حوار مع الدكتور أحـمد عدنان "أخصائي جراحة الجملة العصبية في مركز العلوم العصبية في بغداد".
أجرى الحوار الدكتور عماد عطا البياتي
د. عـماد: هل المعلومات المتوفرة حاليا بخصوص علم الأعصاب قد استكملت بشكل نهائي؟
د. أحـمد: لعل افضل من يجيبنا على هذا السؤال هو عالم الأعصاب المعروف ديفيد أوتوسون ـ صاحب كتاب علم وظائف الأعصاب ـ حيث يقول في مقدمته "يستحيل على علماء الأعصاب في يوم من الايام، لا في الوقت الحاضر ولا في المستقبل، أن يسبروا أغوار الدماغ ويكتشفوا أسراره بشكل نهائي وقطعي، وذلك لأن الدماغ البشري لا يستطيع أن يفهم نفسه".
د. عـماد: يعتقد قسم من الناس أنه من الممكن مستقبلا أن يتفوق الحاسب الآلي على العقل البشري في أدائه. فما هو رأيك في هذا الإعتقاد.
د. أحـمد: قام العالم هانز هوفاك ـ وهو عالم متخصص في علم الأعصاب وعلم الحاسبات في آن واحد ـ بعقد مقارنة بين أحدث الحاسبات في سنة 2000م وبين الدماغ البشري، وهو في مقارنته هذه لم يستقطع جزءً من الدماغ ليقوم بمقارنته مع الحاسبة الآلية الحديثة وإنما لجأ إلى شبكية العين وذلك للتعقيد الشديد لأجزاء الدماغ، اعتماداً على الحقيقة التي تقول بأن شبكية العين هي جزء ممتد من الدماغ إلى مؤخرة العين. وكانت نتيجة المقارنة
ـ حسبما تمخضت عنه تجربة هذا العالم ـ أن الحاسبة الآلية الحديثة تحاكي في كفاءتها دماغ نملة واحدة، وإذا استمر خط التطور للحاسبات على النحو التصاعدي الحالي فمن المؤمل أن تصل الحاسبة في كفاءتها إلى مستوى دماغ ابسط الزواحف (الوزغ) بعد أربعين سنة ( أي في سنة 2040م).
أما عن الدماغ البشري فلا يستطيع علم الحاسبات في الوقت الحاضر ولا في المستقبل إنتاج حاسبة تساوي في مقدرتها الدماغ البشري، ذلك لأن الدماغ البشري يساوي في كفاءته مليون حاسبة متطورة تعمل في نفس الوقت، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار القدرة الكهربائية المستهلكة من قبل هذه الحاسبات وهي تعمل مجتمعة، فإنها ستستهلك ما يقارب من 100 ألف أمبير، في حين أن دماغا بشريا واحدا يستهلك 6 واط في الدقيقة الواحدة (0.1 أمبير).
د. عـماد: هل نفهم من هذا أنه من الممكن علمياً عقد مقارنة بين الدماغ البشري وبين الحاسب الآلي؟ وإذا كان الدماغ البشري متفوقا في أدائه على الحاسب الآلي في الوقت الحاضر، فإنه من الممكن مستقبلا أن يحدث العكس؟
د. أحـمد: حاول العلماء في الستينيات من القرن الماضي ـ في مراكز أبحاث العلوم العصبية الأمريكية ـ صناعة أسلاك تضاهي في قابلياتها الألياف العصبية، فوجدوا بعد دراسة معمقة دامت سنين طويلة أن مقاومة ليف عصبي واحد بطول متر واحد (أي من الحبل الشوكي إلى أخمص القدم) تساوي مقاومة نظيره من النحاس لكن بطول يساوي المسافة بين الأرض والمريخ عشر مرات !!! (أي 10×1300 ألف كم).
والإعجاز في ذلك ليس في هذه المقاومة فحسب، وإنما يتجلى في حقيقة أن سلكا بهذه المسافة الكونية لو أرسلت في بدايته إشارة بقوة ألف فولت فإنها ستتبدد في هذه المسافة الطويلة، ولا يصل منها شيئا إلى الطرف الآخر. في حين أن الإشارة التي ترسل من الحبل الشوكي بقيمة 100 ملي فولت (0,1 فولت) ستصل دون أن تفقد شيئا من الطاقة إلى نهاية الليف العصبي في القدم.
إن هذه الحقيقة اضطرت هؤلاء العلماء إلى القول باستحالة تقليد ليفاً عصبياً واحداً..
فدع عنك كلام من يقول بتقليد الدماغ بخلاياه وأليافه ووظائفه البالغة التعقيد حد الإعجاز. بسم الله الرحمن الرحيم: ((هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين )) (لقمان: 11). يتبع
التعديل الأخير تم بواسطة سعيد سداح / العقيد ; 20-07-2009 الساعة 02:34 PM.