إذا صك الصايح وفاضت البنادق (يا عوال العون)
وفي البدابه لا بد أن نعرف هذا النداء (ياعوال العون)الذي ينم عن وقع الضيم وغلبة الرجال وضعف الحال للمستصرخ فهو نداء لكل من ينصر المظلوم و يحمي حمى القبيلة والضعيف الذي لا حيلة له.
نحن من قديم الزمن أهل الفزعه ورد الخطأ وناصرين المظلون وسوف أعطيكم قصة لأجدادكم الشجعان حامين الحمى.
في يوم من الأيام صك الصايح من أعالي الجبال الشامخه في تمنية لقرية لحيفه وقرية القارية وسمعوا وتناقلوا ذلك الصوت من أعلى الجبل وبين المزارعين حتى وصل القريتين (يا عوال العون) فتوجهوا جميعاً لمصدر الصوت ويهم ينسلون من كل حدب وصوب ويتركون كل ما في أيديهم من زرع يُزرع ومعول يَعدِل الماء وساقي يسقي وحافر يحَفر وكل باني يبنى جدار ، وتوجه كل شاب وشيخ من في القريتين وكل رجل يو صي أهله وبناته بإغلاق المنازل عليهم وحملوا أسلحتهم ثم إعتلوا جبل الشامي ويهم يتواصون يقودهم شيخهم ويحكمون العقل ، ويتواصون بعدم التسرع وإطلاق النار.
ثم نزلوا محاجرهم في اللّحي وإذا بقبيلة قد إعتدوا على بعض (السواري) للبناء وقطعتها ويريدون حملها ، فهجموا عليهم هجمة رجل واحد فإذا بالقوم يهربون جميعاً ، فلحقوا برجل منهم وأمسكوه وأخذوه أسيراً وكان إبن شيخ القبيلة المعتدية ، ثم رجعوا وقد حملوا تلك الأخشاب على أكتافهم.ويهم ينشدون دمات النصر والعزة صاعدين أعلى جبال في تمنية ونازلين السهول حتى وصلوا أعلى قرية لحيفه وقد حل الظلام عليهم فلم يصلوا إلا بعد العشاء لكن أصواتهم تنير طريقهم وهم يهللون ويكبرون وقد التقى بهم بعض الرجال الذين لم يحالفهم الحظ وكانوا خارج القبيلة بأتاريك لإضائة الطريق لهم ثم نزلوا الوادي وصعدوا لقرية القارية.ويذكر أنه لم يبقى في القريتين إلا الأطفال والنساء. ولم ينسوا أخلاقهم العربية الأصيلة فقد ذبحوا للأسير وأكرموه .
وفي اليوم التالي ذهبوا للقبيلة المعتديه ومعهم الأسير وإستنكروا عدم حفظ الجوار والخطأ ، وأخذوا على أيديهم وبينوا لهم أننا لن نعفو في المرة القادمه.
ويذكر كبار السن أنه يكفي أن يسمعوا طلقة من بندقية لينطلقوا إلى مصدر الصوت لان السلاح لا يستخدم إلا لأمر هام كإستصراخ أو دعوه في وقت السلم لضيف حل على القبيله جميعاً فيكفي أن يرمي من امام باب المضيف بطلقة ترحيبية وتعتبر إخبار الجيران بوجود ضيف ، أو في الزواجات للترحيب بالضيوف بطلقات بسيطة وفي أهداف (أنصاع) يضعونها قبل الزواج للتحدي بينهم من يسقطها.
وأذكر أني سمعت هذا النداء (يا عوال العون)أنا وشخص معي ونحن قريب من وادي لحيفه من إمرأة وهي تصيح بأعلى صوتها (يا عوال العون) وتبكي بكاء لم أسمع مثله في حياتي فإتجهنا إلى مصدر الصوت وقطعنا الوادي فإذا بنا نجدها وقد جثة على رُكبَتيّها ، وأما مها زوجها وقد سقط من أعلى شجرة كان قد إعِتَلها يقطف منها لغنمه بما يسمى (بالهدال) وقد ساح الدم وملأ المكان وقد توفي يرحمه الله تعالي ، فجلسنا نواسيها ،وكان ذلك الموقف من أحزن المواقف التي مرت عليّ في حياتي التي لا أنساها أبداً ، كلما مررت بذلك المكان. وما هو إلا قليل وحضر من في القرية وحملوه وصعدوا به للقرية وغسلوه ودفنوه رحمه الله تعالي.
وأنا و رفيقي معهم وقد قال كلمه لا أنساها أبداً فقال لي (رحمه الله والله أعلم من التالي) وكان هو من توفي بعده رحمه الله في السنه التاليه بحادث أليم أمامي لا أنساه ما حييت ولا أنسى وجه الطاهر و شهامته ورجولته عسى أن نجتمع نحن وأياكم معه في جنة النعيم ، رحمنا الله جميعاً فكلنا مودعين.
وأرى كثير من الشباب عندما يسمع شئ في هذا الزمن يغلق الباب ويقفل الأنوار ولعله يؤثر النوم على أن يخرج ويقول أمن وأمان ؟؟
أتمنى أن أكون وفيت المعنى بطرحي المتواضع وعدم تجريح اي قبيله أو جار ولكن الحقيقة لاتخفى ، او قلبت المواجع لأحد ، ولنعلم لماذا نقول عن أجدادنا أهل نخوة ورجولة وكرم وشجاعة وعساي وصلت للمراد بخاطرة أيقضة خواطري.
محبكم المهلهل