بسم الله الرحمن الرحيم
محمد بن أحمد بن علي بن مغني
رحمه الله رحمة واسعه
اليوم 21 / 11 / 1434هـ مضى عام كامل على وفاة أخي وحبيبي وصديقي ( محمد بن أحمد بن مغني ( أبو موسى ) رحمه الله رحمة واسعة وفسح له في قبره مد بصره عرفته معرفة جيدة في مكة المكرمه . لم أكن أعرف عنه شيئاً في ديرتنا الحبيبه ( قرية القاريه ) عرفته في مكة المكرمه عندما كان في مركز المرور المسمى بمركز مرور أم الدود الذي أستبدل مسماه بأم الجود من قبل مدير المرورآنذك الذي تقاعد برتبة لواء صديق بن محمد تونسي ومن إمتداح زملاء الأخ محمد بن أحمد له في المركز حاولت أن أتعرف عن قرب على ذلك الرجل الشهم في صفاته الدمث في أخلاقه حيث كانوا يصفونه بصفاة الرجل العاقل المتزن الخدوم في نفس الوقت وكانت المعرفه أيضاً شبه سطحيه لعدم الإلتقاء الدائم فلم تكن هناك وسائل مواصلات تجمعنا إلا من حين لآخر إلى أن إتفقنا أن نتمتع بإجازة رسمية مدتها شهرين نقضيها بصحبة الوالد الراحل محمد من عبدالله الشهراني الذي كان قائد رحلتنا في تلك الرحله وفي رحلات أخرى وقد إجتمعنا سوياً للسفر إلى ديرتنا وكان الجماعه هناك يعدون العده لإستقبال ( الطروش ) وهم من يأتي في مثل هذه الإجازات من خارج منطقة عسير وكان ذلك في عام 1392هـ.
كنا نجتمع للسفر من مكة المكرمه لنسافر إلى ديرتنا في جماعة لا فرادا . وقد تمتعنا فعلاً بتلك الرحله كل منا خطب من يريدها حليلة له ومنا من عقد القران ومنا من تأخر عقد قرانه بعد أن وثق الصلح مع أهل مخطوبته .
وهكذا أصبح إهتمامنا بمستقبلنا الأسري أكثر من ذي قبل فالزواج يحتاج منا إلى جمع المال الذي يكفيه لإتمام مراسم الزواج .
كانت وسيلة سفرنا هي سيارات اللواري حيث تستغرق مدة سفرنا من ثلاثة أيام إلى أربعة أيام من كان يصاحبه عائلته ومن لم يكن وكنا نجتمع في سيارة واحده .
إجتمعنا مرة أخرى في عام 1395هـ موعد زواجنا أنا وأبو موسى رحمه الله .
جهزنا وسافرنا وكل منا قد إشترى سيارة من نوع هايلكس جديده غمارة واحده .
أذكر ممن كان معنا الوالد محمد بن عبدالله والوالد أحمد بن عبدالله بن دربي والأخ علي بن عكفي والأخ محمد بن عبدالله بن عزران وتزوجنا في تلك الأجازه أنا وأبو موسى في إسبوع واحد وعدنا إلى مكة المكرمه بعد نهاية الإجازه كانت رتبتي ( عريف ) في مرور مكة المكرمه وقد أستدعيت خلال الإجازه لإختبار الترقيه إلى رتبة ( وكيل رقيب ) وفعلاً قطعت إجازتي ثم عدت لإكمال الإجازه وبعدها عدنا إلى مكة المكرمه وكنت بعد عودتي من الإجازه أنا وزوجتي في ضيافة أبو عبدالله رحمه الله بحكم أنه عمي وأن زوجتي شقيقة أم عبدالله في حين كان أبو موسى في ضيافة المرحوم بإذن الله محمد بن موسى بن مشرقي إلى أن نجد السكن المناسب لنا جميعاً وعرضت على أبو موسى أن نسكن في مكان بعيد عن أهلنا في المصافي لحسابات أخبرته بها فكان أن وافقني الرأي ومن ضمن تلك الحسابات وليست حصراً أن حالهم كان ميسوراً ولا نستطيع مجاراتهم في بعض أو كل الأمور
وبدأنا البحث في عدة أماكن من ضمنها العتيبيه إلى أن وجدنا دورين كل دور يتكون من غرفتين في أحد أحياء العتيبيه الفرعيه وتسمى شعبة الضبع وشارعها الرئيسي يسمى شارع اللصوص الذي تحول لاحقاً إلى شارع ( الحب ) ثم إلى شارع الأندلس في الآونة الأخيره .
سكنا في تلك الدورين وأثثناها بما تيسر لنا من مستلزمات ضروريه وفي نهاية السنة الأولى من زواجنا رزقنا بإبنتي نجود وإبنتي الأخرى أميرة الأميره إبنة أخي محمد رحمه الله ثم بعد ذلك توالى ما وهبنا الله به من بنين وبنات مع إختلاف العدد والجنس .
كانت حياتنا حياة أخوة صادقه ولم يكن يفرقنا عن بعض إلا النوم فلقد كانت سفرة وجبتنا واحدة مالم يكن معنا ضيف وخاصة في الثلاث السنوات الأول .
كانت أم موسى حفظها الله وأبقاها تشتكي لي من شقاوة بعض الأولاد فيهدأون بمجرد دخولي هنا أو هناك والقسوه ليست فخراً لي لكن الحلم يقابله من أبو موسى رحمه الله إذ أن أولادنا يأنسون له جداً فبمجرد دخوله البيت تراهم يتعلقون في رقبته وثيابه ويمازحونه كما يمازحون أقرانهم في السن وكان لطيفاً جداً معهم .
كان ضيفنا واحد فلا تجد أن أي منا يفرق بين قريبه وأقرباء الآخر وهكذا عشنا ست سنوات في ذلك البيت فتح الله علينا بعدها بمنازلنا الممتلكه وذهب كل منا إلى حيث بنا منزله أنا في الرصيفه وأبو موسى رحمه الله في النوريه وربما كان قد بقي في العتيبيه فترة قصيره بعدي .
إبتعدت المنازل لكن القلوب إزدادت قرباً من بعضها ولم نكن نخالف آرآء بعضنا البعض والزيارات المتبادله كانت كثيرة جداً بل والإتصالات بشتى أنواعها فلقد كان أبو موسى رحمه الله رحمة واسعه يحرص على إخباري بكل جديد وأنا كذلك وكذلك أم موسى وأم خالد لم تختلفا أبداً منذ أن سكنا في العتيبيه قبل أربعون عاماً حتى تاريخه وكانت ولا زالت أم موسى في منزلة أختي الخامسه بل أن مكانتها في النفس وتقديري لها يفوق ذلك .
كان أبو موسى رحمه الله رحمة تدخله الجنه حريصاً على زيارة والدته كل عيد بل أنه لا يسمح لنفسه بالتخلف عن ذبح أضحيتها بنفسه تاركاً العيد في مكة المكرمه بين أهل بيته وكان باراً جداً بوالديه وشقيقاته وشقيقه الأكبر موسى بن أحمد حتى أنه يخيل لي أنه والداً لمحمد وليس شقيقاً له وكانلأبو موسى مكانة بين جماعتنا لحد أنني سمعت ذكره في كثير من المناسبات وعندما يأتي أحداً منهم على سيرة أهل مكة المكرمه .
قضى نحو خمسة وثلاثون عاماً في خدمة الدوله من خلال عمله في المرور ولم أسمع أن أحداً إشتكاه أو عرض بالشكوى وكان شبه الأخ والصديق في منطقته مع كل من عمل معه وذلك يعود إلى مكانته بينهم وحسن خلقه ومعالجته لكثير من الأمور بحكمة بالغه .. وحول صداقتنا أذكر أن شقيقه موسى رحمه الله قال له ذات مره ( أنت ذبحت شاة الغرم مع أهل لحيفه ) يقصد ما يسمى بشاة الرفق تعليقاً على وجوده معي في لحيفه في كثير من الأحيان عندما تدعونا الظروف أن نسافر لديرتنا سويا .
شيئ قليل من معرفتي برفيق دربي وأخي محمد بن أحمد بن مغني رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهمنا جميعاً الصبر والسلون في فقده فلم يزل ذكره بيننا ومحبته في قلوبنا لم تفارقنا ولن ننساه ما حيينا .
اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبَرَد ونَقِّهِ من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وقِهِ فتنة القبر وعذاب النار اللهم آمين يا رب العالمين