المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملك الخواتم


مخاوي الذيب
22-04-2012, 12:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

قصيدة أبو الحسن التهامي الحسني -رحمه الله- في رثاء أبنه
********************************

جاورت أعدائي وجاور ربه.. شتان بين جواره وجواري..






حكم المنية في البريه جاري ماهذه الدنيا بدار قرارِ

بَينا يَرى الإِنسـان فيهـا مُخبِـراً حَتّى يُرى خَبَـراً مِـنَ الأَخبـارِ

طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنـتَ تُريدُهـا صَفـواً مِـنَ الأَقـذاءِ وَالأَكـدارِ

وَمُكَلِّـف الأَيـامِ ضِـدَّ طِباعِهـا مُتَطَّلِب فـي المـاءِ جَـذوة نـارِ

وَإِذا رَجَـوتَ المُستَحيـل فَإِنَّـمـا تَبني الرَجاءَ عَلـى شَفيـرٍ هـارِ

فَالعَيـشُ نَـومٌ وَالمَنِيَّـةُ يَقِـظَـةٌ وَالمَـرءُ بَينَهُمـا خَيـالِ سـاري

وَالنَفسُ إِن رَضِيَت بِذَلِكَ أَو أَبَـت مُنـقـادة بِـأَزمَّـة الأَقـــدارِ

فاِقضـوا مآرِبكـم عُجَـالاً إِنَّمـا أَعمارُكُـم سِفـرٌ مِـنَ الأَسفـارِ

وَتَراكَضوا خَيلَ الشَبابِ وَبـادِروا إِن تُستَـرَدَّ فَإِنَّـهُـنَّ عَــواري

فالدهر يَخدَع بِالمنـي وَيغُـصُّ إِن هَنّـا وَيَهـدِمُ مـا بَنـى بِـبـوارِ

لَيسَ الزَمانَ وَإِن حرصت مُسالِمـاً خُلُق الزَمـانِ عَـداوَة الأَحـرارِ

إِنّي وُتِـرتُ بِصـارِمٍ ذي رَونَـقٍ أَعـدَدتَـهُ لِطِـلابَـةِ الأَوتــارِ

أَثنـي عَلَيـهِ بِأثـرِهِ وَلَـو أَنَّـهُ لَـم يَغتَبِـط أَثنَـيـتُ بِـالآثـارِ

لَو كنت تُمنَعُ خاض نحـوكَ فَتيـة مِنّـا بحـار عَوامِـل وَشـفـارِ

وَدَحوا فُوَيقَ الأَرض أَرضاً مِن دَمٍ ثُـمَّ اِنثَنـوا فَبَنـوا سَمـاءَ غبـارِ

قَومٌ إِذا لَبِسـوا الـدُروعَ حَسِبتَهـا سُحُبـاً مـزرَّرَة عَلـى الأَقمـارِ

وَتَرى سيـوفَ الدارِعيـنَ كَأَنَّهـا خَلـج تَمُـدُّ بِهـا أَكُـفَّ بِـحـارِ

لَو أَشرَعوا أَيمانِهِـم مِـن طولِهـا طَعَنوا بِها عوض القَنـا الخَطَّـارِ

شَوسٌ إِذا عدموا الوَغى انتَجَعوا لَها فـي كُـلِّ أَوبٍ نَجعَـة الأَمطّـارِ

جنبوا الجِيادَ إِلى المُطيِّ وَراوجـوا بَينَ السُـروجِ هُنـاكَ وَالأَكـوارِ

فَكَأَنَّمـا مَـلأوا عِيـاب دروعهـم وَغمـود أَنصلهـم سَـراب قِفـارِ

وَكَأَنَّمـا صَنـع السَوابِـغ عَـزَّهُ ماء الحَديـد فَصـاعَ مـاءَ قِـرارِ

زَرَداً فَأحكم كـل موصـل حَلقَـةٍ بِجُبابَـة فـي مَوضـع المُسمـارِ

فَتَدَرَّعـوا بمتـون مـاء جـامِـدٍ وَتَقنَّعـوا بِحَبـاب مـاء جـاري

أسـد ولكـن يؤثـرونَ بِزادِهِـم وَالأسـد لَيـسَ تديـن بالإِيـثـارِ

يَتَزَّيَنُ النـادي بِحُسـنِ وُجوهِهِـم كَتَـزَيُّـنِ الـهـالاتِ بالأَقـمـارِ

يَتَعَطَّفونَ عَلـى المَجـاوِر فيهِـم بالمنفسـات تعـطُّـف الآظــارِ

مِن كل مَن جَعلَ الظُبى أَنصـارَهُ وَكرُمنَ فاِستَغنى عَـنِ الأَنصـارِ

وَاللَيـثُ إِن بارَزتُـهُ لَـم يَعتَمِـد إِلّا عَلـى الأَنـيـابِ وَالأَظـفـارِ

وَإِذا هوَ اعتَقَـلَ القَنـاة حَسِبتُهـا صِـلاً تأبَّطُـهُ هزبَـرٌ ضـاري

زَرَدُ الدِلاصِ مِنَ الطِعانِ بِرُمحِـهِ مِثلَ الأَساوِر فـي يـد الإِسـوارِ

وَيَجُرُّ حينَ يُجَرُّ صَعـدَةَ رُمحِـهِ في الجَحفَـلِ المُتَضائِـق الجِـرارِ

مـا بَيـنَ ثَـوبٍ بِالدمـاءِ مُلَبَّـدٍ زَلـقٍ وَتَقَـع بِالـطِـرادِ مـثـارِ

وَالهَون في ظِـلِّ الهوَينـا كامِـنٌ وَجَلالَة الأَخطـارِ فـي الإِخطـارِ

تنـدى أسـرة وَجهِـهِ وَيَميـنَـهُ فـي حالَـةِ الإِعسـارِ والإِيسـارِ

وَيَمُـدُّ نَحـوَ المَكرُمـاتِ أَنامِـلاً لِلـرِزقِ فـي أَثنائِهِـنَّ مَجـاري

يَحوي المَعالـي كاسِبـاً أَو غالِبـاً أَبـداً يُـدارى دونَهـا وَيُــداري

قَد لاحَ في لَيلِ الشَبـابِ كَواكِـبٌ إِن أَمهلـت آلَـت إِلـى الإِسفـارِ

يا كَوكَباً ما كـانَ أَقصَـرَ عُمـرَهُ وَكَذاكَ عُمـرُ كَواكِـبِ الأَسحـارِ

وَهلال أَيّـامٍ مَضـى لَـم يَستَـدِر بَدراً وَلَـم يمهـل لِوَقـت سِـرارِ

عَجِلَ الخُسوف عَلَيهِ قَبـلَ أَوانِـهِ فَمَحـاهُ قَبـلَ مَظَـنَّـة الإِبــدارِ

واستَـلَّ مِـن أَترابِـهِ وَلِـداتِـهِ كَالمُقلَـةِ استَلَـت مِـنَ الأَشفـارِ

فَكَـأَنَّ قَلـبـي قـبـره وَكَـأَنَّـهُ فـي طَيِّـهِ سِـرٌّ مِـنَ الأَسـرارِ

إِن يُحتقر صِغَـراً فَـرُبٌ مُفَخَّـمٍ يَبدو ضَئيـل الشَخـصِ لِلنُّظّـارِ

إِنَّ الكَواكِـبِ فـي عُلُـوِّ مَكانِهـا لَتُرى صِغاراً وَهيَ غَيـرُ صِغـارِ

ولدُ المُعَزّى بَعضـه فَـإِذا مَضـى بَعضُ الفتى فَالكُـلُّ فـي الآثـارِ

أَبكيـهِ ثُـمَّ أَقـولُ مُعتَـذِراً لَــهُ وُفِّقـتَ حيـنَ تَـرَكـتَ آلامَ دارِ

جاوَرتُ أَعدائـي وَجـاوَرَ رَبَّـهُ شَتّـان بَيـنَ جِـوارِهِ وَجِـواري

أَشكو بُعادك لي وَأَنـت بَمَوضِـعٍ لولا الرَدى لَسَمِعتَ فيـهِ سَـراري

وَالشَرق نَحوَ الغَربِ أَقـرَبُ شُقـة مِن بُعدِ تِلـكَ الخَمسَـةِ الأَشبـارِ

هَيهات قَد علقتك أَشـراك الـرَدى واعتاقَ عُمرَكَ عائِـق الأَعمـارِ

وَلَقَد جَرَيتَ كَمـا جريـتُ لِغايَـةٍ فبلغتهـا وَأَبـوكَ فـي المِضمـارِ

فَإِذا نَطَقـتُ فَأَنـت أَوَل مَنطِقـي وَإِذا سكت فَأَنـتَ فـي إِضمـاري

أَخفي مِنَ البُرَحـاء نـاراً مِثلَمـا يَخفى مِنَ النـارِ الزِنـادَ الـواري

وَأُخَفِّضُ الزَفرات وَهـيَ صَواعِـدٌ وَأُكَفكِفُ العَبرات وَهـيَ جَـواري

وَشِهابُ زَندِ الحُـزنِ إِن طاوَعتُـهُ وَآرٍ وَإِن عاصَيـتَـهُ مُـتَـواري

وَأَكُـفُّ نيـران الأَسـى وَلَرُبَّمـا غلب التَصَبُّـر فارتَمَـت بِشَـرارِ

ثَوب الرِياء يَشِفُّ عَن مـا تَحتَـهُ فَإِذا التحفـت بِـهِ فَإِنَّـكَ عـاري

قَصُرت جُفونـي أَم تَباعَـد بَينَهـا أَم صُـوِّرت عَينـي بِـلا أَشفـارِ

جَفَت الكَرى حَتّى كَـأَنَّ غـراره عِندَ اِغتِماضِ العَينَ حـد غِـرارِ

وَلَـو اِستَـزارَت رقـدة لَدَجابِهـا مـا بَيـنَ أَجفانـي إِلـى التَيّـارِ

أُحَيي لَيالي التَـمِّ وَهـيَ تُميتُنـي وَيُميتُـهُـنَّ تبـلـج الأَنـــوارِ

حَتّى رَأَيتُ الصُبـحَ يَرفَـعُ كفـه بِالضوءِ رَفـرَف خيمَـة كالقـارِ

وَالصُبحُ قَد غمـر النُجـوم كَأَنَّـهُ سيل طَغى فَطمـى عَلـى النَـوارِ

وَتلهُّب الأَحشـاء شَيَّـب مفرقـي هَذا الضِياء شَـواظ تِلـكَ النـارِ

شابَ القذال وَكُلُّ غُصـنٍ صائِـرٍ فينانـه الأَحـوى إِلـى الإِزهـارِ

وَالشِبه مُنجَذِبٌ فَلِم بَيـضُ الدُمـى عَن بَيـضِ مفرقـه ذَوات نِفـارِ

وَتَوَدُّ لَـو جعلـت سـواد قُلوبِهـا وَسواد أَعيُنها خِضـاب عِـذاري

لا تَنفِر الظَبَياتُ عَنـه فَقَـد رأت كَيفَ اختِلاف النَبت في الأَطـوارِ

شَيئـانِ يَنقَشِـعـانِ أَوَّل وَهـلَـةٍ ظِـلُّ الشَبـابِ وَخِلَّـةُ الأَشـرارِ

لا حَبَّـذا الشيـب الوَفـيُّ وَحَبَّـذا شَـرخ الشَبـابِ الخائِـنِ الغَـدّارِ

وَطري مِنَ الدُنيا الشَباب وَروقـه فَإِذا اِنقَضى فَقَد انقَضَت أَوطـاري

قصـرت مَسافَتـه وَمـا حَسَناتُـهُ عِـنــدي وَلا آلاؤُهُ بِـقِـصـارِ

نَزدادُ هَمّـاً كُلَمّـا اِزدَدنـا غِنَـىً وَالفَقرُ كُـلَّ الفَقـرِ فـي الإِكثـارِ

ما زادَ فَوق الزادِ خُلِّـف ضائِعـاً في حـادِثٍ أَو وارِث أَو عـاري

إِنّي لأَرحَـم حاسِـديَّ لِحَـرِ مـا ضَمَّت صُدورُهُـم مِـنَ الأَوغـارِ

نَظَروا صَنيعَ اللَـهِ بـي فَعُيونُهُـم فـي جَنَّـةٍ وَقُلوبهـم فـي نـارِ

لا ذَنبَ لي كَم رمت كتم فَضائِلـي فَكَأَنَّمـا برقعـت وَجـه نَهـاري

وَسترتهـا بِتَواضعـي فَتطلَّـعـت أَعناقهـا تَعلـو عَلـى الأَسـتـارِ

وَمِـنَ الرِجـال مَعالِـم وَمَجاهِـل وَمِـنَ النُجـومِ غَوامِـض وَداري

وَالناسُ مُشتَبِهـونَ فـي إِيرادِهِـم وَتَبايـن الأَقـوامِ فـي الإِصـدارِ

عَمري لَقَد أَوطأتُهُم طُـرق العُلـى فَعَموا وَلَـم يَقَعـوا عَلـى آثـاري

لَو أَبصَروا بِقُلوبِهِـم لاستَبصَـروا وَعمى البَصائِرِ مَن عَمى الأَبصارِ

هَلّا سَعوا سَعيَ الكِـرامِ فَأَدرَكـوا أَو سَلَّـمـوا لِمَـواقِـعِ الأَقــدارِ

ذهب التَكرم وَالوَفاء مِـنَ الـوَرى وَتصرَّمـا إِلّا مِــنَ الأَشـعـارِ

وَفَشَت خِيانات الثِقـاتِ وَغيرهـم حَتّـى أتَّهمنـا رُؤيـة الأَبصـارِ

وَلَرُبَّما اعتَضـد الحَليـم بِجاهِـلٍ لا خَير في يُمنـي بِغَيـرِ يَسـارِ

لِـلَّـهِ دُرُّ النائِـبـاتِ فَـإِنَّـهـا صَـدأُ اللِئـامِ وَصيقـل الأَحـرارِ

هَـل كنـت إِلّا زَبـرَةً فَطَبَعنَنـي سَيفاً وَأطلـق صرفهـن غـراري

زَمن كأمِّ الكلـب تـرأُم جروهـا وَتصد عَن ولد الهزبـر الضـاري

صاحب السمو
22-04-2012, 09:47 AM
بيض الله ويهك يا الحبيب الغالي
ممكن سؤال
كيف أنت تسوي في ذي الزبارق حول كتاباتك والله منت سهل ياولد
دنادش. تسلم يدينك

همس الغروب
22-04-2012, 11:52 AM
وَالنَفسُ إِن رَضِيَت بِذَلِكَ أَو أَبَـت مُنـقـادة بِـأَزمَّـة الأَقـــدارِ " " فاِقضـوا مآرِبكـم عُجَـالاً إِنَّمـا أَعمارُكُـم سِفـرٌ مِـنَ الأَسفـارِ

تسلم يدكـ اخي الغالي الذيب على هذا النقل الطيب

مخاوي الذيب
22-04-2012, 09:20 PM
بيض الله ويهك يا الحبيب الغالي
ممكن سؤال
كيف أنت تسوي في ذي الزبارق حول كتاباتك والله منت سهل ياولد
دنادش. تسلم يدينك
يسلم مرورك يا الغالي وكلك ذوق .أتمنى من الكل قرأة هذه القصيده مره وثنتين وثلاث أعتبرها من عيون الشعر وفيها معاني وعبارات تكتب بماء الذهب

مخاوي الذيب
22-04-2012, 09:28 PM
وَالنَفسُ إِن رَضِيَت بِذَلِكَ أَو أَبَـت مُنـقـادة بِـأَزمَّـة الأَقـــدارِ " " فاِقضـوا مآرِبكـم عُجَـالاً إِنَّمـا أَعمارُكُـم سِفـرٌ مِـنَ الأَسفـارِ



تسلم يدكـ اخي الغالي الذيب على هذا النقل الطيب

مرورك شرف متصفحي ياهمس وإقتباسك يدل على جمال ورقي ذائقتك الشعريه

قطرة ندى
22-04-2012, 11:09 PM
فاِقضـوا مآرِبكـم عُجَـالاً إِنَّمـا أَعمارُكُـم سِفـرٌ مِـنَ الأَسفـارِ

بالفعل الأيام تمضي عُجالى والعمر يمضي معها
اللهم إجعلنا ممن يأخذون صحائفهم بأيمانهم
قصيدة رائعة تسلم إيدك على النقل الرائع

الطاروق
23-04-2012, 02:03 AM
ابيات مملؤة بالحِكم ... وعنوان جذّاب ... واخراج اكثر من رائع ...
ما شا الله مميّز في كل شيء ...

الرجل الذي كويس
24-04-2012, 11:57 PM
حكم المنية في البريه جاري ماهذه الدنيا بدار قرارِ

جزاك الله خير تاج راسي هذا البيت عن الف قصيده

عبدالهادي الشهراني
10-06-2012, 08:45 PM
وَلَرُبَّما اعتَضـد الحَليـم بِجاهِـلٍ لا خَير في يُمنـي بِغَيـرِ يَسـارِ

لِـلَّـهِ دُرُّ النائِـبـاتِ فَـإِنَّـهـا صَـدأُ اللِئـامِ وَصيقـل الأَحـرارِ

لا حرمنا الله منك ولا من منقولاتك الرائعة جدا جدا ياابا نواف الغالي ياقمة الذوق