21-02-2010, 11:54 PM
من يدق المسمار في نعش العدل؟
صحيفة الوطن السعودية
الجمعة 28 صفر 1431 ـ 12 فبراير 2010 العدد 3423 ـ السنة العاشرة
من يدق المسمار في نعش العدل؟
أحمد بن عبدالعزيز ابن باز
عندما تمارس مع شخص جميع الأساليب والطرق غير الشرعية وغير النظامية في التوقيف والتحقيق والحبس والتجريم، عندما يُوقف شخص ويسجن من غير قضية ثم يبحث له عن قضية، عندما يكون توقيفه ليس له مدة معلومة ولا لنهايته أمد محدد، عندما تصبح أسرة المتهم متهمة وتوقف حساباتهم المالية وتعطل أعمالهم التجارية لسنوات ويتعرضون للإفلاس بلا حكم قضائي ولا مسوغ نظامي، عندما يصبح الأصل والفصل هو مدار التحقيق ومناط الحكم، عندما يحكم القضاء ويعلن براءة المتهم ويأمر بإخراجه من السجن ولا يتم تنفيذ الحكم القضائي والفصل الشرعي لعدة أشهر أو سنوات؛ عندما يقع ذلك فهناك موظفون فاسدون وهناك من يسيء استخدام السلطة وهناك من يستغلها لأغراض خاصة وهناك من يضيع الأمانة وهناك من نصّب نفسه قاضيا وهناك من يفسر الأنظمة التي وضعت ضمانة للعدالة وحفظا للحقوق حسب مزاجه وهناك من يلوي أعناق الأنظمة ونصوصها لتوافق هواه وهناك من يضرب بها عرض الحائط. إنهم بحق عنوان الفساد، إنهم بحق المجاهرون بالرذيلة يا حماة الفضيلة، إنهم بحق من يسيء إلى هذا الوطن وهذه الدولة حكومة وشعبا، إنهم بحق من يشوه سمعتنا، إنهم بحق هامة الظلم التي تستحق ضربة الإمام العادل.
إن أهم المراحل في رحلة القضاء والتقاضي والبحث عن العدالة ورفع الظلم ودفعه والمحك الحقيقي والمعيار الدقيق لمستوى وكفاءة الأجهزة وكفاية الأنظمة للوصول للغاية المنشودة هي الجهات التنفيذية التي تتولى قبل التقاضي عملية البحث والتحقيق والقبض والتوقيف ويأتي بعدها التنفيذ والإلزام والذي هو ثمرة العملية القضائية ونتيجتها، فأي خلل أو قصور أو تعدّ أو تعسف أو تداخل في الصلاحيات أو استغلال للسلطة لدى الجهات التنفيذية سوف ينعكس بشكل مباشر ويؤثر بشكل سلبي ومُضرّ بل ومدمِّر على القضاء وعملية التقاضي والذي يجب أن يكون مستقلا وبعيدا عن المؤثرات، وأحكامه واجبة النفاذ، وألا يمارس أو يتقمص أحد أو جهة دوره؛ لتتحقق الغاية الكبرى والمقصد الأعظم وهي العدالة التي قامت عليها السموات والأرض والتي هي ناموس الكون وأسُّ الحضارة.
إن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء وما أنفق عليه من أموال وما جند له من جنود وما بذل في سبيله من جهود وما علِّق عليه من آمال وكل مشاريع التطوير وخطط النهضة وبرامج التنمية وجهود المخلصين والمصلحين من قادة هذا الوطن وأبنائه وكل التضحيات المغلَّفة بالألم والمشحونة بالأمل سوف تبقى بلا قيمة إذا كان هناك موظف حقير بجرة قلم يستطيع أن يسجن ويعاقب ويسلب الحرية في النفس والمال ويماطل في تنفيذ الأحكام القضائية أو يمتنع عن التّقيُّد بالإجراءات النظامية أو يقرؤها بأكثر من سبع قراءات لمجرد أنها لم تعجبه أو لم توافق هواه أو بينه وبين أحد (وقفة نفس) أو لأي سبب كان؛ ليهدم بذلك حضارة أمة ومشاريع وطن ومستقبل أجيال، وكما قال الشاعر:
ولو ألفُ بانٍ خلفه هادمٌ كفى
فكيف ببانٍ خلفه ألفُ هادم
ولنكن على يقين بأن هؤلاء لم يجرؤوا على ذلك إلا لأنهم يعلمون أنهم بمأمن من الحساب فضلا عن العقاب.
هؤلاء وأمثالهم وكل من يساعدهم أو حتى يسكت عن أفعالهم أو يستسلم أمامهم هم من يدق المسامير في نعوش العدل والعدالة.
ولكن أبشروا فالأمل بالله معقود ثم بولاة أمرنا ليكشفوا ستر هؤلاء ويفضحوا أمرهم ويقدموهم للعدالة لينالوا جزاءهم وليكونوا عبرة لكل من تجاوز الأنظمة أو فسرها حسب هواه أو تعنت وماطل في تنفيذ الأحكام القضائية ولكل من يظن أن منصبه تشريف لا تكليف ولكل من أُعطي سلطة فأساء استخدامها أو أمانة فضيّعها ولم يقم بحقها.
حقوق الطبع © محفوظة لصحيفة الوطن 2007
======================
تعليقي
هذا هو الأمل الذي نتمسك به والذي بعثه في نفوسنا رجل العدل والإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز الرجل العادل المنصف , مرت سنين من الظلمات في القضاء وفي كثير من دوائر خدمة الناس كان عنوانها الجمود والعنصرية والتعصب والإفتراء ولكن آن الأوان ليعرف الناس أن القضاء والوظيفه بصفة عامه أمانة كبيره وثقيله وليست خاضعة لهوى أو مزاج فلا علاقة لغضب القاضي أو هواه أو مزاجه بحكمه يجب أن يتجرد القاضي من الإستسلام لأي مؤثرات وألا يجعلها متكأ لأخطائه كما أن على جميع موظفي الدوله أن يعلمون أن مهام عمل كل منهم تكليف لا تشريف كمال جاء في صلب المقال .
الدكتور أحمد الباز رجل جريئ على قول الحقيقه فقد قرأت له عدة مقالات أراه من خلالها متجرداً من طأطأة الرأس التي عهدناها في كثير ممن كان يجب عليه قول الحق مهما كانت صعوبته .
التوقيع: