ظبيان البندوان فضربه فأطار رأسه.
وصاح القعقاع في المسلمين: باشروهم بالسيوف، فإنما يحصد الناس بها.
ثم خرج الناس من كل ناحية وبدأ الطعان والضرب بالسيوف. وحمل بنو عم القعقاع يومئذ عشرة عشرة على عدوهم ومعهم إبل
مجللة مبرقعة تشبه الفيلة التي يستعملها الفرس في حربهم، ولقي أهل فارس من الإبل يوم (أغواث) أي في ذلك اليوم الذي سمي
بيوم أغواث أعظم مما لقي المسلمون من الفيلة يوم أرماث.
القعقاع بن عمرو التميمي فارس لا ينام ولا يغمض له جفن، فهو في الليل عابد مجتهد في طاعة الله، وفي النهار بطل مغوار ينتدبه
سعد بن أبي وقاص للمهام الصعبة ، فقد أرقت سعد تلك الفيلة التي استعان بها الفرس في القتال. فسأل جماعة من الفرس ممن
أسلموا عن كيفية قتل الفيلة. فقالوا إن مقاتلها في المشافر والعيون. فأرسل إلى القعقاع بن عمرو وشقيقه عاصم.. وقال لهما:
“اكفياني الفيل الأبيض. وأرسل إلى حمال والربيل الأسديين: اكفياني الفيل الأجرب. وكانت الفيلة جميعها تتبع الفيلين:
فأخذ القعقاع وعاصم رمحين ووضعاهما في عيني الفيل الأبيض فنفض رأسه وطرح سائسه أرضا ودل مشفره فضربه القعقاع
بسيفه فسقط على جنبه. وكذلك فعل حمال والربيل مع الفيل الأجرب الذي ما إن ضربه الربيل في مشفره حتى وثب الى نهر العتيق
وتبعته الفيلة تخترق صفوف الفرس وألقت على الأرض من عليها، وظلت في طريقها حتى وصلت إلى المدائن.
ذكاء وحكمتة
ومرة أخرى ينفرد القعقاع برأيه ويقهر جنود الفرس. فبعد ثلاثة أيام من حرب القادسية وفي ليلة رابع يوم من الحرب خشي سعد
أن يأتيه العدو من مخاضة في أسفل عسكره، فأرسل جماعة من جنده إلى المخاضة حتى يؤمنوها ولما وصلوا لم يجدوا أحدا
وفكروا في أن يهاجموا الفرس من خلفهم، وفعلوا وكبر المسلمون تكبيرة روعت الفرس بينما ظن الجيش الإسلامي أن الفرس
هاجموا الجماعة التي أرسلت إلى المخاضة، ولهذا فإن أفرادها يكبرون مستغيثين، ورأى القعقاع جنود فارس يزحفون نحو
المجموعة الإسلامية التي بدأت تناوش الفرس في المخاضة. فزحف عليهم القعقاع من دون أن يستأذن سعد بن أبي وقاص
ورأى سعد القعقاع يزحف عليهم فقال: اللهم اغفرها له وانصره، فقد أذنت له، وإن لم يستأذني.
واستقبل المسلمون الفرس بالسيوف، وخالطوهم. فكان للسيوف قعقعة كأنها صوت مطارق الحدادين. وبات سعد ليلة لم يبت
مثلها وانقطعت الأخبار عن سعد وعن رستم قائد الفرس ، وأقبل سعد على الدعاء حتى إذا كان وجه الصبح علم أن المسلمين
هم الأعلون وأن الغلبة لهم. وكان الناس لم يناموا ليلتهم، واشتد بهم التعب فسار القعقاع فيهم وقال: إن الدائرة بعد ساعة على
من بدأ النوم، فاصبروا ساعة واحملوا فإن النصر مع الصبر. فاجتمع إليه رؤساء الجند وحملوا على من يليهم، واقتتلوا أشد
قتال إلى الظهيرة وحينذاك بدأ الخلل في صفوف الفرس. وهبت ريح عاصفة أطارت سرير رستم، ورمى رستم بنفسه في
العقيق (نهر ضحل) ورآه هلال أحد رجال القعقاع بن عمرو فعرفه واقتحم النهر وراءه ثم أمسك به وخرج به من النهر
ثم ضرب جبينه بالسيف فقتله.
لم تنته معارك سعد وقائد قلب هجومه القعقاع بن عمرو مع الفرس، فبعد هزيمة الفرس في المدائن تجمعوا في جلولاء
على بعد أربعين ميلا شمال المدائن وحفروا خندقا كبيرا واسعا أحاطوه بالحسك. وندب سعد بن أبي وقاص لحربهم
هاشم بن عتبة وعلى مقدمة جيشه القعقاع بن عمرو، وبعد قتال مرير زحف القعقاع إلى باب الخندق فأخذ به وأمر
مناديا فنادى: يا معشر المسلمين هذا أميركم قد دخل خندق القوم وأخذ به فأقبلوا إليه، ولا يمنعنكم من بينكم وبينه من دخوله،
وحمل المسلمون حتى انتهوا إلى باب الخندق، فإذا هم بالقعقاع بن عمرو قد أخذ به. فهجم المسلمون على عدوهم ولم يفلت
من الفرس إلا القليل. وقتل منهم يومئذ نحو مائة ألف رجل.
وعاش القعقاع حتى شهد الفتنة التي حدثت بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ومبايعة علي. ثم ما كان من مطالبة
علي بقتل من شاركوا في قتل عثمان وكان على رأس هؤلاء عائشة أم المؤمنين وكان القعقاع مع علي بن أبي طالب ويرى
مصالحة القوم. واختاره علي بن أبي طالب كرم الله وجهه للسفارة بينه وبين أهل البصرة الذين تجمعوا للمطالبة بدم عثمان.
وكان مما قاله القعقاع لهم: إن أبيتم إلا مكابرة هذا الأمر واعتسافه كانت علامة شر وذهاب هذا الثأر فآثروا العافية ترزقوها،
وكونوا مفاتيح الخير، ولا تعرضونا للبلاء، ولا تتعرضوا له فيصرعنا ويصرعكم؛ وأشرف القوم على الصلح،
ولكن قوما لم يطمئنوا إلى حقن الدماء فأشعلوا الحرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
الرجل الذي كويس
03-04-2012, 03:06 PM
جزاك الله خير سلسله من روائع ابداعاتك
استمر فــ والله اني استمتعت بما نقلته لنا
عن افضل البشر بعد
الانبياء والرُسل
مخاوي الذيب
10-04-2012, 06:56 AM
عكرمة بن أبي جهل المخزومي رضي الله عنه وأرضاه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان من أكرم قريش حسباً ، وأكثرهم مالاً ، وأعزهم نسباً ... هذا هو عكرمة بن أبي جهل، أحد أبرز فرسان قريش المرموقين .
ـ وجد عكرمة بن أبي جهل نفسه مدفوعاً ـ بحكم زعامة أبيه إلى معاداة محمد وأصحابه، فعاداه أشد العداء ، وصب على المسلمين ما قرت به عين أبيه .
ولما قاد أبوه معركة الشرك يوم بدر ، وأقسم باللاة والعزى ألا يعود إلى مكة إلا إذا هزم محمد ... ولكن اللاة والعزى لم يلبيا نداء أبي جهل؛ لأنهما لا يسمعان .. فخرَّ صريعاً في بدر، ورآه ابنه عكرمة بعينه ورماح المسلمين تنهل منه ... فزادت عداوة عكرمة لرسول الله شدة وأصبح له مع الإسلام ثأر أبيه ... فخاض مع المشركين معركة أحد والخندق ... وفي يوم فتح مكة رأت قريش ألا تقاتل محمداً ؛ لأنها لا تستطيع ذلك فأخلت له مكة ، لكن عكرمة ونفراً معه تصدَّوا لقتال المسلمين ، فهزمهم خالد بن الوليد في معركة صغيرة ، ولاذ عكرمة بالفرار .. وعفا رسول الله عن كل مَن آذاه من قريش ، لكنه استثنى نفراً وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة ، وكان من بين هؤلاء عكرمة ، لذا تسلل متخفياً واتجه نحو اليمن يريد الهروب ..
عند ذلك مضت أم حكيم زوج عكرمة إلى منزل رسول الله ، وقالت : يا رسول الله : قد هرب منك عكرمة إلى اليمن خوفاً من أن تقتله ، فأمِّنه أمَّنك الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : " هو آمن " فخرجت من ساعتها في طلبه ، حتى أدركته عند ساحل البحر ، فقالت : يا ابن عم جئتك من عند أفضل الناس ، وأبرِّ الناس ، من عند محمد ، وقد استأمنتُ لك منه ، فلا تهلك نفسك ... فعاد معها ، ولما وصل عكرمة إلى رسول الله وقف بين يديه ، وقال : إلامَ تدعو يا محمد ؟ قال : أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني عبد الله ورسوله ، وأن تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة .. حتى عدَّله أركان الإسلام . قال عكرمة : واللهِ ما دعوت إلا إلى حق ، ثم قال : قد كنتَ فينا ـ والله ـ قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه أصدقنا حديثاً ، وأبرنا براً ... ثم بسط يديه ونطق بالشهادتين .
ثم قال عكرمة : يا رسول الله ، علمني خير شيء أقوله . قال : تقول: لا إله إلا الله ، محمداً عبده ورسوله .
فقال له رسول الله : اليوم لا تسألني شيئاً إلا أعطيتك إياه .
فقال عكرمة : إني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها ، أو كلام سوء قلته فيك .
فقال عليه الصلاة والسلام : اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها ، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد إطفاء نورك واغفر له ما نال من عرضي في وجهي أو أنا غائب " .
فقال عكرمة : أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة كنت أنفقتها في صدٍّ عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالاً قاتلته صداً عن سبيل الله إلا قاتلت ضعفه في سبيل الله .
ومنذ ذلك اليوم انضم إلى موكب الدعاة فارس باسل في ساحات القتال عبَّاد قوَّام قرَّاء لكتاب الله ، في المساجد ؛ فقد كان يضع المصحف على وجهه قائلاً : كتاب ربي ... كلام ربي وهو يبكي من خشية الله .
وفي يوم اليرموك أراد عكرمة أن يشق صفوف الروم ، فصاح في مجمع من الجند ايها الرجال من يبايع على الموت فاستجاب له اربعمائة من خيرة القادة منهم ضرار بن الازور الحارت بن هشام عياش بن ابي ربيعة وعمه هشام فنهاه خالد قائلاً : لا تفعل يا عكرمة فإن قَتْلك سيكون شديداً على المسلمين ، فقال عكرمة :
لقد قاتلتُ رسول الله في مواطن كثيرة ، وأهرب اليوم من الروم ... لن يكون هذا أبداً . ولما انجلت معركة اليرموك عن ذلك النصر المؤزر للمسلمين ، كان يتمدد على الأرض ثلاثة مجاهدين أثخنتهم الجراح ، هم: الحارث بن هشام ، عياش بن أبي ربيعة ، عكرمة بن أبي جهل .
فدعا الحارث بماء ليشربه ، فلما قربوه منه نظر إليه عكرمة فقلا : ادفعوه إليه ، فلما قربوه نظر إليه عياش فقال : ادفعوه إليه .. فلما دنوا من عياش وجدوه قد فارق الحياة ، فلما عادوا إلى صاحبيه وجدوهما قد لحقا به ، رضي الله عنهم جميعاً ،
وسقاهم من الكوثر شربة لا يظمئون بعدها .
وحباهم خضراء الفردوس يرتعون فيها أبداً
مخاوي الذيب
10-04-2012, 09:33 PM
(المقداد بن عمر رضي الله عنه سيد الفرسان وأول من عدا به فرسه في سبيل الله )
والمقداد بن الأسود، هو المقداد بن عمرو كان قد حالف في الجاهلية الأسود بن عبد يغوث فتبناه، فصار يدعى المقداد بن الأسود، حتى اذا نزلت الآية الكريمة التي تنسخ التبني، نسب لأبيه عمرو بن سعد..
والمقداد من المبكّرين بالاسلام، وسابع سبعة جاهروا باسلامهم وأعلنوه، حاملا نصيبه من أذى قريش ونقمتها، فيه........ شجاعة الرجال وغبطة الحواريين..!!
ولسوف يظل موقفه يوم بدر لوحة رائعة كل من رآه لو أنه كان صاحب هذا الموقف العظيم..
يقول عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله:
" لقد شهدت من المقداد مشهدا، لأن أكون صاحبه، أحبّ اليّ مما في الأرض جميعا".
في ذلك اليوم الذي بدأ عصيبا.. حيث أقبلت قريش في بأسها الشديد واصرارها العنيد، وخيلائها وكبريائها..
في ذلك اليوم.. والمسلمون قلة، لم يمتحنوا من قبل في قتال من أجل الاسلام، فهذه أول غزوة لهم يخوضونها..
ووقف الرسول يعجن ايمان الذين معه، ويبلوا استعدادهم لملاقاة الجيش الزاحف عليهم في مشاته وفرسانه..
وراح يشاورهم في الأمر، وأصحاب الرسول يعلمون أنه حين يطلب المشورة والرأي، فانه يفعل ذلك حقا، وأنه يطلب من كل واحد حقيقة اقتناعه وحقيقة رأيه، فان قال قائلهم رأيا يغاير رأي الجماعة كلها، ويخالفها فلا حرج عليه ولا تثريب..
وخاف المقدادا أن يكون بين المسلمين من له بشأن المعركة تحفظات... وقبل أن يسبقه أحد بالحديث همّ هو بالسبق ليصوغ بكلماته القاطعة شعار المعركة، ويسهم في تشكيل ضميرها.
ولكنه قبل أن يحرك شفتيه، كان أبو بكر الصديق قد شرع يتكلم فاطمأن المقداد كثيرا.. وقال أبو بكر فأحسن، وتلاه عمر بن الخطاب فقل وأحسن..
ثم تقدم المقداد وقال:
" يا رسول الله..
امض لما أراك الله، فنحن معك..
والله لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى
اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون..
بل نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون..!!
والذي بعثك بالحق، لو سرت بنا الى برك العماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. ولنقاتلن عن يمينك وعن يسارك وبين يديك ومن خلفك حتى يفتح الله لك".. انطلقت الكلمات كالرصاص المقذوف.. وتلل وجه رسول الله وأشرق فمه عن دعوة صالحة دعاها للمقداد.. وسرت في الحشد الصالح المؤمن حماسة الكلمات الفاضلة التي أطلقها المقداد بن عمرو والتي حددت بقوتها واقناعها نوع القول لمن أراد قولا.. وطراز الحديث لمن يريد حديثا..!!
أجل لقد بلغت كلمات المقداد غايتها من أفئدة المؤمنين، فقام سعد بن معاذ زعيم الأنصار، وقال:
" يا رسول الله..
لقد آمنا بك وصدّقناك، وشهدنا أنّ ما جئت به هو الحق.. وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك.. والذي عثك بالحق.. لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوّنا غدا..
انا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء.. ولعل الله يريك منا ما تقر عينك.. فسر على بركة الله"..
وامتلأ قلب الرسول بشرا..
وقال لأصحابه:" سيروا وأبشروا"..
والتقى الجمعان..
وكان من فرسان المسلمين يومئذ ثلاثة لا غير: المقداد بن عمرو، ومرثد بن أبي مرثد، والزبير بن العوّام، بينما كان بقية المجاهدين مشاة، أو راكبين ابلا..
*****************
ان كلمات المقداد التي مرّت بنا من قبل، لا تصور شجاعته فحسب، بل تصور لنا حكمته الراجحة، وتفكيره العميق..
وكذلك كان المقداد..
كان حكيما أريبا، ولم تكن حمته تعبّر عن نفسها في مجرّد كلمات، بل هي تعبّر عن نفسها في مبادئ نافذة، وسلوك قويم مطرّد. وكانت تجاربه قوتا لحكته وريا لفطنته..
ولاه الرسول على احدى الولايات يوما، فلما رجع سأله النبي:
" كيف وجدت الامارة"..؟؟
فأجاب في صدق عظيم:
" لقد جعلتني أنظر الى نفسي كما لو كنت فوق الناس، وهم جميعا دوني..
والذي بعثك بالحق، لا اتآمرّن على اثنين بعد اليوم، أبدا"..
واذا لم تكن هذه الحكمة فماذا تكون..؟
واذا لم يكن هذا هو الحكيم فمن يكون..؟
رجل لا يخدع عن نفسه، ولا عن ضعفه..
يلي الامارة، فيغشى نفسه الزهو والصلف، ويكتشف في نفسه هذا الضعف، فيقسم ليجنّبها مظانه، وليرفض الامارة بعد تلك التجربة ويتتحاماها.. ثم يبر بقسمه فلا يكون أميرا بعد ذلك أبدا..!!
لقد كان دائب التغني بحديث سمعه من رسول الله.. هوذا:
" ان السعيد لمن جنّب الفتن"..
واذا كان قد رأى في الامارة زهوا يفتنه، أو يكاد يفتنه، فان سعادته اذن في تجنبها..
ومن مظاهر حكمته، طول أناته في الحكم على الرجال..
وكان المقداد يرجئ حكمه الأخير على الناس الى لحظة الموت، ليتأكد أن هذا الذي يريد أن يصدر عليه حكمه لن يتغير ولن يطرأ على حياته جديد.. وأي تغيّر، أو أي جديد بعد الموت..؟؟
وتتألق حكمته في حنكة بالغة خلال هذا الحوار الذي ينقله الينا أحد أصحابه وجلسائه، يقول:
" جلسنا الى المقداد يوما فمرّ به رجل..
فقال مخاطبا المقداد: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى اله عليه وسلم..
والله لوددنا لو أن رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت فأقبل عليه المقداد وقال:
ما يحمل أحدكم على أن يتمنى مشهدا غيّبه الله عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يصير فيه؟؟ والله، لقد عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام كبّهم الله عز وجل على مناخرهم في جهنم. أولا تحمدون الله الذي جنّبكم مثلا بلائهم، وأخرجكم مؤمنين بربكم ونبيكم"..
حكمة وأية حكمة..!!
انك لا تلتقي بمؤمن يحب الله ورسوله، الا وتجده يتمنى لو أنه عاش أيام الرسول ورآه..!
ولكن بصيرة المقداد الحاذق الحكيم تكشف البعد المفقود في هذه الأمنية..
ألم يكن من المحتمل لهذا الذي يتمنى لو أنه عاش تلك الأيام.. أن يكون من أصحاب الجحيم..
ألم يكون من المحتمل أن يكفر مع الكافرين.
وأليس من الخير اذن أن يحمد الله الذي رزقه الحياة في عصور استقرّ فيها الاسلام، فأخذه صفوا عفوا..
هذه نظرة المقداد، تتألق حكمة وفطنة.. وفي كل مواقفه، وتجاربه، وكلماته، كان الأريب الحكيم..
**
وكان حب المقداد للاسلام عظيما..
وكان الى جانب ذلك، واعيا حكيما..
والحب حين يكون عظيما وحكيما، فانه يجعل من صاحبه انسانا عليّا، لا يجد غبطة هذا الحب في ذاته.. بل في مسؤولياته..
والمقداد بن عمرو من هذا الطراز..
فحبه الرسول. ملأ قلبه وشعوره بمسؤولياته عن سلامة الرسول، ولم يكن تسمع في المدينة فزعة، الا ويكون المقداد في مثل لمح البصر واقفا على باب رسول الله ممتطيا صهوة فرسه، ممتشقا مهنّده وحسامه..!!
وحبه للاسلام، ملأ قلبه بمسؤولياته عن حماية الاسلام.. ليس فقط من كيد أعدائه.. بل ومن خطأ أصدقائه..
خرج يوما في سريّة، تمكن العدو فيها من حصارهم، فأصدر أمير السرية أمره بألا يرعى أحد دابته.. ولكن أحد المسلمين لم يحط بالأمر خبرا، فخالفه، فتلقى من الأمير عقوبة أكثر مما يستحق، أ، لعله لا يستحقها على الاطلاق..
فمر المقداد بالرجل يبكي ويصيح، فسأله، فأنبأه ما حدث
فأخذ المقداد بيمينه، ومضيا صوب الأمير، وراح المقداد يناقشه حتى كشف له خطأه وقال له:
" والآن أقده من نفسك..
ومكّنه من القصاص"..!!
وأذعن الأمير.. بيد أن الجندي عفا وصفح، وانتشى المقداد بعظمة الموقف، وبعظمة الدين الذي أفاء عليهم هذه العزة، فراح يقول وكأنه يغني:
" لأموتنّ، والاسلام عزيز"..!!
أجل تلك كانت أمنيته، أن يموت والاسلام عزيز.. ولقد ثابر مع المثابرين على تحقيق هذه الأمنية مثابرة باهرة جعلته أهلا لأن يقول له الرسول عليه الصلاة والسلام:
"ان الله أمرني بحبك..
وأنبأني أنه يحبك"...
http://www.al-sahabah.com/templates/blue_pill/box/bottomright.jpg
عبدالهادي الشهراني
10-04-2012, 10:44 PM
الله يوفقك ويبارك فيك يا ابو نواف
ولي طلب بسيط
ارجو ان يكون بين كل شخصية واخرى يومين او ثلاثة لنتلذذ بقراءة كل سيرة ونتشرب مافيها من ايمان وبطولة لكل منهم ، رضي الله عنهم وارضاهم اجمعين ولا حرمك الأجر
مخاوي الذيب
11-04-2012, 12:49 AM
الله يوفقك ويبارك فيك يا ابو نواف
ولي طلب بسيط
ارجو ان يكون بين كل شخصية واخرى يومين او ثلاثة لنتلذذ بقراءة كل سيرة ونتشرب مافيها من ايمان وبطولة لكل منهم ، رضي الله عنهم وارضاهم اجمعين ولا حرمك الأجر
إبشر بسعدك وأشكر مرورك العطر وسيرة خالد أبن الوليد رضي الله عنه تم طرحها على حسب طلبك: ربي يرعاك
همس الغروب
11-04-2012, 01:41 AM
الله يعطيك الصحه يا الذيب فعلن موضوع رااائع تأخرت عن متابعته لضروفي الخاصه ربي يبارك لك ويكرمكـ وانا مع اخي عبد الهادي في الطلب "
قطرة ندى
11-04-2012, 07:47 PM
رائع ماطرح في متصفحك
كم نفتقر الى هذه الثقافية الدينية العلمية عن هذه الكوكبة من العظماء
جزاك الله خير الجزاء وجعلها في موازين حسناتك
منصور الطيب
12-04-2012, 04:43 AM
الله يجزاك الخير والله موضوع رائع ومفيد جداا تسلم يا الذيب <<متابع لك بأذن الله
مخاوي الذيب
13-04-2012, 10:35 AM
الصحابي الجليل العلاء بن الحضرمي مستجاب الدعوات
العلاء بن الحضرمي عبد الله بن ضِماد اليمني ، من حضرموت ، أسلم قديماً
وهو أخو عامر بن الحضرمي الذي قُتِلَ يوم بـدر كافراً ، وأخوهما عمـرو
الحضرمي أول قتيـل من المشركين قتله مسلم ، قُتِـلَ يوم النخلة ، وأبوهـم عبد الله كان حليف حرب بن أميـة
بعثته الى البحرين من قبل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
فقد بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- العلاء الحضرمي مُنْصَرَفَهُ من الجعرانة إلى المنذر بن ساوى العبدي بالبحرين ، وكتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الى المنذر معه كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام ، وخلّى بين العلاء وبين الصدقة يجتبيها ، فقد كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعلاء كتاباً فيه فرائض الصدقة في الإبل والبقر والغنم والثمار والأموال ، يصدّقهم على ذلك ، وأمره أن يأخذ الصدقة من أغنيائهم فيردّها على فقرائهم ، وبعث رسـول الله -صلى اللـه عليه وسلم- معه نفراً فيهم أبو هريرة ، وقال له استـوْصِ به خيـراً .
العلاء في عهد أبو بكررضي الله عنهما
وعندما قُبِضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّ ربيعة بالبحرين ، أقبل أبان بن سعيد إلى المدينة وترك عمله ، فأجمع أبو بكر بَعْثَةَ العلاء بن الحضرمي فدعاهُ ، فقال إني وجدتُك من عُمّال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين ولّى ، فرأيتُ أن أولّيَكَ ما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وَلاّكَ ، فعليك بتقوى الله ) فخرج العلاء بن الحضرمي من المدينة في ستةَ عشرَ راكباً ، معه فُرات بن حيّان العِجلي دليلاً
وكتب أبوبكر كتاباً للعلاء أن ينفر معه كلّ من مرَّ به من المسلمين إلى عدوّهم ، فسار العلاء فيمن تبعه منهم حتى نزل بحصن -جواثا- فقاتلهم ، فلم يفلت منهم أحداً ، ثم أتى القطيفَ وبها جمعٌ من العجم ، فقاتلهم فأصاب منهم طرفاً ، وانهزموا فانضمّتِ الأعاجم إلى الزارة ، فأتاهم العلاء فنزل الخطّ على ساحل البحر فقاتلهم وحاصرهم إلى أن توفي أبو بكر الصديق
العلاء في عهد عمر رضي الله عنهما
ووَليَ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ، وطلب أهل الزارة الصلحَ ، فصالحهم العلاء 0 ثم عبر إلى أهل دارين ، فقاتلهم فقتل المقاتلة ، وحوى الذراري
وبعث العلاء عَرْفَجةَ بن هَرثَمة إلى أسياف فارس ، فقطع في السفن فكان أول من فتح جزيرة بأرض فارس ، واتخذ فيها مسجداً ، وأغار على باريخان والأسياف ، وذلك سنة أربع عشرة
الدعاء عند العلاء الحضرمي رضي الله عنه
كان العلاء بن الحضرمي من سادات الصحابة العلماء العُبّاد ، مجابي الدّعاء اتفق له في غزو أهل الردة في البحرين أنه نزل منزلاً ، فلم يستقر الناس على الأرض حتى نفرت الإبل بما عليها من زاد الجيش وخيامهم وشرابهم ، وبقوا على الأرض ليس معهم شيء سوى ثيابهم ولم يقدروا منها على بعير واحد ، فركب الناس من الهمّ والغمّ ما لا يحد ولا يُوصف ، وجعل بعضهم يوصي إلى بعض ، فنادى مُنادي العلاء ، فاجتمع الناس إليه فقال إيّها الناس ألستم مسلمين ؟ ألستم في سبيل الله ؟ ألستم أنصار الله ؟ ) قالوا بلى ) قال فأبشروا ، فوالله لا يخذل الله مَنْ كان في مثل حالكم )
ونوديَ بصلاة الصبح حين طلع الفجر ، فصلى بالناس ، فلما قضى الصلاة جَثَا على ركبتيه وجَثا الناس ، ونَصب في الدعاء ، ورفع يديه ، وفعل الناس مثله حتى طلعت الشمس ، وجعل الناس ينظرون إلى سراب الشمس يلمع مرّة بعد أخرى ، وهو يجتهد بالدعاء ، فلمّا بلغ الثالثة إذا قد خلق الله إلى جانبهم غديراً عظيماً من الماء القُراح ، فمشى ومشى الناس إليه فشربوا واغتسلوا ، فما تعالى النّهار حتى أقبلت الإبل من كل فجّ بما عليها ، لم يفقد الناس من أمتعتهم سلكاً ، فسقوا الإبل عَللاً بعد نهل
الجيوش المرتدة
لمّا اقترب المسلمون من جيوش المرتدة نزل العلاء والمسلمون معه ، وباتوا متجاورين في المنازل ، وبينما المسلمون في الليل إذ سمع العلاء أصواتاً عاليةً في جيش المرتدين ، فقال مَنْ رجلٌ يكشف لنا خبر هؤلاء ) فقام عبد الله بن حذف ، فدخل فيهم فوجدهم سُكارى لا يعقلون من الشراب ، فرجع إليه فأخبره
فركب العلاء من فوره والجيش معه ، فكَبسوا أولئك فقتلوهم قتلاً عظيماً ، وقلّ من هرب منهم ، واستولى على جميع أموالهم وحواصلهم وأثقالهم ، فكانت غنيمةً عظيمةً جسيمة ، ثم ركب المسلمون في آثار المنهزمين يقتلونهم بكل مرصد وطريق
العلاءوركوب البحر
وذهب مَنْ فرَّ أو أكثرهم في البحر إلى دارين ، ركبوا إليها السُّفن ، فقال العلاء بن الحضرمي اذهبوا بنا إلى دارين لنغزوَ مَنْ بها من الأعداء ) فأجابوه إلى ذلك سريعاً ، فسار بهم حتى أتى ساحل البحر ليركبوا في السفن ، فرأى أن الشُّقّة بعيدة لا يصلون إليها في السفن حتى يذهب أعداء الله ، فاقتحم البحر بفرسِه وهو يقول يا أرحم الراحمين . يا حكيم يا كريم . يا أحد يا صمد . يا حيُّ يا مُحيي . يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام . لا إله إلا أنت يا ربّنا .
وأمر الجيش أن يقولوا ذلك ويقتحموا ، ففعلوا ذلك ، فأجاز بهم الخليج بإذن الله تعالى يمشون على مثل رملةٍ دَمِثةٍ فوقها ماءٌ لا يغمر أخفاف الإبل ، ولا يصل إلى ركب الخيل ، ومسيرته للسفن يوم وليلة ، فقطعه إلى الساحل الآخر ، فقاتل عدوّه وقهرهم ، واحتاز غنائمهم ثم رجع فقطعه إلى الجانب الآخر فعاد إلى موضعه الأول ، وذلك كله في يوم ، ولم يترك من العدو مخبراً ، ولم يفقد المسلمون في البحر شيئاً سوى عليقة فرس لرجل من المسلمين ومع هذا رجع العلاء فجاءه بها !!000
وقد قال عفيف بن المنذر في مرورهم في البحر
ألَـمْ تَرَ أنّ الله ذَلّـلَ بَحْـرَهُ ***** وأنزلَ بالكُفّارِ إحدى الجلائـلِ
دَعُوْناَ إلى شقِّ البحارِ فجاءنا ***** بأعْجَبَ مِنْ فَلْقِ البحار الأوائلِ
وقد كان مع المسلمين رجل من أهل هجر ، ( راهب ) فأسلم حينئذ ، فقيل له ما دعاك إلى الإسلام ؟) فقال خشيتُ إن لم أفعل أن يمسخني الله ، لما شاهدت من الآيات !! وقد سمعت في الهواء قبل السَّحر دعاءً { اللهم أنت الرحمن الرحيم ، لا إله إلا أنت ، ولا إله غيرك ، والبديع الذي ليس قبلك شيء ، والدائم غير الغافل ، والذي لا يموت ، وخالق ما يُرى وما لا يُرى ، وكل يوم أنت في شأن ، وعلمت اللهم كل شيئاً علماً } فعلمتُ أن القوم لم يُعانوا بالملائكة إلا وهم على أمر الله )فحسُنَ إسلامه وكان الصحابة يسمعون منه
العلاءوكتاب عمر
كتب عمر بن الخطاب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين أن سِـرْ إلى عُتبة بن غزوان فقد وَلّيتُك عملهُ ، واعلم أنّك تقدم على رجل من المهاجرين الأوّليين الذين سبقت لهم من الله الحُسْنَى ، لم أعزِلْهُ إلا أن يكون عفيفاً صليباً شديد البأس ، ولكنّي ظننتُ أنّك أغنى عن المسلمين في تلك الناحية منه فاعرف له حقّه ، وقد ولّيتُ قبلك رجلاً فمات قبل أن يصلي ، فإن يُرد الله أن تَليَ وَليتَ وإن يُرد الله أن يَليَ عُتبة ، فالخلق والأمر لله رب العالمين ، واعلم أن أمر الله محفوظ بحفظه الذي أنزله ، فانظر الذي خُلِقْتَ له فاكْدَح له ودَعْ ما سواه ، فإن الدنيا أمدٌ والآخرة مدَدٌ ، فلا يشغلنّك شيءٌ مُدْبِرٌ خيره عن شيءٍ باقٍ شرّه ، واهرب إلى الله من سخطه ، فإن الله يجمع لمن شاء الفضيلة في حُكمه وعلمه ، نسأل الله لنا ولك العونَ على طاعته والنّجاة من عذابه )
فخرج العلاء بن الحضرمي من البحرين في رهط منهم أبو هريرة وأبو بكرة ، فلمّا كانوا بلِياسٍ قريباً من الصِّعاب ، وهي من أرض بني تميم مات العلاء بن الحضرمي ، فرجع أبو هريرة إلى البحرين ، وقدم أبو بكرة إلى البصرة
العلاء وأبوهريرة
قال أبوهريرة -رضي الله عنه- : بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع العلاء بن الحضرمي ، وأوصاه بي خيراً ، فلما فصلنا قال لي إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أوصاني بك خيراً ، فانظُرْ ماذا تحبّ 0فقلتُ تجعلني أوذّن لك ، ولا تسبقني بأمين ! فأعطاه ذلك
كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول رأيتُ من العلاء بن الحضرمي ثلاثة أشياء لا أزال أحبّه أبداً ، رأيته قطع البحر على فرسه يوم دارين !! وقدم من المدينة يريد البحرين فلمّا كان بالدَّهناء نفِدَ ماؤهم ، فدعا الله تعالى لهم ، فنبع لهم من تحت رَمْلَةٍ فارتَوَوْا وارتحلوا ، وأُنْسِيَ رجلٌ منهم بعض متاعه ، فرجع فأخذه ولم يجد الماء !!
وخرجتُ معه من البحرين إلى صفّ البصرة ، فلمّا كنّا بلياس مات ، ونحن على غير ماءٍ ، فأبدى الله لنا سحابةً فمُطرنا ، فغسّلناه وحفرنا له بسيوفِنَا ، ولم نُلحِد له ودفنّاه ومضينا ، فقال رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دفنّاه ولم نلحد له)000فرجعنا لِنُلْحِد له فلم نجد موضع قبره ، وقدم أبو بكرة البصرة بوفاة العلاء الحضرمي )
الوفاة
توفي العلاء بن الحضرمي في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة أربع عشرة ، وقيل سنة إحدى وعشرين والياً على البحرين
الرجل الذي كويس
19-04-2012, 12:31 AM
جزاك الله خير تاج راسي سبحان الله لك الأجر خالي الغالي صدقني لم اقرأ او اسمع عن هذا الصحابي الجليل الا من هذا الموضوع المبارك جزاك الله عنى خير هو تقصير منا اتجاه من ارخصوا الغالي والثمين من اجل اعلاء كلمة لا اله الا الله انظر كيف يسر الله لهم البحر وكيف هم مستجابوا الدعوه رحم الله حالنا نسأل الله السلامه برحمته
اللهم اني استغفرك من جميع الذنوب والخطايا واتوب اليك اللهم تقبل توباتنا واغفر زلاتنا
مخاوي الذيب
20-04-2012, 03:14 PM
سيرة الصحابي الجليل الزبير بن العوام (حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من سل سيفه في الأسلام ) ضيف موضوع كوكبة الأبطال الجمعه الموافق 29/ 5/ 1433
الزبير بن العوام
الزبير بن العوام ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية بنت عبد المطلب وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى وأول من سل سيفه في سبيل الله
أبو عبد الله رضي الله عنه أسلم وهو حدث له ست عشرة سنة وروى الليث عن أبي الأسود عن عروة قال أسلم الزبير ابن ثمان سنين وخرج الزبير وهو غلام ابن اثنتي عشرة سنة بيده السيف فمن رآه عجب وقال الغلام معه السيف حتى أتى النبي فقال ما لك يا زبير فأخبره وقال أتيت أضرب بسيفي من أخذك
وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا إذا ركب خطت رجلاه الأرض وكان خفيف اللحية والعارضين روى أحاديث يسيرة.
روى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قلت لابي مالك لا تحدث عن رسول الله كما يحدث عنه فلان وفلان قال ما فارقته منذ أسلمت ولكن سمعت منه كلمة سمعته يقول ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )
قال إسحاق بن يحيى عن موسى بن طلحة قال كان علي والزبير وطلحة وسعد عذار عام واحد يعني ولدوا في سنة. وقال المدائني كان طلحة والزبير وعلي أترابا. وقال يتيم أبن عروة: هاجر الزبير وهو ابن ثمان عشرة سنة وكان عمه يعلقه ويُدخن عليه وهو يقول لا أرجع إلى الكفر أبدا
قال عروة جاء الزبير بسيفه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما لك قال أخبرت أنك أخذت قال فكنت صانعا ماذا قال كنت أضرب به من أخذك فدعا له ولسيفه
وروى هشام عن أبيه عروة أن الزبير كان طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة . وكانت أمه صفية تضربه وتقول
إنما أضربه لكي يدب * ويجر الجيش ذا الجلب
قال وكسر يد غلام ذات يوم فجيء بالغلام إلى صفية فقيل لها ذلك فقالت
كيف وجدت وبرا * أأقطا أم تمرا
أم مشمعلا صقرا
قال ابن إسحاق (http://www.alqaryh.com/wiki/%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%A7 %D8%B3%D8%AD%D8%A7%D9%82) وقد أسلم على ما بلغني على يد أبي بكر الزبير وعثمان وطلحة وعبد الرحمن وسعد وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال قاتل الزبير مع نبي الله وله سبع عشرة
وفيه يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير
جدي ابن عمة أحمد ووزيره * عند البلاء وفارس الشقراء
وغداة بدر كان أول فارس * شهد الوغى في اللامة الصفراء
نزلت بسيماه الملائك نصرة * بالحوض يوم تألب الاعداء
وهو ممن هاجر إلى الحبشة فيما نقله موسى بن عقبة وابن إسحاق (http://www.alqaryh.com/wiki/%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%A7 %D8%B3%D8%AD%D8%A7%D9%82) ولم يطول الاقامة بها.
قال أبو معاوية عن هشام عن أبيه قالت عائشة يا ابن أختي كان أبواك يعني الزبير وأبا بكر من " الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح " آل عمران 172 لما انصرف المشركون من أحد وأصاب النبي أصحابه ما أصابهم خاف أن يرجعوا فقال من ينتدب لهؤلاء في آثارهم حتى يعلموا أن بنا قوة فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين فخرجوا في آثار المشركين فسمعوا بهم فانصرفوا قال تعالى " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء " آل عمران 174 لم يلقوا عدوا. وقال البخاري (http://www.alqaryh.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D9%8A) ومسلم جابر قال رسول الله يوم الخندق من يأتينا بخبر بني قريظة فقال الزبير أنا فذهب على فرس فجاء بخبرهم ثم قال الثانية فقال الزبير أنا فذهب ثم الثالثة فقال النبي ( لكل نبي حواري وحواري الزبير ) رواه جماعة عن ابن المنكدر عنه. وروى جماعة عن هشام عن أبيه عن ابن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير )
وروى أبو معاوية عن هشام بن عروة عن جابر قال رسول الله ( الزبير ابن عمتي وحواري من أمتي )وقال يونس بن بكير عن هشام عن أبيه عن الزبير قال أخذ رسول الله بيدي فقال ( لكل نبي حواري وحواري الزبير وابن عمتي ) وبإسنادي في المسند إلى أحمد بن حنبل حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن عاصم عن زرقال استأذن ابن جرموز على علي وأنا عنده فقال علي بشر قاتل ابن صفية بالنار سمعت رسول الله يقول ( لكل نبي حواري وحواري الزبير ) تابعه شيبان وحماد بن سلمة وروى جرير الضبي عن مغيرة عن أم موسى قالت استأذن قاتل الزبير فذكره و أن رسول الله قال ( وحواري من الرجال الزبير ومن النساء عائشة )
وعن ابن أبي عروبة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه سمع رجلا يقول يا ابن حواري رسول الله فقال ابن عمر إن كنت من آل الزبير وإلا فلا. رواه ثقتان عنه والحواري الناصر وقال مصعب الزبيري الحواري الخالص من كل شيء وقال الكلبي الحواري الخليل.
أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه أن ابن الزبير قال له يا أبة قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق قال يا بني رأيتني قال نعم قال فإن رسول الله يومئذ ليجمع لابيك أبويه يقول ( ارم فداك أبي وأمي )
وقال أحمد في مسنده: حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام عن أبيه عن عبد الله ابن الزبير قال لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الاطم الذي فيه نساء النبي اطم حسان فكان عمر يرفعني وأرفعه فإذا رفعني عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة فيقاتلهم.
ا حدثنا ابن أبي الزناد قال ضرب الزبير يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره فقطعه إلى القربوس فقالوا ما أجود سيفك فغضب الزبير يريد أن العمل ليده لا للسيف. وقالت أم عروة بنت جعفر عن أختها عائشة عن أبيها عن جدها الزبير أن رسول الله أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة فدخل الزبير مكة بلواءين . وعن أسماء قالت عندي للزبير ساعدان من ديباج كان النبي عطاهما إياه فقاتل فيهما رواه أحمد في مسنده من طريق ابن لهيعة (http://www.alqaryh.com/wiki/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D9%84%D9%87%D9%8A%D8%B9%D8%A9)
وقد قال رضي الله عنه ما تخلفت عن غزوة غزاها المسلمون إلا أن أقبل فألقى ناسا يعقبون وعن الثوري (http://www.alqaryh.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D9%8A) قال هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة حمزة وعلي والزبير.
وقد رأى الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي
وعن معمر عن هشام عن عروة قال كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف إحداهن في عاتقه إن كنت لادخل أصابعي فيها ضرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك.
قال عروة قال عبد الملك بن مروان حين قتل ابن الزبير يا عروة هل تعرف سيف الزبير قلت نعم قال فما فيه قلت فلة فلها يوم بدر فاستله فرآها فيه فقال ( بهن فلول من قراع الكتائب ) ثم أغمده ورده علي فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف فأخذه بعضنا ولوددت أني كنت أخذته
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله كان على حراء فتحرك فقال اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد . وكان عليه أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير الحديث رواه معاوية بن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وذكر منهم عليا وقد مر في تراجم الراشدين أن العشرة في الجنة ومر في ترجمة طلحة (http://www.alqaryh.com/wiki/%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A9_%D8%A8%D9%86_%D8%B9%D8%A8 %D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87) عن النبي قال ( طلحة والزبير جاراي) رواه أحمد في مسنده
حدثنا زكريا بن عدي حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن مروان ولا إخاله متهما علينا قال أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف حتى تخلف عن الحج وأوصى فدخل عليه رجل من قريش فقال استخلف قال وقالوه قال نعم قال من هو فسكت قال ثم دخل عليه رجل آخر فقال له مثل ذلك ورد عليه نحو ذلك قال فقال عثمان قالوا الزبير قالوا نعم قال أما والذي نفسي بيده إن كان لأخيرهم ما علمت وأحبهم إلى رسول الله .وقال أبن هشام بن عروة عن أبيه قال أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة منهم عثمان وابن مسعود (http://www.alqaryh.com/wiki/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D9%85%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF) وعبد الرحمن فكان ينفق على الورثة من ماله ويحفظ أموالهم.
وقال عمرو بن الحارث حدثني هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير خرج غازيا نحو مصر فكتب إليه أمير مصر أن الأرض قد وقع بها الطاعون فلا تدخلها فقال إنما خرجت للطعن والطاعون فدخلها فلقي طعنة في جبهته فأفرق.
وقال الزبير بن بكار حدثني أبو غزية محمد بن موسى حدثنا عبد الله بن مصعب عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت مر الزبير بمجلس من أصحاب رسول الله وحسان ينشدهم من شعره وهم غير نشاط لما يسمعون منه فجلس معهم الزبير ثم قال مالي أراكم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة فلقد كان يعرض به رسول الله فيحسن استماعه ويجزل عليه ثوابه ولا يشتغل عنه فقال حسان يمدح الزبير
أقام على عهد النبي وهديه * حواريه والقول بالفعل يعدل
أقام على منهاجه وطريقه * يوالي ولي الحق والحق اعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي * يصول إذا ما كان يوم محجل
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها بأبيض سباق إلى الموت يرقل
وإن امرءا كانت صفية أمه * ومن أسد في بيتها لمؤثل
له من رسول الله قربى قريبة * ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل
فكم كربة ذب الزبير بسيفه * عن المصطفى والله يعطي فيجزل
ثناؤك خير من فعال معاشر * وفعلك يا ابن الهاشمية أفضل
قال جويرية بن أسماء باع الزبير دارا له بست مئة ألف فقيل له يا أبا عبد الله غبنت قال كلا هي في سبيل الله.
وقال الليث عن هشام بن عروة أن الزبير لما قتل عمر محا نفسه من الديوان وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان محا نفسه من الديوان
وذكر أحمد في المسند حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا شداد بن سعيد حدثنا غيلان بن جرير عن مطرف قلت للزبير ما جاء بكم ضيعتم الخليفة حتى قتل ثم جئتم تطلبون بدمه قال إنا قرأنا على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت.
قال أبو شهاب الحناط وغيره عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل يا ابن صفية هذه عائشة تملك الملك طلحة فأنت علام تقاتل قريبك عليا زاد فيه غير أبي شهاب فرجع الزبير فلقيه ابن جرموز فقتله . وعن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال انصرف الزبير يوم الجمل عن علي فلقيه ابنه عبد الله فقال جبنا جبنا قال قد علم الناس أني لست بجبان ولكن ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله فحلفت أن لا أقاتله ثم قال
ترك الامور التي أخشى عواقبها * في الله أحسن في الدنيا وفي الدين
وقيل إنه أنشد
ولقد علمت لو ان علمي نافعي * أن الحياة من الممات قريب
فلم ينشب أن قتله ابن جرموز وروى حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن جاوان قال قتل طلحة وانهزموا فأتى الزبير سفوان فلقيه النعر المجاشعي فقال يا حواري رسول الله أين تذهب تعال فأنت في ذمتي فسار معه وجاء رجل إلى الاحنف فقال إن الزبير بسفوان فما تأمر إن كان جاء فحمل بين المسلمين حتى إذا ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيف أراد أن يلحق ببنيه قال فسمعها عمير بن جرموز وفضالة بن حابس ورجل يقال له نفيع فانطلقوا حتى لقوه مقبلا مع النعر وهم في طلبه فأتاه عمير من خلفه وطعنه طعنة ضعيفة فحمل عليه الزبير فلما استلحمه وظن أنه قاتله قال يا فضالة يا نفيع قال فحملوا على الزبير حتى قتلوه
وقد جيء برأس الزبير إلى علي فقال علي تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار حدثني رسول الله أن قاتل الزبير في النار. وعن منصور بن عبد الرحمن سمعت الشعبي يقول أدركت خمس مئة أو أكثر من الصحابة يقولون علي وعثمان وطلحة والزبير في الجنة.
قلت لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة ومن البدريين ومن أهل بيعة الرضوان ومن السابقين الأولين الذين أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه ولأن الأربعة قتلوا ورزقوا الشهادة فنحن محبون لهم باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة
وقال هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير قال لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى إلا عيناه وكان يكنى أبا ذات الكرش فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات فأخبرت أن الزبير قال لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطيت فكان الجهد أن نزعتها يعني الحربة فلقد انثنى طرفها قال عروة فسأله إياها رسول الله فأعطاه إياها فلما قبض أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه ( إياها ) فلما قبض أبو بكر سألها عمر فأعطاه إياها فلما قبض ( عمر ) أخذها ثم طلبها عثمان ( منه ) فأعطاه إياها فلما قبض وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير فكانت عنده حتى قتل. غريب تفرد به البخاري
قال هشام عن أبيه أن أصحاب رسول الله قالوا للزبير ألا تشد معك قال إني ان شددت كذبتم فقالوا لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوفهم فجاوزهم وما معه أحد ثم رجع مقبلا فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر قال عروة فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير قال وكان معه عبد الله بن الزبير وهو ابن عشر سنين فحمله على فرس ووكل به رجلا قلت هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله فإن عبد الله كان إذ ذاك ابن عشر سنين.
**************
وفاته رضي الله عنه
إن الرزية من تضمن قبره * وادي السباع لكل حنب مصرع
لما أتى خبر الزبير تواضعت * سور المدينة والجبال الخشع
قال البخاري وغيره قتل في رجب سنة ست وثلاثين وادي السباع على سبعة فراسخ من البصرة. قال الواقدي (http://www.alqaryh.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%AF%D9%8A) وابن نمير قتل وله أربع وستون سنة وقال غيرهما قيل وله بضع وخمسون .وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا إلا أن يكون في غزو مع النبي أو مع أبي بكر وعمر وعثمان فحسبت دينه فوجدته ألفي ألف ومئتي ألف فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله فقال يا ابن أخي كم على أخي من الدين فكتمه وقال مئة ألف فقال حكيم ما أرى أموالكم تتسع لهذه فقال عبد الله أفرأيت إن كانت الفي الف ومئتي ألف قال ما أراكم تطيقون هذا فإن عجزتم عن شيء فاستعينوا بي وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومئة ألف فباعها عبد الله بألف ألف وست مئة ألف وقال من كان له على الزبير دين فليأتنا بالغابة فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربع مئة ألف فقال لابن الزبير إن شئت تركتها لكم قال لا قال فاقطعوا لي قطعة قال لك من هاهنا إلى هاهنا قال فباعه بقضاء دينه قال وبقي منها أربعة أسهم ونصف فقال المنذر بن الزبير قد اخذت سهما بمئة ألف وقال عمرو بن عثمان قد اخذت سهما بمئة ألف وقال ابن ربيعة قد أخذت سهما بمئة ألف فقال معاوية كم بقي قال سهم ونصف قال قد اخذت بمئة وخمسين ألفا قال وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بست مئة ألف فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير أقسم بيننا ميراثنا قال لا والله حتى أنادي بالموسم أربع سنين ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه فجعل كل سنة ينادي بالموسم فلما مضت أربع سنين قسم بينهم فكان للزبير أربع نسوة قال فرفع الثلث فأصاب كل امرأة ألف ألف ومئة ألف فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف للزبير
في مسند بقي بن مخلد ثمانية وثلاثون حديثا منها في الصحيحين حديثان وانفرد البخاري بسبعة أحاديث قال هشام عن أبيه قال بلغ حصة عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم وقالت ترثيه
غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غير معرد
يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش البنان ولا اليد
ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله * فيما مضى مما تروح وتغتدي
كم غمرة قد خاضها لم يثنه * عنها طرادك يا ابن فقع الفدفد
والله ربك ان قتلت لمسلما * حلت عليك عقوبة المتعمد
رضي الله عن الزبير بن العوام وأرضاه وجمعنا به وبالصحابه أجمعين في جنات النعيم.
قطرة ندى
20-04-2012, 03:39 PM
الزبير بن العوام من المبشرين بالجنة
ويستحق أن يكون جار رسول الله في الجنة
هنيئاً لهؤلاء القوم بالجنة
أدعو الله أن يجمعنا بهم في عليين
جزاك الله خير الجزاء ياأخي على هذه الموسوعة
العلمية والثقافية الرائعة
تقبل مروري
الرجل الذي كويس
20-04-2012, 09:59 PM
جزاك الله خير ورحم الله حواري رسول الله وأحد العشره المبشرين بالجنه
شكراً مخاوي الذيب
الطاروق
21-04-2012, 12:41 AM
(( إن لكل نبي حواريّاً ، وحواريّ الزبير بن العوام ))
رضي الله عنه وارضاه وجزاك الله خير الجزاء على نقل هذه السيرة العطرة بهذا الاخراج الرائع ...
مخاوي الذيب
27-04-2012, 12:47 AM
الصحابي الجليل والمجاهد البطل : جعفر بن ابي طالب رضي عنه ( جعفر الطيار)
هو ضيفنا لهذا اليوم الجمعه الموافق 6 / 5 / 1433 هجريه
مقتطفات من سيرته رضي الله عنه
فهذه مُقتَطَفات من سِيرَة عَلَمٍ من أعلام هذه الأُمَّة، وبَطَلٍ من أبطالها، صحابي جَلِيل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - نقتَبِس من سِيرَته العَطِرة الدُّروسَ والعِبَر، هذا الصحابيُّ كان من السابقين إلى الإسلام، وممَّن هاجَر الهجرتَيْن: الأولى للحبشة، والثانية للمدينة، وكان أحد قادَةِ المسلِمين في معركة مُؤتَة الشَّهِيرة، وله قَرابَةٌ من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهو ابن عمِّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال عنه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث الذي رواه البخاري في "صحيحه": ((أشبهتَ خَلقي وخُلقي))[1] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn1)، قال الذهبي: وقد سُرَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقدومه من الحبشة، وحزن واللهِ كثيرًا عند استشهاده.
************************************************** *********
إنه الشهيد البَطَل، علَم المُجاهِدين، جعفر بن أبي طالب - عبدمناف - بن عبدالمطلب القرشي الهاشمي، أبو عبدالله، ويُلقَّب بأبي المساكين، شقيق علي بن أبي طالب، وأكبر منه بعشر سنين، روى الترمذيُّ في "سننه" من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - مَوقُوفًا عليه، أنه قال: ما احتَذَى النِّعال ولا انتَعَل، ولا رَكِبَ المطايا، ولا ركب الكُور[3] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn3) بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أفضل من جعفر بن أبي طالب[4] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn4)؛ يعني: في الجُود والكرم.
وقد كانت لهذا الصحابي مواقفُ بطوليَّةٌ، تدلُّ على شجاعته العظيمة ونصرته لهذا الدين، فمن تلك المواقف العظيمة أنه بعد رجوعه من هجرته من الحبشة، التي دامَتْ عشر سنين بعيدًا عن أهله ووطنه، كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لِتَوِّه قد انتَهَى من فتْح خبير، ففَرِح بقُدُومه كثيرًا، لكنَّ هذه الفرحة لم تستمرَّ طويلاً؛ فالأعمال كثيرة، والوقت قصير، فقد أرسَلَه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع جيش المسلِمين المُتَّجِه إلى الشام لقِتال الرُّوم، وكان عددهم ثلاثة آلاف مُقاتِل، وأَمَّر عليهم زيد بن حارثة، فإن قُتِل فجعفر بن أبي طالب، فإن قُتِل فعبدالله بن رَواحَة.
وبدَأَت المعركة، ونَظَرًا لعدم التكافُؤ بين جيش المسلمين وعدوِّهم؛ فقد أظهر المسلِمون بُطُولات وتَضحيات عظيمة؛ ففي بداية المعركة - وبعد قِتال شديد - قُتِل زيد بن حارثة، فأخذ الرايَة جعفر بن أبي طالب فعُقِر جواده، وكان فارسًا من فرسان العرب، قال ابن إسحاق: هو أوَّل من عقر في الإسلام[5] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn5) فجعل ينشد هذه الأبيات:
يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا
طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا
وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا
عَلَيَّ إِذْ لاَقَيْتُهَا ضِرَابُهَا
وكان يُمسِك الراية بيده اليُمنَى، فقطَعُوا يده اليُمنَى، فأمسَكَ الرايَة بيده اليُسرَى، فقطعوا يده اليُسرَى، فضَمَّ الرايَة إلى صدره، فتَكاثَرُوا عليه فقتَلُوه[6] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn6)، قال - تعالى -: ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [آل عمران: 169، 170].
روى مسلم في "صحيحه" من حديث عبدالله بن مسعود - رضِي الله عنه - عن هذه الآية: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا... ﴾ الآية، قال: أمَا إنَّا قد سألنا عن ذلك، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أرواحهم في جوفِ طيرٍ خُضْرٍ، لها قَنادِيلُ مُعَلَّقة بالعرش، تَسرَح من الجنَّة حيث شاءَتْ، ثم تَأوِي إلى تلك القَنادِيل، فاطَّلَع عليهم ربُّهم اطِّلاعَةً فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أيَّ شيء نشتهِي، ونحن نَسرَح من الجنَّة حيث شئنا؟!))[7] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn7).
وروى البخاري في "صحيحه" من حديث أنس بن مالك - رضِي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - نَعَى زيدًا وجعفرًا وابنَ رَواحَة للنَّاس قبل أن يأتِيَهم خبرُهم، فقال: ((أخَذَ الرايَة زيد فأُصِيب، ثم أخَذ جعفر فأُصِيب، ثم أخَذ ابن رَواحَة فأُصِيب - وعَيناه تَذرِفان - حتى أخَذ سيفٌ من سُيُوف الله، حتى فتح الله عليهم))[8] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn8).
وروى البخاري في "صحيحه" من حديث عبدالله بن عمر - رضِي الله عنهما - أنَّه قال: كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتَمَسنا جعفرَ بن أبي طالب، فوَجَدناه في القَتلَى، ووَجَدنا ما في جسده بضعًا وتسعين، من طَعنَة ورَميَة[9] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn9)، وفي رواية: ليس منها شيء في دُبُرِه[10] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn10).
وصدق الله إذ يقول: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾ [الأحزاب: 23].
روى الحاكم في "المستدرك" والترمذي في "سننه" من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مرَّ بي جعفر بن أبي طالب في مَلأٍ من الملائكة وهو مخضَّب الجناحَيْن بالدم، أبيض الفؤاد))[11] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn11).
وفي روايةٍ أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((جعفر بن أبي طالب يَطِير مع جبريل وميكائيل له جناحان))[12] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn12).
فقد عَوَّضَه الله عن يديه المقطوعتَيْن في المعركة بأنْ جعَلَه يَطِير في الجنَّة مع الملائكة، وهذه مَنقَبَة عظيمة له - رضِي الله عنه وأرضاه - وفي "صحيح البخاري" أنَّ ابن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا سلَّم على عبدالله بن جعفر يقول: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين[13] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn13).
قال أبو عبدالله: الجناحان: كل ناحيتين.
ومن مَناقِبه العظيمة ما رواه البخاري في "صحيحه" من حديث البراء - رضِي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أشبهت خَلْقي وخُلُقي))[14] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn14).
وبعدَ استِشهاد جعفر ورُجُوع الجيش إلى المدينة، دخل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على أسماء بنت عُمَيسٍ زوجة جعفر، ودعا بأبناء جعفر فشمَّهم وقبَّلهم، وذرفت عيناه من الدُّموع؛ حزنًا على أخيه جعفر، فقالت أسماء: يا رسول الله، هل بلَغَك عن جعفر شيء؟ قال: ((نعم، قُتِل))، فقامت تَبكِي، فقال: ((لا تَبكُوا على أخي بعد اليوم))، ثم قال: ((ادعوا لي ابنَيْ أخي))، قال عبدالله بن جعفر: فجِيء بنا كأنا أفرخ، فقال: ((ادعوا لي الحلاَّق))، فجِيء بالحلاق، فحلق رؤوسنا، ثم قال: ((أمَّا محمد، فشبيه عمِّنا أبي طالب، وأمَّا عبدالله، فشبيه خلقي وخلقي))، ثم أخَذ بيدي فأَشالَهَا[15] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn15)، فقال: ((اللهمَّ أَخلِف جعفرًا في أهله، وبارِك لعبدالله في صفقة يمينه))، قالَهَا ثلاث مِرارٍ، قال: فجاءت أمُّنا، فذكرت له يتمنا وجعلت تفرح له[16] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn16)، فقال: ((العَيْلَةَ[17] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn17) تَخافِين عليهم، وأنا وليُّهم في الدنيا والآخرة؟!))[18] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn18).
روى الإمام أحمد في "مسنده" من حديث عبدالله بن جعفر قال: لَمَّا جاء نعي جعفر حين قُتِل، قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اصنَعُوا لآل جعفرٍ طعامًا؛ فقد أتاهم أمر يَشغَلهم، أو أتاهم ما يَشغَلهم))[19] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn19).
ومن أخلاقه العظيمة: الكرم والبذل والسخاء، ففي "صحيح البخاري" من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنه قال: كنت أُلصِق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لأَستَقرِئ الرجلَ الآيةَ هي معي، كي يَنقَلِب بي فيُطعِمني، وكان أخير الناس للمِسكِين جعفر بن أبي طالب، وكان يَنقَلِب بنا فيُطعِمنا ما كان في بيته، حتى إن كان ليُخرِج إلينا العُكَّة[20] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn20) التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعَق ما فيها[21] (http://www.alukah.net/***/Shigawi/10298/32351/#_ftn21).
وقد أُستشهد - رضِي الله عنه - سنة ثمانٍ من الهجرة، وهو في ريعان شبابه، قال بعض المؤرِّخين: أُستشهد وعمره بضع وثلاثون سنة.
رضي الله عن جعفر وجَزَاه عن الإسلام والمسلمين خيرَ الجزاء، وجمَعَنا به في دار كرامته مع النبيِّين والصديقين، والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رَفِيقًا
************************************************** ****************
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
الطاروق
27-04-2012, 01:02 AM
يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا
طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا
وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا
عَلَيَّ إِذْ لاَقَيْتُهَا ضِرَابُهَا
لله درّة شبية النبي صلوات ربي وسلامه عليه
ابيات في غاية الجمال وهمة تخايل السحاب ...
شكراً مخاوي الذيب ...
انتظر بفارغ الصبر ضيفنا الجديد في زاويتك الجميلة ...
معشي الذيب
27-04-2012, 03:03 AM
كعادتك في الطرح المتميز
مواضيع تنمى فينا حب الصحابه والاستفاده مما قدمو لديننا فجزاهم الله خير الجزاء نضير ماقدمو
وكتب الله لك الاجروالمثوبه
الرجل الذي كويس
02-05-2012, 12:35 AM
قال: أمَا إنَّا قد سألنا عن ذلك، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أرواحهم في جوفِ طيرٍ خُضْرٍ، لها قَنادِيلُ مُعَلَّقة بالعرش، تَسرَح من الجنَّة حيث شاءَتْ، ثم تَأوِي إلى تلك القَنادِيل، فاطَّلَع عليهم ربُّهم اطِّلاعَةً فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أيَّ شيء نشتهِي، ونحن نَسرَح من الجنَّة حيث شئنا؟!))
اللهم اني اسألك الشهاده في سبيلك
جزاك الله خير
تاج راسي
عاشق زمانه
02-05-2012, 04:13 PM
جزاك الله خير الجزاء
الطفلة البريئة
03-05-2012, 11:15 AM
http://im23.gulfup.com/2012-05-03/1336032897461.gif
مخاوي الذيب
04-05-2012, 02:41 PM
شهيد المحراب
الجمعه 13/ 6/ 1433
************************
{{*الخليفه الثاني الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه*}}
إنه الفاروق عمر بن الخطاب-رضي الله عنه، ولد بعد عام الفيل بثلاث سنوات، وكان من بيت عظيم من قريش، وكان قبل إسلامه من أشد الناس عداوة لرسول الله ( وأصحابه، وكان يرى أن محمدًا قد فرق بين الناس، وجاء بدين جديد، فبلغ من ضيقه وكرهه أنه حمل سيفه وتوجه إلى النبي ( يريد أن يقتله، وفي الطريق قابله رجل، فقال له: أين تريد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا، قال الرجل: وكيف تأمن من بني هاشم وبني زهرة إذا قتلته؟ فقال عمر: ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك الذي كنت عليه. قال الرجل: أفلا أدلك على ما هو أعجب من ذلك؟ قال عمر: وما هو؟ قال: أختك وزوجها قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه.
فغضب عمر أشد الغضب، وغير وجهته؛ حيث اتجه إلى بيت أخته فاطمة ليرى صدق ما أخبر به، فلما أتاهما وكان عندهما خباب بن الأرت-رضي الله عنه-، فدفع عمر الباب وقد سمع أصواتهم وهم يقرءون القرآن، فقال مستنكرًا: ما هذه الهيمنة (الصوت غير المفهوم) التي سمعتها عندكم ؟ فقال سعيد بن زيد زوج أخته: حديثًا تحدثناه بيننا.
قال عمر: فلعلكما قد صبوتما. فقال له سعيد: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر عليه وأخذ يضربه، فجاءت أخت عمر فدفعت عمر عن زوجها فلطمها بيده، فسال الدم من وجهها، فقالت: يا عمر، إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.
فلما يئس عمر منهما قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه، فقالت أخته: إنك نجس ولا يمسه إلا المطهرون، فاغتسل أو توضأ، وعلمته كيف يتوضأ، فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب وقرأ الآيات الأولى من سورة طه، فقال عمر: دلوني على محمد.
فلما سمع خباب قول عمر خرج من المخبأ، وهو يقول: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله ( لك ليلة أمس: "اللهمَّ أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام" قد استجيبت، ثم خرج خباب مع عمر إلى دار الأرقم في جبل الصفا، حيث كان رسول الله ( وأصحابه.
فلما اقتربا من الدار، وجدا على بابها حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- ومعه طلحة بن عبيد الله، وبعض الصحابة -رضي الله عنهم- فلما رآه حمزة قال لمن حوله: هذا عمر، فإن يرد الله بعمر خيرًا يسلم ويتبع النبي (، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا، ثم خرج رسول الله ( حتى أتى عمر، فأخذ بمجامع ثوبه وقال: ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة.
فقال عمر: أشهد أنك رسول الله، وشهد شهادة الحق، فكبر المسلمون تكبيرة سُمعت في طرق مكة.
ثم قال عمر: يا رسول الله، علام نخفي ديننا ونحن على الحق، ويظهرون دينهم وهم على باطل.
فقال رسول الله (: "يا عمر، إنا قليل، وقد رأيت ما لقينا"، فقال عمر: فوالذي بعثك بالحق، لا يبقى مجلس جلست فيه وأنا كافر إلا أظهرت فيه الإيمان.
ثم خرج فطاف بالكعبة، ومرَّ على قريش وهم جالسون ينظرون إليه، فقال أبو جهل لعمر: يزعم فلان أنك صبوت؟ فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله. فهجم عليه بعض المشركين، فأخذ عمر يضربهم، فما يقترب منه أحد إلا وقد نال منه حتى أمسك عمر بعتبة بن ربيعة وضربه ضربًا مبرحًا، ثم ذهب عمر إلى الرسول ( وأخبره، وطلب منه أن يخرج معه ليعلنوا إسلامهم أمام مشركي مكة، فخرج النبي ( وأصحابه، فطافوا بالكعبة وصلوا الظهر، ولقب عمر منذ ذلك بالفاروق لأنه فرق بن الحق والباطل. [ابن سعد].
وكان عمر -رضي الله عنه- مخلصًا في إسلامه، صادقًا مع ربه، شديد الحب لله ورسوله، فلزم النبي (، ولم يفارقه أبدًا، وكان هو والصديق يسيران مع النبي حيث سار، ويكونان معه حيث كان، حتى أصبحا بمكانة الوزيرين له، وكان ( يقول: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" [أحمد والترمذي وأبو داود]، ويقول: "لو كان بعدي نبي لكان عمر" [ابن عبد البر].
وقد بشره رسول الله ( بالجنة، فهو أحد العشرة المبشرين بها، قال (:"دخلت الجنة، أو أتيت الجنة فأبصرت قصرًا، فقلت لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله، فلم يمنعني إلا علمي بغيرتك"، قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، أو عليك أغار. [متفق عليه].
ولما أذن رسول الله ( لأصحابه بالهجرة إلى المدينة، كانوا يهاجرون في السر خوفاً من قريش، وتواعد عمر بن الخطاب مع عباس بن أبي ربيعة المخزومي وهشام بن العاص على الهجرة، واتفقوا على أن يتقابلوا عند مكان بعيد عن مكة بستة أميال ومن يتخلف منهم فليهاجر الآخر، فتقابل عمر مع عباس عند المكان المحدد، أما هشام فقد أمسكه قومه وحبسوه.
فهاجر عمر مع عباس إلى المدينة، فلما هاجر إليها رسول الله ( آخى بين المهاجرين والأنصار، فآخى بين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك -رضي الله عنهما-.
وتكون المجتمع الإسلامي في المدينة، وبدأت رحلة الجهاد في الإسلام، فرفع عمر لواء الحق وأمسك بسيفه ليناصر دين الله -عز وجل- وجاءت أول معركة للمسلمين مع المشركين غزوة بدر الكبرى، فأسر المسلمون عددا من المشركين، وشاور النبي ( أصحابه في أسرى بدر، فكان رأي عمر أن يقتلوا، وكان رأي الصديق أن يفتدوا، فاختار النبي ( أيسر الرأيين، ونزل على رأي أبي بكر.
فنزل جبريل -عليه السلام- على النبي ( ليتلو عليه آيات القرآن مؤيدًا رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد عرض الآخرة والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) [الأنفال: 67-68]، فبكى رسول الله ( وبكى أبو بكر، فجاء عمر فسألهما عن سبب بكائهما فأخبراه.
وشهد الفاروق عمر مع رسول الله ( جميع المشاهد والغزوات، يجاهد بسيفه في سبيل الله؛ ليعلي كلمة الحق. وفي غزوة أحد، وقف بجانبه ( يدافع عنه بعد أن انهزم المسلمون.
ويلحق رسول الله ( بالرفيق الأعلى، فيبايع الفاروق أبا بكر الصديق، كما بايعه المهاجرون والأنصار، ويقف عمر بجانبه يشد من أزره، لا يكتم عن رأيا، ولا يبخل عنه بجهد في سبيل نصرة الحق ورفعة الدين، فيكون معه في حربه ضد المرتدين ومانعي الزكاة ومدعي النبوة، وفي أعظم الأمور وأجلها مثل جمع القرآن.
ويوصي الخليفة الأول قبل موته بالخلافة إلى الفاروق عمر، ليضع على كاهله عبئًا ثقيلاً، يظل عمر يشتكي منه طوال حياته، ولكن من كان لهذا الأمر غير عمر، فإنه الفاروق، العابد، الزاهد، الإمام العادل.
وحمل عمر أمانة الخلافة فكان مثالا للعدل والرحمة بين المسلمين، وكان سيفًا قاطعا لرقاب الخارجين على أمر الله تعالى، والمشركين، فكان رحيما وقت الرحمة، شديدًا وقت الشدة.
فقد خرج مع مولاه وأسلم في ليلة مظلمة شديدة البرد يتفقد أحوال الناس، فلما كانا بمكان قرب المدينة، رأى عمر نارًا، فقال لمولاه: يا أسلم، ههنا ركب قد قصر بهم الليل، انطلق بنا إليهم فذهبا تجاه النار، فإذا بجوارها امرأة وصبيان، وإناء موضوع على النار، والصبيان يتصايحون من شدة الجوع، فاقترب منهم، وسألهم: ما بالكم؟ فقالت المرأة: قصر بنا الليل والبرد، قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون (يصطرخون)؟! قالت: من الجوع، فقال: وأي شيء على النار؟ قالت: ما أعللهم به حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر، فبكى ورجع إلى البيت فأحضر دقيقًا وسمنًا وقال: يا أسلم، احمله على ظهري. فقال أسلم: أنا أحمله عنك.
فقال: أنت تحمل وزري يوم القيامة؟ فحمله على ظهره وانطلقا حتى أتيا المرأة، فألقى الحمل عن ظهره وأخرج من الدقيق، فوضعه في القدر، وألقى عليه السمن وجعل ينفخ تحت القدر والدخان يتخلل لحيته ساعة، حتى نضج الطعام، فأنزله من على النار، وقال: ائتني بصحفة، فأتى بها، فغرف فيها ثم جعلها أمام الصبيان، وقال: كلوا، فأكلوا حتى شبعوا، والمرأة تدعو له، فلم يزل عندهم حتى نام الصغار، ثم انصرف وهو يبكي، ويقول: يا أسلم، الجوع الذي أسهرهم وأبكاهم.
وخرج الفاروق يومًا يتفقد أحوال رعيته فإذا امرأة تلد وتبكي، وزوجها لا يملك حيلة، فأسرع عمر -رضي الله عنه- إلى بيته، فقال لامرأته أم كلثوم بنت
علي بن أبي طالب، هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ ثم أخبرها الخبر، فقالت نعم. فحمل عمر على ظهره دقيقًا وشحمًا، وحملت أم كلثوم ما يصلح للولادة، وجاءا، فدخلت أم كلثوم على المرأة، وجلس عمر مع زوجها يحدثه، ويعد مع الطعام، فوضعت المرأة غلامًا، فقالت أم كلثوم: يا أمير المؤمنين بشر صاحبك بغلام.
فلما سمع الرجل قولها استعظم ذلك، وأخذ يعتذر إلى عمر، فقال عمر: لا بأس عليك، ثم أعطاه ما ينفقون وانصرف.
ويروى أنه رأى شيخًا من أهل الذمة يستطعم الناس، فسأل عمر عنه، فقيل له: هذا رجل من أهل الذمة كبر وضعف، فوضع عنه عمر الجزية، وقال: كلفتموه الجزية حتى إذا ضعف تركتموه يستطعم؟ ثم أجرى له من بيت المال عشرة دراهم.
وفي خلافة الفاروق عمر اتسعت الدولة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وكثرت الفتوح الإسلامية للبلاد، ففتح في عهده الشام والعراق وإيران وأذربيجان، ومصر وليبيا، وتسلم عمر مفاتيح المقدس، وكثر في عهده الأموال، وامتلأ بيت المال، فلم تشهد الدولة الإسلامية عهدًا أعظم من ذلك العهد وخلافة أفضل من تلك الخلافة.
ورغم ذلك الثراء كان عمر يعيش زاهدًا، ممسكًا على نفسه وعلى أهله، موسعًا على عامة المسلمين وفقرائهم.
فكان عمر لا يأكل إلا الخشن من الطعام، ولا يجمع بين إدامين (الإدامين: ما يأكل بالخبز) قط، ويلبس ثوبًا به أكثر من اثنتي عشر رقعة، لا يخاف أحدًا لعدله، فقد حكم، فعدل، فأمن فاطمأن فنام لا يخاف إلا الله عز وجل.
وقد جعل عمر سيرة رسول الله ( وحياة الصديق -رضي الله عنه- نبراسًا أمامه يضيء له طريقه، ويسير على هداه لا يحيد عنه طرفة عين أو أقل من ذلك، وكان دائمًا يذكر نفسه ويذكر حوله بعظاته البالغة، فمن ذلك قوله الخالد: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم.
وكان يقول: ويل لديَّان الأرض من ديَّان السماء يوم يلقونه، إلا من أمَّ (قصد) العدل، وقضى بالحق، ولم يقض بهواه ولا لقرابة، ولا لرغبة ولا لرهبة، وجعل كتاب الله مرآته بين عينيه.
وكان عمر شديدًا على ولاته الأمراء، فكان يأمرهم بالعدل والرحمة بين الناس، ويحثهم على العلم، ولم يكن يولي الأمر إلا لمن يتوسم فيه الخير ويعرف عنه الصلاح والتقى، ودائمًا كان يتعهدهم ويعرف أخبارهم مع رعيتهم، فإن حاد أحدهم عن طريق الحق عزله وولى غيره، وعاتبه، وحاسبه على أفعاله.
ويروى في ذلك أن رجلاً من أهل مصر أتى عمر -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين، عائذ بك من الظلم، قال عمر: عذت معاذًا، قال: قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربني بالسوط، ويقول: أنا ابن الأكرمين. فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم هو وابنه معه، فقال عمر: أين المصري؟
فجاءه، فقال له: خذ السوط فاضربه، فجعل يضربه بالسوط، وعمر يقول: اضرب ابن الأكرمين، ثم قال عمر للمصري: ضع على صلعة عمرو، فقال المصري: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني، وقد استقدت منه (أي اقتصصت منه).
فنظر عمر إلى عمرو نظرة لوم وعتاب وقال له: منذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟ فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، لم أعلم، ولم يأتني.
وعاش عمر -رضي الله عنه- يتمنى الشهادة في سبيل الله -عز وجل-، فقد صعد المنبر ذات يوم، فخطب قائلاً: إن في جنات عدن قصرًا له خمسمائة باب، على كل باب خمسة آلاف من الحور العين، لا يدخله لا نبي، ثم التفت إلى قبر رسول الله ( وقال: هنيئًا لك يا صاحب القبر، ثم قال: أو صديق، ثم التفت إلى قبر أبي بكر-رضي الله عنه-، وقال: هنيئًا لك يا أبا بكر، ثم قال: أو شهيد، وأقبل على نفسه يقول: وأنى لك الشهادة يا عمر؟! ثم قال: إن الذي أخرجني من مكة إلى المدينة قادر على أن يسوق إليَّ الشهادة.
واستجاب الله دعوته، وحقق له ما كان يتمناه، فعندما خرج إلى صلاة الفجر يوم الأربعاء (26) من ذي الحجة سنة (23هـ) تربص به أبو لؤلؤة المجوسي، وهو في الصلاة وانتظر حتى سجد، ثم طعنه بخنجر كان معه، ثم طعن اثني عشر رجلا مات منهم ستة رجال، ثم طعن المجوسي نفسه فمات.
وأوصى الفاروق أن يكمل الصلاة عبد الرحمن بن عوف وبعد الصلاة حمل المسلمون عمرًا إلى داره، وقبل أن يموت اختار ستة من الصحابة؛ ليكون أحدهم خليفة على أن لا يمر ثلاثة أيام إلا وقد اختاروا من بينهم خليفة للمسلمين، ثم مات الفاروق، ودفن إلى جانب الصديق أبي بكر، وفي رحاب قبر المصطفى محمد أبن عبدلله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ورضي عن الخلفاء الراشدين أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين
{أحبتي للأمانه جميع مايطرح في موضوع كوكبة الأبطال (منقول) ويتم بتصرف يليق بكوكبة الأبطال أسأل الله أن يكتب لي ولكم الأجر في الدنيا ولأخره وأن يجعل العمل خالص لوجهه}
همس الغروب
04-05-2012, 07:55 PM
الله يجزاكـ الجنه <<<متابعه يا طيب القلب
مخاوي الذيب
11-05-2012, 02:08 PM
ستكون رحلتنا لهاذا اليوم المبارك 20/ 6 / 1433 مع البطل محمد أبن القاسم فاتح بلاد الهند والسند مايسمى الأن باكستان
وبنقلادش وهذه الرحله تبعد عن العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وميزة هذه الكوكبه التنقل من عصر الى أخر ولا مانع من العوده والقصد التنوع وليس الترتيب حتى تعم الفائده ونطلع أكثر على أبطال سطرو التاريخ بدمائهم رضي الله عنهم وغفر لهم وجمعنا الله بهم في جنات النعيم .....
من هو محمد ابن القاسم
اسمه بالكامل محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبى عقيل الثقفى، ولد سنة 72 هجرية بأرض العراق وكان أبوه القاسم بن محمد مما جاء لأرض العراق عند الحرب بين ابن الزبير رضى الله عنه وعبد الملك بن مروان، فأقام بها وهو ابن عم الوالى الشهير والمثير للجدل بشدة الحجاج بن يوسف الثقفى، وهذا الرجل رغم مساويه الكثيرة والشناعات العظيمة التى أثرت عنه، إلا أنه محباً للجهاد مهتماً بتدبير الجيوش ونشر الإسلام، وكانت له عين فاحصة فى إختيار الأبطال ومعرفتهم وبخبرته الواسعة بشئون الجهاد، وقعت عينه على ابن عمه الصغير 'محمد بن القاسم' فبدأ فى تقريبه وإسناد بعض المهام الصغيرة من أجل إختبار مدى عزمه وكفاءته وترقى فى إختباراته له حتى أبان الصغير عن همة عالية وكفاءة قيادية منقطعة النظير .
بيئة الأبطال :
كانت دولة بنى أمية معنية أشد الاعتناء بنشر الإسلام فى ربوع المعمورة، لذلك كان سوق الجهاد قائمة فى بنى أمية ليس لهم شغل إلا ذلك، فعلت كلمة الإسلام فى مشارق الأرض ومغاربها وبرها وبحرها وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعباً فلا يتوجه المسلمون إلى بلد إلا أخذوه، ولم تنكسر لهم راية أو يديل عليهم عدو أو يخرج من أيديهم بلد فتحوه، وفى ظل هذه البيئة الجهادية ظهر بطلنا المقدام محمد بن القاسم .
المسلمون وبلاد السند :
كانت بلاد السند [باكستان الآن] هدفاً لحركة الفتح الإسلامى المباركة أيام الخليفة الراشد 'عمر بن الخطاب' رضى الله عنه، فلقد أرسل عامله على البحرين 'عثمان بن أبى العاص' جيشاً بقيادة أخيه 'الحكم' إلى ساحل الهند عند مدينة 'تانة' وذلك سنة 15 هجرية ثم إلى مدينة 'بروص' ثم إلى 'خور الدبيل' وحقق خلالهما عدة إنتصارات ولكن الخليفة خاف من مواصلة الغزو خوفاً على المسلمين من بعد الديار، وكان ذلك أيضا رأى أمير المؤمنين 'عثمان' رضى الله عنه، فلما تولى 'على بن أبى طالب' رضى الله عنه الخلافة أرسل الحارثة بن مرة العبدى إلى السند فأغار على أطرافها وظفر منها وظل بها حتى استشهد فى عهد 'معاوية' رضى الله عنه سنة 42 هجرية .
حدث تطور كبير فى غزو السند أيام 'معاوية بن أبى سفيان' حيث أمر القائد الشهير المهلب بن أبى صفرة بغزو السند ثم غزاها عبد الله بن سوار العبدى ثم سنان بن سلمة الهذلى ففتح 'مكران' ومصرها وأسكنها العرب وهذا أول جزء من غربى البنجاب يدخل فى دولة الإسلام، وبعد ذلك فصل المسلمون بين بلاد الهند وبلاد السند، فلما تولى الحجاج الثقفى جعل من أولوياته فتح هذا الثغر العظيم خاصة بعد قتل عامله 'محمد بن هارون النمرى' فى قتاله مع ملك السند 'داهر' وقد رأى أن هذا الفتح لن يتم إلا بجيش قوى على رأسه قائد شجاع لا يبالى بجيوش 'داهر' الضخمة ولا يستوحش من بعد المسافة وطول الطريق إلى السند، وبعد بحث وتقليب نظر فى قائمة القادة الأبطال، وقع الإختيار على بطلنا 'محمد بن القاسم' وكان وقتها فى السابعة عشر من العمر، وكان ذلك سنة 89 هجرية حيث بدأت فصول المجد والبطولة فى حياة هذا القائد الصغير .
معالم البطولة :
عندما تولى 'محمد بن القاسم' قيادة الحملة الجهادية المتجه إلى بلاد السند اشترط على 'الحجاج بن يوسف الثقفى' عدة شروط تبرهن على مدى الكفاءة القيادية والقتالية لمحمد بن القاسم منها :
1. أن يكون الجيش كامل التجهيز والإعداد والمؤن حتى لا تتوقف سيرة الفتح، فأمده الحجاج بجيش يقدر بستة آلاف مقاتل مجهزين بكل شىء حتى المسال والإبر والخيوط .
2. أن يرافق الجيش البرى أسطول بحرى ليكون الهجوم مزدوجاً وفى إتجاهين، ووافق الحجاج .
3. أن يواصل الجهاد والسير حتى ينتهى من فتح بلاد السند كلها، ووافق الحجاج .
رحلة الفتح المبارك :
كان لمحمد بن القاسم فى رحلته للفتح المبارك هدفان الأقرب الانتقام من 'داهر' ملك السند الوثنى الذى قتل المسلمين بأرضه وآخرهم 'محمد هارون النمرى'، والأبعد فتح بلاد السند وما ورائها من بلاد الهند ونشر الإسلام فى هذه الربوع الشاسعة .
تحرك محمد بن القاسم بجيشه القوى إلى 'مكران' فأقام بها عدة أيام يستجمع قوته بعد سير طويل وذلك لفتح مدينة 'الدبيل' أحصن مدن السند، وفى الطريق إليها فتح مدينة 'قنزبور' و'أرمانيل' ثم واصل السير حتى نزل على مدينة 'الدبيل' وذلك يوم جمعة ووافاه الأسطول بآلات الحصار ومنها المنجنيق الكبير المشهور باسم 'العروس' وكان يلزمه 500 رجل لتشغيله، وضرب 'محمد بن القاسم' حصاراً شديداً على المدينة الحصينة، واستمات الكفار الهندوس فى الدفاع عن مدينتهم وفكر 'محمد بن القاسم' فى فكرة عبقرية لفتح المدينة تعتمد فى الأساس على خبرته بنفسية الأعداء وطبيعة تفكيرهم، فلقد كان فى المدينة معبد ضخم لصنم معروف عندهم على قمته سارية خشبية طويلة جداً فى نهايتها راية حمراء كبيرة إذا هبت الرياح تحركت هذه الراية كأنها كالمروحة الدائرة، وهى مقدسة عندهم، فأمر 'محمد بن القاسم' بتوجيه قذائف المنجنيق إلى هذه السارية حتى كسرها، وهو يعلم بتشاؤم الهندوس من ذلك، وبالفعل مع إنهيار السارية إنهارت معنويات الكفار واقتحم المسلمون المدينة،وفتحوها بعدمعركةطاحنة وبنى 'محمد بن القاسم' بها مسجداً واستقدم أربعة آلاف من المسلمين وأسكنهم فى المدينة للتأكيد على إسلام هذه المدينة وطمس الهوية الوثنية عنها .
يوم الإنتقام :
بعد فتح مدينة 'الدبيل' أحصن مدن السند، واصل محمد بن القاسم سيره، فكان لا يمر على مدينة إلا فتحها وهدم معابد الوثنية والبوذية بها وأقام شعائر الإسلام وأسكنها المسلمون وبنى المساجد حتى غير خريطة البلاد تماماً وصبغها بصبغة إسلامية تامة .
استطاع محمد بن القاسم أن يبهر الهندوس بشخصيته القوية الحازمة وقد تعجبوا من شجاعته وحسن قيادته لجيش كبير وهو دون الثامنة عشر، وبالفعل أسلم عدد كبير من الزط وهم من بدو الهنود وانضم منهم أربعة آلاف رجل يقاتلون مع محمد بن القاسم وكان لهم أثر كبير فى القتال لخبرتهم بالبلاد ومعرفتهم للغة الهنود .
كانت الأخبار قد وصلت إلى ملك الهند الوثنى 'داهر' فاستعد للقاء المسلمين بجيوش كبيرة مع سلاح المدرعات الشهير وهم الفيلة، وقد داخله الكبر والعجب لضخامة جيوشه واستخف بالمسلمين لقلتهم، ولكنه فوجىء بالإعصار الإسلامى يعبر نهر 'مهران' الفاصل بينه وبين المسلمين، ويجد 'داهر' الذى كان على ظهر فيل كبير نفسه وجهاً لوجه مع محمد بن القاسم وجنوده، ويقتتل الفريقان قتالاً مهولاً لم تشهد مثله أرض السند من قبل ويرى 'داهر' جنوده صرعى من حوله تتخطفهم سيوف المسلمين، فنزل من على ظهر فيله المنيع ويقاتل بنفسه حتى يأتيه قدره المحتوم ويقتله المسلمون وينشد قاتله هذه الأبيات : ـ
الخيل تشهد يوم داهر والقنا ***** ومحمد بن القاسم بن محمد
إنى فرجت الجمع غير معرد ******* حتى علوت عظيمهم بمهند
فتركته تحت العجاج مجندلاً ******** متعفر الخدين غير موسد
وبمقتله أدرك المسلمون ثأرهم وانفتحت أمام بلاد السند على مصراعيها وقد قامت امرأة 'داهر' بحرق نفسها هى وجواريها ووقعت 'صيتا' ابنة داهر فى الأسر .
بعد مقتل 'داهر' واصل محمد بن القاسم سيره ليحقق الهدف الأكبر والأبعد كما قلنا بعد أن أنتقم من عدو الإسلام 'داهر' ففتح مدينة 'راور' ثم 'رهماناباذ' ثم استسلم إقليم 'ساوندرى' وأعلنوا إسلامهم ثم 'سمند' ثم فتح محمد بن القاسم مدينة 'الملتان' وذلك بعد قتال عنيف إذ كانت معقل البوذية بالسند وغنم منها أموالاً طائلة حملت كلها إلى الحجاج وقدرت بمائة وعشرين مليون درهم، ومع الغنائم رأس الطاغية 'داهر' وكانت الحملة قد تكلفت ستين مليون درهم فقال الحجاج كلمته الشهيرة [شفينا غيظنا وأدركنا ثأرنا وازددنا ستين ألف ألف درهم ورأس 'داهر'
دوهر بعد داهر :
بعد ان نجح محمد بن القاسم فى القضاء على ملك السند الكبير 'داهر' برز ملك آخر كان بمثابة الذراع اليمنى لداهر واسمه دوهر وكان ملكاً على إقليم 'الكيرج' وهى أقصى بلاد السند على حدود بلاد الهند، فاستعد دوهر للقاء المسلمين وغره الشيطان بأنه سيحقق ما لم يحققه 'داهر' واصطدم مع المسلمين فنزل به من حر سيوفهم ما لم يطيق فحاول الفرار ولكن ولات حين فرار أدركته سيوف المسلمين فقتل كما قتل الذى من قبله والتحق رأسه برأس من سبقه وقال فيه قاتله أيضا :ـ
نحن قتلنا داهراً ودوهر **** والخيل تروى منسراً فمنسراً
فى هذه الفترة مات الحجاج والى العراق الشهير وابن عم محمد بن القاسم، ولكن هذا لم يرد عزم محمد بن القاسم عن مواصلة الفتح حيث أصبح الطريق مفتوحاً إلى بلادالهند وبالفعل بدأ محمد بن القاسم فى فتح مدن الهند فبدأ بمدينة 'سرست' فدخل أهلها فى طاعة المسلمين وكانوا بحارة مهرة استفاد منهم المسلمون، وبدا للجميع أن محمد بن القاسم لن يرجع حتى يفتح بلاد الهند أيضا ولكن حدث تطور مأساوى سريع فى حياة محمد بن القاسم .
مأساة بطل عظيم :
بدأت فصول هذه المأساة والمحنة العظيمة التى تعرض لها بطلنا العظيم الصغير، عندما توفى الخليفة الوليد بن عبد الملك وذلك سنة 96 هجرية وتولى مكانه أخوه سليمان بن عبد الملك وكان شديد الكره للحجاج بسبب جرائم الحجاج وسفكه لدماء الكثيرين لأقل شبهة، فلما تولى الخلافة قام بتعيين واحد من أشد خصوم الحجاج وهو 'صالح بن عبد الرحمن' أميراً على العراق فقام هذا الرجل بعزل كل رجال الحجاج من مناصبهم ومنهم بالقطع محمد بن القاسم أمير السند وفاتحها وعين مكانه 'يزيد بن أبى كبشة السكسكى' .
ولما وصل نبأ العزل لمحمد بن القاسم حاول البعض إقناعه بالعصيان والانفراد بهذه البلاد البعيدة عن مركز الخلافة، خاصة وأن جنوده يحبونه وكذلك من أسلم من أهل السند والهند، وسبق أن ثار بهذه البلاد ثائران من العرب هما محمد ومعاوية ابنا الحارث العلافى ولكن وجود 'داهر' حال دون انفرادهما بهذه البلاد، وحاولوا إقناعه بأنه مظلوم ولا ذنب له وتخويفه من صالح بن عبد الرحمن، ولكن محمد بن القاسم كان من الطراز النادر للقادة الذين يعملون لخدمة الإسلام ولا يريدون من الدنيا شيئاً فلا مناصب تهمه ولا دنيا تغريه، وخاف من عاقبة الخروج على الخلافة وما سيؤدى إلى تفرق الأمة وتمزق المسلمين وسفك الدماء بين المسلمين فى فتنة الخروج، ووافق على قرار العزل مع قدرته على المقاومة والانفراد، وأنشد فى ذلك قوله :ـ
ولو كنت أجمعت الفرار لوطئت ***** إناث أعدت للو غى وذكور
وما دخلت خيل السكاسك أرضنا ** ولا كان من عك على أمير
وهكذا توقفت سيرة فتح الهند بعزل هذا البطل ولكن الذى حدث بعد ذلك كان أشد إيلاماً ومأساوية .
مر بنا من قبل أن 'صيتا' ابنة 'داهر' قد وقعت فى الأسر بعد مقتل أبيها وانتقلت من العز والملك والغنى والسيطرة إلى أن قتل أبوها وانتحرت أمها وضاع ملكها وصارت مملوكة بعد أن كانت ملكة، فامتلأ قلبها غيظاً وحنقاً وبغضاً على البطل الشاب محمد بن القاسم فلما عزل محمد بن القاسم من منصبه وعلمت أن أيامه قد ولت أرادت أن تدرك ثأرها وتشفى غليلها فتقدمت للوالى الجديد 'يزيد بن أبى كبشة' بشكوى ادعت فيها أن محمد بن القاسم قد اغتصبها بالقوة بعد وقوعها فى الأسر وهى تهمة عظيمة وفرية دنيئة من وثنية مشركة على بطل عظيم .
و لان التهمة كبيرة قرر الوالى الجديد القبض على محمد بن القاسم وإرساله إلى والى العراق 'صالح بن عبد الرحمن' للتحقيق، وبالفعل حمل محمد بن القاسم مقيداً بالأغلال إلى العراق فأنشد قائلاً بيته المشهور الذى صار بعد ذلك مثلاً سائراً ويعبر عن صدق إخلاص هذا الرجل ومدى حزنه على توقيفه عن الجهاد فى سبيل الله، قال :ـ
أضاعونى وأى فتى أضاعوا ***** ليوم كريهة وسداد ثغر
وكان مشهد خروج محمد بن القاسم مكبولاً شديد الأثر على أهل السند، فلقد اصطفوا لوداعه وهم يبكون على فراقه وما صار إليه، والعجب العجاب أن الله عز وجل قد أظهر آيه سريعة وباهرة لبراءة البطل العظيم، حيث لم يمض على خليفته فى ولاية السند 'يزيد بن أبى كبشة' سوى سبعة عشر يوماً ثم مات فجأة .
وقد فرح كفار السند لخروج محمد بن القاسم وتنفسوا الصعداء وخلعوا الطاعة وعادوا للكفر وهموا بإخراج المسلمين، كل ذلك لأن الساحة قد غاب عنها أسدها وأشدها .
النهاية الحزينة :
كان والى العراق الجديد 'صالح بن عبد الرحمن' شديد الكراهية والبغضاء للحجاج الثقفى، ذلك لأن الحجاج قد قتل آدم أخا صالح وكان يرى رأى الخوارج، فأراد صالح أن يدرك ثأره من الحجاج وذلك بالانتقام من أقربائه وهذا هو عين التعصب والظلم والجور وهو ما كان يفعله الحجاج أيضا مع خصومه، فإن الله عز وجل قال {ولا تزر وازرة وزر آخرى} .
قام صالح بن عبد الرحمن بحبس محمد بن القاسم فى سجن مدينة واسط الذى طالما زج فيه الحجاج خصومه لأدنى شبهة وبنفس آلات التعذيب أمر صالح بتعذيب محمد بن القاسم حتى يعترف هل ارتكب هذه الجناية الشنيعة التى افترتها الوثنية 'صيتا' عليه، ومحمد بن القاسم يقسم أنه برىء ويصر على ذلك، وينشد أشعاراً مؤثرة يقول فيها :ـ
فلئن ثويت بواسط وبأرضها ***** رهن الحديد مكبلاً مغلولاً
فلرب قنية فارس قد رعتها ***** ولرب قرن قد تركت قتيلاً
ويظل محمد بن القاسم صامداً تحت التعذيب مستمسكاً ببراءته وطهارته من هذه الفرية الحقيرة ولا ذنب له سوى فتوحاته العظيمة وقهره لملوك الكفر، ولكونه ابن عم طاغية أخذت عشيرته بجريرته، حتى جاءت اللحظة الحزينة التى مات فيها مظلوماً شهيداً إن شاء الله وتنطفىء شمعة لو قدر لها البقاء لصارت شمساً محرقة لأعداء الإسلام ولفتح المسلمون الهند التى تأخر فتحها بعد ذلك بعدة قرون .
وقد مدحه شعراء زمانه ورثوه وبكوا عليه فهذا حمزة بن بيض الحنفى يقول :
إن المروءة والسماحة والندى **** لمحمد بن القاسم بن محمد
ساس الجيوش لسبع عشرة حجة *** يا قرب ذلك سودداً من مولد
فرحمه الله رحمة واسعة وعوض شبابه الغض الطرى بالفردوس الأعلى، والأمر العجيب حقاً أن 'صيتا' ابنة داهر لما علمت بوفاة محمد بن القاسم تحت التعذيب بكت وتحرك ضميرها وذهبت لوالى العراق واعترفت بجريمتها فرفع أمرها للخليفة سليمان بن عبد الملك، فأمر بقتلها جزاء وفاقاً وقصاصاً بهذا البطل العظيم .
وهكذا ينصر الله عز وجل أولياءه وجنوده ولو بعد حين ويظهر براءتهم للعالمين حتى لا تبقى فى صدور أى من الناس شىء عنهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
منقول بتصرف يليق بشخصية القائد المسلم محمد أبن القاسم رحمه الله وغفرله
عبدالهادي الشهراني
13-05-2012, 09:08 AM
واصل يا رعاك الله
وفقك الله يا مخاوي الذيب
الطاروق
13-05-2012, 11:44 AM
ساس الجيوش لسبع عشرة حجة
رحمه الله رحمة واسعة ...
وجزاك الله خير على هذا الابداع والامتاع ...
الرجل الذي كويس
13-05-2012, 03:34 PM
رحمه الله رحمة الأبرار وجزاك الله خير احزنتني جداً قصة وفاته تقبل مروري
مخاوي الذيب
18-05-2012, 01:42 AM
اليوم الجمعه الموافق 27/ 6 / 1433 ستكون رحلتنا مع الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري الكناني رضي الله عنه وأرضاه
اسمه و نسبه
هو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
من قبيلة كنانة غرب الجزيرة العربية وأمه رملة بنت الوقيعة الغفارية الكنانية، كان أبو الذر ذو بصيرة، وممن يتألهون في الجاهلية ويتمردون على عبادة الأصنام، ويذهبون إلى الايمان بإله خالق عظيم، فما أن سمع عن الدين الجديد حتى شد الرحال إلى مكة.
وكان آدم طويلاً أبيض الرأس واللحية، أسمر اللون نحيفًا، قال أبو قلابة عن رجل من بني عامر: "دخلت مسجد مِنى فإذا شيخ معروق آدم (أي أسمر اللون)، عليه حُلَّة قِطْريٌّ، فعرفت أنه أبو ذَرّ بالنعت".
حال أبي ذر في الجاهلية
ولد أبو ذر في بني غفار إحدى قبائل بني كنانة وكان بنو غفار بين مكة والمدينة، وقد اشتهرت هذه القبيلة بالسطو، وقطع الطريق على المسافرين والتجار وأخذ أموالهم بالقوة، وكان أبو ذَرّ رجلاً يصيب الطريق، وكان شجاعًا يقطع الطريق وحده، ويُغير على الناس في عماية الصبح على ظهر فرسه أو على قدميه كأنه السبع، فيطرق الحي ويأخذ ما يأخذ.
ومع هذا كان أبو ذَرّ ممن تألّه : "أخذ أبو بكر بيدي فقال: يا أبا ذر. فقلت: لبيك يا أبا بكر. فقال: هل كنت تأله في جاهليتك؟ قلت: نعم، لقد رأيتني أقوم عند الشمس (أي عند شروقها)، فلا أزال مصليًا حتى يؤذيني حرّها، فأخرّ كأني خفاء. فقال لي: فأين كنت توجَّه؟ قلت: لا أدري إلا حيث وجهني الله، حتى أدخل الله عليَّ الإسلام". في الجاهلية، وكان يقول: لا إله إلا الله، ولا يعبد الأصنام.
إسلامه
أسلم بمكة قديما وقال كنت في الإسلام رابعا ورجع إلى بلاد قومه فأقام بها حتى مضت بدر و أحد و الخندق ثم قدم المدينة .وبعد أن أسلم آخى النبي بينه وبين المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة وهو المُعْنِق ليموت
ويروي أبو ذر قصة إسلامه في الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس قال: ألا أخبركم بإسلام أبي ذر قال: قلنا بلى. قال: قال أبو ذر كنت رجلا من غفار فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي فقلت لأخي انطلق إلى هذا الرجل كلمه وإتني بخبره فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت ما عندك فقال والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر فقلت له: لم تشفني من الخبر فأخذت جرابا وعصا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد قال فمر بي علي فقال كأن الرجل غريب قال: قلت: نعم. قال فانطلق إلى المنزل قال فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه، وليس أحد يخبرني عنه بشيء. قال فمر بي علي فقال: أما آن للرجل أن يعرف منزله بعد. قال: قلت لا. قال: انطلق معي قال: فقال ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة قال: قلت له إن كتمت علي أخبرتك قال: فإني أفعل، قال: قلت له بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فأردت أن ألقاه.
فقال له: أما إنك قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني ادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي فقلت له: اعرض علي الإسلام فعرضه فأسلمت مكاني فقال لي يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل فقلت والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم فجاء إلى المسجد و قريش فيه فقال يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فقاموا فضربت لأموت، فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال: ويلكم تقتلون رجلا من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عني فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس وأدركني العباس فأكب علي وقال مثل مقالته بالأمس قال فكان هذا أول إسلام أبي ذر .
تركت هذه الحادثة أثراً سلبياً على نفسية أبي ذر، وعاهد نفسه أن يثأر من قريش، فخرج وأقام بـ"عسفان"، وكلما أقبلت عير لقريش يحملون الطعام، يعترضهم ويجبرهم على إلقاء أحمالهم، فيقول أبو ذر لهم: لا يمس أحد حبة حتى تقولوا لا إله إلا الله، فيقولون لا إله إلاّ الله، ويأخذون ما لهم.
أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدّثنا محمد بن بكر، قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا محمد بن سلمة المرادي، قال: حدّثنا ابن وهب، قال: حدّثني اللّيث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، قال: قدم أبو ذرّ على النّبي صَلَّى الله عليه وسلم وهو بمكّة، فأسلم ثم رجع إلى قومه فكانَ يَسْخَر بآلهتهم؛ ثم إنه قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينة فلما رآه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم وَهم في اسمه فقال: "أَنْتَ أَبُو نَمْلَةٍ". فقال: أنا أبو ذر. قال: "نَعَمْ أَبُو ذَرٍّ"))
دخول قومه في الإسلام على يديه
قال: أخبرنا هاشم بن القاسم الكِنانيّ أبو النضْر قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة عن حُميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت الغِفاريّ عن أبي ذرّ قال: خرجنا من قومنا غفار وكانوا يُحِلّون الشهرَ الحرامَ، فخرجتُ أنا وأخي أُنيس وأُمّنا فانطلقنا حتى نزلنا على خالٍ لنا فأكرمنا خالُنا وأحسن إلينا، قال فحسدنا قومُه فقالوا له: إنّك إذا خرجتَ عن أهلك خالف إليهم أُنيس. قال فجاء خالنا فنثا علينا ما قيل له فقلتُ: أما ما مضى من معروف فقد كدّرت ولا جماعَ لك فيما بعدُ. قال ***ّبنا صِرْمَتَنا فاحتملنا عليها وتغطّى خاُلنا بثوبه وجعل يبكي، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكّة، فنافر أُنيس عن صِرْمتنا وعن مثلها فأتيا الكاهن فخبَر أُنيسًا بما هو عليه، قال فأتانا بصرمتنا ومثلها معها وقد صلّيتُ يابن أخي قبل أن ألْقى رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثلاث سنين، فقلتُ: لمن؟ قال: لله. فقلتُ: أين تَوَجّهُ؟ قال: أتَوَجّهُ حيث يُوَجّهُني الله، أصلّي عشاءً حتى إذا كان من آخر السّحَرِ أُلْقيتُ كأنْي خفاءٌ حتى تعلوني الشمس. فقال أُنيس: إنّ لي حاجة بمكّة فاكْفِني حتى آتيَك. فانطلق أُنيس فراث عَلَيَّ، يعني أبطأ، ثمّ جاء فقلتُ: ما حبسك؟ قال: لقيتُ رجلًا بمكّة على دينك يزعم أنّ الله أرسله. قال: فما يقول الناس له؟ قال: يقولون شاعر كاهن ساحر. وكان أُنيس أحد الشعراء، فقال أُنيس: والله لقد سمعتُ قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعتُ قوله على أقراء الشّعْر فلا يلتئِمُ على لسان أحدٍ بعيد أنّه شعر، والله إنّه لصادق وإنّهم لكاذبون! فقلتُ اكفني حتى أذهب فأنظر! قال: نعم، وكُنْ من أهل مكّة على حَذَرٍ فإنّهم قد شَنِفُوا له وتَجهَّمُوا له. فانطلقتُ فقدمتُ مكّة فاستضعفتُ رجلُا منهم فقلتُ أين هذا الذي تَدْعونَ الصابئ؟ قال فأشار إليّ فقال: هذا الصابئ. فمال عليّ أهلُ الوادي بكلّ مَدَرَةٍ وعَظْمٍ فخررتُ مغشيًّا عليّ فارتفعتُ حين ارتفعتُ كأنّي نَصْب أحمر، فأتيتُ زمزمَ فشربتُ من مائِها وغسلتُ عني الدّماء فلبثتُ بها يا بن أخي ثلاثين من بين ليلةٍ ويومٍ ما لي طعام إلاّ ماء زمزم، فسَمِنْتُ حتى تكسّرتْ عُكَنُ بطني وما وجدتُ على كبدي سَخْفَة جوعٍ. قال فبينا أهلُ مكّة في ليلةٍ قَمْراءَ إضْحِيان إذ ضرب اللهُ على أصْمِخَتِهِم فما يطوف بالبيت أحد منهم غير امرأتين فأتتا عليّ وهما تدعوان إسافًا ونائلَةَ. قال فقلتُ أنْكِحا أحدهما الأخر، فما ثناهما ذاك عن قولهما. قال: فأتتا عليّ فقلتُ هَنًا مثلُ الخشَبَةِ غير أني لم أكْنِ، فانطلقتا تُوَلْوِلان وتقولان: لو كان هاهنا أحد من أنفارنا. قال فاستقبلهما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر وهما هابطان من الجبل فقال: "ما لكما؟" قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها، قال: "فما قال لكم؟" قالتا قال لنا كلمة تَمْلأ الفَمَ. فجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وصاحبه فاستلما الحجَرَ وطافا بالبيت ثمّ صلّى فأتيتُه حين قضى صلاتَه فكنتُ أوّل من حيّاه بتحيّة الإسلام، فقال: "وعليك رحمة الله، ممّن أنت؟" قال قلتُ: من غِفار فأهْوى بيده إلى جَبْهَته هكذا. قال قلتُ في نفسي: كَرِهَ أني انتميتُ إلي غِفار. فذهبتُ آخذ بيده فَقَدَعَنى صاحبه وكان أعلم به مني فقال: "متى كنتَ هاهنا؟" قلتُ: كنتُ هاهنا منذ ثلاثين من بين ليلةٍ ويوم، قال: "فمن كان يُطْعِمُك؟" قال قلتُ: ما كان لي طعام إلاّ ماء زمزم فسَمِنْتُ حتى تكسّرت عُكَنُ بطني فما وجدتُ على كبدي سَخْفَةَ جوعٍ. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّها مباركة، إنّها طعام طُعْمٍ". قال أبو بكر: يا رسول الله ائْذَنْ لي في طعامه الليلةَ، قال ففعل فانطلق النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر وانطلقتُ معهما، ففتح أبو بكر بابًا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف. فقال أبو ذرّ: فذاك أوّل طعامٍ أكلتُه بها. قال فغبرتُ ما غبرتُ فلقيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "إنّه قد وُجّهْتُ إلى أرضٍ ذاتِ نخل ولا أحْسِبُها إلاّ يثرب، فهل أنت مبْلِغٌ عني قومك، عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟" فانطلقتُ حتى لقيتُ أخي أُنيسًا فقال: ما صنعتَ؟ قلتُ صنعتُ أني قد أسلمتُ وصدّقتُ. قال أُنيس: ما بي رغبةٌ عن دينك فإني قد أَسلمتُ وصدّقتُ. قال فأتينا أمّنا فقالت: ما بي رغبةٌ عن دينكما فإنّي قد أسلمتُ وصدّقتُ قال فاحتملنا فأتينا قومَنا فأسلم نِصْفُهم قبل أن يقدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة. وكان يؤمّهم إيماءُ بن رَحَضَةَ، وكان سيّدهم، وقال بقيّتهم: إذا قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينةَ أسلمنا. فقدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم بقيّتهم وجاءت أسْلَمُ فقالوا: يا رسول الله، إخوتنا، نُسْلِمُ على الذي أسلم إخوتُنا. فأسلموا فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "غِفارٌ غَفَرَ الله لها وأسْلَمُ سالَمها الله
مناقبه
كان أبو ذر رابع أربعة، وقيل: خامس خمسة في الإسلام، وهو أول من حيا رسول الله بتحية الإسلام.
وكان أبو ذر الغفاري الكناني من الرجال الذين أحبهم رسول الله ووصفه بصفتين التصقا به وأصبحا يوجهانه في المواقف المختلفة، وهما الصدق والوحدة والتفرد، ولقد دفع الصدق أبا ذر لأن يكون من أكثر الصحابة مجاهرة بالحق مهما عرضه ذلك للأذى فكان من القلائل الذين أعلنوا إسلامهم في قريش، أما الوحدة والتفرد فقد قال عنه رسول الله (رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده).
وردت أحاديث في كتب الصحاح في فضل أبي ذرالغفاري الكناني ومناقبه ومنها: عن أبي حرب بن أبي الأسود قال سمعت عبدالله بن عمر قال سمعت رسول الله يقول : (( ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر )) رواه الإمام أحمد.
وعن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حجيرة الأكبر عن أبي ذر قال "قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها" رواه مسلم.
وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله "إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم قيل يا رسول الله سمهم لنا قال علي منهم يقول ذلك ثلاثا وأبو ذر والمقداد وسلمان أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم" (رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك)
وعن المعرور بن سويد قال لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي "يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم" رواه مسلم.
وعن الأأحنف بن قيس قال كنت بالمدينة فإذا أنا برجل يفر الناس منه حين يرونه قال قلت من أنت قال أنا أبو ذر صاحب رسول الله قال قلت ما يفر الناس قال إني أنهاهم عن الكنوز بالذي كان ينهاهم عنه رسول الله.
وروي أن النبي قال: "أبو ذر يمشي على الأرض في زهد عيسى ابن مريم".
وروى عنه عمر بن الخطاب ، وابنه عبدالله بن عمر ، و ابن عباس ، وغيرهم من الصحابة، ثم هاجر إلى الشام بعد وفاة أبي بكر، فلم يزل بها حتى ولي عثمان، فاستقدمه لشكوى معاوية منه، فأسكنه الربذة حتى مات بها.
وقد كان مما حصل بينه وبين عثمان بن عفان خلافا استغله زعماء الفتنة المسلحة وشكلوا منه تهمة برروا بها مع غيرها انتهاكهم حرمة الخلافة وحياة الخليفة –ابن عفان- وصل عثمان بن عفان أخبارا من معاوية أن أبا ذر يفسد الناس بالشام وقد كان ابن عفان قد ولاه على أهل الشام فأرسل إليه الخليفة أن ائتني إلى المدينة، فأتاه أبو ذر وجرى بينهما نقاشا لم يقتنع كل منهم برأي الآخر. فصار هنا روايتين عن التاريخ أحداهما أن الخليفة قرر إبعاده إلى الربذة بعيدا عن المدينة.. والثانية أن أبا ذر هو الذي طلب من الخليفة أن يأذن له أن يخرج إلى الربذة حيث يقضي بقية أيامه هناك وأيا كان الصواب فلقد أحب الخليفة أن يظل عنده في المدينة قائلاً له "ابق معنا تغدو عليك اللقاح وتروح" لكن أبا ذر عرف أن البعد له أفضل وهكذا خرج الغفاري إلى الربذة راضياً وبهدوء حتى نودي لساعة الرحيل. وهناك أيضاً قصة أن بعدما رحل الغفاري إلى الربذة جائه بعض متآمري الكوفة وعرضوا عليه أن يتزعم ثورة مسلحة ضد الخليفة فإذا هو يجيبهم بلفظ زاجر: "والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة أو أطول جبل لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت ورأيت ذلك خيراً لي" "ولو سيرني ما بين الأفق إلى الأفق، لسمعت وأطعت وصبرت وحتسبت ورأيت ذلك خيراً لي" "ولو ردني إلى منزلي لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت ورأيت ذلك خيراً لي"
شهادته
روى البلاذري في كتاب الأنساب : لما أعطى عثمان مروان بن الحكم ما أعطاه، وأعطى الحارث بان الحكم ابن أبي العاص، ثلاثمائة ألف درهم، جعل أبو ذر يقول : بشر الكانزين بعذاب أليم، ويتلو قول الله عز وجل : « والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، فبشرهم بعذاب أليم ».
فرفع ذلك مروان بن الحكم إلى عثمان. فأرسل إلى أبي ذر، ناتلا مولاه : أن انته عما يبلغني عنك. فقال : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله. وعيب من ترك أمر الله ؟ فوالله، لئن أرضي الله بسخط عثمان، أحب الي، وخير لي، من أن أسخط الله برضاه. فاغضب عثمان ذلك، واحفظه، فتصابر، وكف. وقال عثمان يوما : أيجوز للامام أن يأخذ من المال، فاذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك ! فقال أبو ذر : يا ابن اليهوديين، أتعلمنا ديننا ؟ فقال عثمان : ما أكثر أذاك لي، وأولعك باصحابي ؟ إلحق بمكتبك، وكان مكتبه بالشام، إلا أنه كان يقدم حاجا، ويسال عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله فيأذن له في ذلك، وانما صار مكتبه بالشام، لأنه قال لعثمان حين رأى البناء قد بلغ سلعا، أني سمعت رسول الله يقول : إذا بلغ البناء سلعا، فالهرب، فاذن لي أن آتي الشام فأغزو هناك. فأذن له.
وكان أبو ذر ينكر على معاوية اشياء يفعلها، وبعث اليه معاوية بثلاثمائة دينار، فقال : إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا ؟ قبلتها ! وان كانت صلة فلا حاجة لي فيها. وبعث اليه مسلمة الفهري بمائتي دينار، فقال : أما وجدت أهون عليك مني، حين تبعث الي بمال ؟ وردَّها.
وبنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال : يا معاوية، إن كانت هذه الدار من مال الله ؟ فهي الخيانة، وان كانت من مالك ؟ فهذا الاسراف. فسكت معاوية، وكان أبو ذر يقول : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله، ولا سنة نبيه. والله اني لأرى حقا يطفأ، وباطلا يحيى، وصادقا يكذب، وأثرة بغير تقى، وصالحا مستأثرا عليه. فقال حبيب بن مسلمة لمعاوية : ان أبا ذر مفسد عليك الشام، فتدارك أهله إن كانت لكم به حاجة. فكتب معاوية إلى عثمان فيه.
ويروى ابن سعد في طبقاته:
عن أبي ذر قال قال النبي يا أبا ذر كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يستأثرون بالفئ قال قلت إذا والذي بعثك بالحق أضرب بسيفي حتى ألحق به فقال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك اصبر حتى تلقاني قال أخبرنا هشيم قال أخبرنا حصين عن زيد بن وهب قال مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر قال فقلت ما أنزلك منزلك هذا قال كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله وقال معاوية نزلت في أهل الكتاب قال فقلت نزلت فينا وفيهم قال فكان بيني وبينه في ذلك كلام فكتب يشكوني إلى عثمان.
يروي المسعودي في مروج الذهب : وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبدالرحمن بن عوف الزهري من المال، فنثرت البدر، حتى حالت بين عثمان وبين الرجل الواقف، فقال عثمان : إني لأرجو لعبد الرحمن خيرا، لأنه كان يتصدق، ويقري الضيف، وترك ما ترون. فقال كعب الأحبار : صدقت يا أمير المؤمنين. فشال أبو ذر العصا، فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم، وقال : يا ابن اليهودي، تقول لرجل مات وترك هذا المال إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة، وتقطع على الله بذلك، وانا سمعت النبي يقول : ما يسرني أن أموت، وأدَعَ مايزن قيراطاً. فقال له عثمان : وارِعني وجهك. فقال : أسير إلى مكة. قال : لا والله ؟ قال : فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت ؟ قال. إي والله. قال : فالى الشام، قال : لا والله. قال : البصرة. قال : لا والله، فاختر غير هذه البلدان. قال : لا والله ما اختار غير ما ذكرت لك. ولو تركتني في دار هجرتي، ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني، حيث شئت من البلاد. قال : فاني مسيرك إلى الربذة. قال : الله أكبر، صدق رسول الله قد أخبرني بكل ما أنا لاق. قال : عثمان : وما قال لك ؟ قال : أخبرني بأني أمنع عن مكة، والمدينة، وأموت بالربذة، ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز.
جهاده بلسانه
ومضى عهد الرسول ومن بعده عهد أبو بكر وعمر، في تفوق كامل على مغريات الحياة وفتنتها، وجاء عصر عثمان وبدأ يظهر التطلع إلى مفاتن الدنيا ومغرياتها، وتصبح السلطة وسيلة للسيطرة والثراء والترف، رأى أبو ذر ذلك فمد يده إلى سيفه ليواجه المجتمع الجديد، لكن سرعان ما فطن إلى وصية رسول الله: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ).
فكان لابد هنا من الكلمة الصادقة الأمينة، فليس هناك أصدق من أبي ذر لهجة، وخرج أبو ذر إلى معاقل السلطة والثروة معترضا على ضلالها، وأصبح الراية التي يلتف حولها الجماهير والكادحين، وذاع صيته وهتافه يردده الناس أجمعين: (بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة).
وبدأ أبو ذر بالشام، أكبر المعاقل (عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه).
ثم ذكر وصية الرسول بوضع الأناة مكان الانقلاب، فيعود إلى منطق الإقناع والحجة، ويعلم الناس بأنهم جميعا سواسية كأسنان المشط، جميعا شركاء بالرزق، إلى أن وقف أمام معاوية يسائله كما أخبره الرسول في غير خوف ولا مداراة، ويصيح به وبمن معه: (أفأنتم الذين نزل القرآن على الرسول وهو بين ظهرانيهم؟؟).
ويجيب عنهم: (نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن، وشهدتم مع الرسول المشاهد)، ويعود بالسؤال: أولا تجدون في كتاب الله هذه الآية: {...وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}.
فيقول معاوية: (لقد أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب). فيصيح أبو ذر: (لا بل أنزلت لنا ولهم)، ويستشعر معاوية الخطر من أبي ذر فيرسل إلى الخليفة عثمان : (إن أبا ذر قد أفسد الناس بالشام). فيكتب عثمان إلى أبي ذر يستدعيه، فيودع الشام ويعود إلى المدينة، ويقول للخليفة بعد حوار طويل: (لا حاجة لي في دنياكم). وطلب الأذن بالخروج إلى (الربذة). وهناك طالبه البعض برفع راية الثورة ضد الخليفة ولكنه زجرهم قائلا: (والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي).
فأبو ذر لا يريد الدنيا، بل لا يتمنى الإمارة لأصحاب رسول الله ليظلوا روادا للهدى. لقيه يوما أبو موسى الأشعري ففتح له ذراعيه يريد ضمه فقال له أبو ذر: (لست أخيك، إنما كنت أخيك قبل أن تكون واليا وأميرا). كما لقيه يوما أبو هريرة واحتضنه مرحبا، فأزاحه عنه وقال: (إليك عني، ألست الذي وليت الإمارة، فتطاولت في البنيان، واتخذت لك ماشية وزرعا). وعرضت عليه إمارة العراق فقال: (لا والله. لن تميلوا علي بدنياكم أبدا).
اقتداؤه بالرسول
عاش أبو ذرالغفاري الكناني مقتديا بالرسول فهو يقول: (أوصاني خليلي بسبع، أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني ألا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن أصل الرحم، وأمرني أن أقول الحق ولو كان مرا، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله). وعاش على هذه الوصية، ويقول الإمام علي: (لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر).
وكان يقول أبو ذر لمانعيه عن الفتوى: (والذي نفسي بيده، لو وضعتم السيف فوق عنقي، ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله قبل أن تحتزوا لأنفذتها).
ورآه صاحبه يوما يرتدي جلبابا قديما فقال له: (أليس لك ثوب غير هذا؟... لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين؟)... فأجابه أبو ذر: (يا بن أخي، لقد أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني)... قال له: (والله انك لمحتاج إليهما)...
فأجاب أبو ذر: (اللهم غفرا انك لمعظم للدنيا، ألست ترى علي هذه البردة، ولي أخرى لصلاة الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها، فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟)...
أهم ملامح شخصية أبي ذر
الزهد الشديد والتواضع :
قيل لأبي ذرٍّ : ألا تتخذ أرضًا كما اتخذ طلحة والزبير؟ فقال: "وما أصنع بأن أكون أميرًا، وإنما يكفيني كل يوم شربة من ماء أو نبيذ أو لبن، وفي الجمعة قَفِيزٌ من قمح".
وعن أبي ذر قال: "كان قوتي على عهد رسول الله صاعًا من التمر، فلست بزائدٍ عليه حتى ألقى الله تعالى"
صدق اللهجة :
قال أبو ذَرّ : قال لي رسول الله: "ما تقلّ الغبراء ولا تظل الخضراء على ذي لهجة أصدق وأوفى من أبي ذَرّ، شبيه عيسى ابن مريم". قال: فقام عمر بن الخطاب فقال: يا نبي الله، أفنعرف ذلك له؟ قال: "نعم، فاعرفوا له".
حرص أبي ذر على الجهاد رغم الصعوبات
عن عبد الله بن مسعود قال: لما سار رسول الله إلى تبوك، جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان. فيقول: "دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه". حتى قيل: يا رسول الله، تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره. فقال رسول الله: "دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه". فتلوَّم أبو ذَرّ على بعيره فأبطأ عليه، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره فخرج يتبع رسول الله ماشيًا، ونزل رسول الله في بعض منازله ونظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق. فقال رسول الله: "كن أبا ذَرّ". فلما تأمله القوم، قالوا: يا رسول الله، هو -والله- أبو ذَرّ. فقال رسول الله: "رحم الله أبا ذَرّ، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده".
بعض المواقف من حياة أبي ذر مع الرسول
وفي صحيح مسلم عن أبي ذَر قال: سألت رسول الله: هل رأيت ربك؟ قال: "نور أنَّى أراه". قال النووي: أي حجابه نور، فكيف أراه؟!
وعن أبي ذَرّ قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: "يا أبا ذَرّ، إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدَّى الذي عليه فيها".
بعض المواقف من حياة أبي ذر الغفاري الكناني مع الصحابة
مع معاوية رضي الله عنه :
عن زيد بن وهب قال: مررت بالرَّبَذَة، فإذا أنا بأبي ذَرّ فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام، فاختلفت أنا ومعاوية في {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّه} [التوبة: 34]، قال معاوية : نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم. فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان يشكوني، فكتب إليَّ عثمان أنِ اقْدِم المدينة. فقدمتها فكثر عليَّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذاك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريبًا. فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمَّرُوا عليَّ حبشيًّا لسمعت وأطعت.
مع أبي بن كعب رضي الله عنه:
عن أبي ذَرّ أنه قال: دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي يخطب، فجلست قريبًا من أبي بن كعب t، ***أ النبي سورة براءة، فقلت لأبيّ: متى نزلت هذه السورة؟ قال: فتجهمني ولم يكلمني. ثم مكثت ساعة، ثم سألته فتجهمني ولم يكلمني، ثم مكثت ساعة ثم سألته فتجهمني ولم يكلمني، فلما صلى النبي قلت لأبيّ: سألتك فتجهمتني ولم تكلمني. قال أبيّ: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت.
فذهبت إلى النبي فقلت: يا نبي الله، كنت بجنب أبيٍّ وأنت تقرأ براءة، فسألته متى نزلت هذه السورة فتجهمني ولم يكلمني، ثم قال: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت. قال النبي: "صدق أُبَيّ".
مع بلال بن رباح رضي الله عنه:
عن ضمرة بن حبيب ، قال : كان بين أبى ذر وبين بلال محاورة ، فعيره أبو ذر بسواد أمه ، فانطلق بلال إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فشكى إليه تعييره بذلك ، فأمره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يدعوه ، فلما جاءه أبو ذر ، قال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : تمت شتمت بلالاً وعيَّرته بسواد أمه - ؟ قال : نعم ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : تمت ما كنت أحسب أنه بقى فى صدرك من كبر الجاهلية شىء - ، فألقى أبو ذر نفسه بالأرض ، ثم وضع خده على التراب ، وقال : والله لا أرفع خدي من التراب حتى يطأ بلال خدي بقدمه
بعض المواقف من حياة أبي ذر الغفاري الكناني مع التابعين
مع عبد الله بن الصامت :
عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذَرّ قال: قال رسول الله: "إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود". قلت: يا أبا ذَرّ، ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي، سألت رسول الله كما سألتني، فقال: "الكلب الأسود شيطان".
مع صدقة بن أبي عمران :
عن صدقة بن أبي عمران بن حطان قال: أتيت أبا ذَرّ فوجدته في المسجد مختبئًا بكساء أسود وحده، فقلت: يا أبا ذَرّ، ما هذه الوحدة؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: "الوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر".
بعض الأحاديث التي رواها أبو ذر الغفاري الكناني عن الرسول
روى البخاري بسنده عن أبي ذر قال: سألت النبي، أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله وجهاد في سبيله". قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: "أعلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها". قلت: فإن لم أفعل. قال: "تعين ضَايِعًا أو تصنع لأخرق". قلت: فإن لم أفعل. قال: "تدع الناس من الشر؛ فإنها صدقة تصدق بها على نفسك".
وعن أبي ذر، عن النبي قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم". قال: ***أها رسول الله ثلاث مرارًا، قال أبو ذر : خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: "المُسْبِل، والمنَّان، والمُنْفِق سلعته بالحلف الكاذب".
أثر أبي ذر الغفاري الكناني في الآخرين
منذ أسلم أصبح من الدعاة إلى الله ، فدعا أباه وأمه وأهله وقبيلته، ولما أسلم أبو ذر قال: انطلق النبي وأبو بكر وانطلقت معهما حتى فتح أبو بكر بابًا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، قال: فكان ذلك أول طعام أكلته بها، فلبثت ما لبثت، فقال رسول الله: "إني قد وجهت إلى أرض ذات نخل -ولا أحسبها إلا يثرب- فهل أنت مبلغ عني قومك؛ لعل الله ينفعهم بك ويأجرك فيهم".
قال: فانطلقت حتى أتيت أخي أنيسًا، قال: فقال لي: ما صنعت؟ قال: قلت: إني أسلمت وصدقت. قال: فما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت وصدقت. ثم أتينا أُمَّنا فقالت: ما بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت وصدقت. فتحملنا حتى أتينا قومنا غفارًا. قال: فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله المدينة، وكان يؤمِّهم خُفاف بن إيماء بن رَحَضَة الغفاري، وكان سيِّدهم يومئذ، وقال بقيتهم: إذا قدم رسول الله أسلمنا. قال: فقدم رسول الله فأسلم بقيتهم. قال: وجاءت "أسلم" فقالوا: يا رسول الله، إخواننا، نُسلم على الذي أسلموا عليه. فقال رسول الله: "غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله".
مواقف خالدة في حياة أبي ذر
ينتقل الزاهد الورع خليفة وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى جوار ربه ورسوله، تاركًا خلفه فراغًا هائلاً، ويبايع المسلمون عثمان بن عفان وتستمر الفتوحات وتتدفق الأموال من البلاد المفتوحة، فارس والروم ومصر، وظهرت بين العرب طبقات غنية كنزت الأموال، وبنت القصور، وعاشت عيشة الأمراء، كما ظهرت بجانبهم طبقات فقيرة لا تجد ما تقتات به.
خرج أبو ذر إلى معاقل السلطة والثروة يغزوها بمعارضته معقلاً معقلاً، وأصبح في أيام معدودات الراية التي التفَّتْ حولها الجماهير والكادحون، وكان إذا نزل بأرض ردد قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35]. ولقد بدأ بأكثر تلك المعاقل سيطرة ورهبة هناك بالشام حيث معاوية بن أبي سفيان يحكم أرضًا من أكثر بلاد الإسلام خصوبة وخيرًا وفيئًا، ويستشعر معاوية الخطر، وتفزعه كلمات الثائر الجليل، ولكنه يعرف قدره، فلا يقربه بسوء، ويكتب من فوره للخليفة عثمان بن عفان ، ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه إلى المدينة، ويجري بينهما حوار طويل ينتهي بأن يقول له أبو ذر: "لا حاجة لي في دنياكم". وطلب أبو ذر من عثمان أن يسمح له بالخروج إلى "الرَّبَذَة"، فأذن له.
موقف أبي ذر الغفاري الكناني من الثورات
أتى أبا ذر وفدٌ من الكوفة وهو في الرَّبَذَة، يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد عثمان بن عفان ، فزجرهم بكلمات حاسمة قائلاً: "والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خيرٌ لي، ولو سيَّرني ما بين الأفق إلى الأفق، لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خير لي، ولو ردني إلى منزلي لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خيرٌ لي".
وهكذا أدرك ما تنطوي عليه الفتنة المسلحة من وبال وخطر؛ فتحاشاها.
بعض كلمات أبي ذر الغفاري الكناني
من أقواله : "حجوا حجة لعظائم الأمور، وصوموا يومًا شديد الحر لطول يوم النشور، وصلوا ركعتين في سوداء الليل لوحشة القبور".
وفاته
تُوفِّي أبو ذر الغفاري الكناني في الرَّبَذَة سنة 32هـ/ 652م.
وقد ورد أنه خرج مع رسول الله في غزوة تبوك وكانت راحلته كبيرة فتأخرت في السير فتركها وحمل متاعه وسار خلف الركب فلما أبصره رسول الله قال : رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويدفن وحده ويبعث وحده.
فبقي في (الربذة) جاءت سكرات الموت لأبي ذر الغفاري، وبجواره زوجته تبكي، فيسألها: (فيم البكاء والموت حق؟)... فتجيبه بأنها تبكي: (لأنك تموت، وليس عندي ثوب يسعك كفنا !)... فيبتسم ويطمئنها ويقول لها: لا تبكي، فاني سمعت رسول الله ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: (ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين). وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق منهم غيري، وهأنذا بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فستطلع علينا عصابة من المؤمنين، فاني والله ما كذبت ولا كذبت). وفاضت روحه إلى الله، وصدق.
توفي أبو ذر سنة اثنتين وثلاثين بالربذة، وصلى عليه عبدالله بن مسعود ؛ فإنه كان مع أولئك النفر الذين شهدوا موته، وحملوا عياله إلى عثمان بن عفان م بالمدينة، فضم ابنته إلى عياله، وقال: يرحم الله أبا ذر. كان آدم طويلاً أبيض الرأس واللحية.
منقول بتصرف يليق بسيرة الصحابي الجليل أبوذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه
عبدالهادي الشهراني
22-05-2012, 05:14 PM
اخي الحبيب مخاوي الذيب
لا حرمك الله اجر ما تقدم لنا
في الواقع ان موضوعك هذا من اجمل ما قرأت في الديوانية ، وكيف لا يكون جميلا وهو ينثر لنا سير كوكبة صالحة مباركة أسست للدولة الاسلامية ونشرت الاسلام في أصقاع الأرض.
واصل وفقك الله
محبك ابو راكان
همس الغروب
22-05-2012, 07:00 PM
اخي مخاوي الذيب موضوع اسطره من ذهب لكل من قراءه وفهم معانيه واقتداء بمن هم خير امه
تقديري لك اخي على هذا الموضوع الاكثر من رائع
مخاوي الذيب
25-05-2012, 01:00 AM
الصحابى الجليل حاطب بن أبى بلتعة رضى الله عنه
http://s0.2mdn.net/viewad/817-grey.gif (http://ad.doubleclick.net/click;h=v8/3c7f/0/0/%2a/t;44306;0-0;0;76792629;4307-300/250;0/0/0;;~sscs=%3f)
حاطب بن أبي بلتعة
هوضيف الشرف لهذا اليوم الجمعه الموافق 4/ 7/ 1433
هو حاطب بن أبي بلتعة واسم أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة من بني خالفة بطن من لخم، وهو حليف بني أسد بن عبد العزى يقال أنه حالف الزبير، وقيل: كان مولى عبيد الله بن حمير
مـــــــــــــــقدمــــــــــــــــة هو حاطب بن أبي بلتعة واسم أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة من بني خالفة بطن من لخم، وهو حليف بني أسد بن عبد العزى يقال أنه حالف الزبير، وقيل: كان مولى عبيد الله بن حمير فكاتبه فأدَّى...
وقد ولد رضي الله عنه قبل الهجرة بخمس وثلاثين سنة.
حاله في الجاهلية
قال المرزباني في معجم الشعراء: كان أحد فرسان قريش في الجاهلية وشعرائها.
إســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام ه
كان إسلامه رضي الله عنه قديماً ولعل صلته بالزبير بن العوام الذي أسلم قديماً جعلت حاطباً يقتفي أثره...
حبه للجهاد في سبيل الله
شهد حاطب رضي الله عنه بدراً وأحد والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من الرماة الموصوفين...
حكمته وعلمه
عن حاطب بن أبي بلتعة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الإسكندرية فجئته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله وأقمت عنده ليالي ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته فقال إني سأكلمك بكلام أحب أن تفهمه مني قال قلت هلم قال أخبرني عن صاحبك أليس هو نبيا قلت بلى هو رسول الله قال فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلدته إلى غيرها فقلت له فعيسى ابن مريم أتشهد أنه رسول الله فما له حيث أخذه قومه فأرادوا صلبه ألا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حتى رفعه الله إليه في سماء الدنيا قال أحسنت أنت حكيم جاء من عند حكيم جاء من عند حكيم هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد وأرسل معك من يبلغك إلى مأمنك قال فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرى وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهم بن حذيفة العدوي وأخرى وهبها لحسان بن ثابت الأنصاري وأرسل يثياب مع طرف من طرفهم.
بعض المواقف من حياته
مع الرسول صلى الله عليه وسلم
روى البخاري بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد صدقكم قال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق قال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وروى مسلم بسنده عن جابر رضي الله عنه أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية"
وعن أنس بن مالك أنه سمع حاطب بن أبي بلتعة يقول: إنه طلع على النبي صلى الله عليه وسلم في أحد وهو يشتد وفي يد علي بن أبي طالب الترس فيه ماء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل وجهه من ذلك الماء فقال له حاطب من فعل بك هذا قال عتبة بن أبي وقاص هشم وجهي ودق رباعيتي بحجر رماني قلت إني سمعت صائحا يصيح على الجبل قتل محمد فأتيت وكان قد ذهب روحي قلت أين توجه عتبة فأشار إلى حيث توجه فمضيت حتى ظفرت به فضربته بالسيف فطرحت رأسه فهبطت فأخذت رأسه وسلبه وفرسه وجئت بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم ذلك إلي ودعا لي فقال: رضي الله عنك رضي الله عنك.
وروى مسلم بسنده عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها" قالت: فلما مات أبو سلمة قلت أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له فقلت: إن لي بنتا وأنا غيور، فقال: "أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها وأدعو الله أن يذهب بالغيرة"
بعض مواقفه مع الصحابه
عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أصاب غلمان لحاطب بن أبي بلتعة بالعالية ناقة لرجل من مزينة فانتحروها واعترفوا بها فأرسل إليه عمر فذكر ذلك له وقال هؤلاء أعبدك قد سرقوا وانتحروا ناقة رجل من مزينة واعترفوا بها فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم ثم أرسل بعد ما ذهب فدعاه وقال لولا أني أظن أنكم تجيعونهم حتى إن أحدهم أتى ما حرم الله عز وجل لقطعت أيديهم ولكن والله لئن تركتهم لأغرمنك فيهم غرامة توجعك فقال للمزني كم ثمنها قال كنت أمنعها من أربعمائة قال فأعطه ثمانمائة...
أثره في الآخرين
قال حاطب للمقوقس - لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إليه: إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى فأخذه الله نكال الأخرة والأولى فانتقم الله به ثم انتقم منه فاعتبر بغيرك ولا يعتبر بك قال هات قلت إن لك دينا لن تدعه إلا لما هو خير منه وهو الإسلام الكافي بعد ما سواه إن هذا النبي دعا الناس إلى الله فكان اشدهم عليه قريش وأعداهم له اليهود وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل وكل من أدرك نبيا فهو من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدركت هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به ثم ناوله كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأه قال خيرا قد نظرت في هذا فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى عن مرغوب فيه ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آلة النبوة ثم جعل الكتاب في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى خازنه وكتب جوابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد علمت أن نبيا قد بقي وقد أكرمت رسولك وأهدي للنبي صلى الله عليه وسلم جاريتين وبغلة تسمى الدلدل فقبل النبي صلى الله عليه وسلم هديته واصطفى الجارية الواحدة واسمها مارية القبطية لنفسه فولدت منه إبراهيم...
وقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظيم الأسكندرية بمصر أيضًا، فأكرمه...
وبعثه أبو بكر الصديق أيضا إلى المقوقس بمصر فصالحهم...
فكان رضي الله عنه مبعوث الدولة الإسلامية الدائم إلى مصر...
بعض الأحاديث التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم:
روى حاطب بن أبي بلتعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من رآني بعد موتي فكأنما رآني في حياتي ومن مات في أحد الحرمين بعث في الآمنين يوم القيامة"
قال ابن عبد البر في الاستيعاب: لا أعلم له غير هذا الحديث.
وفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاته
مات رضي الله عنه سنة 30 هـ بالمدينة، وهو ابن 65 سنة، وصلى عليه عثمان رضي الله عنه.
الموضوع منقول مع بعض التصرف تحياتي لمتابعتكم وأتمنى من الله أن يكتب لي ولكم الأجر في الدنيا ولأخره
صاحب السمو
25-05-2012, 08:07 AM
أسأل الله لي ولك يا مخاوي الذيب مرافقتهم في جنات عدن
والوالدينا .بارك الله فيك يا غالي ونفع بعلمك
همس الغروب
26-05-2012, 12:21 PM
الله يجزاك الجنه ويجعل موضوعك هذا شاهد لك يارب
مخاوي الذيب
31-05-2012, 11:18 PM
(سيرة الإمام الشهيد أميرالمؤمنين)
علي أبن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه
ضيفنا لهذا اليوم الجمعه الموافق 11/ 7/ 1433
*************************************
{فـمـن هــو أبوالحسن رضي الله عنه}
هو أمير المؤمنين الإمام الكريم : علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، أبو الحسن . رضي الله عنه وأرضاه .
كُنيته : أبو الحسن .
وكنّاه النبي صلى الله عليه وسلم : أبا تراب ، وسيأتي الكلام على سبب ذلك .
مولده : وُلِد قبل البعثة بعشر سنين .
وتربّى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُفارقه .
فضائله : فضائله جمّـة لا تُحصى
ومناقبه كثيرة حتى قال الإمام أحمد : لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي .
علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ثم أطال رحمه الله في ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،
قال : فمن ذلك أنه أقرب العشرة المشهود لهم بالجنة نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ ابن حجر : وقد ولّـد له الرافضة مناقب موضوعة ، هو غنى عنها .
قال : وتتبع النسائي ما خُصّ به من دون الصحابة ، فجمع من ذلك شيئا كثيراً بأسانيد أكثرها جياد .
وكتاب الإمام النسائي هو " خصائص عليّ رضي الله عنه " .
وهذا يدلّ على محبة أهل السنة لعلي رضي الله عنه .
وأهل السنة يعتقدون محبة علي رضي الله عنه دين وإيمان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
من فضائله رضي الله عنه :
أول الصبيان إسلاماً .
أسلم وهو صبي ، وقُتِل في الإسلام وهو كهل .
قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى . قال : اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه . اللهم والِ من والاه ، وعاد من عاد . رواه الإمام أحمد وغيره .
وروى الإمام مسلم في فضائل علي رضي الله عنه قوله رضي الله عنه : والذي فلق الحبة ، وبرأ النَّسَمَة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق .
وروى عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال في حق عليّ رضي الله عنه : ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبّه ؛ لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ، خَلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا انه لا نبوة بعدي ؟ وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قال : فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي علياً . فأُتي به أرمد ، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه . ولما نزلت هذه الآية : ( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي .
روى عليّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً .
شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك ، فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ،إلا أنه لا نبي بعدي .
وهذا كان يوم تبوك خلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ، وموسى خلف هارون على قومه لما ذهب موسى لميعاد ربه .
وهو بَدري من أهل بدر ، وأهل بدر قد غفر الله لهم .
وشهد بيعة الرضوان .
وهو من العشرة المبشرين بالجنة .
وهو من الخلفاء الراشدين المهديين فرضي الله عنه وأرضاه .
وهو زوج فاطمة البتول رضي الله عنها ، سيدة نساء العالمين .
وهو أبو السبطين الحسن والحسين ، سيدا شباب أهل الجنة .
قال صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .
وكان علي رضي الله عنه أحد الشورى الذين نص عليهم عمر ، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف وشرط عليه شروطا امتنع من بعضها ، فعدل عنه إلى عثمان ، فقبلها فولاه ، وسلم عليّ وبايع عثمان .
ولم يزل عليّ رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم متصديا لنصر العلم والفتيا .
من خصائص عليّ رضي الله عنه :
ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله علي يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قال : فَباتَ الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها . قال : فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها ، فقال : أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكى عينيه . قال : فأرسلوا إليه . فأُتيَ به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا لـه فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية .
ولذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ . كما عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
لا لأجل الإمارة ، ولكن لأجل هذه المنزلـة العالية الرفيعة " يحبّ الله ورسوله ويُحبُّـه الله ورسوله "
اشتهر عليّ رضي الله عنه بالفروسية والشجاعة والإقدام .
وكان اللواء بيد علي رضي الله عنه في أكثر المشاهد .
بارز عليٌّ رضي الله عنه شيبة بن ربيعة فقتله عليّ رضي الله عنه ، وذلك يوم بدر .
وكان أبو ذر رضي الله عنه يُقسم قسما إن هذه الآية ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في الذين برزوا يوم بدر ؛ حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة . رواه البخاري ومسلم .
وفي اُحد قام طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين فقال : يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة ، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة أو يعجلني بسيفه إلى النار ؟! فقام إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار ، أو يعجلني بسيفك إلى الجنة ، فضربه عليّ فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال : أنشدك الله والرحم يا ابن عمّ . فكبر رسول الله
وقال أصحاب عليّ لعلي : ما منعك أن تُجهز عليه ؟ قال : إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته ، فاستحييت منه .
وبارز مَرْحَب اليهودي يوم خيبر
فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال :
قد علمت خيبر أني مرحب = شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
أنا الذي سمتني أمي حيدرة = كليث غابات كريه المنظرة
أوفيهم بالصاع كيل السندرة
ففلق رأس مرحب بالسيف ، وكان الفتح على يديه .
وعند الإمام أحمد من حديث بُريدة رضي الله عنه : فاختلف هو وعليٌّ ضربتين ، فضربه على هامته حتى عض السيف منه بيضة رأسه ، وسمع أهل العسكر صوت ضربته . قال : وما تتامّ آخر الناس مع عليّ حتى فتح له ولهم .
ومما يدلّ على شجاعته رضي الله عنه أنه نام مكان النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة .
ومع شجاعته هذه فهو القائل : كُنا إذا احمرّ البأس ، ولقي القوم القوم ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . رواه الإمام أحمد وغيره .
فما أحد أشجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن فضائله رضي الله عنه :
اجتمع له من الفضائل الجمّـة ما لم يجتمع لغيره .
فمن ذلك ما أخرجه ابن عساكر أن علياً رضي الله عنه قال :
محمد النبي أخي وصهري = وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يمسي ويضحى = يطير مع الملائكة ابن أمي
وبنت محمد سكني وعرسي = مَسُوطٌ لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ولداي منها = فأيكم له سهم كسهمي ؟
من كريم خُلقه :
أنه جاءه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فرفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إليك ، فإن أنت قضيتها حمدت الله وشكرتك ، وإن أنت لم تقضها حمدت الله وعذرتك ، فقال عليّ : اكتب حاجتك على الأرض ، فإني أكره أن أرى ذل السؤال في وجهك .
تواضعه رضي الله عنه :
قال عليّ رضي الله عنه : لا أوتي برجل فضلني على أبي بكر وعمر ، إلا جلدته حد المفتري .
وقال محمد بن الحنفية : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر . وخشيت أن يقول عثمان . قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .
ابتلاؤه رضي الله عنه :
ابتُلي رضي الله عنه من قبل أقوام ادّعوا محبّـته ، فقد ادّعى أقوام من الزنادقة أن علياً رضي الله عنه هو الله ! فقالوا : أنت ربنا ! فاغتاظ عليهم ، وأمر بهم فحرّقوا بالنار ، فزادهم ذلك فتنة وقالوا : الآن تيقنا أنك ربنا ! إذ لا يعذب بالنار إلا الله .
وقال رضي الله عنه : يهلك فيّ اثنان ؛ محب يُقرّظني بما ليس فيّ ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني ، ألا إني لست بنبي ولا يوحى إليّ ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما استطعت ، فما أمرتكم من طاعة الله فحقّ عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم .
وقد قيل لعلي رضي الله عنه : إن هنا قوماً على باب المسجد يدّعون أنك ربهم ، فدعاهم ، فقال لهم : ويلكم ما تقولون ؟ قالوا : أنت ربنا وخالقنا ورازقنا ! فقال : ويلكم إنما أنا عبدٌ مثلكم ؛ أكل الطعام كما تأكلون ، وأشرب كما تشربون ، إن أطعت الله أثابني إن شاء ، وإن عصيته خشيت أن يعذبني ، فاتقوا الله وأرجعوا ، فأبوا ، فلما كان الغد غدوا عليه ، فجاء قنبر فقال : قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام ، فقال : أدخلهم ، فقالوا : كذلك ، فلما كان الثالث قال : لئن قلتم ذلك لأقتلنكم بأخبث قتلة ، فأبوا إلا ذلك ، فقال : يا قنبر ائتني بفعلة معهم ، فخدّ لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر . وقال : احفروا فابعدوا في الأرض ، وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود وقال : إني طارحكم فيها أو ترجعوا ، فأبوا أن يرجعوا ، فقذف بهم فيها حتى إذا احترقوا قال رضي الله عنه :
لما رأيت الأمر أمراً منكراً *** أوقدت ناري ودعوت قنبرا .
قال الحافظ في الفتح : وهذا سند حسن .
وأوذي ممن ادّعوا محبته ، بل ممن ادّعوا أنهم شيعته !
والذي قتل علياً رضي الله عنه ، وهو الشقي التعيس ( ابن ملجَم ) كان مِن شيعة عليّ !
ولذلك كان علي رضي الله عنه يقول في آخر حياته :
أشكو إلى الله عجري وبجري .
وقال رضي الله عنه في أهل الكوفة : اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي ، وأخلاق لم تكن تعرف لي . اللهم فأبدلني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شراً مني . اللهم أمِتْ قلوبهم موت الملح في الماء .
والكوفة هي موطن الشيعة الذين كانوا يدّعون محبته !
كلام جميل للحسن بن علي رضي الله عنهما :
لما حضرت الحسن بن على الوفاة قال للحسين : يا أخي إن أبانا رحمه الله تعالى لما قُبض رسول الله استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه ، فصرفه الله عنه ، ووليها أبو بكر ، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضا فصُرفت عنه إلى عمر ، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم ، فلم يشك أنها لا تعدوه فصُرفت عنه إلى عثمان ، فلما هلك عثمان بويع ثم نُوزع حتى جرّد السيف وطلبها فما صفا له شيء منها ، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة ، فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك .
إنصـافــه رضي الله عنه :
وكان علي رضي الله عنه من أكثر الناس إنصافاً لخصومه .
فقد رأى عليٌّ رضي الله عنه طلحة رضي الله عنه في واد مُلقى ، فنزل فمسح التراب عن وجهه وقال : عزيز عليّ أبا محمد بأن أراك مجدلا في الأودية تحت نجوم السماء . إلى الله أشكو عجري وبجري . يعني : سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي .
وقال طلحة بن مصرف انتهى علي رضي الله عنه إلى طلحة رضي الله عنه وقد مات ، فنزل عن دابته وأجلسه ، ومسح الغبار عن وجهه ولحيته ، وهو يترحم عليه ، وقال : ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة .
وكان يقول : أني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي .
ولما سُئل عـن أهـل النهروان [ من الخوارج ] أمشركون هـم ؟ قال : من الشرك فـرُّوا .
قيل: أفمنافقون ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا . فقيل : فما هم يا أمير المؤمنين ؟ قال : إخواننا بَغَوا علينـا ، فقاتلناهم ببغيهم علينا . رواه ابن أبي شيبة والبيهقي .
علي رضي الله عنه والحِكمـة :
كان علي رضي الله عنه واعظاً بليغاً مؤثراً ، وخطيباً مُصقعـاً ، وكان ينطق بالحِكمة .
ولذلك عقد ابن كثير رحمه الله فصلا في البداية والنهاية فقال :
فصل في ذكر شيء من سيرته العادلة ، وطريقته الفاضلة ، ومواعظه وقضاياه الفاصلة ، وخُطبه وحِكَمِهِ التي هي إلى القلوب واصلة .
ثم ساق تحت هذا الفصل طرفا من حِكم عليّ رضي الله عنه ومواعظه .
علي رضي الله عنه والشِّعـر :
وكان علي رضي الله عنه شاعراً مُجيداً ، وقد اتّسم شعره بالحكمة .
ومن شِعره :
إذا اشتملت على اليأس القلوب = وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطَنِت المكاره واطمأنت = وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضرّ وجهاً = ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث = يمن به القريب المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت = فموصول بها الفرج القريب
ومِن شِعره :
فلا تصحب أخا الجهل = وإيـــاك وإيـــاهُ
فكم من جاهل أردى = حليما حين آخاهُ
يقاس المرء بالمرء = إذا ما المرء ما شاهُ
وللشيء على الشيء = مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب = دليل حين يلقاه
وقوله رضي الله عنه :
حقيق بالتواضع من يموت = ويكفى المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذا هموم = وحرص ليس تدركه النعوت
صنيع ُمَلِيكِنا حَسَنٌ جميل = وما أرزاقه عنّـا تفوت
فيا هذا سترحل عن قليل = إلى قوم كلامهم السكوت
زوجاته رضي الله عنه :
- سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها .
وولدت له الحسن والحسين ، ويُقال : ومُحسناً ، ويُقال : مات وهو صغير .
وولدت له من البنات : زينب الكبرى ، وأم كلثوم الكبرى ، وهي التي تزوجها عمر رضي الله عنه .
ولم يتزوّج علي رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها حتى ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر .
ومن زوجاته :
- أم البنين بنت حزام .
وولدت له العباس وجعفراً وعبد الله وعثمان ، وقد قُتل هؤلاء مع أخيهم الحسين بكر بلاء ولا عقب لهم سوى العباس .
ومنهن :
- ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك من بني تميم ، فولدت له عبيد الله وأبا بكر . قال هشام بن الكلبي : وقد قتلا بكربلاء أيضا .
ومنهن :
- أسماء بنت عميس الخثعمية فولدت له يحيى ومحمداً الاصغر ، قاله الكلبي ، وقال الواقدي : ولدت له يحيى وعوناً .
قال الواقدي : فأما محمد الأصغر فمن أم ولد .
ومنهن :
- أم حبيبة بنت زمعة بن بحر بن العبد بن علقمة ، وهي أم ولد من السبي الذين سباهم خالد من بني تغلب حين أغار على عين التمر ، فولدت له عمر وقد عُمِّر خمسا وثمانين سنة ، ورقية .
ومنهن :
- أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن مغيث بن مالك الثقفي ، فولدت له أم الحسن ، ورملة الكبرى
ومنهن :
- ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبية ، فولدت له جارية ، فكانت تخرج مع علي إلى المسجد وهي صغيرة ، فيُقال لها : من أخوالك ؟ فتقول : وه وه ! تعني بني كلب .
ومنهن :
أمامه بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها وهو في الصلاة إذا قام حملها ، وإذا سجد وضعها ، فولدت له محمداً الأوسط .
وأما ابنه محمد الأكبر فهو ابن الحنفية وهي :
- خولة بنت جعفر بن قيس ، من بني حنيفة ، سباها خالد أيام الصديق أيام الردة من بني حنيفة ، فصارت لعلي بن أبي طالب ، فولدت له محمداً هذا ، ومن الشيعة من يدّعي فيه الإمامة والعصمة ، وقد كان من سادات المسلمين ولكن ليس بمعصوم ، ولا أبوه معصوم ، بل ولا من هو أفضل من أبيه من الخلفاء الراشدين قبله ليسوا بواجبي العصمة ، كما هو مقرر في موضعه والله اعلم . قاله ابن كثير في البداية والنهاية .
وقال أيضا :
وقد كان لعلى أولاد كثيرة آخرون من أمهات أولاد شتى ، فإنه مات عن أربع نسوة وتسع عشرة سُرِّية رضى الله عنه ، فمن أولاده رضي الله عنهم مما لا يعرف أسماء أمهاتهم أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الكبرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم جعفر وأم سلمة وجمانة . اهـ .
سبب تكنيته بأبي تراب :
كنّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي تُراب .
روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان ، فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً . فأبى سهل . فقال له : أما إذ أبيت فقل : لعن الله أبا التراب ! فقال سهل : ما كان لعليّ اسم أحب إليه من أبي التراب ، وإن كان ليفرح إذا دُعي بها . فقال له : أخبرنا عن قصته لم سُمي أبا تراب ؟ قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة ، فلم يجد علياً في البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ فقالت : كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج ، فلم يَقِلْ عندي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان : أنظر أين هو ؟ فجاء فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد . فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع ، قد سقط رداؤه عن شقه ، فأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول : قم أبا التراب . قم أبا التراب .
وفي هذا الحديث رد على الرافضة الذين يقولون : إن الله غضب على أبي بكر عندما أغضب فاطمة
ويستدلون بحديث : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني . رواه البخاري .
وسبب ورود هذا الحديث ما رواه البخاري ومسلم عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن يُنكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، إلا أن يُحب ابن أبي طالب أن يُطلق ابنتي وينكح ابنتهم ، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها .
وفي رواية في الصحيحين أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة قال : فسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال : إن فاطمة مني وأني أتخوف أن تفتن في دينها . قال : ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن . قال : حدثني فصدقني ووعدني فأوفي لي ، وأني لست احرم حلالا ولا أحل حراما ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا .
فتبيّن أن المقصود بإغضاب فاطمة رضي الله عنها ما كان بحق ، أو ما كان عن طريق الزواج عليها
قال ابن حجر رحمه الله : والسبب فيه ما تقدم في المناقب أنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة ، فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة .
وسيأتي – إن شاء الله - في ترجمة فاطمة رضي الله عنها زيادة بيان وتوضيح .
مما لم يصحّ فيما ذُكر في سيرته رضي الله عنه مما اشتهر :
حديث : أنا مدينة العلم ، وعليّ بابها . فإنه حديث موضوع .
ومثله حبس الشمس لعليّ رضي الله عنه . فإنه خبر موضوع مكذوب .
ومثل ذلك حديث : النظر إلى عليّ عبادة !
وقصة اقتلاع باب حصن خيبر ، ومقاتلته بالباب ، وأنه اجتمع عليه بعد ذلك سبعون رجلاً فما استطاعوا إعادته .
فهذا الخبر لا يصح ولا يثبت .
وحديث الطير ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بطير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير . وهو حديث ضعيف .
وأنه رضي الله عنه تصدّق بخاتمه وهو راكع !
وتزعم الرافضة أن الله أحيا أبا طالب فأسلم ، ثم أماته !
وكل ذلك من الغلو في حق أمير المؤمنين الذي لا يرضاه رضي الله عنه .
ويكفي عليّ رضي الله عنه ما ثبت مِن سيرته ، وما صحّ من خصائصه .
وفاته رضي الله عنه :
قُتِل رضي الله عنه في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة .
قَتَلَه عبد الرحمن بن مُلجَم المرادي
قال ابن حجر في ترجمة ابن ملجم : من كبار الخوارج ، وهو أشقى هذه الأمة بالنص الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بقتل علي بن أبي طالب ، فقتله أولاد عليّ ، وذلك في شهر رمضان سنة أربع وأربعين .
قال النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى رضى الله عنه : أشقى الناس الذي عقر الناقة ، والذي يضربك على هذا - ووضع يده على رأسه - حتى يخضب هذه يعنى لحيته . رواه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني .
وكانت مدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر .
فرضي الله عن أمير المؤمنين الإمام الشهيد علي بن أبي طالب وأرضاه .
وجمعنا به في دار كرامته .
اللهم ارض عن أبي الحسن وأرضه
************************************
اللهم إني أحببت عبدك ووليك هذا فاجمعنا به في دار كرامتك وبحبوحة جنتك .
منقول بتصرف يليق بقدرومكانت
أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه
همس الغروب
02-06-2012, 01:53 AM
الله يعطيكـ الصحه يـ الذيب ويجمعكـ ويجمعنا معهمـ في دار الكرامه انشاء الله "
لك تقديري واصل يا الذيب موضوع رائع
الطفلة البريئة
02-06-2012, 01:57 PM
اللهم ارض عن أبي الحسن وأرضه
واللهم أرض عن مخاوي الذيب وأرضه
وأجعل مايكتبه في ميزان حسناته
جهد رائع مبارك
بارك الله فيك
أختك/ البريئة
الصاروخ
03-06-2012, 01:21 AM
الله يجزي القايمين على الكوكبه الف خير وبصراحه ان فيها فايده للقراء
مخاوي الذيب
08-06-2012, 06:43 AM
موسى بن نصير شيخ المجاهدين غفر الله له ورحمه واعلى مكانته وشرف قدره هو ضيف الشرف الكوكبة لهذا اليوم الجمعه 18/ 7/ 1433 وهو صاحب المقوله المشهوره (وايم الله لا أريد هذه القلاع والجبال الممتنعة حتى يضع الله أرفعها،ويذل
أمنعها، ويفتحها على المسلمين بعضها أو جميعها، أو يحكم الله لي، وهو خيرالحاكمين) .. ما أروع كلامك أيها القائد العظيم.
في خلافة (عمر بن الخطاب) -رضيالله عنه- ولد (موسى بن نصي سنة 19هـ/640م في قرية من قرى الخليل في شمال فلسطين تسمى (كفر مترى) فتعلم الكتابة، وحفظ القرآن الكريم، والأحاديث النبويةالشريفة، ونظم الشعر، ولما كان والده (نصير) قائدًا لحرس معاوية بن أبي سفيان ومن كبار معاونيه؛ تهيأت الفرصة لـ(موسى) لأن يكون قريبًا من كبار قادة الفتح، وأصحاب الرأي والسياسة، ويرى عن قرب ما يحدث في دار الخلافة.................
وشب موسى وهو يشاهد جيوش المسلمين تجاهد في سبيل الله، لنشر الدين الإسلامي في ربوع الأرض، ورأى والده وهويستعد لإحدى الحروب، وقد لبس
خوذته، وتقلد سيفه، فنظر إليه وأطال النظر، وتمنىأن يكون مثل أبيه يجاهد في سبيل الله ويرفع راية الإسلام، وجاءت اللحظة الموعودةلينال موسى قيادة بعض الحملات البحرية التي وجهها معاوية لإعادة غزو (قبرص) التيسبق أن فتحها معاوية في سنة 27هـ؛ فنجح في غزوها، وبنى هناك حصونًا، ثم تولى إمارتها، وفي سنة 53هـ (673م)، كان موسى أحد القادة الذين خرجوا لغزو جزيرة (رودس) التي انتصر المسلمون فيها.
وتمر الأيام والسنون ويتولى {مرون ابن الحكم} الخلافة،ويتحين موسى بن نصير الفرصة ليحقق أحلامه وطموحاته، ففي سنة 65هـ/ 684م أمر مروان بتجهيز الجيش للسيرا به نحو مصر، وزحف الجند مسرعين بقيادة ابنه (عبد العزيز) وصديقه
(موسى بن نصير) ووصل الجيش إلى مصر، واستطاع مروان أن يضمها تحت لواءالمروانيين الأمويين، ثم غادرها إلى دمشق بعد أن عين ابنه (عبد العزيز) واليًا،وجعل موسى بن نصير وزيرًا له.
وعاش موسى مع عبد العزيز بن مروان في مصر، فكان موضع سره، ووزيره
الأول، يساعده في حكم مصر، حتى ازدادت خبرة موسى في شئون السياسه
والحكم، ومات مروان، وتولى الخلافة بدلاً منه ابنه {عبد الملك} وكان
عبد العزيز بن مروان يشيد بشجاعة موسى وإخلاصه أمام الخليفة مما جعله يخص موسى بالحفاوة والتكريم.
وفي يوم من الأيام حمل البريد رسالة من الخليفة إلىأخيـه عبد العزيز والي مصر يخبره فيها بأنه قد عين أخاه بشر بن مروان واليًا على البصرة، وجعل موسى بن نصير وزيرًا يساعده على إدارة الولاية ورئيسًا لديوان العراق،ومكن الله لموسى، وثبت أركان وزارته، فلم يمضِ وقت طويل، حتى عين الخليفة أخاه بشرًا على
الكوفة، وبذلك ترك لموسى بن نصير ولاية البصرة ليدير شئونها وحده بوعي
وبصيرة، ثم عَيَّنَه صديقه عبد العزيز بن مروان واليًا على شمال إفريقية بدلاً من
حسان بن النعمان الذي غضب عليه عبد العزيز.
وتمكن موسى في زمن قصيرمن تجهيز جيش إسلامي قوي قادر على النصر، وسار برجاله، ووقف بينهم خطيبًا، فقال بعدأن حمد الله وأثني عليه: إنما أنا رجل كأحدكم، فمن رأى مني حسنة فليحمد الله،وليحضَّ على مثلها، ومن رأى مني سيئة فلينكرها، فإني أخطئ كما تخطئون، وأصيب كماتصيبون.. ثم انطلق موسى بجيشه نحو المغرب حيث تزعزع الأمن هناك برحيل الأمير السابق حسان بن النعمان وقيام البربر بالعديد من الغارات على المسلمين.
واستطاع موسى أنيهزم قبائل البربر التي خرجت عن طاعة المسلمين، ولما وصل إلى مدينة القيروان، صلى بالجند صلاة شكر لله على النصر، ثم صعد المنبر وخطب قائلاً: (وايم الله لا أريد هذه القلاع والجبال الممتنعة حتى يضع الله أرفعها، ويذل
أمنعها، ويفتحها على المسلمين بعضها أو جميعها، أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين) وانتشرت جيوش موسى بن نصير في شرق المغرب وشماله تفتح كل ما يصادفها من الحصون المنيعة، حتى أخضع القبائل التي لم تكن قد خضعت بعد للمسلمين.
وتطلع موسى إلى فتح (طنجة) التي كانت تحت سيادة الأمير الرومي
(يوليان) فانطلق من قاعدته في القيروان بجيش كبير تحت قيادة طارق بن زياد حتى وصل إلى (طنجة) فحاصرها حصارًا طويلا وشديدًا حتى فتحها،وأقام للمسلمين مُدنًا جديدة فيها، وأسلم أهلها، وبعث موسى لصديقه عبد العزيز يبشره بالفتح ، وجاءت الرسل إلى الخليفة في دمشق تزفُّ إليه خبر النصر، ففرح فرحًا شديدًا لانتصارات موسى، وكافأه على انتصاراته،ولم يكتفِ موسى بهذه الانتصارات، بل أخذ يجهز أسطولا بحريًّا، وأمر في الحال ببناءترسانة بحرية في تونس، فجاء بصانعي المراكب، وأمرهم بإقامة مائة مركب.
وبعد أنتمَّ له إنشاء السفن أمر جنوده بأن يركبوا السفن وعلى رأسهم ابنه
عبد الله، ثم أمره بفتح جزيرة (صقلية) وسار عبد الله بن موسى بن نصير بجند الحق حتى وصل إلى الجزيرةفدخلها، وأخذ منها غنائم كثيرة، حتى وصل نصيب الجندي مائة دينار من الذهب، وكان عددالجنود المسلمين ما بين التسعمائة إلى الألف، ثم عـاد
عبد الله بن موسى من غزواته سالمًا غانمًا، وبعث موسى قائده (عياش بن أخيل) على مراكب أهل إفريقية، ففتح جزيرة صقلية للمرة الثانية، واستولى على مدينة من مدنها تسمي (سرقوسة) وعادمنتصرًا.
وفي سنة 89هـ بعث موسى بن نصير (عبد الله بن فرة) لغزو (سردينيا) ففتحها، وفي العام نفسه، جهز موسى ولده عبد الله، بما يحتاجه من جند وعتاد، ثم سارفي
البحر، ففتح جزيرتي (ميورقة) و(منورقة) وهما جزيرتان في البحر بين صقلية والشاطئ الأندلسي.
وبدأ موسى بن نصير ينشر دين الله في المدن المفتوحة، ونجح فيذلك نجاحًا
كبيرًا، وحكم بين أهل هذه البلاد بالعدل، لا يفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح، فأحبوا الإسلام، واستجابوا لدعوة الحق، ودخلوا في دينالله
أفواجًا، وتحولوا من الشرك والكفر إلى الإسلام والتوحيد بفضل الله أولا، ثم بجهود موسى وبطولاته.
ولما ضمن موسى ولاء أهل المغرب واستمساكهم بدعوة الإسلام،أخذ يعد العدة لغزو جديد، وبينما هو يفكر في هذا الأمر إذ جاءه رسول من قبل طارق بن زياد يخبره بأن يوليان حاكم (سبته) عرض عليه أن يتقدم لغزو أسبانيا، وأنه على استعداد لمعاونة العرب في ذلك، وتقديم السفن اللازمة لنقل الجنود المسلمين، وبعث موسى إلى الخليفة{ الوليد بن عبد الملك }يستشيره، فردَّ عليه الخليفة بقوله: (خضه أولاً بالسرايا يعني بقلة من الجنود حتى ترى وتختبر شأنها ولا تغرر بالمسلمين فيبحر شديد الأهوال).
فأرسل موسى رجلاً من البربر يسمى (طريف بن مالك) في مائةفارس وأربعمائة رجل، وركب هو وجنوده البحر في أربعة مراكب حتى نزل ساحل الأندلس فأصاب سبيًا كثيرًا ومالاً وفيرًا، ثم رجع إلى المغرب غانمًا سالمًا، وفي شهر رجب من
عام 92هـ جهز موسى جيشًا خليطًا من العرب والبربر تعداده سبعة آلاف جنديبقيادة طارق بن زياد، وانطلق طارق بالجيش إلى أن وصل سبتة، وهناك خطط لعبور المضيق،وفي اليوم الخامس من شهر رجب سنة 92هـ (إبريل 710م) وبفضل الله كانت آخر دفعة منالجنود بقيادة طارق تعبر المضيق الذي حمل اسم طارق بن زياد منذ ذلك الوقت.
ونزل طارق -قائد جيش موسى بن نصير- أرض الأندلس، وبعد عدة معارك فتح الجزيرة الخضراء،وعلم الإمبراطور (لذريق) بنزول المسلمين في أسبانيا من (بتشو) حاكم إحدى المقاطعات الجنوبية الذي بعث إليه يقول: أيها الملك، إنه قد نزل بأرضنا قوم لا ندري أمن السماء أم من الأرض، فالنجدة ..النجدة، والعودة على عجل.
وزحف لذريق بجيش كبيرليوقف المسلمين عن الزحف، فأرسل طارق إلى
موسى مستنجدًا، فأمده بخمسة آلاف منالمسلمين على رأسهم طريف بن مالك وأكثرهم من الفرسان فأصبح تعداد جيش المسلمين اثني عشر ألفًا، وكان اللقاء الحاسم بين جيش المسلمين بقيادة طارق بن زياد، وجيش الإمبراطور لذريق
يوم الأحد 28 من شهر رمضان المبارك عام 92هـ، واستمرت المعركةحوالي سبعة أيام، انتهت بانتصار المسلمين بفضل الله في معركة عرفت باسم معركة (شذونة) أو معركة (وادي البرباط).
واصل طارق بن زياد فتوحاته في الأندلس، وخشي موسى بن نصير من توغله في أراضيها، فعبر إليه على رأس حملة كبيرة وأخذ القائدان يتمَّان فتح ما بقي من مدن الأندلس، وظل موسى يجاهد في سبيل الله حتى أصبحت الأندلس في قبضة
المسلمين، وبعد أن انتهي موسى من فتوحاته ألحَّ عليه (مغيث الرومي) رسول لخليفة بالعودة إلى دار الخلافة في دمشق، فاستجاب له موسى، وبدأ يستعد لمغادرةالأندلس، وواصل موسى السير، حتى وصل إلى دمشق فاستقبله الوليد وأحسن استقباله،وتحامل على نفسه -وهو مريض- وجلس على المنبر لمشاهدة الغنائم وموكب الأسرى، فدهش الخليفة مما رأى وسجد لله شكرًا، ثم دعا موسى بن نصير، وأنعم عليه بالجوائز.
ولم يمضِ أربعون يومًا على ذلك حتى مات الوليد بن عبد الملك، وتولى الخلافة أخوه {سليمان بن عبد الملك} ومن يومها بدأت متاعب موسى بننصير، فقد أراد سليمان أن يعاقب موسى بن نصير لخلاف بينهما ؟؟ فأمر به أن يظل واقفًافي حرِّ الشمس المتوهجة، وكان قد بلغ الثمانين من عمره، فلما أصابه حر الشمس وأتعبه الوقوف سقط مغشيًّا عليه، وبعدها اندفع موسى يقول في شجاعة مخلوطة بالأسى للخليفة سليمان بن عبد الملك:أما والله يا أمير المؤمنين ما هذا بلائي ولاقدر
جزائي..................
وعاش موسى في دمشق وهو راض عما نزل به من قضاء الله، وندم سليمان على
ما فعله في حق موسى، وكان يقول: ما ندمت على شيء ندمي على مافعلته
بموسى، وأراد سليمان أن يكفر عن ذنبه، فاصطحب موسى بن نصير معه إلى
الحج في سنة 99هـ، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة في أثناء الرحلة، وفرح شيخ المجاهدين بلقاء ربه بعدما قضى أعوامًا رفع فيها راية الجهاد.. فسلامًا عليك يا شيخ المجاهدين {موسى بن نصير} .........................
الموضع منقول بتصرف يليق بهذا البطل المقدام شيخ المجاهدين موسى بن نصير غفر الله له ورحمه ورضي الله عنه وأرضاه وجمعنا به في جنات النعيم
.
عبدالهادي الشهراني
10-06-2012, 08:19 PM
رحم الله موسى بن نصير وطارق بن زياد رحمة واسعة ورضي عنهما وغفر لهما ، فقد فتحا الاندلس بجهود كبيرة وضيعها بسهولة عبدالله الصغير ابن عائشة الحرة
وفقك الله يا ابا نواف وجزاك خير الجزاء على ما تقدم لنا من معلومات غاية في الاهمية والفائدة
مخاوي الذيب
15-06-2012, 01:34 AM
بسم الله الرحمنالرحيم
سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
هي السيره النديه الطاهره لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مانتشرف بطرحه في كوكبتنا لهذا اليوم 25/ 7/ 1433
****
اسمه رضي الله عنه – على الصحيح
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بنلؤي القرشي التيمي .
كنيته :
أبو بكر
لقبه
عتيق ، والصدِّيق .
قيللُقّب بـ " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم فيالخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك
ولُقّببـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحةالإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَبِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هوالنبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .
وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بنمالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ،فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .
وكان أبو بكررضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته
مولده
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر
صفته
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ،معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أيرقيق القلب رحيماً .
فضائله
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضيالله عنه
فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمنالنبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفانرضي الله عنهم . رواه البخاري .
وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنهقال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتىأبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إنيكان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ،فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبيبكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى اللهعليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله واللهأنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها .
فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليهوسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه فيالهجرة .
وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِيالْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قالالسهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلىالله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضيالله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين علىرؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحتقدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .
ولما أراد النبيصلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلىالله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلىالله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .
ولذا لما ذكررجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ،فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم منأبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغارومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلىالله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يارسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبابكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكونمن مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يارسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي فيدلائل النبوة .
• ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله فيسبيل الله .
وهو أول الخلفاء الراشدين
وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قولهعليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضواعليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .
واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول اللهصلى الله عليه وسلم
وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلىالله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجلرقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبابكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّصَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!
وروىالبخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلمفي مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقولقائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .
وجاءت امرأة إلىالنبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول اللهإن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .
وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواهالإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .
• وكان أبو بكر ممن يُـفتيعلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثهالنبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع
روىالبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .
وأبو بكر رضيالله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .
• وأنفق ماله كله لما حثالنبي صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمربن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلكمالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسولالله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عندهفقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .
• ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسولالله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاصلرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : منالرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .
• ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليهوسلم اتخذه أخـاً له .
روى البخاري ومسلم عنأبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ،فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسولالله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولوكنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقينفي المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .
ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍعِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو منالسابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَالأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمبِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍتَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُالْعَظِيمُ )
وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاءلم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أنأتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواهالبخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .
ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعيمن باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيامدُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أنتكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .
ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكررضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة
• ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي اللهعنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لماابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغبَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقالأبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إنمثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيفوتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنةفرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولايُخرج ،أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحمويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكرفليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قدخشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربهفي داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنىمسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركينوأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأالقرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالواله : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدابفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحبأن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يردإليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتىابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإماأن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .
وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أي الناس خير بعد رسول الله صلى اللهعليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .
وقال عليّرضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بهبما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثنيأبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمنيذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله لهثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .
ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبوبكر مرتين
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسمبن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر فيجّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بنأبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ،فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ،لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ منعدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بنالحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بنالحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عنالصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خيرمني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ،فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .
ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمرفسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيهوقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلةأبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .
قال بكر بن عبدالله المزني رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكربكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْلِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُ ولايَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبىبِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل
• وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثيرالذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيتأبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلىالله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبيبكر رضي الله عنه وعنها
قال ابن الجوزيرحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول اللهصلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد
أعماله
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى اللهعليه وسلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أعماله قبل الهجرةأنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ،وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنهفي ذلك الموقف ، في موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذيعُرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات الله
روى البخاري ومسلم من حديث أبيهريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفرمن كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلاالله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلنمن فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوايؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو اللهما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .
لقدسُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلامبأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعيالزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيشأسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .
وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق
وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضيالله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن
وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَبعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون اللههو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .
وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلىالله عليه وسلم يوم أُحد : شِـمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فوالله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمض ىالجيش .
وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .
زهـده
مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا
عن الحسن بن عليرضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحةالتي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإناكنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبوبكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي اللهعنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .
ورعـه
كان أبو بكر رضي الله عنهورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقواعلى أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة
قالتعائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل منخراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقالأبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيءفي بطنه . رواه البخاري
وفاته
توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنةثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة
فرضي الله عنهوأرضاه
وجمعنا به في دار كرامته تم نقله بتصرف
قطرة ندى
18-06-2012, 10:57 PM
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
اللهم إجمعنا بهم في جنات النعيم
الله يعطيك العافية ويجعلها في موازين حسناتك
موضوع رائع وجهد أروع تشكر عليه
مخاوي الذيب
22-06-2012, 03:01 AM
سيرة أبو هريرة رضي الله عنه هي السيره العطره ليوم الجمعه الموافق 3/8/1433 من كوكبة الأبطال
كان اسمه في الجاهلية عبد شمس ، ولما أسلم سماه الرسول -صلى الله عليه
وسلم- عبد الرحمن ، ولقد كان عطوفا على الحيوان ، وكانت له هرة ، يرعاها
ويطعمها وينظفها وتلازمه فدعي أبا هريرة -رضي الله عنه-000
نشأته و اسلامه
يتحدث عن نفسه -رضي الله عنه- فيقول : ( نشأت يتيما ، وهاجرت مسكينا ، وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني ، كنت أخدمهم اذا نزلوا ، وأحدو لهم اذا ركبوا ، وهأنذا وقد زوجنيها الله ، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما ، وجعل أبا هريرة أماما )000قدم الى النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة سبع للهجرة وهو بخيبر وأسلم ، ومنذ رأى الرسول الكريم لم يفارقه لحظة 000وأصبح من العابدين الأوابين ، يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله ، فيقوم هو ثلثه ، وتقوم زوجته ثلثه ، وتقوم ابنته ثلثه ، وهكذا لا تمر من الليل ساعة الا وفي بيت أبي هريرة عبادة وذكر وصلاة 000
إسلام أم أبي هريرة
لم يكن لأبي هريرة بعد اسلامه الا مشكلة واحدة وهي أمه التي لم تسلم ، وكانت دوما تؤذيه بذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسوء ، فذهب يوما الى الرسول باكيا : ( يا رسول الله ، كنت أدعو أم أبي هريرة الى الاسلام فتأبى علي ، واني دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة الى الاسلام )000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- : ( اللهم اهد أم أبي هريرة)000
فخرج يعدو يبشرها بدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلما أتاها سمع من وراء الباب خصخصة الماء ، ونادته : ( يا أبا هريرة مكانك )000ثم لبست درعها، وعجلت من خمارها وخرجت تقول: ( أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله )000فجاء أبوهريرة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- باكيا من الفرح وقال : ( أبشر يا رسول الله ، فقد أجاب الله دعوتك ، قد هدى الله أم أبي هريرة الى الاسلام)000 ثم قال : ( يا رسول الله ، ادع الله أن يحببني وأمي الى المؤمنين والمؤمنات )000فقال : ( اللهم حبب عبيدك هذا وأمه الى كل مؤمن ومؤمنة)000
سرعة الحفظ و قوة الذاكرة
ان أبطال الحروب من الصحابة كثيرون ، والفقهاء والدعاة والمعلمون كثيرون ، ولكن كان هناك قلة من الكتاب ، ولم يكونوا متفرغين لتدوين كل ما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وعندما أسلم أبو هريرة لم يملك أرض يزرعها أو تجارة يتبعها ، وانما يملك موهبة تكمن في ذاكرته ، فهو سريع الحفظ قوي الذاكرة ، فعزم على تعويض مافاته بان يأخذ على عاتقه حفظ هذا التراث وينقله الى الأجيال القادمة000 فهو يقول : ( انكم لتقولون أكثر أبو هريرة في حديثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وتقولون ان المهاجرين الذين سبقوه الى الاسلام لا يحدثون هذه الأحاديث ، ألا ان أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم بالسوق ، وان أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضهم ، واني كنت امرءا مسكينا ، أكثر مجالسة رسول الله ، فأحضر اذا غابوا ، وأحفظ اذا نسوا ، وان الرسول -صلى الله عليه وسلم- حدثنا يوما فقال : ( من يبسط رداءه حتى يفرغ من حديثي ثم يقبضه اليه فلا ينسى شيئا كان قد سمعه مني )000 فبسطت ثوبي فحدثني ثم ضممته الي فوالله ما كنت نسيت شيئا سمعته منه ، وأيم الله لولا أية في كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبدا ، هي : "000
ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون "000
مقدرته على الحفظ
أراد مروان بن الحكم يوما أن يختبر مقدرة أبي هريرة على الحفظ ، فدعاه اليه ليحدثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأجلس كاتبا له وراء حجاب ليكتب كل ما يسمع من أبي هريرة ، وبعد مرور عام ، دعاه ثانية ، وأخذ يستقرئه نفس الأحاديث التي كتبت ، فما نسي أبو هريرة منها شيئا000 وكان -رضي الله عنه- يقول : ( ما من أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثا عنه مني الا ما كان من عبدالله بن عمرو بن العاص ، فانه كان يكتب ولا أكتب )000وقال عنه الامام الشافعي : ( أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره )000وقال البخاري : ( روى عن أبي هريرة نحو ثمانمائة أو أكثر من الصحابة والتابعين وأهل العلم )000
وفاته
وعندما كان يعوده المسلمين داعيين له بالشفاء ، كان أبو هريرة شديد الشوق الى لقاء الله ويقول : ( اللهم اني أحب لقاءك ، فأحب لقائي )000وعن ثماني وسبعين سنة مات في العام التاسع والخمسين للهجرة ، وتبوأ جثمانه الكريم مكانا مباركا بين ساكني البقيع الأبرار ، وعاد مشيعوه من جنازته وألسنتهم ترتل الكثير من الأحاديث التي حفظها لهم عن رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم 000
منقول ببعض التصرف تحياتي للجميع
مخاوي الذيب
29-06-2012, 02:17 PM
عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه الخليفه الثالث الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم { ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكه }
بهذا العنوان نبدأ الكلام عن هذا الصحابى الجليل. عثمان بن عفان لهذا اليوم الجمعه 9/ 8/ 1433 انه صنف من الرجال الأطهار يندر وجوده فى كل العصور والأزمان...رجل تستحى منه ملائكة الرحمن!!!
هو ذور النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه بن أبي العاص بن أمية، أبو عبد الله، ذو النورين، القرشي الأموي, ذلكم الرجل الذى إذا جائت سيرته وجدنا بين ثنايا سطورها ريح الحياء والتواضع والجود والكرم والخشية....ولد بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح, وكان ربعة حسن الوجه رقيق البشرة عظيم اللحية بعيد مابين المنكبين.
لما قالوا لعلي حدثنا عن عثمان قال : ذاك امرؤ يدعى فى الملأ الأعلى ذو النورين.
وهو الذى بشره الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بالشهادة و الجنة .... فعن ابى موسى رضى الله عنه قال : "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرنى بحفظ باب الحائط, فجاء رجل يستأذن فقال : ائذن له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر, ثم جاء اَخر يستأذن فقال له : ائذن له وبشره بالجنة فإذا عمر, ثم جاء اَخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال له : ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه فإذا بعثمان" رواه البخارى ومسلم.
وهو الذى قالت فيه امرأته حين قتل : لما قتلتموه, وإنه ليحي الليل كله بالقراَن فى ركعة"
وكان رضي الله عنه فى أيام الجاهلية من أفضل الناس فى قومه فهو عريض الجاه ثرياً متواضعاً شديد الحياء عذب الكلمات فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه.
لم يسجد فى الجاهلية لصنم قط ولم يقترف فاحشة قط ولم يظلم إنساناً قط.
ولما أهل الإسلام بنوره على مكة كان عثمان من السابقين إلى الإستضاءة بمشكاته...
وعلى الرغم من مكانته بين قومه ومحبتهم له إلا أنه ما أن أعلن إسلامه واستعلى بإيمانه حتى سلطوا عليه الأذى.
حتى انه لمّا أسلم - أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطاً ، وقال: أترغبُ عن ملّة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّك أبداً حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين فقال عثمان : والله لا أدعه أبداً ولا أفارقُهُ فلمّا رأى الحكم صلابتَه في دينه تركه.
ولكنهم لما يئسوا من عودته إلى الشرك وإرتداده عن دين محمد صلى الله عليه وسلم أطلقوا سراحه فهاجر إلى الحبشة ومعه زوجه رقية رضي الله عنها .. ابنة نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
وهناك اشتد الحنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاد عثمان وزوجه رضي الله عنهما مرة أخرى إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى أن أذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة, فكان عثمان وزوجه مع المهاجرين . وبذلك يكون رضي الله عنه – قد هاجر الهجرتين.
جهاده فى سبيل الله و تسميته بذى النورين
سهم بدر
ولقد شهد عثمان رضي الله عنه المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعدا غزوة بدر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى بدر خلفه على ابنته رقية يمرضها – فقد كانت مريضة ولم يكن معها أحد – ولما عاد الحبيب صلى الله عليه وسلم من الغزوة علم أن ابنته رقية قد لحقت بجوار ربها فحزن حرناً شديداً ... وواسى عثمان فضرب له بسهمه وأجره , فكان كمن شهد بدراً , ثم زوجه ابنته الثانية أم كلثوم وقال وبعد وفاتها قال : والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوجنكها يا عثمان... وسمى ذا النورين لجمعه بين بنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
غزوة تبوك ... جيش العسرة
جاءت غزوة تبوك, والناس فى عسرة شديدة , وحين طابت الثمار وأحبت الظلال, والناس يحبون المقام ويكرهون الخروج
وحض رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على الجهاد ورغبتهم فيه وأمرهم بالصدقة, فحملوا صدقات كثيرة , وكان أبو بكر رضي الله عنه أول من حمل بماله كله ...أربعة اَلاف درهم.
وقام عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بنفسه وماله في واجب النصرة فجهّز جيش العُسْرَة بتسعمائةٍ وخمسين بعيراً وخمسين فرساً ، واستغرق الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء له يومها ، ورفع يديه حتى أُريَ بياض إبطيه....فقد جاء عثمان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف دينار حين جهّز جيش العسرة فنثرها في حجره ، فجعل -صلى الله عليه وسلم- يقلبها ويقول ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )....مرتين
بئر رومة
ولما كان المسلمون لا يجدون الماء العذب الذى هم فى أشد الحاجة إايه...قام النبى صلى الله عليه وسلم يعرض على أصحابه تلك الصفقة الرابحة, فقال : "من حفر رومة فله الجنة...."
فقام عثمان رضي الله عنه السباق إلى كل خير فحفرها , ففاز بثواب كل من شرب شربة ماء أو توضأ من هذا الماء.
عثمان و العتق
وماكان البذل الذى يبذله – رضى الله عنه – ليقف أبداً عنه تجهيز جيش العسرة أو حفر بئر رومة , بل لقد كان دوماً وأبداً مواسياً لكل مسلم فى كربته ومعينه فى منته ومعيناً له فى فقره وحاجته.
يمضى- رضي الله عنه – مع نفسه موثقاً لا يخلفه طوال حياته : هو أن يعتق كل جمعة عبدً , ويحرر رقبة...يشترى العبد من سيده بأى ثمن , ثم يهبه حريته مبتغياً وجه ربه الأعلى.
خلافته الراشدة والفتنة
حمل عثمان عثمان الرحيم الذى تشع الرحمة فى حياته أمر المسلمين بعد الخليفة عمر فكان هو الخليفة الراشدي الثالث حيث قال رسول الله في حقهم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ).
وفتح الله على يديه "أرمينية" و "القوقاز"....ونصر المسلمين وسودهم على " خراسان" و "كرمان"و"سجستان" و "قبرص" وطرف غير قليل من إفريقية.
ولقى الناس فى عهده من الثراء مالم يحظ به شعب على ظهر الأرض.واستمرت عملية الفتح ما يزيد على عشر سنوات من مدة خلافته التي دامت اثنا عشر عاماً ثم توقفت هذه الفتوحات بسبب الفتنة التي أجهضت الجهاد وأشغلت الناس وأوقعت الخلاف ،ودبت الفوضى وتعد هذه الفتوحات تتمة للفتوحات الكبرى التي كانت أيام الفاروق رضي الله عنه
لكن بعض الناس إذا شبعوا بطروا...و إذا أنعم عليهم كفروا...فعتب هؤلاء على عثمان أمورا, لو فعلها غيره ماعتبوها عليه....ولم يكتف هؤلاء بالعتب, ول أنهم اكتفوا به لهان الأمر.
فلقد ظل الشيطان ينفخ فى أرواحهم من روحه, ويبث فى نفوسهم شره حتى تألبت عليه طائفة كبيرة من أوباش الأمصار, فحصروه فى داره نحوا من أربعين ليلة, ومنعوا عنه الماء العذب.
وقد تناسى هؤلاء الظلمة الطغمة أنه هو الذى اشترى بئر رومة من ماله الخاص, ليرتوي منه سكان المدينة المنورة وروادها..
ثم أنهم حالوا دونه ودون الصلاة فى مسجد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه .
وقد تعامى هؤلاء عن أن ذا النورين هو الذى وسع ثانى الحرمين من خالص ماله, ليتسع للمسلمين بعد أن ضاق بهم ذرعا...
وحان وقت الرحيل
ولما اشتد على عثمان الكرب, وتفاقم عليه الشر نفر إلى حمايته نحو سبعمائة من الصحابة وأبنائهم. وفيهم عبد الله بن عمر بن الخطاب, وعبد الله بن الزبير بن العوام, والحسن والحسين ابنا على بن ابى طالب, وأبو هريرة, وغيرهم...
لكن ذا النورين, وصاحب الهجرتين, وباذل المعروف, اَثر أن يراق دمه على أن تراق دماء المسلمين دفاعا عنه...
فأقسم على الذين نفروا إلى حمايته أن يتركوه لقضاء الله.
ولقد غفت عين خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحظات قبيل مصرعه فرأى النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ومعه صاحباه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب...وسمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول له :"أفطر عندنا الليلة يا عثمان", فأيقن عثمان أنه لاحق بربه...مقبل على لقاء نبيه....
أصبح عثمان رضوان الله عليه صائما...ودعا بسراويل طويلة فلبسها خشية أن تكشف عورته, إذا قتله الأثمة السفاحون.
واستسلم عثمان لأمر الله رجاء موعوده, وشوقا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم, ومصدقاً لكلماته حين قال : " ياعثمان, إن الله مقمصك قميصاً, فإن أرادك المنافقون على خلعه, فلا تخلعه حتى تلقانى".
وفى يوم الجمعة لثمانى عشرة ليلة خلت من ذى الحجة, قتل العباد , الزاهد , الصوام , القوام , جماع القراَن , صهر رسول الله فلحق بجوار ربه وهو ظماَن صائم, وكتاب الله منشور بين يديه... وسال الدم على قوله تعالى : "فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم " البقرة 137
ورحل عثمان عن دنيا الناس بعد حياة طويلة مليئة بالبذل والتضحية والجهاد والعدل والسماحة والتواضع.
رحل بعد أن سالت دماؤه التى طالما امتزجت بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم... سالت دماؤه الشريفة التى انصهرت مع كل اَيات القراَن الكريم...
رحل بعد أن قدم للإسلام الكثير والكثير.
وها نحن بعد هذا الزمان الطويل نذكره ونذكر أعماله الجليلة, ولن ننساه أبداً ما دامت أرواحنا فى جسدنا.
فرضى الله عن عثمان وعن سائر الصحابة أجمعين
منقول مع بعض التصرف
عبدالهادي الشهراني
30-06-2012, 05:18 PM
اللهم ارضى عن امير المؤمنين عثمان ابن عفان ، فقد استغل البعض موته لاذكاء فتنة عظيمة في الامة الاسلامية
شكرا لك ابا نواف على كل ما تقدم للديوانية من روائع وافكار جميلة
مخاوي الذيب
30-06-2012, 09:07 PM
اللهم ارضى عن امير المؤمنين عثمان ابن عفان ، فقد استغل البعض موته لاذكاء فتنة عظيمة في الامة الاسلامية
شكرا لك ابا نواف على كل ما تقدم للديوانية من روائع وافكار جميلة
مرورك يا أباركان عطر متصفحي وتعليقك إضافه جميله للموضوع ... تحياتي
أبو سهيل
04-07-2012, 12:02 PM
جزاك الله خير
مخاوي الذيب
07-07-2012, 12:25 AM
كلما نادى المؤذن هاتفاً : الله أكبر ، الله أكبر ، تمرّ بخيالنا ذكرى صاحب الصوت الندي بلال بن رباح رضي الله عنه مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكلما قرأنا عن الأوائل من الذين سارعوا إلى الدخول في الإسلام نذكر ان بلال بن رباح أول من دخل الإسلام من الأرقاء هي السيره العطره لهذا اليوم الجمعه 16/8/ 1433، فمَنْ هو بلال بن رباح ؟
هو بلال بن رباح الحبشي ، مولى الصديق رضي الله عنه ، كان شديد السمرة ، نحيفاً ، مديد القامة ، خفيف العارضين ، له شعر كثيف ، متواضعاً ، وكان عمر رضي الله عنه كلما رأى أبا بكر وبلالاً يقول : ( أبو بكر سيدنا و اعتق سيدنا ) .
وكان بلال عبداً لبعض بني جمح مع أمه ( حمامة ) التي كانت إحدي الاماء أيضاً ،. كانت حياة بلال كغيره من الرقيق ، ليس له شأن سوى الخدمه ، و أداء أعمال العبيد ، ثم أصبح عبداً لامية بن خلف الجمحي .
أخذت دعوة الإسلام تنتشر في مكة ، وبداء الناس يتحدثون عن الدين الجديد الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان بلال يسمع مايدور أحاديث عن محمد صلى الله عليه وسلم ، وعن الدين الذي يدعوا إليه ، فشعر بأرتياح يجتاح نفسه ، و اطمئنان يستقر في أعماقه ، وهفت نفسه نحو الإسلام إذا أحس بالنور يغلف قلبه . . و بينما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينشط في الدعوة إلى الإسلام ، ويدعو اليه أهل ثقته ومودته من الرجال الأحرار ، مثل عثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله ، و سعد بن أبي الوقاص ، كانت دعوته أيضاً تشمل الأرقاء ، فدعا بلال بن رباح الذي توطدت بينهما أواصر الصداقه منذ فترة وهما في تجارة إلى الشام ، وسرعان ما استجاب بلال ونطق بالشهادة ، وفي ذلك اليوم قابل بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من الأوائل في الإسلام ،
وعندما بدأت الدعوة الإسلامية تنتشر في مكة أخذ المتعصيون للأصنام و المشركين يذيقون المسلمين بالوان من العذاب ، و قرر المشركون إلا يتركوا المسلمين بسلام ، فإنفجرت قلوبهم بمشاعر الغضب و السخط .
لقد ترمى إلى سمع أمية بن خلف الجمحي ان عبده بلالاً قد أسلم وتبع محمد صلى الله عليه وسلم، وصار يسفه الأصنام و خاصة الصنم هبل ، فاشتد غضب أمية ، وغلى قلبه بنار الحقد و الكراهية ، وأسرع يسأل بلالًا عن ذلك فأجابة دون تردد أو خوف ؛ نــــعم ، أشهد ان لا إله إلا اللـه ، وان محمداً رسول الله .
وبدأت رحلة العذاب مـع بلال ، وراح سيده أميه بن خلف يذيقه من العذاب الوناً ، فكان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخره العظيمة فتوضع علـى صدره ثم يقول له : لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد ، وتعبد آللات والعزى ، فيقول : وهو في ذلك البلاء : أحدٌ أحد .
و يتكرر عذاب بلال مع شروق كل يوم ، وبلال لا يتراجع عـن موقفه ، أو يفكّر مجرد تفكير بذلك ، فقد كان صلْب اليقين ، صابراً ، ولم يثنيه عـن إسلامه تعذيب ، ولم تنفع معه الإغراءات ، وبقي : يردّد : أحدٌ أحد ، و يعاود أميه بن خلف وبعض الكفار تعذيبه من جديد ، ويطلبون منـه ذكر آللات و العزى بخيـر فيقول : أحدٌ أحد .
ولم يتغير موقفه بلال حتى سئم أميه منه ، فشكا ذلك إلى أبي جهل ، الذي يذيقه مـن ألوان العذاب مالا طاقة لانسان به ، فيضيع في عنقه ينشد بصوته الرخيم : أحدٌ أحد ، فتقشعرّ جلود الكفّار ، و يسقط فيّ أيديهم ، و ينالهم التعب ، و يذهلون ،
و استمر أمية بن خلف في تعذيب بلال حتّى مر به أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه يوماً و هم يصنعون به ذلك فقال لأميه : إلا تتقي الله في هذا المسكين فقال : أنتَ أفسدته ، فإنقذه مما ترى ، فاشتراه أبو بكر بخمس أواق و اعتقه لله تعالى وكان أبو بكر قد اعتق ست رقاب قبل بلال ، وكان بلال سابعهم ..
وتخلص بلال مَن العذاب ، ونال أبو بكر أجره مَن الله رب العالمين ، واصطحب أبو بكر بلالاً ، وتوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستوقفه أمية بن خلف قائلاً له : خذه ، فو اللات و العزى ، لو أبيت إلا ان تشتريه بأوقية لبعته بها ، فيجيبه أبو بكر رضي الله عنه : ( والله لو أبيتم إلا ادفع مائة أوقية لدفعتها ) ،
ولقد سر النبي صلى الله عليه وسلم بتحرير بلال ، واستبشر المسلمون أيضاً بحرية هذاَ السابق الأواب ، والذي أصبح فيما بعد مؤذن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في السفر و الحضر ، و أول من إذن له في الإسلام ..
واكرم الله تعالى بلالاً ، فحباه صوتاً جميلا مؤثراً في النفوس ، فكان يؤذن لرسول صلى الله عليه وسلم في السفر و الحضر ، وكان بلال مشهوراً من قبلُ عند أهل مكة بصوته العذب الجميل ، فكان عندما يؤذن يعمّ المدينة السكون ، وحينما يسمع المسلمون صوته الندي يهبون مسرعين للصلاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
ولم يكن بلال رضي الله عنه يمتلك صوتاً عذباً ندياً فحسب ، بل كان يمتلك شجاعة نادرة لا يمتلكها إلا الأشداء من الرجال ، فقد شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان له أثر كبير في تلك الغزوات .
ولقد ظل بلال رضي الله عنه ملازماً للرسول صلى الله عليه وسلم تقرّ عينه برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم كل يوم في أوقات الصلاة ، وفي غيرها ، سامعاً مطيعاً ، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة و أربعين حديثاً ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم بلالاً إكرأماً عظيماً ،ويُسر بوجوده ، ويجده الراحة عندما يؤذن له ، وكان صلى الله عليه وسلم يفضل بلالاً وفقراء المسلمين عن غيرهم من سادة الناس ، ويجلس معهم وقتاً طويلاً ، ويحدثهم و يكرمهم ،
ولقد ظل بلال رضي الله عنه قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقر عينيه برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة حياته إلى ان توفي الرسول صلى الله عليه وسلم والتحق بالرفيق الإعلى ،ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى على فراشه ، فانحدر الدمع غزيراً من عينيه ، وشعر بالحزن العميق يستقر في أعماقه ، وأحس بفراغ كبير ، وتسال : لمن يؤذن ؟ .
ثم صلى عليه وخرج إلى بيته حزيناً تتساقط الدموع على وجنيتيه ..
ولم يستطع بلال رضي الله عنه أن ينام تلك الليله ، لشدة حزنه على فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحين اقترب موعد الفجر خرج بلال إلى المسجد ليؤذن كعادته كل يوم ، ويقف يدعو ربه قبل الفجر إلى ان جاء وقت الآذان فارتفع صوت بلال ندياً جميلاً رائعاً :
الله أكبــــــر الله أكبــــــر
الله أكبــــــر الله أكبـــــــر
أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله
وعندما وصل إلى : أشهد ان محمداً رسول الله ، احتبست الكلمات في فيه ، ولم يعد يتمالكُ نفسه ، فاخذت الدموع تنهمر من عينيه انهماراً ، وتبللُ خديه ، وسمع الناس انقطاع الآذان ، وبكاء بلال ، فبكوا في المسجد ، ثم تغلب بلال على عبارته آلمتدفقه فاكمل الآذان في صوت هادي منخفض ،
ولما دُفن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بلال إلى المسجد ، وجلس في ناحية منه معتزلاً الناس ، حزيناً باكياً ، شارد الفكر ، وحان وقت الآذان ، وانتظر المسلمون بلالاً ليعطر إسماعهم بصوته النديّ ، ولكنه لم يؤذن ، فقيل له ، : الآذان يا بلال ، فقال- والدموع في عينيه - : ( لن أؤذن بعد اليوم ، فليؤذن غيري ) ....
وعندما تولي الخلافه أبو بكر رضي الله عنه قال لبلال : ( إذن : فابي بلال وقال له : إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فامسكني ، وان كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعملي لله )
فقال أبو بكر : ما إعتقتك إلا لله ،و أجابه بلال و الحزن مرتسم على وجهه : فإني لا أؤذن لإحد بعد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم )
واراد بلال رضي الله عنه بعد موت آلنبي صلى الله عليه وسلم ان يخرج إلى الجهاد ، فمنعه أبو بكر و قال : إنشدك بالله يا بلال ! وحرمتي وحقي فقد كبرت وضعفت واقترب أجلي ، فاقام معه حتى توفي ،
ثم آتى عمر رضي الله عنه فرد عليه ، فابى بلال ، فقال من ترى ان اجعل النداء ؟ قال : إلى سعد ، فقد إذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله عمر إلى سعد وعقبه ،
فقال بلال : احن إلى الجهاد يآ أمير المؤمنين
، وارى ان الجهاد أفضل الأعمال ، فقال له عمر : لك ماتريد يا بلال ..
وإذن له، فخرج إلى الشام ، ولحق به بجيش أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، وظل مجاهداً في سبيل الله .
ويزور عمر بن الخطاب بلال في الشام ، وتوسل المسلمين إلى عمر ان يطلب من بلال ليؤذن لهم ولو بصلاة واحده ، ولما حان وقت الصلاة رجاه عمر ان يؤذن لها ، واستجاب بلال لطلبه ، وصعد بلال ،فارهف الناس سمعهم ، وانطلق صوته الندي يسري كالنسيم ، ويسمع الناس صوته للمره الأولى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُر يوما كان أكثر باكياً من يومئذٍ ، وذكراً منهم للنبي صلى الله عليه وسلم .
تلك هي رحلة صحابي عظيم ، كان من السعداء باع نفسه لله فربح البيع ، وتأتي سنة عشرون بعد الهجره النبويه الشريفه ، ويجتاح الشام طاعون قضى على حياة كثير من الناس ، ومرض بلال حتى غارت عيناه ، وتغير لونه ، وتقول له زوجة مواسية له : كيف حالك يا أبا عبد الله ؟ فيقول : دنا الفراق . فقالت له : وأحزناه .. وأحزناه .. وعندها فتح عينيه وهو يصارع المرض ويجود بانفاسه الأخيرة :
( بل وافرحتاه ، غداً نلقي الإحبّه ، محمداً وصحبه ) .
منقول بتصرف يليق بكوكبة الأبطال
منصور الطيب
11-07-2012, 03:47 PM
الله واكبر الله واكبر الله واكبر الله واكبر اللهم ارض عن عبادك الصالحيين
وارض عن اخي مخاوي الذيب واجعل موضوعه هذا صدقه جاريه له ولوالديه
الذيب موضوع رائع يذكرنا بصحابه حبيبنا عليه افضل الصلاه والتسليمـ
مخاوي الذيب
13-07-2012, 03:20 AM
عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه هو ضيف هذا اليوم من كوكبة الأبطال اليوم الجمعه الموافق 23/ 8/ 1433 فمن يكن هذا الصحابي الجليل
هو عبدالله بن مسعود بن غافل الهذلي، وكناه النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا عبدالرحمـن مات أبوه في الجاهلية، وأسلمت أمه وصحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك كان ينسب الى أمه أحيانا فيقال: (ابن أم عبد)... وأم عبد كنية أمه -رضي الله عنهما
.
أول لقاء مع الرسول
يقول -رضيالله عنه- عن أول لقاء له مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (كنت غلاما يافعا أرعى
غنما لعقبة بن أبي مُعَيْط، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكـر فقالا: (ياغلام، هل عندك من لبن تسقينـا؟)... فقلت: (إني مؤتمـن ولست ساقيكما)... فقال النبـي -صلى الله عليه وسلم-: (هل عندك من شاة حائل، لم يَنْزُ عليها الفحل؟)... قلت: (نعم)... فأتيتهما بها، فاعتقلها النبي ومسح الضرع ودعا ربه فحفل الضرع، ثم أتاه أبو بكر بصخرة متقعّرة، فاحتلب فيها فشرب أبوبكر، ثم شربت ثم قال للضرع: (اقْلِص)... فقلص، فأتيت النبي بعد ذلك فقلت: (علمني من هذا القول)... فقال: (إنك غلام مُعَلّم).
إسلامه
لقد كان عبدالله بن مسعود من السابقين في الاسلام، فهو سادس ستة دخلوا في الاسلام، وقد هاجر هجرة الحبشة وهجرة المدينة، وشهدبدرا والمشاهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أجهز على أبي جهل، ونَفَلَه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيفَ أبي جهل حين أتاه برأسه.
وكان نحيل الجسم دقيق الساق ولكنه الايمان القوي بالله الذي يدفع صاحبه الى مكارم الأخلاق، وقد شهدله النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- بأن ساقه الدقيقة أثقل في ميزان الله من جبل أحد،وقد بشره الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- بالجنة.
فقد أمر النبي -صلى الله عليهوسلم- ابن مسعود فصعد شجرةً وأمَرَه أن يأتيه منها بشيء، فنظر أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ساقه حين صعد فضحكوا من حُموشَةِ ساقه، فقال النبي -صلىالله عليه وسلم-: (مَمّ تضحكون؟ لَرِجْلُ عبد الله أثقلُ في الميزان يوم القيامة من جبل أحد.........
جهره با القران
وعبد الله بن مسعود -رضي اللـه عنه- أول من جهر بالقرآن الكريم عند الكعبة بعد رسول اللـه -صلى الله عليه وسلم-، اجتمع يوماً أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: (والله ما سمعت قريشُ هذاالقرآن يُجهرُ لها به قط، فمَنْ رجلٌ يُسمعهم؟)... فقال عبد الله بن مسعود: (أنا)... فقالوا: (إنّا نخشاهم عليك، إنّما نريدُ رجلاً له عشيرة تمنعه من القوم إنأرادوه)... فقال: (دعوني فإنّ الله سيمنعني)... فغدا عبد الله حتى أتى المقام فيالضحى وقريش في أنديتها، حتى قام عبد الله عند المقام فقال رافعاً صوته.
بسم الله الرحمن الرحيم: {الرّحْمن، عَلّمَ القُرْآن، خَلَقَ الإنْسَان، عَلّمَهُ البَيَان}... فاستقبلها فقرأ بها، فتأمّلوا فجعلوا يقولون ما يقول ابن أم عبد، ثمقالوا: (إنّه ليتلوا بعض ما جاء به محمد)... فقاموا فجعلوا يضربونه في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه،فقالوا: (هذا الذي خشينا عليك)... فقال: (ما كان أعداء الله قط أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غداً؟!)... قالوا: (حسبُكَ قد أسمعتهم مايكرهون
حفظ القرآن
أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبدالله بن مسعود أن يقرأ عليه فقال: (اقرأ علي)... قال: (يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟)... فقال -صلى اللـه عليه وسلم-: (إني أحب أن أسمعه من غيري)... قالابن مسعود فقرأت عليه من سورة النسـاء حتى وصلت الى.
قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاءشَهِيدًا}... (النساء -41).
فقال له النبي -صلىالله عليه وسلـم-: (حسبـك)... قالابن مسعود: (فالتفت اليه فاذا عيناه تذرفان).
كان ابن مسعود من علماء الصحابة -رضي الله عنهم- وحفظة القرآن الكريم البارعين، فيه انتشر علمه وفضله في الآفاق بكثرة أصحابه والآخذين عنه الذين تتلمذوا على يديه وتربوا، وقد كان يقول: (أخذت من فم رسـول اللـه -صلى اللـه عليه- سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد)... وقال رسولالله -صلى الله عليه وسلم- (استقرئـوا القرآن من أربعة من عبـدالله بن مسعود وسـالم مولى أبى حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل)... كمـا كان يقول: (من أحب أن يسمع القرآن غضاً كما أُنزل فليسمعه من ابن أم عبد)...
قيل لرسول الله -صلى الله عليهوسلم-: (استخلفتَ)... فقال: (إنّي إنْ استخْلِفُ عليكم فعصيتم خليفتي عُذّبتُم،ولكم ما حدّثكم به حُذيفة فصدِّقوه، وما أقرأكم عبد الله بن مسعودفاقْرَؤُوه).
وحين أخذ عثمان بن عفان من عبد الله مصحفه، وحمله على الأخذبالمصحف الإمام الذي أمر بكتابته، فزع المسلمون لعبد الله وقالوا: (إنّا لم نأتِكَ زائرين، ولكن جئنا حين راعنا هذا الخبر)... فقال: (إنّ القرآن أُنزِلَ على نبيّكم -صلى الله عليه وسلم- من سبعة أبواب على سبعة أحرف، وإنّ الكتاب قبلكم كان ينزل -أونزل- من باب واحد على حرف واحد، معناهما واحد).
قربه منالرسول
وابن مسعود صاحب نعلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدخلهما فييديه عندما يخلعهما النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو كذلك صاحب وسادة النبي -صلىالله عليه وسلم- ومطهرته... أجاره الله من الشيطان فليس له سبيل عليه... وابن مسعودصاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا يعلمه غيره، لذا كان اسمه (صاحب السَّواد)... حتى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنت مؤمرا أحدا دون شورى المسلمين لأمَّرت ابن أُم عبد).
كما أعطي مالم يعط لغيره حين قال له الرسول: (إذْنُكَ علي أن ترفع الحجاب)... فكان له الحق بأن يطرق باب الرسول الكريم في أيوقت من الليل أو النهار... يقول أبو موسى الأشعري: (لقد رأيت النبي -صلى الله عليهوسلم- وما أرى إلا ابن مسعود من أهله).
مكانته عند الصحابة
قال عنه أمير المؤمنين عمر: (لقد مُليء فِقْهاً)... وقال أبو موسى الأشعري: (لا تسألوناعن شيء ما دام هذا الحَبْرُ فيكم)... ويقول عنه حذيفة: (ما أعرف أحدا أقرب سمتا ولاهديا ودلا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من ابن أم عبد).
واجتمع نفر من الصحابةعند علي بن أبي طالب فقالوا له: (يا أمير المؤمنين، ما رأينا رجلا كان أحسن خُلُقاولا أرفق تعليما، ولا أحسن مُجالسة ولا أشد وَرَعا من عبد الله بن مسعود)... قالعلي: (نشدتكم الله، أهو صدق من قلوبكم؟)... قالوا: (نعم)... قال: (اللهم إني أُشهدك، اللهم إني أقول فيه مثل ما قالوا، أو أفضل، لقد قرأ القرآن فأحل حلاله،وحرم حرامه، فقيه في الدين عالم بالسنة).
وعن تميم بن حرام قال: (جالستُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما رأيتُ أحداً أزهدَ في الدنيا ولا أرغبَ في الآخرة، ولا أحبّ إليّ أن أكون في صلاحه، من ابن مسعود
ورعه
كان أشد ما يخشاه ابن مسعود -رضي الله عنه- هو أن يحدث بشيء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيغير شيئا أو حرفا... يقول عمرو بن ميمون: (اختلفت الى عبد الله بن مسعود سنة، ما سمعته يحدث فيها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنه حدّث ذات يوم بحديث فجرى على لسانه: قال رسول الله، فعلاه الكـرب حتى رأيت العـرق يتحدر عن جبهتـه، ثم قال مستدركا: قريبا من هذا قال الرسـول صلى الله عليه وسلم).
ويقول علقمـة بن قيـس: (كان عبد الله بن مسعود يقوم عشية كل خميس متحدثا، فما سمعته في عشية منها يقول: قال رسول الله غير مرة واحدة، فنظرت إليه وهومعتمد على عصا، فإذا عصاه ترتجف وتتزعزع).
حكمته
كان يملك عبدالله بن مسعود قدرة كبيرة على التعبير والنظر بعمق للأمور فهو يقول عما نسميه نِسبية الزمان: (إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات والأرض من نوروجهه)... كما يقول عن العمل: (إني لأمقت الرجل إذ أراه فارغا، ليس في شيء من عمل لدنيا ولا عمل الآخرة)... ومن كلماته الجامعة: (خير الغنى غنى النفس، وخير الزادالتقوى، وشر العمى عمى القلب، وأعظم الخطايا الكذب، وشر المكاسب الربا، وشر المأكل مال اليتيم، ومن يعف يعف الله عنه، ومن يغفر يغفر الله له).
وقال عبدالله بن مسعود: (لو أنّ أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله لسَادوا أهل زمانهم، ولكنّهم وضعوه عند أهل الدنيا لينالوا من دنياهم، فهانوا عليهم، سمعتُ نبيّكم -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَنْ جعلَ الهمومَ همّاً واحداً، همّه المعاد، كفاه الله سائرَهمومه، ومَنْ شعّبَتْهُ الهموم أحوال الدنيا لم يُبالِ الله في أي أوديتهاهلك).
أمنيته
يقول ابن مسعود: (قمت من جوف الليل وأنا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر فاتبعتهاأنظر إليها، فإذا رسول الله وأبو بكر وعمر، وإذا عبد الله ذو البجادين المزني قدمات، وإذا هم قد حفروا له، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حفرته وأبو بكر وعمريدلِّيَانه إليه، والرسول يقول: أدنيا إلي أخاكما... فدلياه إليه، فلما هيأه للحده قال: اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه... فيا ليتني كنت صاحب هذهالحفرة.
أهل الكوفة
ولاه أمير المؤمنين عمر بيت مال المسلمين بالكوفة، وقال لأهلها حين أرسله إليهم: (إني والله الذي لا إله إلا هو قد آثرتكم به على نفسي، فخذوا منه وتعلموا)... ولقد أحبه أهل الكوفة حبا لم يظفر بمثله أحدقبله... حتى قالوا له حين أراد الخليفة عثمان بن عفان عزله عن الكوفة: (أقم معناولا تخرج ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه منه)... ولكنه أجاب: (إن له علي الطاعة،وإنها ستكون أمور وفتن، ولا أحب أن أكون أول من يفتحأبوابها).
المرض
قال أنس بن مالك: دخلنا على عبد اللـه بن مسعودنعوده في مرضه، فقلنا: (كيف أصبَحتَ أبا عبد الرحمن؟)... قال: (أصبحنا بنعمة اللـه إخوانا)... قلنا: (كيف تجدُكَ يا أبا عبد الرحمن؟)... قال: (إجدُ قلبي مطمئناًبالإيمان)... قلنا له: (ما تشتكي أبا عبد الرحمن؟)... قال: (أشتكي ذنوبي وخطايايَ)... قلنا: (ما تشتهي شيئاً؟)... قال: (أشتهي مغفرة اللـه ورضوانه)... قلنا: (ألا ندعو لك طبيباً؟)... قال: (الطبيب أمرضني -وفي رواية أخرى الطبيب أنزل بي ماترون).
ثم بكى عبد الله، ثم قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنّ العبد إذا مرض يقول الرّب تبارك وتعالى: (عبدي في وثاقي)... فإن كان نزل بهالمرض في فترةٍ منه قال: (اكتبوا له من الأمر ما كان في فترته)... فأنا أبكي أنّه نزل بي المرض في فترةٍ، ولوددتُ أنّه كان في اجتهادٍمنّي
الوصية
لمّا حضر عبد الله بن مسعود الموتُ دَعَا ابْنَه فقال: (يا عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، إنّي موصيك بخمس خصال، فاحفظهنّ عنّي: أظهر اليأسَ للناس، فإنّ ذلك غنىً فاضل، ودعْ مطلبَ الحاجات إلى الناس، فإنّ ذلك فقرٌ حاضر، ودعْ ما يعتذر منه من الأمور، ولا تعملْ به، وإنِ استطعتَ ألا يأتي عليك يوم إلا وأنتَ خير منك بالإمس فافعل، وإذا صليتَ صلاةً فصلِّ صلاةَ مودِّع كأنّك لاتصلي صلاة بعدها).
الحلم
لقي رجل ابن مسعود فقال: لا تعدمحالِماً مذكّراً: (رأيتُكَ البارحة، ورأيتُ النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- على منبرمرتفع، وأنتَ دونه وهو يقول: (يابن مسعود هلُمّ إليّ، فلقد جُفيتَ بعدي)... فقال عبد الله: (آللّهِ أنتَ رأيتَهُ؟)... قال: (نعم)... قال: (فعزمتُ أن تخرج منالمدينة حتى تصلي عليّ)... فما لبث إلا أياماً حتى مات -رضي الله عنه- فشهد الرجل لصلاة عليه.
وفاته
وفي أواخر عمره -رضي الله عنه- قدم الى المدينةعلى ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم... توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة في أواخرخلافة عثمان... رضي الله عن ابن أم عبد وأمه صاحبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعلهما رفيقيه في الجنة مع الخالدين
.
منقول بتصرف يليق بكوكبة الأبطال
مخاوي الذيب
21-07-2012, 12:56 AM
البطل والقائد المسلم صلاح الدين الأيوبي
بطل من أبطال الإسلام ظهر في القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادى) ،استطاع أن يوحد الأمة ويجمع شمل "مصر" و"الشام" و"العراق" في يوم من أعظم أيام الإسلام ، وقد بهر هذا البطل أعداءه قبل أنصاره بسماحته وأخلاقه الكريمة . البطل المسلم المغوار صلاح الدين الأيوبي هو من نستضيفه بشرف في كوكبة الأبطال لهذا اليوم الجمعه من رمضان الموافق 1/9/ 1433
<b>
·مولده في بيت إمارة :
ولد "صلاح الدين الأيوبي" في قلعة "تكريت" بالعراق سنة (532ﻫ = 1138م) ، وفى الليلة التي ولد فيها غادرت أسرته "تكريت" إلى "الموصل" ، وبعد عام أنتقل إلى مدينة "بعلبك" ، حيث عُيِّن أبوه حاكمًا عليها .
وفى هذه المدينة التي تقع الآن في "لبنان" عاش "صلاح الدين الأيوبي" طفولته وتلقى تعليمه بها ، فحفظ القرآن ودرس الحديث والفقه واللغة والتاريخ ، وتعلم فنون الفروسية والقتال .
وبعد أن صار شابًّا سافر إلى "حلب" والتحق بعمه "أسد الدين شيركوه" وكان بطلاً ماهرًا ، ومن رجال "نور الدين محمود" سلطان "حلب " و"دمشق" .
·"صلاح الدين" وزيرًا :
وفى أثناء هذه الفترة كانت الدولة الفاطمية في "مصر" تمر بلحظات ضعف شديد، في ظل الخليفة "العاضد" الذي لم يكن يسيطر تمامًا على البلاد، وشهدت صراعًا بين اثنين من كبار أمرائها هما "شاور" و"ضرغام" على منصب الوزارة ، ولم يستطع أحدهما أن ينتصر على الآخر .. فلجأ كل منهما إلى الاستعانة بقوى خارجية تساعده في تحقيق هدفه ، فاستعان "ضرغام" بالصليبيين الذين كانوا يحتلون ساحل الشام ، ويستولون على بيت المقدس ، واستعان "شاور" بنور الدين محمود ، وكان يقود حركة الجهاد ويقاوم الصليبيين .
أرسل "نور الدين محمود" إلى "مصر" "أسد الدين شيركوه" على رأس حملة عسكرية، وبصحبته ابن أخيه "صلاح الدين" الذي كان عمره آنذاك سبعة وعشرين عامًا .
واستطاعت هذه الحملة بعد عدة محاولات سنة (564ﻫ = 1168م) أن تسيطر على "مصر" ، بعدها تولى "أسد الدين شيركوه" قائد الحملة منصب الوزارة للعاضد آخر خلفاء الدولة الفاطمية ، ثم لم يلبث أن تُوفي "شيركوه" بعد شهرين ، فخلفه في الوزارة ابن أخيه "صلاح الدين" .
·مصر تعود إلى أحضان الخلافة العباسية :
كانت مصر آنذاك تحت حكم الدولة الفاطمية التي تدين بالمذهب الإسماعيلي الضال، وفى الوقت نفسه كان "صلاح الدين" من أهل السنة ويدين بالولاء لنور الدين محمود سلطان حلب التابع لدولة الخلافة العباسية السنية .وكان على "صلاح الدين" أن يقضى على الدولة الفاطمية التي كانت تقترب من النهاية ، ويعود بمصر إلى أحضان الخلافة العباسية .
وفضل " صلاح الدين " الوسائل السلمية ، فقام بعزل القضاة الشيعة ، وعيَّن مكانهم قضاة من أهل السنة ، وبدأ في إنشاء سلسلة من المدارس التي تدرس مذاهب الفقه الحنفي والشافعي والمالكي .
وبعد ثلاث سنوات كانت الأجواء مهيأة للتغيير بعد أن ساد مذهب أهل السنة .
·صلاح الدين والوحدة الإسلامية :
كان "صلاح الدين" يحزن للوجود الصليبي في بلاد الشام ، ويبكى ألمًا لأن مدينة القدس لا تزال محتلة .. ولكن كيف السبيل إلى إخراج هؤلاء المحتلين ؟ كان "صلاح الدين" يعرف الإجابة التي تتلخص في عبارة واحدة هي "الوحدة الإسلامية".
وقد بدأ "صلاح الدين" حكمه بالعدل بين الناس , وبإعداد الجند وتدريبهم أحسن تدريب , وبث فيهم روح الجهاد والثقة في نصر الله لتحقيق حلم الوحدة الإسلامية.. وكانت البداية أن استنجدت به مدينة "دمشق" ، فتحرك إليها ، وتمكن من السيطرة عليها وضمها إلى" مصر" كما ضم "حماة" و"بعلبك" و"حلب" وهذه الوحدة الإسلامية استغرقت من "صلاح الدين الأيوبي" أكثر من عشر سنوات من الجهد الشاق والعمل الجاد من سنة (570ﻫ = 1174م) حتى سنة (582ﻫ = 1186م) ، وفى أثناء ذلك لم يدخل في حروب مع الصليبيين حتى تكتمل خطته في الإعداد لمحاربتهم .
·من "حطين" إلى فتح بيت المقدس :
بعد أن أقام "صلاح الدين" دولة قوية واطمأن إلى وحدتها وتمسكها بكتاب اللهوسنته انتقل إلى الخطوة الأخرى وهى قتال الصليبيين وطردهم من البلاد ، وبدأ فيسلسلة من المعارك انتصر فيها ، ثم حقق النصر العظيم على الصليبيين في معركة "حطين" سنة 583ﻫ = 1187م)
خسر فيها العدو زهرة شباب جنوده ، ووقع في الأسر ملك القدس وكبار قادة الصيلبيين . وترتب على هذا النصر العظيم أن سقطت المدن والقلاع التي أقامها الصليبيون في يد "صلاح الدين" ، مثل "طبرية" و"عكا" و"قيسيارية" و "نابلس" و"يافا" و"بيروت" .
وأصبحت الطريق ممهدة لأن يفتح "القدس" التي ظلت تحت أيدي الصليبيين لمدة تزيد على تسعين عامًا، فتقدم "صلاح الدين" إلى مدينة "القدس" وحاصرها حصارًا شديدًا حتى استسلمت وطلب حكامها الصلح ، ودخل "صلاح الدين" "القدس" في مشهد عظيم وفى يوم من أعظم أيام الإسلام ، وفرح المسلمون في كل مكان بهذا النصر العظيم الذي أعاد لهم بيت المقدس: أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى نبينا "محمد" -صلى الله عليه و سلم- ليلة الإسراء والمعراج في (27 من رجب 583 ﻫ = 2 من أكتوبر 1187م) .
·عفو "صلاح الدين" عن الصليبيين وسماحه لهم بالمغادرة :
وتجلت سماحة "صلاح الدين" في دخوله مدينة القدس ، فلم يثأر للمذابح التي ارتكبها الصليبيون عندما احتلوا المدينة ، ولكنه سمح لكل صليبي أن يفتدى نفسه، كما أعفى أكثر من ألفين من الأسرى من دفع الفدية ؛ لأنهم لم يكن معهم مال ليفتدوا به أنفسهم ، كما أطلق سراح كل شيخ وامرأة عجوز ، ومنح الأرامل واليتامى والمحتاجين أموالا، كلُّ حسب حاجته .
·أوربا تدعو للثأر والانتقام :
ارتجت أوربا لاسترداد المسلمين لمدينتهم المقدسة ، وتعالت الصيحات تدعو للثأر والانتقام من المسلمين ، فأرسلت حملة من أقوى الحملات الصليبية وأكثرها عددًا وأعظمها سلاحًا ، وتكونت هذه الحملة من ثلاثة جيوش: ألمانية وفرنسية وإنجليزية ، نجح جيشان منها في الوصول إلى مواقع الأحداث ، لكن ملك ألمانيا غرق هو وجيشه في أثناء عبوره أحد الأنهار بآسيا الصغرى .
واستطاع الجيش الفرنسي بقيادة "فيليب أغسطس" من أخذ مدينة "عكا" من المسلمين ، واستولى الجيش الإنجليزي بقيادة "ريتشارد قلب الأسد" على بعض المدن الساحلية من "صور" إلى "حيفا" .. وتصدى "صلاح الدين" لهؤلاء، وصمد صمودًا عظيمًا أمام جيوش الصلبيين التي كانت تهدف إلى احتلال بيت المقدس؛ مما اضطر "ريتشارد قلب الأسد "إلى طلب الصلح مع "صلاح الدين" والرجوع إلى بلاده ، ثم لحق به ملك فرنسا.
·"صلاح الدين" .. من دعاة الحضارة والإصلاح
كان"صلاح الدين" سياسيًّا قديرًا ومن دعاة الحضارة و الإصلاح ، فاهتم بالمؤسسات الاجتماعية التي تساعد الناس وتخفف عنهم عناء الحياة ، وتعهد بالإنفاق على الفقراء والغرباء الذين يلجؤون للمساجد للعيش فيها ، وجعل من مسجد "أحمد بن طولون" في "القاهرة" مأوى للغرباء الذين يأتون إلى "مصر" من بلاد "المغرب".
ومن أشهر أعماله التي أقامها في "القاهرة" قلعة الجبل لتكون مقرًّا لحكومته ، وحصنًا منيعًا يمكنه من الدفاع عن "القاهرة" ، كما أحاط "الفسطاط" و"العسكر" و"القاهرة" بسور طوله (15كم) وعرضه ثلاثة أمتار ، وتتخلله الأبراج ، ولا تزال أجزاء منه قائمة حتى اليوم في جهات متفرقة .
·وفاة "صلاح الدين" :
وفى أثناء مفاوضات صلح "الرملة" التي جرت بين المسلمين والصليبيين مرض السلطان "صلاح الدين" ولزم فراشه ، ثم توفي في (27 من صفر 589ﻫ = 4 من مارس 1193 م) .
ولما توفى لم يترك مالاً ولا عقارًا ، ولم يوجد في خزانته سوى دينار واحد وسبعة وأربعين درهمًا ، فكان ذلك دليلاً على زهده وطهارة يده .
·شخصية صلاح الدين :
جمع "صلاح الدين" في شخصيته أخلاق الفارس النبيل ، ومواهب رجل الدولة ، فهو شجاع لا يهاب أعداءه ، لكنه في الوقت نفسه يستعد لهم أحسن استعداد؛ لذلك لم يدخل معاركه ضد الصليبيين قبل الإعداد لهم ، وهو يدرك أن النصر لا يأتى إلا مع الاتحاد ووحدة الصف ، وأن عدوه لم يتفوق إلا بسبب تفرق المسلمين ؛ لذلك عمل على جمع شمل "مصر و"الشام" و"العراق" تحت قيادته .
واشتهر بسماحته وحبه للسلام حتى صار مضرب الأمثال ، فعامل الصلبيين بعد استسلام مدينة "بيت المقدس" معاملة طيبة ، وقبل الفداء من أسراهم ، وأطلق سراح نسائهم وأطفالهم .
·"صلاح الدين" في سطور :
* ولد في قلعة "تكريت" بالعراق سنة (532ﻫ = 1138م) .
* نشأ وتعلم في مدينة "بعلبك" اللبنانية .
* عاد إلى "حلب" بعد أن صار شابًّا والتحق بخدمة عمه "أسد الدين شيركوه" .
* خرج مع عمه لاسترداد "مصر" وحمايتها من الوقوع في أيدى الصليبيين .
* تولى الوزارة في "مصر" وعلى يديه سقطت الدولة الفاطمية .
* عمل "صلاح الدين " أكثر من عشر سنوات متصلة من (570 ﻫ– 582 ﻫ) من أجل الإعداد لمواجهة الوجود الصليبي .
* دخل في معارك مع الصليبيين وتوج انتصاراته في "حطين" واسترد بيت المقدس.
* تصدى للحملة الصليبية التي قدمت من أوربا لاستعادة بيت المقدس .
* عقد مع تلك الحملة صلحًا اشتهر بصلح الرملة .
* قام بإنجازات حضارية، مثل : إنشاء المساجد والمدارس وبناء القلاع ، ومن أشهرها قلعة "الجبل" التي أقامها بالقاهرة .
* تُوفي "صلاح الدين" بعد حياة حافلة بالجهاد في (27 من صفر 829 ﻫ= 4 من مارس 1193م)
</b>
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منقول بتصرف يليق بكوكبة الأبطال.
قطرة ندى
21-07-2012, 03:00 AM
أين صلاح الدين مما نحن فيه الآن
هؤلاء القادة لن يتكررون في زمنا المخيف
أشكرك على ماتقدم من درر حول هؤلا القادة العظماء
صاحب السمو
21-07-2012, 01:12 PM
تسلم يا مخاوي الذيب
مخاوي الذيب
27-07-2012, 04:57 PM
عبد الله بن عمررضي الله عنه
نِعْمَ الرجل عبدالله لو كان يصلي من "
" الليل فيكثر
حديث شريف
عبد الله بن عمر بن الخطاب بدأت علاقته مع الإسلام منذ أن هاجر مع والده الى المدينة
وهو غلام صغير ، ثم وهو في الثالثة عشر من عمره حين صحبه والده لغزوة بدر لولا
أن رده الرسول -صلى الله عليه وسلم- لصغر سنه ، تعلم من والده عمر بن الخطاب
خيرا كثيرا ، وتعلم مع أبيه من الرسول العظيم الخير كله ، فأحسنا الإيمان
محاكاة الرسول
كان عبد الله بن عمر ( أبو عبد الرحمن ) حريصا كل الحرص على أن يفعل ما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفعله ، فيصلي في ذات المكان ، ويدعو قائما كالرسول الكريم ، بل يذكر أدق التفاصيل ففي مكة دارت ناقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- دورتين قبل أن ينزل الرسول من على ظهرها ويصلي ركعتين ، وقد تكون الناقة فعلت ذلك بدون سبب لكن عبد الله لا يكاد يبلغ نفس المكان في مكة حتى يدور بناقته ثم ينيخها ثم يصلي لله ركعتين تماما كما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفعل ، وتقول في ذلك أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها ما كان أحد يتبع آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- في منازله كما كان يتبعه ابن عمر )
حتى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل تحت شجرة ، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصبُّ في أصلها الماء لكيلا تيبس ، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لو تركنا هذا الباب للنّساء ) فلم يدخل فيه ابن عمر حتى مات
الجهاد
أول غزوات عبد الله بن عمر كانت غزوة الخندق ، فقد اسْتُصْغِرَ يوم أحد ، ثم شهد ما بعدها من المشاهد ، وخرج إلى العراق وشهد القادسية ووقائع الفرس ، وورَدَ المدائن ، وشهد اليرموك ، وغزا إفريقية مرتين
يقول عبد الله عُرضتُ على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر وأنا ابن ثلاث عشرة فردّني ، ثم عرضتُ عليه يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فردّني ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسَ عشرة فأجازني
وكان ابن عمر رجلاً آدم جسيماً ضخماَ ، يقول ابن عمر إنّما جاءتنا الأدْمة من قبل أخوالي ، والخال أنزعُ شيء ، وجاءني البُضع من أخوالي ، فهاتان الخصلتان لم تكونا في أبي رحمه الله ، كان أبي أبيض ، لا يتزوّج النساء شهوةً إلا لطلب الولد )
قيام الليل
يحدثنا ابن عمر -رضي الله عنهما- رأيت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كأن بيدي قطعة إستبرق ، وكأنني لا أريد مكانا من الجنة إلا طارت بي إليه ، ورأيت كأن اثنين أتياني وأرادا أن يذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر ، فإذا لها قرنان كقرني البئر ، فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم ، فجعلت أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار ) فلقينا ملك فقال لا تُرَع ) فخليا عني ، فقصت حفصة أختي على النبي -صلى الله عليه سلم- رؤياي فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل فيكثر ) ومنذ ذلك اليوم الى أن لقي ربه لم يدع قيام الليل في حلِّه أو ترحاله
القرآن
كان عبدالله مثل أبيه -رضي الله عنهما- تهطل دموعه حين يسمع آيات النذير في القرآن ، فقد جلس يوما بين إخوانه فقرأ
ويل للمُطَفِّفين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ، وإذا كالوهم أو وَزَنوهم يُخسرون ، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم ، يوم يقوم الناس لرب العالمين )
ثم مضى يردد يوم يقوم الناس لرب العالمين ) ودموعه تسيل كالمطر ، حتى وقع من كثرة وجده وبكائه
قال ابن عمر مكثتُ على سورة البقرة ثماني سنين أتعلّمها ) وقال لقد عشنا بُرهةً من دهرنا وأحدنا يرى الإيمان قبل القرآن ، وتنزل السورة على محمد -صلى الله عليه وسلم- فتعلّم حلالها وحرامها ، وأمرها وزاجرها ، وما ينبغي أن نقف عنده منها كما تعلّمون أنتم القرآن ، ثم رأيتُ اليوم رجالاً لا يرى أحدُهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ، وما يدري ما أمره ولا زاجره ، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه ، فينثرُ نثرَ الدَّقَل )
العلم
كتب رجل إلى ابن عمر فقال اكتبْ إليّ بالعلم كلّه ) فكتب إليه ابن عمر إنّ العلم كثيرٌ ، ولكن إن استطعتَ أن تلقى الله خفيفَ الظهر من دماء الناس ، خميص البطن من أموالهم ، كافاً لسانك عن أعراضهم ، لازماً لأمر الجماعة فافعل ، والسلام )
القضاء
دعاه يوما الخليفة عثمان -رضي الله عنهما- وطلب منه أن يشغل منصب القضاء ، فاعتذر وألح عليه عثمان فثابر على اعتذاره ، وسأله عثمان أتعصيني ؟) فأجاب ابن عمر كلا ولكن بلغني أن القضاة ثلاثة ، قاض يقضي بجهل فهو في النار ، وقاض يقضي بهوى فهو في النار ، وقاض يجتهد ويصيب فهو كفاف لا وزر ولا أجر ، وإني لسائلك بالله أن تعفيني ) وأعفاه عثمان بعد أن أخذ عليه عهدا ألا يخبر أحدا ، لأنه خشي إذا عرف الأتقياء الصالحون أن يتبعوه وينهجوا نهجه
حذره
كان -رضي الله عنه- شديد الحذر في روايته عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فقد قال معاصروه لم يكن من أصحاب رسول الله أحد أشد حذرا من ألا يزيد في حديث رسول الله أو ينقص منه من عبد الله بن عمر ) كما كان شديد الحذر والحرص في الفُتيا ، فقد جاءه يوما سائل يستفتيه في سؤال فأجابه قائلا لا علم لي بما تسأل ) وذهب الرجل الى سبيله ، ولا يكاد يبتعد بضع خطوات عن ابن عمر حتى يفرك ابن عمر كفيه فرحا ويقول لنفسه سئل ابن عمر عما لا يعلم ، فقال لا يعلم )
وسأل رجلٌ ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه ، ولم يُجبه حتى ظنّ الناس أنّه لم يسمع مسألته ، فقال له يرحمك الله ما سمعت مسألتي ؟) قال بلى ، ولكنكم كأنّكم ترون أنّ الله ليس بسائلنا عما تسألونا عنه ، اتركنا يرحمك الله حتى نتفهّم في مسألتك ، فإن كان لها جوابٌ عندنا ، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به )
جوده
كان ابن عمر -رضي الله عنه- من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة ، إذ كان تاجراً أميناً ناجحاً ، وكان راتبه من بيت مال المسلمين وفيرا ، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قط ، إنما كان يرسله على الفقراء والمساكين والسائلين ، فقد رآه ( أيوب بن وائل الراسبي ) وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة ، وفي اليوم التالي رآه في السوق يشتري لراحلته علفاً ديناً ، فذهب أيوب بن وائل الى أهل بيت عبد الله وسألهم ، فأخبروه إنه لم يبت بالأمس حتى فرقها جميعا ، ثم أخذ القطيفة وألقاها على ظهره و خرج ، ثم عاد وليست معه ، فسألناه عنها فقال إنه وهبها لفقير )
فخرج ابن وائل يضرب كفا بكف ، حتى أتى السوق وصاح بالناس يا معشر التجار ، ما تصنعون بالدنيا ، وهذا ابن عمر تأتيه آلاف الدراهم فيوزعها ، ثم يصبح فيستدين علفاً لراحلته !!) كما كان عبد الله بن عمر يلوم أبناءه حين يولمون للأغنياء ولا يأتون معهم بالفقراء ويقول لهم تَدْعون الشِّباع وتَدَعون الجياع )
زهده
أهداه أحد إخوانه القادمين من خُراسان حُلة ناعمة أنيقة وقال له لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان ، وإنه لتقر عيناي إذ أراك تنزع عنك ثيابك الخشنة هذه ، وترتدي هذا الثوب الجميل ) قال له ابن عمر أرِنيه إذن ) ثم لمسه وقال أحرير هذا ؟) قال صاحبه لا ، إنه قطن ) وتملاه عبد الله قليلا ، ثم دفعه بيمينه وهو يقول لا إني أخاف على نفسي ، أخاف أن يجعلني مختالا فخورا ، والله لا يحب كل مختال فخور )
وأهداه يوما صديق وعا مملوءاً ، وسأله ابن عمر ما هذا ؟) قال هذا دواء عظيم جئتك به من العراق ) قال ابن عمر وماذا يُطَبِّب هذا الدواء ؟) قال يهضم الطعام ) فابتسم ابن عمر وقال لصاحبه يهضم الطعام ؟ إني لم أشبع من طعام قط منذ أربعين عاما )
لقد كان عبد الله -رضي الله عنه- خائفا من أن يقال له يوم القيامة أَذْهَبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ) كما كان يقول عن نفسه ما وضعت لَبِنَة على لَبِنَة ولا غرست نخلة منذ توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ويقول ميمون بن مهران دخلت على ابن عمر ، فقوّمت كل شيء في بيته من فراش ولحاف وبساط ، ومن كل شيء فيه ، فما وجدته يساوي مائة درهم )
خوفه
كان إذا ذُكِّر عبد الله بن عمر بالدنيا ومتاعها التي يهرب منها يقول لقد اجتمعت وأصحابي على أمر ، وإني لأخاف إن خالفتهم ألا ألحق بهم ) ثم يخبر الآخرين أنه لم يترك الدنيا عجزا ، فيرفع يديه الى السماء ويقول اللهم إنك تعلم أنه لولا مخافتك لزاحمنا قومنا قريشاً في هذه الدنيا )
قال ابن عمر لقد بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما نكثتُ ولا بدّلتُ إلى يومي هذا ، ولا بايعتُ صاحب فتنة ، ولا أيقظت مؤمناً من مرقده )
الخلافة
عرضت الخلافة على ابن عمر -رضي الله عنه- عدة مرات فلم يقبلها ، فهاهو الحسن -رضي الله عنه- يقول لما قُتِل عثمان بن عفان ، قالوا لعبد الله بن عمر إنك سيد الناس وابن سيد الناس ، فاخرج نبايع لك الناس ) قال إني والله لئن استطعت ، لا يُهْرَاق بسببي مِحْجَمَة من دم ) قالوا لَتَخْرُجَنّ أو لنقتُلك على فراشك ) فأعاد عليهم قوله الأول فأطمعوه وخوفوه فما استقبلوا منه شيئاً )
فقد كان ابن عمر يأبى أن يسعى الى الخلافة إلا إذا بايعه المسلمون جميعا طائعين وليس بالسيف ، فقد لقيه رجلا فقال له ما أحد شر لأمة محمد منك ) قال ابن عمر ولم ؟ فوالله ما سفكت دماءهم ولا فرقت جماعتهم ولا شققت عصاهم ) قال الرجل إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنان ) قال ابن عمر ما أحب أنها أتتني ، ورجل يقول : لا ، وآخر يقول : نعم )
واستقر الأمر لمعاوية ومن بعده لابنه يزيد ثم ترك معاوية الثاني ابن يزيد الخلافة زاهدا فيها بعد أيام من توليها ، وكان عبد الله بن عمر شيخا مسناً كبيراً فذهب إليه مروان وقال له هَلُمّ يدك نبايع لك ، فإنك سيد العرب وابن سيدها ) قال له ابن عمر كيف نصنع بأهل المشرق ؟) قال مروان نضربهم حتى يبايعوا ) قال ابن عمر والله ما أحب أنها تكون لي سبعين عاما ، ويقتل بسببي رجل واحد ) فانصرف عنه مروان
موقفه من الفتنة
رفض -رضي الله عنه- استعمال القوة والسيف في الفتنة المسلحة بين علي ومعاوية ، وكان الحياد شعاره ونهجه من قال حيّ على الصلاة أجبته ، ومن قال حيّ على الفلاح أجبته ، ومن قال حيّ على قَتْل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت : لا ) يقول أبو العالية البراء كنت أمشي يوما خلف ابن عمر وهو لا يشعر بي فسمعته يقول واضعين سيوفهم على عَوَاتِقِهم يقتل بعضهم بعضا يقولون : ياعبد الله بن عمر أَعْطِ يدك ))
وقد سأله نافع يا أبا عبد الرحمن ، أنت ابن عمر ، وأنت صاحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وأنت وأنت فما يمنعك من هذا الأمر -يعني نصرة علي- ؟) فأجابه قائلا يمنعني أن الله تعالى حرّم عليّ دم المسلم ، لقد قال عزّ وجل قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ) ولقد فعلنا وقاتلنا المشركين حتى كان الدين لله ، أما اليوم ففيم نُقاتل ؟ لقد قاتلت والأوثان تملأ الحرم من الركن الى الباب ، حتى نضاها الله من أرض العرب ، أفأُقاتل اليوم من يقول : لا إله إلا الله ؟!)
الوصية
ذُكرت الوصية لابن عمر في مرضه فقال ابن عمر -رضي الله عنه- أمّا مالي فالله أعلم ما كنت أفعل فيه ، وأمّا رباعي وأرضي فإنّي لا أحب أن يُشارك ولدي فيها أحد ) ولمّا حضر ابن عمر الموت قال ما آسى على شيءٍ من الدنيا إلا على ثلاث : ظمأ الهواجر ، ومكابدة الليل ، وأني لم أقاتل هذه الفئة التي نزلت بنا ) يعني الحجاج
وفاته
وقد كف بصر عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- آخر عمره ، وفي العام الثالث والسبعين للهجرة توفي -رضي الله عنه- بمكة وهو في الخامسة والثمانين من عمره
منقول بتصرف يليق بكوكبة الأبطال
ابوثنيان
31-07-2012, 03:40 AM
شكرا مخاوي الذيب على هذا الموضوع القيم والمفيد لنا جميعا والذي بداته بسيرة هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وارضاه وحشرنا واياه في زمرة نبيه المصطفى انه
سميع مجيب وجعل ذلك في موازين حسناتك وتقبل تحياتي
مخاوي الذيب
31-07-2012, 05:55 PM
شكرا مخاوي الذيب على هذا الموضوع القيم والمفيد لنا جميعا والذي بداته بسيرة هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وارضاه وحشرنا واياه في زمرة نبيه المصطفى انه
سميع مجيب وجعل ذلك في موازين حسناتك وتقبل تحياتي
تسلم يا أبوثنيان الغالي ومرورك عطر متصفحي واسأل الله أن تعم الفائده الجميع من هذا الموضوع الذي أحتسب فيه الأجر والمثوبه من الله . وللمعلوميه أخي الكريم فأن شخصية الصحابي الجليل عبد الله بن عمر سبقها طرح ما يقارب 22 شخصيه أغلبهم من الصحابه رضي الله عنهم وبعض الشخصيات من أبطال المسلمين الفاتحين
والمسيرة تطول بحول الله في موضوع واحد تحت مسمى { كوكبة الأبطال} وهو من المواضيع المميزه في الديوانيه .......... أدام الله عليك الصحه والعافيه
صاحب السمو
31-07-2012, 06:38 PM
اللهم أني أسألك أن تحشرني معى هذه الكوكبه من الأبطال ياااااااااااااارب
وكاتبهاوقارئها ومن سار على نهجهم
عبدالهادي الشهراني
07-08-2012, 02:04 AM
استمر بارك الله فيك وفيما تطرح ، في الحقيقة ان مثل هذه المواضيع تبعث فينا الفخر والحماس والاعتزاز بالسلف الصالح
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2024, TranZ by Almuhajir
diamond