القـرش الأبيـض لليـوم الأسود ؟؟؟
مشكلة أنوار – من وجهة نظرها – أنها ترى الحياة بنظرة حريصة جدا . أما مشكلتها – من وجهة نظر الذين حولها و عاشروها – أنها ترى الحياة بنظرة بخيلة جدا . كيف ؟ تعالوا نتعرف إلى أنوار معا ..
أنوار يا سادة يا كرام هي أم شابة، جميلة بعض الشيء، ولها من الأبناء ثلاثة، ابنتان وولد. سعيدة في زواجها، و زوجها رجل هادئ و متفهم و مستحيل أن تراه دون ابتسامته التي تعتلي وجهه .. والتي أصبحت ماركة مسجلة له دون غيره من أزواج شقيقاتها، حتى أصبحت محط حسد عليه.
حياة أنوار الجميلة هذه والهانئة لم تكن تخلوا من الشوائب .. أو ربما هي شائبة واحدة .. تلك التي تجعل حياتها غير كاملة .. أظن بأنكم عرفتم ما هي .. نعم .. إنه البخل . فأنوار المسكينة تجاهد مشاعرها التي تتزاحم في داخلها عندما تكون في مطعم ما مع صديقاتها و قائمة المنيو في يدها و أرقام أسعار الوجبات تقفز أمامها كالوحوش المخيفة، فترتجف دون أن يشعرن بها الصديقات .. و تخفي غيضها و امتعاضها من المكان التي اختارته إحداهن و فرضته عليهن فرضا. صحيح أن المطعم جميل و مشهور .. و لكن أسعاره غالية جدا .. و غير طبيعية جدا .. هذا طبعا في مقياس أنوار وحدها، التي يخضع كل شيء عندها لمقياس الكم وليس الكيف.
أنوار في المطعم تختار أرخص طبق موجود على قائمة الطعام، و قد يكون من صنف المقبلات .. ليس مهما .. المهم هو أن تأكل و أن تشارك الآخرين أكلهم .. نعم .. هذه هي خطة أنوار .. إنها مؤمنة بأن ما سيطلبه أصدقائها كثير، و أن ما سيزيد من الأكل هو أكثر مما سيأكلنه .. لذلك فهي تؤمن بمقولة كل مشروك مبروك .
أنوار لها طقوسها الخاصة في الشراء و بالتحديد شراء الضروريات من أغراض البيت، فعندما تقرر الذهاب للجمعية تقوم بفحص كل شيء في البيت .. كمية الشامبو داخل العلبة، عدد المعلبات المرصوصة في المطبخ، عدد البيضات الموجودة في الثلاجة، و الكم المتبقي من الزيت و البهارات و غيرها من اللحوم و الدجاج و الأكل . و عندما تذهب إلى الجمعية فإنها حريصة بأن تحمل في يدها سلة .. و لا تأخذ العربانة أبدا .. لأنها مؤمنة بأن العربانة تفتح مخيلة المشتري للشراء بكميات كبيرة، بينما السلة فستذكرها دوما بأنه كلما قلت الكمية كلما زادت الأهمية .
أنوار لها أسلوبها في التعاطي مع بانزين السيارة .. فهي تحرص على أن تملأ السيارة بالوقود في الأسبوعين مرة واحدة فقط، لذلك فهي لا تخرج كثيرا و تتعمد أن تطلب من زوجها أو من شقيقاتها أو صديقاتها أن يمرون عليها في البيت و أن تخرج معهم في سياراتهم .
إن أنوار تجد الموضوع حرص اقتصادي في ظل الأزمة العالمية التي مرت على العالم في الآونة الأخيرة .. و أن لا شيء مضمون و أنها تخبئ القرش الأبيض لليوم الأسود . و لكن ما لا تعرفه أنوار أنها جعلت المقربين منها ينفرون منها .. و صديقاتها أصبحن لا يطقن الخروج معها إلى المطاعم و عينها في أكلهم، و زوجها أصبح لا يطيق أن يجلس في البيت و هي تتحرك في البيت بلا هوادة تعاين كل شيء قبل أن تذهب للجمعية .. أما الناس من حولها فلقد نفروا من كثرة اتصالاتها عليهم لكي يقومون بتوصيلها أو الخروج معهم في سياراتهم .. توفيرا للبانزين .
إن شاكلة أنوار كثر و في كل مكان .. من رجال و نساء .. و لكن السؤال الموجه لهم الآن : إلى متى ستوفرون قرشكم الأبيض؟ و هل لاحظتم بأن حياة من هم حولكم أصبحت سوداء ؟ فهل سينفع القرش الأبيض صديقكم الأسود ؟
ليس بقلمـي
التعديل الأخير تم بواسطة النـآدر ; 12-09-2010 الساعة 04:08 AM.
|