خالد خليل- سبق: بدأت قناة "ناشيونال جرافيك أبو ظبى"، منذ أسابيع قليلة، في بثّ برنامج "مدينة الاحتيال"، الذي يعدّه ويقدمه الصحافي الأيرلندي، كونور وودمان (40 عاماً)، والذي كان ضحية لجريمة نصب ارتكبها أحد التجار في تركيا، وهذا كان السبب وراء رغبته في كشف أساليب النصب والانتحال التي ترتكب في كل بلدان العالم.
واختار معدّ البرنامج المدن التى يتوجه إليها مئات الآلاف من السياح الباحثين عن المغامرة في أراضٍ أجنبية، وأكد أنه في كل عام يعيش الكثيرون منهم مغامرات تختلف عما توقعوه.
وقال "وودمان": "أي شخص يمكن أن يكون ضحية للجريمة، ولكن يبدو أن الجرائم التي تستهدف السائحين تكون ذات طبيعة خاصة، ولذلك ورغم أن الجميع يحاولون تفادي اللصوص والنصابين، سنحاول نحن في هذا البرنامج أن نختلط بهم".
واختار معدّ البرنامج فريقاً محترفاً وجهز الكاميرات السرية، ليكشف النقاب عن المؤامرات التي لا تعرف الرحمة والتي تحوّل حياة السائحين إلى مآساة، وذلك من خلال إصراره على وضع نفسه كفريسة سهلة للصوص والنصابين.
وبدأ "وودمان" بمدينة هى روما وركز على العالم الأرضي الذي يزحف في الرمال تحت المظهر السياحي الجذاب لها، وهو عالم المافيا وتجارة الجسد، ثم ذهب إلى "براغ" فى بلاد التشيك وركز على النصابين المتنكرين كفتيات جميلات، وفتيات ليل لا ضرر منهن، وسائقي الأجرة.
وفي مدينة "مراكش"، حرص كونور وودمان على تفادي الراقصين وزماري الثعابين، وركز على الأدلاء المزورين الذين يبيعون السجاجيد المقلّدة في متاجر مملوكة لتجار مشبوهين.
وأصابت هذه الحلقة المواطنين المغاربة بالصدمة، حيث كشف عن عمليات النصب والاحتيال التي يتعرض لها السياح الأجانب فى مراكش.
وفي الحلقة الأولى تحدث "وودمان" عن عملية النصب الأولى التي تعرض لها بمجرد أن وطأت قدماه أرض مراكش، فبعد أن خرج من الباب الرئيس لمطار مراكش المنارة الدولي، أجبره سائق سيارة أجرة على دفع مبلغ مائة درهم مقابل نقله إلى وجهته بأحد فنادق المدينة الحمراء، رغم أن التعريفة الرسمية المعلنة لا تتجاوز 50 درهماً.
وأوضح أن معظم السياح الأجانب يختارون الإقامة بالمدينة الجديدة خارج الأسوار التاريخية لعاصمة النخيل هرباً من الابتزاز الذي يتعرضون داخل الأزقة الضيقة للمدينة العتيقة.
وبعد أن اتجه إلى الفندق الموجود بأحد الأحياء العتيقة متسلحاً بكاميرا خفية، اضطر "وودمان" إلى المرور عبر ساحة جامع الفنا، التي وصفها بـ"بؤرة الاحتيال"، بسبب تعرض السياح للابتزاز على يد مروضي الثعابين والقردة والفرق الفنية الشعبية.
وفي الساحة المصنّفة تراثاً شفوياً إنسانياً، بث البرنامج حواراً للصحافي مع صانعي الفرجة بالساحة الذين طالبوه بـ 200 درهم مقابل التقاط صور له مع ثعابين وقردة، وحين احتج بأن الخدمة التي قدموها لا تستحق كل هذا المبلغ، ووجه "وودمان" برد صارم شديد اللهجة مفاده أنه التقط عدداً كبيراً من الصور وبأن المبلغ سيتم توزيعه على عناصر المجموعة.
ومرّ الصحافي عبر أزقة ضيقة للوصول إلى الفندق حيث اختار الإقامة، وعرض كيف يقدم المغاربة خدماتهم للسياح الأجانب وكيف يتهرب هؤلاء بلباقة خشية تعرضهم لعمليات نصب واحتيال.
أما الفندق الذي أقام فيه "وودمان" فلم يكن في الواقع سوى رياض عتيق يرجع تاريخ تشييده إلى القرن 18 في ملكية دليل سياحي مغربي متقاعد، حيث يقوم هذا الأخير برفقة السائح الصحافي في جولة داخل مرافق الفندق الباذخ.
وعرض الدليل السياحي صوراً له مع الرئيسين الأمريكيين السابقين جيمي كارتر ورونالد ريغان، قبل أن يضيف "وودمان" في جلسة شاي مغربي وينصحه بضرورة أن يطلب خدمات دليل سياحي رسمي أثناء زيارته للمدينة وأن يتجنب المرشدين غير القانونيين خشية تعرضه لعمليات نصب محتملة.
وأثناء بحث "وودمان" عن مكان لشراء حقيبة جلدية اعترض سبيله أحد السكان المحليين وعرض عليه مساعدته مجانًا عبر أحد أصدقائه يتحدث اللغة الفرنسية بطلاقة، حيث أكد له أن دار الدباغ هي أفضل وجهة لاقتناء الحقيبة الجلدية.
وأثناء توجههما إلى هناك، كاد مرافقه أن يدخل في نزاع مع شخص عرض بدوره المساعدة وحذّر السائح من أن الوجهة التي يقوده إليها مرافقه ليست صحيحة.
وداخل دار الدباغ غيّر "وودمان" رأيه وقرر شراء سجادة، غير أنه تعرّض لعملية احتيال كبيرة، فرغم حرصه على الدخول في مفاوضات عسيرة أثناء مناقشة الأسعار بمراكش، إلا أنه اقتنى "زربية" متوسطة الحجم بمبلغ ألفي درهم على أساس أنها من صنع قبيلة الطوراق وعمرها يتعدى50 سنة، ثم صدمه تاجر مختص في السجادات، بأن عرض عليه الزربية للتأكد من قيمتها التاريخية، بالحقيقة المدوية، وأكد له أن قيمتها المالية الحقيقية لا تتجاوز 600 درهم وأن عمرها لايتجاوز السنة ولا علاقة لها بقبائل الطوراق وإنما تمت صناعتها بمنطقة تيفلت الواقعة بوسط المغرب.
واحتجاجاً على عملية النصب التي تعرّض لها، عاد "وودمان" مسلحاً بكاميرا خفية إلى "البازار" وطالب باسترداد أمواله، غير أن البائع قال: "نحن أمام الأزمة التي تعيشها السياحة هذه الأيام لا نرد الأموال، ولكن ولأنك تتحدث بأدب ولباقة فيمكننا أن نغير السجادة بأحسن منها".
وكاد "وودمان" أن يثور غضباً بعد أن طالبه صاحب البازار بـ500 درهم إضافية مقابل زربية اختارها، قبل أن يستبدلها ويغادر المكان.
وعملاً بنصيحة صاحب الفندق لجأ "وودمان" إلى خدمات دليل سياحي رسمي، غير أنه وقف على حقيقة أن المرشدين الرسميين يتقاضون عمولتهم نظير كل خدمة يقومون بها، فبعد أن قاده"المحجوب"، وهو دليل مرخص، إلى أحد البازارات الذي اقتنى منه حقيبة جلدية بمبلغ 250 درهماً بعد مفاوضات شاقة، منح البائع المرشد 30 درهماً.
وعرضت الحلقة نماذج لمعامل سرية يتم فيها تحويل السجادات حديثة الصنع إلى زرابٍ قديمة، بعد تعريضها لأشعة الشمس واستعمال منظف الثياب لتبدو قديمة، وينسحب الأمر أيضاً على المنتجات الفخارية التي يتم إعادة ترميمها وطليها بمواد لتبدو قديمة وتاريخية ثم تباع على أن عمرها مئات السنين وبأثمان ضعف أسعارها الحقيقية بعشرات المرات.
التعديل الأخير تم بواسطة ملك الاحساس ; 21-12-2013 الساعة 03:39 AM.