المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بداية اللاعب ماجد عبد الله


ابو هشام
16-05-2012, 12:43 AM
النجم الصغير

ولد ماجد أحمد عبد الله عام 1378هـ (1958) في حي البغدادية بمدينة جدة ، وبعد ست سنوات انتقل مع عائلته إلى العاصمة الرياض حيث تم اختيار والده كمدرب للأشبال في نادي النصر. وفي الرياض تعرف ماجد على كرة القدم عن قرب أثناء مرافقته لوالده إلى نادي النصر والاستمتاع بمشاهدة تمارين الفريق. وبدأ بمزاولة الكرة في مدرسة الجزائر الابتدائية، وضمن فريق الحارة في حي العطايف، ولم يكن له مركز محدد، إلا إنه كان يميل كثيراً إلى حراسة المرمى نظراً لطوله بين أقرانه.
فكيف تحول ماجد من حراسة الشباك إلى مهاجمتها بكل الوسائل!! أثناء مشاركة ماجد لفريق الحي ونظراً لغياب أحد المهاجمين فقد طلب منه المدرب الانتقال للهجوم لسد النقص، ويبدع ماجد ويسجل هدفين ليخرج فريقه فائزاً 3-1، ومنذ ذلك اليوم ولحسن حظ الكرة السعودية لم يغير هذا المركز.
خلال السنوات التالية تحول ماجد إلى مهاجم هداف، ولاعب ممتع للجماهير، وانطلقت شهرته على نطاق واسع، سواء في دوري المدارس، أو مباريات الحوار
الحلم الأصفربعد أن اشتهر ماجد، حاول أكثر من ناد الظفر به وتسجيله، إلا أنه وعبر السنوات كان قد ارتبط بنادي النصر كمتابع ومشجع، ولم يكن يرى سوى حلم واحد هو ارتداء قميص النصر الأصفر.

وفي عام 1395 (1975) أتيحت الفرصة لمدرب النصر آنذاك اليوغوسلافي (بروشتش) رؤية ماجد ، فأثار إعجابه ما رآه من موهبة ونبوغ مبكر وطالب بتسجيله فوراً.وفي 6/11/1395 (9/11/1975) تم تسجيل ماجد رسمياً في نادي النصر، ويتحقق حلم ماجد ويبدأ في التدرب مع فريق الناشئين وهو لا يزال في المرحلة الدراسية المتوسطة.
ولم تكن البداية سهلة، فقد وجد من الصعب عليه الابتعاد عن مشاركة رفاقه خارج النادي، وكان كثيراً ما يترك تمارين نادي النصر بإلحاح من زملائه ليشاركهم في دوري المدارس أو الحواري.
إلا أن الاهتمام الذي وجده من رئيس نادي النصر الأمير عبد الرحمن بن سعود ومن مدرب الفريق بروشتش دفعه إلى الالتزام بتمارين النادي بشكل تام بعد ذلك.

السنوات الأولى
بدأت مهارات ماجد في النضوج، وتولى المدرب بروشتش صقل موهبته وتلقينه الأساسيات التي يحتاجها كمهاجم.
ونتيجة لما وصل إليه من مستوى قرر المدرب نقله للتمرن مع الفريق الأول، دون منحه الفرصة في المشاركة في المباريات نظراً لأن الوقت لم يحن لذلك حسب تقدير مدربه في عام 1396 كانت الكرة السعودية تمر بنقلة كبيرة في تاريخها حين أعلن اتحاد الكرة إقامة دوري للأندية للمتازة، بعد أن تم تنظيم دوري عام انتهى بتصنيف الأندية السعودية إلى درجة ممتازة وأولى.
وأثناء معسكر تدريبي للنادي في مقاطعة ويلز بالمملكة المتحدة استعداداً للدوري، سنحت الفرصة لماجد لمشاركة الفريق الأول في مباراة ودية أمام أحد الفرق الإنجليزية، ونجح ماجد وسجل هدفاً وفاز فريقه 4-0 إلا أنه تعرض لإصابة أقعدته عن مشاركة الفريق وتحول إلى ضيف شرف حتى نهاية المعسكر، إلا أن المدرب شد من أزره ووعده بالمشاركة إذا ثابر على التمارين.

بعد مضي الجزء الأكبر من الدوري الممتاز لعام 1396/1397 (1977)، أتيحت لماجد أول فرصة للمشاركة بعد أن تحسنت إصابته، وكان ظهوره الأول أمام الجماهير في مباراة ودية أمام فريق الفتح الرباطي المغربي بتاريخ 24/1/1397 (14/1/1977)، حيث شارك في الثلث الساعة الأخير من المباراة وكان مرتبكاً بحيث لم يلحظ أحد مشاركته. بعد تلك المباراة بأسبوع شارك فريقه رسمياً للمرة الأولى في الدوري الممتاز أمام نادي الشباب، وكانت مشاركته في منتصف الشوط الثاني وترك انطباعاً جيداً لدى المدرب والجماهير، تلى ذلك مشاركته للفريق أمام نادي القادسية، وفي ثالث مبارياته أمام نادي الوحدة في الرياض سجل هدفه الأول بعد أن كان فريقه متخلفاً بهدف، كان ذلك في 28/3/1397 (18/3/1977)، لينطلق مسلسل الأهداف الذي لم يتوقف إلا عند الرقم 533 .
لعب ماجد بعد ذلك مباريتين سجل فيهما هدفين، لينتهي الدوري والنصر في المركز الثاني، إلا أن ماجد ترك بصمته على الأسابيع الأخيرة من الدوري وأصبح حديث المشجعين والمتابعين.

القميص الأخضر

كانت المباريات الخمس التي لعبها ماجد في ختام الدوري كفيلة بإقناع مدربي منتخب الناشئين السعودي باختياره ضمن الفريق الذي سيشارك في دورة تبريز الودية للناشئين بإيران. ورغم أنها مشاركته الأولى فقد حقق نجاحاً مبهراً وسجل سبعة أهداف محققاً لقب هداف الدورة. ولم يتردد مدربي المنتخب الأول بعد تلك المشاركة في ضمه إلى قائمة المنتخب السعودي الأول بسرعة قياسية لم تحدث لأي لاعب سعودي آخر.فبعد خمس مباريات في الدوري، فقط، يتحقق حلم ماجد الأكبر ألا وهو ارتداء القميص الأخضر. ومنذ ذلك الحين، 1397 (1977) وحتى اعتزاله الكرة الدولية عام 1415، حظي بشرف تمثيل للمنتخب الأول بشكل متواصل لم تقطعه سوى الإصابات.في نفس العام، 1397، شارك ماجد المنتخب للمرة الأولى في مباراة ودية أمام فريق بنفيكا البرتغالي، وأبدع ماجد وسجل هدفين، أحدها لا ينسى حين استلم الكرة من منتصف الملعب وتجاوز لاعبين ثم راوغ الحارس وأودع الكرة في الشباك بكل حرفنة.وكان من ثمار انطلاقة الدوري الممتاز ظهور جيل جديد من اللاعبين، لعبوا الدور الأكبر في نقل الكرة السعودية إلى ساحات النجاح، ليصبح المنتخب السعودي وقبل نهاية الثمانينيات أفضل منتخبات آسيا.

النصر، قصة عشق عمرها 22 عاماً
أنهى نادي النصر مشاركته الأولى في الدوري الممتاز محتلا المركز الثاني من بين ثمانية أندية، واستبشرت جماهيره بقدوم نجم كروي موهوب تحلم كل الأندية بالحصول عليه. في الموسم التالي تم زيادة الأندية إلى 10، إلا أن نادي النصر لم يتجاوز المركز الثاني، ورغم غيابه عن جزء كبير من ذلك الموسم للإصابة، حقق ماجد المركز الثاني في قائمة الهدافين.وفي ثالث موسم، حقق ماجد لقب هداف الدوري الممتاز للمرة الأولى في حياته الرياضية بعدد 13 هدفاً، إلا أن نادي النصر وللمرة الثالثة على التوالي حقق المركز الثاني، ولم تجد إدارة النادي مخرجاً سوى الاستغناء عن المدرب الداهية بروشتش، رغم أنه كان صاحب الدور الأكبر في تأسيس الفريق الجديد للنادي، وفي إظهار موهبة ماجد عبد الله إلى النور.
في موسم 1399/1400 (1980) كان ماجد ورفاقه عاقدين العزم على عدم التفريط باللقب الذي اقتربوا منه في السابق أكثر من مرة، وتحت قيادة مدرب جديد هو البرازيلي (فورميقا) انطلق الفريق في تحقيق الانتصارات تلو الأخرى ولم ينته الدوري إلا والنصر هو البطل، وحقق ماجد لقب هداف الدوري للمرة الثانية على التوالي بعدد 17 هدفاً، ولم يستطع أي لاعب في الدوري السعودي حتى الآن تحقيق هذا اللقب مرتين على التوالي.

ويأتي العام الذهبي لنادي النصر في موسم 1400/1401 (1981) ليحقق إنجازاً لم يسبقه إليه أي ناد سعودي وهو تحقيق بطولة الدوري للمرة الثانية على التوالي، ثم فاز بكأس الملك ليجمع بطولتي الدوري والكأس في موسم واحد.

أما ماجد فقد حقق لقب هداف الدوري للمرة الثالثة على التوالي برصيد 21 هدفاً سجلها في 15 مباراة فقط نظراً لغيابه عن آخر ثلاث مباريات بسبب الإصابة. وقد أهله هذا الرقم لتحقيق لقب هداف العرب والحصول على الحذاء الذهبي.

ولأن وجود ماجد عبد الله مع نادي النصر يعتبر ميزة عن كل الفرق، كان على النصراويين أن يدفعوا ضريبة في المقابل، هذه الضريبة كانت ابتعاده عن الفريق لفترات طويلة وصلت بعض الأحيان إلى موسم كامل، بسبب ارتباطات المنتخب الكثيرة أو بسبب الإصابات التي لا تفارقه. ولكن كلما عاد ماجد وكان الفريق في حالة جيدة فنياً ومعنوياً، يعود النصر لتحقيق البطولات.

فبعد غياب سنوات أربع، عاد النصر إلى ساحة البطولات في الفترة (1406-1410) (1986-1990) حيث حقق بطولة الدوري الممتاز للمرة الثالثة، وبطولة كأس الملك ثلاث مرات.
وخلال الثمانينيات استطاع ماجد تحقيق رقم إعجازي حينما حاز على لقب هداف الدوري الممتاز ثلاث مرات إضافية، ليصبح مجموع مرات فوزه باللقب 6 مرات، وهو رقم لم يقترب منه أي لاعب في الدوري السعودي حتى نهاية القرن الميلادي. ولولا كثرة انقطاع ماجد عن الدوري في تلك الفترة بسبب التزامات المنتخب وتوالي الإصابات لربما فاز باللقب أكثر من ذلك.

شهدت الفترة 1411-1413 (1991-1993) أكثر من إصابة قاسية أبعدته عن النادي والمنتخب، ورغم أن النادي حقق بطولة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين عام 1414 (1994) وهي بطولة الدوري الممتاز بعد تغيير اسمها ونظامها، إلا أن ماجد لم يلعب مع النادي أي مباراة بسبب استدعاء جميع لاعبي المنتخب أثناء مراحل التأهل لكأس العالم 94 .

بعد انتهاء مشاركته مع المنتخب، عاد ماجد إلى النادي ليختتم قصة عشقه مع النصر بأحلى ختام، حينما قدم لهم وعلى مدى أربع أعوام متتالية بطولة كل عام، وهي بطولة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين عام 1415 (1995)، بطولة أندية مجلس التعاون عامي 1416 (1996) و 1417 (1997)، وأخيراً بطولة كأس الكؤوس للأندية الآسيوية عام 1418 (1998)، وهي البطولة التي شهدت آخر أهدافه وآخر مبارياته.


العصر الذهبي للكرة السعودية

حينما انضم ماجد إلى المنتخب الأول عام 1397 (1977)، كان المنتخب يعيش أحلك فتراته بسبب فشله المتكرر في تحقيق أي إنجاز، وكانت الجماهير تهتم بمباريات الأندية أكثر من مباريات المنتخب. إلا أن المواهب الجديدة التي أفرزتها منافسات الدوري الممتاز بدأت تعطي المنتخب هوية جديدة وتسلب اهتمام الجماهير نحوه.سجل ماجد حضوره على الساحة الخليجية في عام 1399 (مارس-1979) حينما شارك في دورة الخليج الخامسة التي أقيمت ببغداد، حيث أحرز سبعة أهداف في خمس مباريات، ورغم أنه حل ثانياً في قائمة الهدافين، إلا أنه حقق في تلك البطولة رقماً قياسياً لم يتمكن أحد من تجاوزه حتى نهاية القرن الميلادي، وذلك حينما حقق خمسة أهداف في مباراة واحدة أمام قطر التي انتهت بفوز السعودية 7-0
شهدت نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات الميلادية مرحلة البناء الصعبة للمنتخب السعودي الشاب، فرغم أن الفريق تطور كثيراً في المستوى، إلا أن النتائج لم تتحسن بنفس الدرجة. وبعد أن فشل المنتخب في التأهل لنهائيات كأس العالم 1982 تحت إشراف البرازيلي مانيللي، تم استبداله ببرازيلي آخر هو الأسطورة زاجاللو (الذي كان مدرباً للنصر حينها). وواصل زاجاللو تطوير أداء المنتخب إلا أنه فشل في تحقيق أية نتائج ملموسة.
وأثناء دورة الخليج السابعة في عمان عام 1404 (1984) تعرض المنتخب لخسارة قاسية أمام العراق بنتيجة 4-0، ليقرر الاتحاد السعودي الاستغناء عن زاجاللو في خضم الدورة واستبداله بالمدرب السعودي خليل الزياني الذي لم يكن يمتلك أية خبرة دولية قبل ذلك، ورغم أن الجميع نظروا إلى الزياني كمدرب مؤقت لتسيير الأمور إلا أن "أبو إبراهيم" كانت له نظرة أخرى.
كان لحضور الزياني مفعول السحر، ففي المباريات الثلاث المتبقية في دورة الخليج حقق المنتخب إنتصارين وتعادل وقفز من المركز السادس إلى الثالث.
ورغم تحسن النتائج إلا أن الجماهير كانت تتطلع بخوف إلى مصير المنتخب في التصفيات النهائية لأولمبياد لوس أنجلوس 1984 التي ستقام في سنغافورة بعد أسابيع من انتهاء دورة الخليج التي خرج منها ماجد مصابا، كما أن خلافاً قبل دورة الخليج بين زاجاللو وكابتن المنتخب أدى إلى إيقافه عن المشاركة، هذا بالإضافة إلى إشراف مدرب معدوم الخبرة الدولية تقريباً على المنتخب.
ولكن على عكس كل التوقعات تألق المنتخب في تلك التصفيات وبهر جميع المتابعين الذين سبق أن استبعدوه من أية ترشيحات، وبقيادة المدرب الزياني تحقق الفوز على نيوزيلندا 3-1 ثم التعادل مع البحرين 1-1 ثم الفوز على الكويت 4-1 واختتمها بالفوز على كوريا الجنوبية 5-4، ليبلغ مجموع ما سجله 13 هدفاً، وشهدت تلك التصفيات بزوغ نجم جديد اسمه محيسن الجمعان الذي سجل خمسة أهداف في أول مشاركاته الدولية.
إلا أن الحضور الأكبر كان لماجد عبد الله الذي نهض من إصابته ليسجل ستة أهداف في المباريات الأربع، إثنان أمام نيوزيلندا واثنان أمام الكويت ثم اختتمها بهدفين في المباراة الحاسمة التاريخية أمام كوريا التي فازت بها السعودية 5-4 بعد أن كانت متأخرة 0-2 في الربع الساعة الأول.

ويتأهل المنتخب السعودي إلى الأولمبياد للمرة الأولى في تاريخه، وتتعرف آسيا على الفتى السعودي الأسمر صاحب الرقم 9 والأهداف الإعجازية.
ورغم أن التأهل إلى الأولمبياد قد لا يعتبر إنجازاً ضخماً بمقاييس اليوم إلا أن من عاصر تلك الفترة، فقط، يعلم أن الكرة السعودية لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه لولا توفيق الله ثم ذلك الانتصار، فقد كان الإنجاز الأول، وكان نقطة التحول في مسيرة الكرة السعودية.
في نهائيات الأولمبياد وبحكم أنها أول مشاركة سعودية على مستوى عالمي خسر الفريق مبارياته الثلاث، بما فيها مباراة البرازيل التي سجل فيها ماجد أول هدف سعودي على المستوى الدولي.
في شهر ديسمبر من نفس العام (1984) كان ماجد ضمن صفوف المنتخب السعودي الذي يشارك للمرة الأولى في تاريخه في نهائيات كأس الأمم الآسيوية الثامنة في سنغافورة، وكان على المنتخب هذه المرة أن يثبت أن إنجازه الأول بالتأهل للأولمبياد لم يكن صدفة أو ضربة حظ، وبالفعل واجه المنتخب منافسة قوية، فافتتح المشوار بالتعادل مع كوريا الجنوبية 1-1 حيث كان المنتخب خاسراً 1-0 مع نهاية الوقت الأصلي حتى تمكن ماجد من تحقيق هدف التعادل في الوقت الحرج، تلا ذلك الفوز على سوريا 1-0 والتعادل مع قطر 1-1 واختتم المرحلة التمهيدية بالفوز على الكويت 1-0، وفي نصف النهائي تجاوز الفريق الإيراني الصعب بعد ضربات الجزاء الترجيحية التي سجل ماجد أولها، ويتأهل ليقابل الصين في نهائي تاريخي حسمه السعوديون 2-0، وكان الهدف الثاني من نصيب ماجد، الذي ربما يعتبر أجمل أهدافه على الإطلاق.

لقد كان العام 1984 عاماً ذهبياً للكرة السعودية، فبعد حرمان طويل يحقق المنتخب بطولتين في عام واحد.
وعاد المنتخب السعودي في العام 1408 (1988) وفي دوحة قطر، ليحقق كأس أسيا للمرة الثانية على التوالي، تحت قيادة البرازيلي كارلوس البرتو بيريرا. ولأن المنتخب السعودي أصبح معروفاً على الساحة الآسيوية فقد واجه تحديات كبيرة في تخطي الفرق التي قابلته، فتعادل مع الكويت والبحرين وهزم سوريا والصين، وللمرة الثانية على التوالي يقابل إيران في نصف النهائي ويسجل ماجد هدفاً رأسياً لا ينسي ويتأهل المنتخب للمباراة النهائية أمام كوريا الجنوبية، وبعد مباراة قوية انتهت بالتعادل السلبي، تفوز السعودية بالكأس بالضربات الترجيحية 4-3 ، ويسجل ماجد أحد هذه الضربات.
ولازالت المجموعة التي حققت كأس آسيا للمرة الثانية، في نظر الكثير، أفضل تشكلية مثلت المنتخب السعودي في تاريخه من حيث تكامل وانسجام عناصره

وقبل ختام مسيرته الكروية نال ماجد عبد الله شرف مشاركة المنتخب السعودي في أكبر إنجازاته، ألا وهو التأهل لنهائيات كأس العالم لأول مرة ومن ثم التأهل إلى المرحلة الثانية من أكبر تظاهرة كروية عالمية.
ورغم أن ماجد كان مصاباً في معظم فترات مراحل التأهل إلا أنه شارك في آخر مباراتين في التصفيات التمهيدية أمام ماليزيا والكويت وسجل فيهما ثلاثة أهداف حاسمة عجلت بانتقال المنتخب إلى المرحلة النهائية من التصفيات التي أصيب في أول مبارياتها أمام اليابان ولم يكمل المشوار الذي انتهى بتأهل المنتخب لكأس العالم 1994 في الولايات المتحدة.
وبحكم خبرته وأقدميته، تشرف ماجد بحمل شارة قيادة المنتخب السعودي في أول ظهور له في قمة الكرة الدولية "كأس العالم"، وشارك في مباراة هولندا الافتتاحية ثم غاب عن مباراة المغرب، وعاد في مباراة بلجيكا التي انتهت بفوز المنتخب 1-0، ونقلته إلى المرحلة الثانية من كأس العالم كأعظم إنجاز للكرة السعودية في القرن العشرين.
وتشهد مباراة بلجيكا آخر حضور لماجد عبد الله في قميص المنتخب الأخضر، حيث اعتزل الكرة الدولية بعد عودة المنتخب إلى المملكة وتم إعلان ذلك في نشرة الأخبار الرسمية، وهو ما لم يحدث لأي لاعب قبله.

خزينة المواهب

من الصعب حصر المواهب التي امتلكها ماجد، فبالإضافة إلى المواهب الفطرية التي ظهرت ملامحها في بداياته، إلا أنه ومن وقت لآخر كان يبهر المتابعين بمهارات وفنون لم يشاهدوها من قبل، ولم يكن ماجد عبد الله ليستمر في الملاعب اثنان وعشرون عاماً لولا حيازته لحصيلة من المواهب كانت مداداً له طوال مسيرته الكروية.
كان حريصا على تطوير قدراته في كل مرحلة من حياته الكروية، فقد بدأ ماجد عبد الله في الحواري واشتهر كهداف سريع ومراوغ متخصص، إلا أنه بعد انطلاقته مع النصر أضاف مهارة التسجيل بالرأس وهي المهارة التي أتقنها لدرجة لم يكن يجاريه فيها أحد ومكنته من تحقيق العديد من الأهداف الجميلة والحاسمة.
ورغم اعتماده بشكل كبير على استخدام قدمه اليسرى في التسديد والمراوغة إلا أنه استطاع تغيير ذلك ونجح في تسجيل العديد من الأهداف بقدمه اليمنى، ثم أضاف بعد ذلك مهارة تسديد ضربات الجزاء التي أصبح متخصصاً في تسديدها مع النادي والمنتخب بنسبة نجاح عالية، لدرجة أنه في الفترة من عام 1399 إلى1408 لم يضيع مع النادي سوى ضربة واحدة فقط، وفي مرحلة لاحقة بدأ يستفيد من الأخطاء التي كان يحصل عليها من كثرة تعرضه للإعاقة من المدافعين، وذلك بتسديد الكرات الثابتة جوار منطقة الجزاء ونجح في إضافة رصيد لا بأس به من الأهداف الجميلة بهذه الوسيلة.
كما تميز ماجد بالهدوء حتى في أحرج فترات المباريات وكان هذا هو السبب الرئيسي في تمكنه من تسجيل عشرات الأهداف المنقذة في الثواني الأخيرة من المباريات المحلية والدولية.
إلا أنه قبل سرد كل هذه المهارات يجب الإشارة إلى أن أهم مواهب ماجد هي ذكاؤه، فقد كان يعرف متى يجري خلف الكرة ومتى يتركها وكيف يتمركز في منطقة الجزاء ويهرب من رقابة المدافعين، ويعرف أي التمريرات والكرات العرضية أو العالية التي يمكن أن يسجل منها، لذا كان يستطيع الحفاظ على مجهوده حتى آخر لحظات المباريات.

مـاجـد والروح الرياضية

فوق كل ما جمعه ماجد من مواهب وقدرات ومهارات، فقد تحلى طوال مشواره الكروي بالروح الرياضية.
كان كل تركيزه ينصب دائماً على كيفية إفادة فريقه ومتى يجد اللحظة المناسبة لتسجيل أو صنع هدف، ولم يلق بالاً لأية مناوشات جانبية مهما كثر الاستفزاز من قبل المدافعين العاجزين عن إيقاف زحفه نحو المرمى.
لم يكن ماجد يوماً ما كثير الصراخ في الملعب بسبب أو بدون سبب سواءاً على زملاءه كما يتباهى بعض اللاعبين، أو حتى على لاعبي الخصم وكانت اللغة الوحيدة التي يجيدها هي الأهداف.
واحتفظ ماجد بعلاقات طيبة مع جميع لاعبي الفرق الأخرى والحكام ونادراً ما بدأت مباراة محلية دون أن يصافحه لاعبي الفريق الآخر وحكام المباراة.
ومن أمثلة روحه الرياضية ما حدث في مباراة نادي النصر مع نادي أُحد حينما سدد ماجد كرة من جانب المرمي مرت خارج الخط إلا أن أنها دخلت المرمى بسبب ثقب في الشباك، فاحتسب الحكم الهدف، مما سبب احتجاجاً من لاعبي أحد وبينما الحكم وحكم الخط في نقاش حاد مع لاعبي أحد، يتدخل ماجد ويوضح للحكم أن الهدف غير صحيح وبالفعل يلغى الهدف وتهتف الجماهير لماجد وكأنه سجل هدفاً.
وطوال أربعة أعوام 1401-1404 حظي ماجد بلقب اللاعب المثالي على مستوى المملكة الذي يمنحه الاتحاد السعودي لكرة القدم.
كما اختاره الإتحاد العربي لكرة القدم عام 1999 سفيراً للعب النظيف.
وطوال مشواره الذي امتد لاثنين وعشرين عاماً لم يحصل ماجد على كرت أصفر سوى مرتين فقط، والأحمر مرة واحدة وكان خطأ من الحكم الذي لم يقدر أساس اللعبة. أما بالنسبة للاعبين الذين حصلوا على كروت حمراء وصفراء بسبب محاولاتهم اليائسة وخروجهم عن الروح الرياضية لإيقافه، فتعجز الذاكرة عن حصرها.

صديق الشباك

كيف كان يسجل الأهداف؟ لقد كان ماجد يجسد وبكل بساطة أنموذجاً لما يجب أن يكون عليه المهاجم الهداف.
فجزء كبير من أهدافه سجله بانطلاقات سريعة كالبرق خلف تمريرات طويلة يتجاوز خلالها المدافعين وفي معظم الأحيان يختتمها بتوديع الحارس بعد إرساله إلى البساط العشبي ثم يضع الكرة في المرمى الخالي، وهو ما عرف لاحقاً بهدف التخصص، كما سجل كماً كبيراً من الأهداف بواسطة ضربات رأسية محكمة يسددها من كل الأماكن في منطقة الجزاء مهما ضايقه المدافعون.
وكان أحد مصادر أهدافه ضربات الجزاء كنتيجة للإعاقات التي يتعرض لها من المدافعين أو الحراس أثناء انفراده بالكرة، وأضاف لها لاحقاً تسديد الأخطاء جوار منطقة الجزاء. ولأنه كان يجيد التمركز داخل المنطقة فقد سجل العديد من الأهداف بحسن تصرفه في أضيق الأماكن.

لقد كان لأهدافه سحراً خاصاً بها، فحتى لو سجل لاعب هدفاً بأسلوب يشبه أسلوب ماجد إلا أنه لا يمكن أن تكون له نفس النكهة التي تميز أهداف ماجد.

هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟

نعم وبلا شك. فرغم أن مسيرة ماجد كانت مكللة بالعديد من الإنجازات، إلا أن بعض العوائق وقفت أمام تحقيق المزيد.
أول هذه العوائق هو الإصابات التي حرمته من المشاركة في العديد من البطولات القارية والمحلية، ففي الكثير من المسابقات كان يبدأ بداية قوية ثم فجأة وبعد مباراة أو اثنتين يصاب ويعجز عن إكمال المشاركة، كما تعرض للعديد من الإصابات القاسية التي أدت إلى غيابه لفترات طويلة عن النادي والمنتخب وصلت في بعض الأحيان إلى عامين متواصلين.

العائق الثاني هو إتحاد كرة القدم الأسيوي الخامل الذي لم يكن يكلف نفسه عناء مكافأة الأندية أو اللاعبين البارزين في القارة، فبينما كان ماجد يحقق الإنجاز تلو الإنجاز في الثمانينيات الميلادية مع بلاده وناديه، كان الإتحاد الآسيوي يغط في سبات عميق فلا يقدم تصنيفاً بأفضل لاعبي القارة للشهر أو العام ولا ينظم بطولة للأندية الآسيوية الأبطال.

ولم يستيقظ الاتحاد الآسيوي إلا في منتصف التسعينيات الميلادية، حين اقترب ماجد من نهاية مسيرته الرياضية ورغم ذلك استطاع تحقيق لقب لاعب الشهر الآسيوي مرتين، في يونيو 1995 وكان أول شهر تمنح فيه الجائزة، ومرة أخرى في يناير عام 1997.

وعائق آخر كان عدم سماح الاتحاد السعودي لكرة القدم باحتراف اللاعبين خارجياً، فلو أعطيت لماجد وزملاءه نجوم الثمانينيات فرصة الانتقال إلى مسابقات أقوى على المستوى الآسيوي أو ربما الدولي، لتمكن ومن دون جدال، من الوصول بمستواه إلى درجات لا يمكن تخيلها.
ومن طرائف الصدف أن الاتحاد السعودي أصدر قراره بالسماح بالاحتراف الخارجي في عام 1418 وهو نفس عام الذي اعتزل فيه ماجد الكرة.





عميد لاعبي العالم
في العام 1995 أًعلن عن تربع ماجد على قمة نادي المائة برصيد 147 مباراة، وهو ناد يضم اللاعبين الذين مثلوا بلادهم على المستوى الدولي في مائة مباراة أو أكثر من الفئة (أ)،
وفي العام 1996 أكد الاتحاد الدولي في نشرته صحة البيانات التي وضعت ماجد في الصدارة.
إلا أنه بعد ذلك بعامين أعاد تدقيق القائمة وألغى سبع مباريات من رصيد ماجد ليتراجع إلى المركز الثاني، بحجة أن هذه المباريات لا تصنف ضمن الفئة (أ) ثم ألغيت مبارة أخرى ليصبح رصيده 139 مباراة، إلا أنه حتى برصيد 139 مباراة يضل ماجد متصدر القائمة في الفترة (1995-1998)، حيث أن أقرب منافسيه كان لديه 138 مباراة فقط. ولا يزال ماجد في القائمة رغم اعتزاله دوليا منذ سنوات ورغم أن غالبية المتقدمين في القائمة لا زالوا يمثلون فرقهم حتى الآن.
ورغم أن القائمة لا تعني الكثير في الواقع، من حيث أنها ليست مؤشراً لتحقيق الإنجازات أو عدد الأهداف مثلا، إلا أن التواجد في القائمة يعطي اللاعب الفرصة ليكون معروفا، ولو بالاسم، على المستوى الدولي.

كما جرى تصويت على أفضل لاعبي القرن في آسيا وحل ماجد ثالثاً في القائمة وأعطي جائزة خاصة بذلك.

ماجد وجماهيره

يتفرد ماجد عن جميع لاعبي السعودية بأن له جماهيره الخاصة به، حتى ولو لم يكونوا من جماهير نادي النصر، وكان البعض لا يتابع المباريات المتلفزة إلا أن سماع اسم ماجد كان يكفي لجذب انتباههم، كان الكثير منهم يشترون تذاكر الدخول لمباريات النصر أو المنتخب، وما إن يعلموا أنه لن يشارك في المباراة يغادرون الملعب فوراً.لقد كانت جماهيره تضع أملها وثقتها فيه، وتنتظر منه أن يغير نتيجة أي مباراة حتى ولو وصلت لثوانيها الأخيرة. ورغم أن ذلك سبب ضغطاً نفسياً كبيراً أثر عليه طوال حياته الرياضية، إلا أنه قليلا ما خيب آمالهم.
وخلال حياته الرياضية أطلقت عليه ألقاب عديدة، أشهرها: السهم الملتهب، جلاد الحراس، جوهرة العرب، هداف العرب، عاشق الأهداف، بيليه الصحراء، الغزال الأسمر، عـميد الألقـاب، الرأس الذهبية، الطوفان، العـمـيـد، المتخصص، قـمـر النجـوم، الرمـح السـعودي، المنـقـذ، القناص، كبـيـر الهدافـين، السحابة رقم 9، جوهرة الكرة الآسيوية.

وانطفئ اللهب

شهد البساط الأخضر في استاد الملك فهد الدولي بالرياض مساء الأحد 15/12/1418 (12/4/1998) آخر مباراة لماجد عبد الله، وكانت على نهائي كأس الكؤوس للأندية الآسيوية، الذي فاز به النصر بعد تغلبه على سامسونج من كوريا الجنوبية 1-0، وكان ذات الملعب قد شهد قبل ذلك بيومين آخر هدف ماجدي، في نصف نهائي البطولة أمام كوبيتداج من تركمانستان الذي انتهى للنصر 2-1، حين سجل بيمناه الهدف الثاني في نهاية الشوط الأول، ليسدل الستار على أعظم قصة إبداعية شهدتها الملاعب السعودية.

في يوم الجمعة 20/12/1418 أعلن ماجد اعتزاله رسميا، وكتكريم له قررت إدارة نادي النصر تعليق الرقم "9"، بحيث لا يرتديه بعده أي لاعب نصراوي، إلا أن تغيير إدارة الفريق أدى إلى أعادة استخدام الرقم 9 من جديد بعد أكثر من عامين من