في لقاء مع الرياضية السعودية، خلال "عجَّة" انتقال "ياسر" من نادي القادسية، قال والده/ "سعيد القحطاني": أموال الدنيا لا تعنيني، مايعنيني هو صلاح أبنائي، وحفاظهم على سمعتي وسمعة أسرتي! وأضاف أن "عبدالحكيم" ـ الشقيق الأكبر لياسر ـ كان أبرع منه في كرة القدم، لكنه ـ أي الأب ـ منعه من مزاولتها في نادٍ معروف، خوفاً عليه وعلى مستقبله، فقد كانت ممارسة كرة القدم تعني الضياع و"الدشرة"، عند أكثر الأسر في مجتمعنا المحافظ!
هذا الرجل الفاضل حقاً، هو نفسه الذي تحدث "للوطن" يوم الأربعاء الماضي، بمرارة "مفقوعة" عن الشائعات التي مازالت تطارد "ياسر"، أينما حل، حتى غدا لا يستغربها، بل الغريب أن لا يطير ذباب الشائعات، مشوشراً عليه وعلى أسرته بطنين الأكاذيب! ورغم أنه لا يخفى على رجل مثله أن ذلك من ضرائب الشهرة، إلا أن الواضح من كلامه: أن الطنين أصبح فوق احتماله، فتنهد بحسرة : "حسبنا الله ونعم الوكيل"، ولسان حاله يقول: خذوا كل ماجناه "ياسر" من الشهرة، مادياً ومعنوياً، واتركونا نهنأ براحة البال، وصلاح العيال، فهي بالنسبة لكل أب فاضل مثله: رأس المال ولو كان "أصلع"!
إلى هنا، والموضوع لايعدو كونه تعليقاً متعاطفاً بشدة مع الأب، الذي لم نكن لنعرفه لولا شهرة ابنه، وهو ليس إلا نموذجاً يؤكد أن المؤمن يبتلى في أعز ما يؤمن به، وهو هنا: الفضيلة؛ فحتى في "تحسُّبه" يبدو كأنه يتحدث إلى "أبي أيوب الأنصاري"، وزوجته "أم أيوب" عند انتشار الإفك عن سيدتنا "عائشة"، فقبل أن ينزل الوحي ببراءتها، سأل أبو أيوب أمَّ أيوب: لو كنتِ مكان عائشة هل تقترفين مايؤذي عرضي؟ فقالت: حاشا لله! ثم سألته بدورها: ولو كنت مكان "صفوان"/ الصحابي المتَّهم بالإفك، هل كنت تخون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أهله؟ فقال: لا والله! ثم أضاف: عائشة خير منك، وصفوان خير مني، فوالله لا يصح مثل هذا الإفك! وفيهما نزلت الآية الكريمة في سورة "النور": {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً، وقالوا هذا إفك مبين}! ولكن الشائعات ـ التي مازالت تحوم حول تورِّط ياسر، منذ انتشر خبر مداهمة الاستراحة المشؤومة ـ تؤكد أننا أقرب إلى "العصبة" التي جاءت بالإفك، من أخلاق "أبي أيوب"، و"أم أيوب"! وأننا لسنا حتى في مثل مجتمع "يوهان كرويف"، و"باولو روسي"، و"مارادونا"؛ حيث يتعايش "النجم" مع الشهرة طبيعياً: فكما يتمتع بحلاوتها مادياً ومعنويا، تلسعه نارها، دون أن تحرق نفسيته وأعصابه، ناهيك أن يطال "لسانها" سمعة أهله!
إن تعاطينا مع مثل هذه الحادثة يؤكد أننا لسنا مجتمع الشائعات وحسب، بل ويدغدغ فينا شهوةً عجيبة غريبة للشماتة، وحباً جنونياً للفضائح! فهل يعود ذلك إلى الفراغ الذهني الذي نعانيه؟ أم يصدق علينا قول الزميل/ "أبي الطيب الكذاذيبي":
إذا ساء فعلُ المرء ساءت ظنونُه * وصدَّق ما يعتادُه من تَوَهُّمِ ؟