تشرفت بحر الأسبوع ما قبل الماضي بزيارة مشروع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ضاحية – ثول – شمال مدينة جدة برفقة مجموعة من الإخوة الكتاب والمثقفين الذين شاهدوا فكرة مثيرة ومدهشة وإن اختلفوا على الأسئلة حول المشروع. خرجت من يوم الزيارة بأبرز أسئلة الإخوة الزوار التي لم تخرج من دائرة ثلاثي الأسئلة التالية: الأول، كيف يرأس سنغافوري من أصل صيني جامعة سعودية، والثاني، عن حجم ميزانية المشروع التي يعتقد البعض قبل الزيارة أنها شيك مفتوح، والثالث عن فتح الجامعة أبوابها للاستقطاب المدفوع لطلاب من كل جنسيات الدنيا فيما الفرصة أمام السعودي مفتوحة فقط للقادرين على المنافسة بذات المعايير التي طرحتها الجامعة أمام الجميع. وعدا عن سؤال التكلفة الذي سأتركه للقائمين على المشروع فسأحاول الإجابة عن بقية السؤالين: ما الذي يمنع استقطاب مدير أجنبي لجامعة سعودية ولماذا نكون أكثر حساسية مع الفكرة رغم أننا نعلم تماما أن أكبر خمسين شركة سعودية في القطاع الخاص تدار علنا أو خفية تحت ستار – الياقة – المستوردة. ما الذي يمنعنا من التجربة لإسناد إدارة جامعية واحدة لخبير أجنبي تم اختياره من بين 120 ملفا مطروحا لأسماء عالمية في حقل الإدارة الجامعية ولماذا لا يكون هذا الخيار الذي ذهبنا إليه دعوة للتنافس ما بينه وما بين 20 سعوديا يديرون اليوم جامعاتنا السعودية. السؤال الذي لم يطرحه أحد: كيف ساهمت العقلية البيروقراطية لمفهومنا في الإدارة في قتل عشرات المبدعين من أبنائنا الذين أشك أن واحدا منهم يحمل نصف سيرة صاحبنا – الصيني – المستورد؟ وجوابا على السؤال الثالث حول استقطاب الطلاب من جنسيات عالمية سأقول: ولماذا لم توجهوا ذات السؤال للجامعة الإسلامية التي دأبت ذات النهج منذ ليلة الولادة قبل عقود خلت؟ لماذا يتسع هذا البلد لكتائب العمال والسباكين وبائعي الخضار ومحترفي ملايين البيع بالتستر؟ ولماذا هذه الحساسية مع بضع مئات فقط من العقول العالمية المبدعة التي جاءت لتعمل في مراكز بحث متقدمة ولم تكن لنا ذات الحساسية مع بلد يستوعب مليوني مقيم غير نظامي ناهيك عن ملايين النظاميين الذي يسيطرون بالنظام على سوقنا، وبدون تعميم، يؤثرون سلبا على ثقافتنا ونسيجنا الاجتماعي.