لم أتعجب كثيرا عندما قرأت أن المملكة العربية السعودية تحتل المركز الرابع عالميا بكمية الأموال التي يضخها العمالة الوافدة خارج السعودية ، إذ بلغت أكثر من 15 مليار سنويا !
إنما الذي يدعو للعجب بحق هو ما نراه من بطالة تزداد بشكل غير طبيعي بين أفراد مجتمعنا !
والجميع يدعو ويطالب بوظيفة حكومية .
ومع إيماني بشرعية ما يطالبون به ، فلهم على وطنهم حق ، كما لوطنهم عليهم حق ، إلا أن ما يحز في النفس حقا هو الاستسلام والخنوع إذا لم تتوافر الوظائف .
أرأيتم تلك العمالة الوافدة ، من أين استطاعوا تجميع هذه المبالغ الضخمة ؟
أليس من ثروات بلادنا ؟
مشكلتنا أيها الأحبة أننا شعب كسول ، نريد الحصول على ما نريد دون أن نكلف أنفسنا جهد البحث والتعب .
أذكر أن لي صديقا كان يمتلك مؤسسة مقاولات ، وكانت أموره ممتازة جدا ، بدأ يتثاقل عن العمل شيئا فشيئا ، حتى سلم أموره للعمالة التي لم تأل جهدا في جميع فرص النصب والاحتيال بكل ما تعنيه الكلمة إلا من رحم الله وقليل ما هم ، حتى بدت مسيطرة على المؤسسة ، وبدأوا هم يفاوضنه هل تقبل نعطيك 25% ؟ وإلا فانقل كفالتنا ، فلا حاجة لنا بالعمل معك .
المهم أنه ألغى المؤسسة ، وبحث عن وظيفة بمرتب لا يتجاوز 1800 ريال شهريا !
والكثير الكثير من شبابنا على هذا المنوال .
انظروا إلى أغلب المطاعم والبقالات والمغاسل وووو ، أغلبها تديرها العمالة ، وإن كانت ظاهريا باسم صاحبها السعودي المسكين الذي يكتفي ب500 ريال يتصدقون عليه نهاية الشهر باسم إيجار المحل .
أعلم أن أكثر العمالة لا يتحمس للعمل إن كان يعمل بالراتب ، ولكنني أجزم بأننا نحن من جرأهم على ذلك ، ولو أن كل واحد منا قام بتسفير كل من فكر بهذا التفكير وتهاون بالعمل لأجل أنه يعمل بالراتب ، لما رأينا هذه السيطرة أمام أبصار الجميع وبمعرفة الجميع .
أخيرا أيها الأحبة هذه همسة أرجو أن تقبلوها بصدر رحب :
يتحجج أكثرنا بأنه لا يملك سيولة لإقامة مشروع ، وأقول له : فلتبدأ من الصفر واعلم أن الله سيبارك لك في رزقك .
ولا تنس حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا من الْأَنْصَارِ أتى النبي صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ فقال أَمَا في بَيْتِكَ شَيْءٌ قال بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فيه من الْمَاءِ قال ائْتِنِي بِهِمَا فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا صلى الله عليه وسلم بيده وقال من يَشْتَرِي هَذَيْنِ قال رَجُلٌ أنا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قال من يَزِيدُ على دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا قال رَجُلٌ أنا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وقال اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إلى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فيه رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُودًا بيده ثُمَّ قال له اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ ولا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وقد أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هذا خَيْرٌ لك من أَنْ تجىء الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً في وَجْهِكَ يوم الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إلا لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أو لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أو لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ (سنن أبي داود ج2/ص120