إظهار / إخفاء الإعلانات 
عدد الضغطات : 3,398
 
 

الملاحظات

قسم القصص والروايات الجميلة يهتم بالقصص الواقعية والمستساغة من الخيال

الملاحظات

الإهداءات
من إدارة الديوانيه : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أود إحاطتكم أن موقعنا ليس لنشر الدعايات ولهذا إن لم تكن لديك مواضيع عامه يستفيد منها القارئ فنعتذر منك سلفا لو تم إيقاف مشاركاتك     من مكة المكرمه : إقترب العيد وبذلك نهنئكم أجمل التهاني وكل عام وأنتم بخير     من مكه : السلام عليكم كيفكم يا اهل المنتدى الغالين رجعت واتنمى استمر معاكم نفيد ونستفيد ونشوف اخبار لحيفه والقاريه     من الإداره : تم إيقاف العضو سلطان توركي لعدم إلتزامه بتعليمات الديوانيه     من قسم الحوار : السلام عليكم ورحمة الله تحيه طيبه للجميع ارفقت رساله في قسم الحوار والنقاش لاصاحب حسابات الدعايه والاعلان ارجو مشاهدتها     من الإيقاف مستمر : وتم إيقاف الشلال الصاعد والغروووب لعدم إلتزامهم بقوانين الموقع     من إيقاف الأعضاء : تم إيقاف مشاركات الأعضاء سمير رامي ولاميس لعدم إلتزامهم بقوانين الموقع     من الإداره : يمنع منعا باتا الكتابه عبر أقسام المجموعة الأولى في الديوانيه وسيتم حذف من يتجاهل هذه التعليمات     من الإداره : للعلم لا يسمح بالمشاركه في مجموعة الأقسام الأولى بالديوانيه وسيتم حذف من يكب بها حذفا نهائيا     من أبها البهية : كل عام وانتم بخير     من الأخت سحر بحري : الأخت سحر بحري ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأرجو قراءة رساله خاصه مرسله لك على الخاص وإفادتي     من جده : السلام عليكم ورحمة الله و بركاته اعتذر عن هذا الأنقطاع وتبقى ديوانيتنا الحبيبة تشبه مسقط الرأس مهما طالت الغيبة لا يد من العودة والشهر علينا وعليكم مبارك     من تنبيه : آيات علي ... إن لم تلتزمي بمواقع المواضيع فسيتم حذفك من الموقع نهائياً     من تعليمات : أي عضو لا يلتزم بإنزال مواضيعه في الأقسام الخاصه بها سيحذف ويمنع تكرار الموضوع في أكثر من قسم     من التسجيل متوقف : تم ألغاء التسجيل في هذا الموقع لعدم إلتزام الأعضاء بتعليمات الديوانيه ومنها وضع المشاركات في الأقسام الخاصه بها     من الإداره : تم حذف جميع المواضيع التي لم تنزل في أقسامها والمكرره في أكثر من قسم     من الإداره : الورد الكسير .... تم حذف مواضيعك لعدم الإلتزام بالأقسام الخاصه بها     من الإداره : الأخت سحر بحري ... مواضيعك جيده ومفيده ... أشكرك واستمري وفقك الله     من الإداره هام جداً : يجب طرح الموضوع في القسم الذي يلائمه كالرياضي في القسم الرياض والديني في قسم الدين والصحي في الصحه والتجاري في الإتصاد والدعائي في قسم الدعايه وسيتم الحذف فوراً لمن لا يلتزم     من : الأخوة الأعضاء أكثر مواضيعكم بل كلها غير مفيده وهي دعائيه وهنناك قسم للدعايه أنشأناه لهذا الغرض وسيتم حذف أي مشاركه لا يتلائم موضوعها مع القسم الذي تطرح فيه ... كنا نقوم بنقلها والآن سنقوم بحذفها    

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
 
قديم 07-05-2009, 02:06 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [11]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(11)


ظل فرج لأشهر يضمر هاجسه: لابد أن يعوضني عن الفرصة التي ذهبت بها ريح الشيوخ العاتية

كان يشعر أنه خذلني بشكل ما ..

أيضا ربما كان موجوعا من فكرة أني عرفت أخيرا مكانته الحقيقة عند أولئك الناس.. فبعدها لن يجدي أي إدعاء أو ترقيع ..

قلت له مرارا بأني راضية بما انتهت إليه الأمور .. لا أبتغي أكثر مما أنا فيه اليوم .. أب وحبيب وسقف .. أما حادثة القصر فقد نسيتها بدون أن أضمر حقد أو كراهية لأحد ..

فلم يكن ذلك النصيب قد قسم لي في أي لوح أو كتاب ..

وأنا طالما استندت على مثل هذا الايمان لمواجهة اخفاقي في أي طريق أسلكه ..

لكنه فرج الذي دائما ما يتكسر قولي على صخرة عناده أو تصميمه ..

جاءني ذات يوم ليزف لي الخبر الذي انعطف بحياتي تدريجيا إلى حد أن خلق مني فتاة أخرى ..

محمد العقاد أحد أغنى وأشهر رجال المقاولات سيقيم عرسا باذخا لابنته التي تريد والدتها من فرقة طقاقات المشاركة في الزفة السعودية الفلسطينية المصرية.

لم أكن في وارد أن أسأل فرج كيف بلغه هذا العرض لأني أعرف أن الدائرة التي يعمل فيها مهما اتسعت ستحيل دائما على بعضها ..

لكني كنت ممانعة ومتوجسة..

أما فرج فقد أخذ يستعرض أمامي ثقافته:

شديّن .. تدرين إن العقاد عائلة مشهورة في نابلس قبل يجون لمنا .. طيب تدرين وش أشهر أكلات أهل نابلس
.. الكنافة واليخنة .. وعندهم بعد فسيخ مثل المصارية ..

لاشك أن فرج يتغلب علي دائما إذا جئنا على سيرة المأكولات والبلدان والأفلام المصرية، لأنه طالما عاش على حافة عالم آخر ..


فيلا العقاد التي تقع في منطقة هادئة وجميلة بالملز تغمر الداخل إليها بموجة من الدفء والألفة.

كأنك تعرف هذا المكان أو زرته من قبل في صحوك أو منامك.

كنت مرتبكة لكن لطف السيدة الكريمة هوّن علي الأمر كثيرا.

كانت ترتدي ثوبا فلسطينيا مطرزا وتزواج في حديثها بين الكلمات السعودية والشامية.

ظلت طوال الساعة تناديني بـ بنتي حتى شعرت تدريجيا بالطمأنينه تسيل في أوردتي.

قالت ماتريده مني .. ولم تفاوضني أو تناقشني في السعر المرتفع الذي حدده لي فرج وهو يلاطفني ويقبل يدي في السيارة حتى أرضح أنا الأخرى لاقتراحه بلا نقاش.

وحين نهضت منصرفة كان هو يدخل .. !

جاء صوت السيدة الودود معتذرا: هذا ابني مروان .. فيها شي إذا يسلم عليكي ؟!

لم يأبه بسؤال أمه ولم ينتظر جوابي فتقدم وعلى شفتيه إبتسامة فاتنة كادت تنسيني من أنا ..

طفح وجهي بالعرق .. فبينما أمه تحدثه عن ترتيباتها الأخيرة كان هو منشغلا بالنظر إليّ بوقاحة.

وسيم إلى درجة أشعرتني بالقلق والحرج ..

كان قلبي يرجف بقوة كما لم يفعل من قبل .. لا ادري لم ؟ يرجف كقلب فتاة ساذجة لم يقترب منها رجل ..

كأنني في تلك اللحظة لست شادية ..


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:39 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [12]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(12)


لحقني هذا المروان إلى الباب مودعا مع والدته..

كنت أتمنى لو قلت اذهب عني بعيدا .. أرجوك اذهب حتى آخر نقطة تصلها قدميك .. لأن قربك مني بهذه

الطريقة يوترني .. جاذبيتك توترني .. نظراتك الشرهة توترني .. شعرك البني المنسدل يرترني .. ابتسامتك

توترني .. قامتك الطويلة توترني .. كل مافيك يوترني جدا .. ويفقدني انطلاقي وجرأتي ..

يضيع صوتي في لجة الخجل والارتباك وأنا أودعهما وأخرج مسرعة لفرج الذي ينتظرني في الفولكس واجن ..

يمطرني الفتى الطائر بالأسئلة :

ماذا قالوا وماذا قلت ؟

ماذا عن سعرك؟

على ماذا اتفقتم؟

هل أثاث بيتهم كان جميلا؟

حريمهم لابسين إلين الركب ؟

هل أخبروك من الذي سعّودهم؟!

هل قدموا لك الكنافة النابلسية؟

هل .. وهل ..

لاشك كان علي أن أرثي لفرج المسكين .. فقد سأل عن كل شيء .. سأل عن الوقتي والهامشي والعابر خلال (زيارة العمل) تلك ..

سأل ليطمئن على حال محبوبته .. وسأل ليرضي فضوله عن ركب الفلسطينيات وثيابهن وكنافتهن ..

لكنه لم يسأل عن ذاك (الشيء) الذي زلزل كياني .. وأثار موجة من البرد في عظامي.


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:40 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [13]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(13)


كان أول شيء فعلته حين دخلت أن مررت بحجرة أبي فإذا هو يغط في نومه العميق ..

قبلت جبينه وخرجت أمشي على أطراف أصابعي ..

خلعت عباءتي ووقفت أنظر في صورتي المنعكسة في المرآة الطويلة المسندة في باحة البيت..

تفرست في عينيّ ورموشي الطويلة وأنفي وبشرة وجهي القمحية الصافية ..

نقضت شعري الأسود الطويل المعقوص (كعكة) .. واستدرت لأراه منعكسا في المرآة حتى منتصف ظهري ..

تأملت ثوبي (الكلوش) الأزرق المنقط بالدوائر السوداء ..

شددته على جسمي أكثر ثم رفعته حتى منتصف ساقي متخيلة أني ألبس فستانا قصيرا مثل زبيدة ثروت التي يدندن فرج باسمها وجسمها ..

نظرت إلى تقاطيع جسدي النحيل وأنا أتقدم خطوة وأتراجع خطوة وألف على هذا الجنب أو ذاك..

لأول مرة أشعر بأني مزهوة بنفسي وشبابي على هذا النحو.. ومزهوة أكثر بكوني استرعيت انتباه شاب غني وسيم لاشك أنه رأى من النساء أصنافا مختلفة ..

لم أكن أعرف من قبل أني يمكن أن ألعب دور الجذابة أو المغوية لأحد أخر غير فرج ..

أصلا لم يكن الرجل يعني لي سوى أحد اثنين .. أبي الضرير وبعده (خويي) الطائر .. فرج ..


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:41 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [14]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(14)


أبي كان يخصص أول جمعة من كل شهر للسفر إلى الخرج ثم العودة منه صباح السبت.

حيث يمضي يومه مع أولاد أخته منيرة التي توفيت عنهم وهم صغارا فبقي والدهم دون زواج خوفا على صغاره من امرأة لاتراعي الله فيهم حتى غدوا شبابا دون أن يقطع أبي عادته التي كانت تجلب له راحة الضمير والسلوى أيضا فهو يحب هواء الخرج وأوديتها ومزارعها.

كانت أول جمعة من الشهر تعني أن أجهز لأبي دلة القهوة وابريق الحليب مع بعض الخبز أو المراصيع من بعد صلاة الفجر مباشرة، فإذا اقتربت عقارب الساعة من السادسة صباحا يبدأ صوت منبه سيارة فرج يشق سكون الصباح مرتين أو ثلاثا متعاقبة من غير مبالاة منه بالجيران النيام في هذه الساعة المبكرة.

أفتح الباب لأبي وعصاه في يده وهو يذكر الله ويستغفره بصوت عال فيساعده فرج في ركوب المقعد الأمامي ثم يلتفت لي وأنا مازلت واقفة بالباب متلفعة بشيلتي الخفيفة فيطيّر لي قبلة في الهواء وهو يشير بسبابته على ساعة يده السيكو المذهّبة.

كانت هذه هي الاشارة المتفق عليها بيننا ليذكرني بما اعتدنا عليه أو بأنه ساعة يعود من مشواره فإننا سنمضي اليوم معا.

حين عاد لي فرج في الضحى كنت قد أعددت لوازم للأكل والشرب، أخذتها معي وركبت السيارة إلى جواره متوجهين لـ (ديراب) حيث وعدني أنه سييطبخ لي كبسة شيوخ .. مهوب طبخي (الماصل) ..

قبل توجهنا للبر ذهب لشارع الشميسي، ثم أوقف سيارته أمام أحد البيوت بعد أن تجاوز الجامع بمسافة. خرج وفي يده غرض ملفوف، خمنت مباشرة ماهو .. عرق !
قلت له وهو يستوي خلف مقود السيارة : والله إنك هيس أربد ..!
قهقه وهو يلفت وجهه نحوي : بس الهيس الأربد يحبك ..

أخذنا طريقنا لديراب وهو يكلمني بحماسة :
- عمتي تبي تسافر لمصر تعالج كلاها ويمكن تاخذني معها ..
- الشرهة ياعيوني ذا السنة مابعد شفناها وإلا ناوي أشتري لك (غوايش) ..
استمر يحكي بدون تعليقات مني مطلقا لذا قال وهو يبتسم ابتسامة خبيثة :
إيييييييييه .. عيوني ماتبيني أروح لمصر لا ألفي على غيرها !

وصلنا لأرض مستوية فنزلنا وفرشنا البساط ونصبنا لوازم الطبخ. أنزل فرج مسجله الصغير وأداره على صوت فريد الأطرش الذي يعشقه محاكاة لعمته المصون .

صدحت الأغنية تحت سماء ديراب وفرج يداعبني ويعبث بشعري :

جميل جمال .. مالوش مثال
زي الغزال .. جميل جمال
ليه الدنيا جميلة وحلوة وانت معايا
ليه تخلي القلب بنشوة وأنت أساي
تسألني ليه معرفش
والسر إيه مفهمش ..


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:42 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [15]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(15)


في طريق عودتنا من ديراب وقد اقتربت الشمس من المغيب استأذنني فرج أن يمر بزميل له من مخضرمي خويا القصر ليخبره برسالة من العنود.

بلغنا قريبا من ساحة الصفاة فأوقف فرج الفولكس واجن على الطريق ونزل لجهته طالبا مني الانتظار.

كنت مخنوقة لسبب لا أدريه .. ربما هو مرتبط بحلول الظلام فمنذ طفولتي الأولى وبدايات الليل تصيبني بكآبة تشتد أحيانا حسب مزاجي أو حالتي النفسية.

نزلت من السيارة ومشيت باتجاه جامع الامام تركي بن عبدالله. لا أدري لماذا لكن قدمي ساقتني إلى هناك.

كان المصلون يدلفون إلى الجامع الكبير فوقفت أمامه بعيدة عن الداخلين وبدأت في التنفس بعمق وكأني أسحب أنفاسي من عمق صدري الذي تطبق عليه قوة تخنقه.

كان صوت الامام حين بدأ في القراءة رخيما لدرجة أبكتني .. وجدت دموعي تتساقط مدرارا بدون نشيج أو بكاء.

راودني الشعور العميق بالذنب وعينيّ مسمرة بالجامع الكبير ومئذنته .. الشعور بالإثم .. الشعور الذي أصارعه أحيانا إذا تأملت في علاقتي بفرج فأشعر بأني خاطئة ومذنبة ..

لكني كثيرا ما أقمع هذا الشعور ولا أسمح له بالاستيلاء عليّ .. خالقة لنفسي المبررات.. أنا لا أملك خيارات .. حياتي كانت مقفرة باردة محدودة قبل فرج .. هو نافذتي الوحيدة على دنيا الأحلام والمشاعر .. بل هو نافذتي الوحيدة على الدنيا بأكملها .. بدونه ستكون أيامي متشابهة .. و ..

بدأ المصلون في الخروج فانتبهت لنفسي .. أسرعت إلى السيارة فإذا فرج ينتظرني قلقا ومتسائلا ..


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:43 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [16]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(16)

ناولني سائق آل العقاد مظروفا صغيرا قائلا بأن أم مروان تقول : هذا نص المبلغ والنص الثاني بعد نهاية العرس.

فتحته في المطبخ بينما النعناع يغلي فوق النار محدثا رائحة لذيذة، فشهقت من السعادة وأنا أعد الألف وخمسمائة ريال. بقي لي عند السيدة مثلها.

سأتقاسم هذا المبلغ مع البنات الثلاث كما هو عادتنا حيث أتميز عنهن دائما بزيادة ما أقدرها حسبما أرى بوصفي (رئيسة) الفرقة والبحث عن العمل والاتفاق عليه وجميع الترتيبات تأتي عن طريقي.

كان هذا أكبر رقم حصلت عليه مع بنات الفرقة أو فكرنا في الحصول عليه حتى ذلك اليوم.

لم يكن المال الذي نقبضه من الناس وفيرا وكنا نعاني مماطلة غريبة من البعض وكثيرون كانوا يخلفون بوعودهم أو يعطوننا في النهاية مبلغا صغيرا مع أشياء عينية لاقيمة لها كقطع القماش أو قدور الطبخ أو الطرح وأكياس الحناء.

لكن الشيء الذي أذهلني مساء الغد هو حين عرفت من سيدة آل العقاد أن عرسهم سيكون مختلطا، وأنهم سيقيمونه في قصر أحد أقاربهم، إذ تأكدوا من استحالة اقامته وهو مختلط في فندق أو صالة.

لم أكن أتصور ذلك، ولم أعرف ما إذا كن البنات سيفسدن الاتفاق باعتراضهن على هذا التقليد الذي لم يعتدنه.

كل شيء بدا لي غريبا وطريفا.

قالت لي السيدة بأنها ستسهل الأمور علينا وستسمح لمن تريد بلبس البرقع بشرط الالتزام بالفساتين السماوية التي ستكون بدون أكمام وعارية الظهر ..

كيف سنبدو ياترى ؟! عرايا ومبرقعات في ذات الوقت ؟!

قلت لنفسي مؤنبة: هذا جزا من يدخل في شغل مع فلسطينيين.

للحق لم تكن لدي مشكلة على الصعيد الشخصي.

لا أبالي كثيرا بأن أختلط برجالهم، خاصة والحابل سيكون مختلطا بالنابل وكل واحد منشغل بنفسه .. ولا أبالي أكثر خصوصا إذا تأكدت بأنني في مكان لن يراني فيه أو يعرفني أحد ممن أعرفهم.

لكن المشكلة كان في: هل ستوافق الأخريات على هذه الباقعة ؟!


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:43 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [17]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(17)

حين يسيّل المال لعابك .. تصبح براغماتيا !

هذا القانون عرفته فيما بعد من معلمي مروان وأنا أتوسد ركبتيه ..

لم يكن صنيع البنات وفرج قبلهن وأنا أكشف الستار عن خبر المبرقعات العرايا سوى أفضل انعكاس لقانون مروان عن اللعاب والبراغماتية.

فرج استشاط حنقا وغيرة بعض الوقت شاتما فساد العرب وانعدام المروءة فيهم، مع أنه يشهد في قصوره أضعاف هذا لكنه نفاق فتاي الأسمر .. الذي لن يحتمل أيضا أن تكون فتاته حاضرة هذا (الفساد والخراب) ..

مع ذلك سرعان ماوزن فرج الموضوع في رأسه البرجوازي الصغير فقال :

طيب .. حنا بعد لازم نفهم إن هاذي عوايدهم .. مافيها شي تراهم ناس محترمين .. وبينكم وبينهم شغل .. ثم سلام .. سلام عليكم.

بالنسبة للبنات فقد انسحبت سارة قائلة : حدا الله بيني وبين الحرام .. بينما بقيت نورة والبندري ..

قلت لنفسي هذا أفضل من صداع الرأس الذي يجلبه لي كثرة التشكي الذي هو من لوازم سارة للبقاء على قيد الحياة. فقلما يعجبها أناس أو حفل أو يرضيها اتفاق أو مال .. فهي دائما ترى نفسها مغنية عظيمة لم يكرمها قومها ولم يفهموا موهبتها (العظيمة).

سارت الأمور بعد ذلك بمنتهى السلاسة. سلمت لنا الفساتين الضيقة العارية التي قلّبتها نورة بقولها : ياخزياه !

أعلمنا بما هو مناط بنا أثناء رقص المعازيم ومن ثم أثناء الزفة . أجروا لنا بروفة مع الفرقة الأخرى المكونة من ثلاث فلسطينيات ومصريتين.

وأعلمنا بضرورة الحضور ليلتها مبكرا قبل الخامسة مساءا لأن مكياجنا وتسريحاتنا ستكون على يد خبيرة .. !

ضحكت البنات كثيرا وكان ذلك يبدو لنا جميعا مثل حلم من أحلام ألف ليلة وليلة ..

سألت البندري مازحة: من العروس ؟ حنا ولا بنتهم ؟؟


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:44 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [18]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(18)

أوصلنا فرج بيت العقاد مبكرا في حدود الرابعة عصرا من يوم الخميس .. قال لي مودعا قولا لم أفهمه وهو ينزل أغراضنا في مدخل الفيلا :

شديّن .. احفظي نفسك !

كان قلقلا من شيء غامض يتوقعه ولايعرفه. طمأنته ودخلت مع نورة والبندري مسرعات خلف الخادمة السودانية التي أجلستنا في الصالون وغابت لشأنها.

جلسنا قرابة نصف ساعة لم يسأل عنا أحد ونورة تتململ وتسأل:
وين ذولا ؟ وينهم طاسيّن ؟

كان أحدهم يدخل ويخرج بباقات ورد ملونة .. وسلال الشوكولاتة تحمل إلى الخارج .. وصوت الهاتف لايتوقف عن الرنين.

فجأة دخلت علينا أم مروان والتعب يبدو عليها .. قالت وهي تسلم علينا بعينين زائغتين:

جاهزين يا شادية.. جايبين كل الأغراض يا بنتي ؟

وقبل أن أجيب قالت :

هاهه .. زي ما قلت لك بدنا شغل يبيض وجوهنا قدام الناس .. وهلا تطلعوا فوق عند (مالو) تعمل لكم المكياج والشعر وبعدين تجيبكم السيارة مع أغراضكن عل الفرح ..!

قلت غاصّة بريقي:

نورة والبندري ماله موجب يتكوفرن .. !

لم تفهم السيدة فقاطعتني :

شو يعني ؟

قلت موضحة:

يعني ماله داعي يتمكيجون ويكدون شعورهم .. يبي يلبسن براقع ..!

ابتسمت السيدة:

إيه ماشي .. وأنتي حتتكوفري ؟

أجبت بإيماءة موافقة من رأسي ..

فقالت: إذا هيك .. يا الله .. شوفوا شغلكم.

كان كل شيء يحدث لنا ومعنا منذ هذه اللحظة تجربة جديدة في حياتنا، فلم نعهد من قبل شيئا كهذا. أو حتى يشبهه.

كنا نأتي للأعراس بوجوهنا المغسولة بالماء والصابون أو بالماء وحسب .. وبثياب بيوتنا المستترة خلف العبايات، وبشعورنا الملفوفة تحت الطرح. لم نكن شيئا مهما أو مثارا للعناية الفائقة حتى نعتني بأنفسنا.

أما في تلك اللحظة (التاريخية) التي نظرت فيها لنفسي في المرآة بعد ثلاثة أرباع الساعة من التلوين والتمشيط فقد كدت أصرخ ..

من خلفي البنتين لأ أدري أيهما شهقت وهي تقول:

يا الله .. أحلويتي يا شادية.. صرتي زي مغنيات التلفزيون !

داخلني بعض الغرور وانا أسمع التوصيف وأستدير أمام المرآة.. إذا الجمال لا يكلف أصحابه شيئا..

لكن سرعان ماقال صوتي الداخلي: أنت يا شدين جميلة بالفعل .. قبل .. وبعد ..

كانت الساعة تقترب من السابعة والنصف وحافلة صغيرة تنقلنا من فيلا العقاد بالملز لتوصلنا إلى قصر المهندس مصطفى النمر الآغا في عليشه ..

نزلنا على التوالي: البندري ونورة وأنا وبنات الفرقة الأخرى .

كانت العقود المضيئة تزين أسوار القصر وواجهاته وتتسلق جذوع الشجر.

البوابات الكبيرة مشرعة وعليها حراس بالثياب السعودية الفلكلورية الموشاة بالقصب.

خدعة بسيطة وضعوها للتمويه على حراس الفضائل وأصحاب المشاكل .. فقد كتبوا على لوحة ظاهرة نصبوها في الشارع: الرجال يدخلون مع البوابة الشرقية ..!


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:45 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [19]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(19)


كان كل شيء في داخل القصر مذهلا في رونقه وتنظيمه وبذخه لدرجة تصيب الرأس بالدوار.

تقدمتنا بنات الفرقة الأخرى إذ كن أكثر منا جرأة بكثير وأكثر فهما لما يجب وتعودا على هذه الأجواء.

دخلنا غرفة صغيرة جانبية حيث خلعنا جميعا عباءاتنا. كان الوضع محرجا في البداية لي، فقد شعرت بأني عارية كيوم ولدتني أمي..

لن أعرف كيف أمشي بهيئتي هذه، أو أتصرف أو أضرب بيدي على الطار أو أغني أو أزف عروسهم.

بهت لوني والتصق لساني في فمي وأنا أنظر في مرآة حائطية لذراعي العاريتين وعنقي وشعري وصدري ومكياجي الصارخ.

الآن لم يعد هناك مسافة للتراجع أو للهرب .. لكن لو كان فرج معي لهان الأمر عليّ .. بل لو كان فرج هنا لشدني من هذا الشعر ورماني في الفولكس واجن..

حسدت البندري ونورة على برقعيهما. فتغطية الوجه حتى لو كان الجسد في فستان عار أو حتى بلا أي فستان سيجلب الراحة والشعور الخادع بالتخفي.

قلت لنفسي وأنا أعض شفتيّ ندما: ليتني أتيت على سبيل الاحتياط بالبرقع ..

لكن ما أعظم رحمة الله .. فبمجرد خروجنا من غرفتنا صادفنا بعض نساء آل عقاد وآل نمر الآغا يتبخترن حول المسبح وموائده كاشفات نحورهن وسيقانهن وأفخاذهن فأعطاني ذلك دفعة قوية من الشجاعة والشعور بالأمن.

على الأقل أنا لا أكشف مقدار كشفهن. كما أن الجميع لاهين في شؤونهم ولايبدو في تلك اللحظة بأن ثلاث طقاقات سعوديات مسحوقات سيلفتن بلباسهن انتباه أحد من هذه الارستقراطية الفلسطينية ..

الأرستقراطية التي جعلت البندري تهمس في أذني:

يقولون إن أكثر أهل النار من حريم مصر وفلسطين ..!


    رد مع اقتباس
 
 
 
 
قديم 07-05-2009, 09:45 PM   تويكس غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [20]
عضو فـعـال
 

تويكس is on a distinguished road
افتراضي

(20)

ظل الناس يتوافدون على الحفل حتى التاسعة .. وحين بدأ الاحتفال خشيت أن وجودنا كان صوريا أو شكليا.

لقد كانت الأغاني السعودية والأردنية واللبنانية تنطلق صافية .. وبعض المعزومين يقفون في صفوف متقابلة أو على شكل دائرة ويرقصون الدبكة على صوت عصام رجي أو سميرة توفيق.

نحن اتخذنا جلستنا الأرضية المعتادة وكن جاهزات للطق والغناء لكن أحدا لم يقفل الأستريو ولم يعطنا إشارة لنبدأ وكأننا لسنا موجودين.

بدأت البندري ونورة في التهامس: وراهم ماعطونا وجه؟ وين المعزبة ؟

أما أنا فحين طال الوقت على هذا النحو بدأت أشعر حقا بالحرج والمهانة .. وكتمت حنقي على السيدة ..

دارت الهواجس في صدري: لم إذا تعاقدت معنا حرمة العقاد وأتت بنا وأعطتنا تعليماتها العسكرية الطويلة إذا كانت في النهاية ستعتمد على المسجل والسماعات؟ !

بحثت عنها بعيني بين الطاولات وأمواج الأجساد لكني لم أرها وكاد الاحباط يصيبني لمرور هذا الوقت الطويل ونحن جلوس أمام الناس لانفعل شيئا ولا يأبه بأمرنا كائنا من كان.

وإذ تأكدت بأن التجاهل قد يطول على هذا النحو المهين قررت أن أتخلص من أي خجل أو خوف وأن أعالج الأمر بطريقتي الخاصة ..

فما أن بدأت أغنية جديدة حتى قمت من مكاني وبدأت بالرقص بينما نورة والبندري قد طارت عيونهن من محاجرها دهشة واستغرابا من جرأتي غير المتوقعة .. والمشينة في نظرهن.

لحظات قصيرة فقط وحدث ما كنت متأكدة منه، فراقصو الدبكة قد توقفوا وأصوات الكؤوس والضحكات قد خفتت وأبصار الرجال والنساء مشدودة لجسد هذه السعودية النحيلة التي ترقص بليونة وإثارة لاتعرفها دبكتهم الباردة .. وقلة يدرون من هي هذه الفتاة ؟ أو كيف هبطت على هذا العرس ..؟

فاقت نتيجة هذه الوصلة الراقصة كل توقعاتي ..

ليس فقط بعاصفة التصفيق الحارة التي قابلتني .. وبصفير الشباب والبنات ونظرات الاعجاب.. وبالتفاتة القوم الذين عرفوا أخيرا بوجودنا ..

بل أيضا في ذلك الرجل الكهل الأنيق الذي أربكني تصرفه كما لما يربكني أي شيء أخر في تلك الليلة.. فقد تخطى الطاولات ليطبع قبلة على يدي ..!

الرجل الذي عرفت أنه المهندس والملياردير مصطفى النمر الآغا نفسه.


    رد مع اقتباس
 
 
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(عرض الكل الاعضاء الذين شاهدو هذا الموضوع: 0
لا يوجد اسماء لعرضها

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:55 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
المجموعة العربية للاستضافة والتصميم

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
تطوير : ديوانية القارية ولحيفة

Security team