السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تردني رسائل على الخاص من بعض الأخوة الأعضاء في وسطنا الإجتماعي يستنكرون من خلالها ما يقوم به البعض الآخر من إقصاء للرأي وتشويه لمن يخالف رأيهم بالغمز واللمز مبدياً الناقد أن من لا يغير على دينه فهو ( ..... ) وتجد ما بين القوسين تحمل أكثر من عباره وصفية سيئة ومعنىً أسوأ ... ربما تكون في ظاهرها عموميات لكن الهدف هو في الأصل تعليقاً على ما قاله فلانُ من المشاركين بالرأي على أي موضوع يطرح وألاحظ ذلك بنفسي وهنا أتساءل من المستفيد من مثل هذه المشاركات التي تحمل في طياتها إقصائية للرأي الآخر ولما الإقصاء أصلاً طالما أن النقاش في حدود الإطار الشرعي والمساحة المقبوله لدى السواد الأعظم من المثقفين والكتاب وعلماء الشريعه المتزنين . لا أعلم هل مبعث الغيره ديني أم إجتماعي وأرجح الإجتماعي في كثير من الحالات وخاصة في المنتديات القرويه ومواقع التواصل الإجتماعي التي تجمع فئة واحدة من أعضاء ذلك الموقع وربما لو كان ذلك المنتقد طرح رأيه في موقع آخر لاختلفت الصوره إلى المرونه الواقعية المنبثقه من الإنصاف والعدل في القول متخلياً بذلك عن إظهار ذاته أمام فئته الإجتماعيه بذلك المظهر الذي يحرص كل الحرص عليه في محيطه ليس إلا . الغيره ليست وليدة اليوم أو الأمس فلنا في موقف واحد فقط أو موقفين من مواقف كثيره حدثت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يجعلنا نتيقن بأن بعض الغيره ليست محموده لكن كثير من المواقف الثائره غيرة أطفأها نبي الهدى بحكمة وتعقل ورشاد ولنا في موقف الشاب الذي أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طالباً أن يأذن له بالزنا وإقبال القوم عليه وزجره لكن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يزجره ولم يعنفه بل أكرمه بأن طلب منه الدنو إليه وما أشرف ذلك الموقف والدنو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له ما قال من أسئلة أظهرت الحقيقه لذلك الطالب وولدت لديه القناعة المريحه للنفس بأن ذلك الطلب غير ممكن . !!! هنا نلاحظ الغيره من القوم وما قابلها من تعقل ورشد من السراج المنيرعليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم . الموقف الآخر موقف الأعرابي الذي بال في المسجد وأي مسجد ... إنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما حصل من غيرة من كان موجوداً في المسجد وكادوا أن يوقعوا به ولكن الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم لم يمكنهم من النيل منه إذ أمر بإراقة سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء في الوقت الذي نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالغيره ممن كانوا معه لكنه لم يثور أو يثأروبذلك فإن هذه دروساً في الحلم والخلق الرفيع والإناة التي إن لم نستفد منها فلا فائدة من منافحتنا لبعضنا لهدف الغيره التي ربما تكون المقاصد منها الظهور أمام الفئة المحيطه بالمظهر الغيور الهمجي إن صح التعبير فما لم يكن لله فليس لله بل للغيور نفسه وقد يستفيد إجتماعياً ممن هم على شاكلته ولكن ما عند الله أبقى . لست ضد الحوار وإبداء الرأي والمناقشه وفي النهايه قد يكون رأيي صواباً يحتمل الخطأ وقد يكون خطأ يحمل الصواب وهذه نتيجة طبيعية للباحث والعامل على تحقيق مقاصد الشريعة الغراء التي تدعو إلى ضبط النفس وعدم التهور في فرض الرأي أو وصف الآخر بما لا يليق كالزنديق والديوث وما شابهها من عبارات ساقطه بل حتى أن الكافر لا يقال له يا كافر إذا كان يترتب على ذلك مفسدة من ذلك الوصف والنداء هذا وهو كافرفعلاً فمالنا نكفَر من يدين بديننا ويعتنق إسلامنا وما لنا نفرض رؤانا دون حوار يوصلنا إلى الحقائق المرجوه بهدوء وتخلٍ عن الأنا والذات ومالنا نشتم ونصنف ونصف بأسوأ الأوصاف التي لا تليق كل من يعارض أفكارنا ومبعث هذا هو الغيرة التي لا ندرك سوء نتاجها على المتلقي وعلى أنفسنا نحن عندما لا تحقق مقاصدنا الغير سويه إذ أن كل مسؤل عن قوله وفعله وليس لنا أن نفرض ما نراه صواباً ونقصي صواب الآخرين . أخيراً فإن الحوار وإبداء الرأي لا يحتم علينا إشهار سيوفنا والإحتزام بعدة الحرب الكلاميه وربما وصلت لغيرها من المهاترات والألفاظ المؤذيه حتى وإن لم توجه صراحة فالمتلقي واعٍ ويفهم المقاصد وعلينا الإبتعاد عن سرعة الإنفعال وإطلاق العنان للرأي على أنه صواب ... هذا من أكبر الأخطاء فكما أن لديك رأي معين تراه صواباً فالآخرين لهم أيضاً آراء قد تكون أصوب وأسلم من رأيك كثيرا والطريق واضح لكن مفاهيمنا ورؤآنا الخاصه وإصرارنا عليها هي من يحيل ذلك الطريق إلى طريقٍ وعرٍ ضبابيٍ لا أرى فيه إلا أنا !!! حفظنا الله وإياكم من الزلل ومن المكابره والإصرارعلى الغيرة التي لا تستند إلى صواب وصلى الله على محمد وآله وسلم