عن مجاهد أنه قال : ملك الأرض أربعة أنفس : مؤمنان وكافران ..
فأما المؤمنان : فسليمان بن داود وذو القرنين ..
وأما الكافران : فبخت نصر ونمرود .
نعرف كثرة من ملك الدنيا قبلنا وأنه ملكها أخيار وأشرار كما ذكر في بعض الآثار : أن الذين ملكوا الدنيا من أولها إلى آخرها أربعة : مسلمان وكافران . فأما المسلمان فذكروا : ( سليمان ) و ( ذا القرنين ) ، وأما الكافران : ( النمرود ) و ( بختنصر ) .
سليمان عليه السلام
وذلك لأن سخر الله له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب غدوها شهر ورواحها شهر . أي : أنها إذا سارت من أول النهار إلى وسط النهار قطعت مسيرة شهر، وفي آخر النهار رواحها أي : بعد الزوال إلى الليل مسيرة شهر تسير به هذه الريح ، فسخر الله تعالى له هذه الريح ، وقالوا : إنه امتد ملكه وأنه دانت له البلاد سواء مؤمنهم أو كافرهم ، وإن كان في ذلك توقف .
ذو القرنين
أما ذو القرنين فقص الله تعالى علينا خبره ، وذكر أنه : " فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ " إلى آخر ما ذكر الله ، ثم رجع حتى بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم إلى آخر ما ذكر الله .لا شك أن هذا الدليل على أن الله مكن له في الأرض حتى بلغ مشرق الأرض ومغربها الله أعلم بكيفية مسيره إلا أن الله ذكر أنه قال أن لما قال الله تعالى له : " إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى " .
النمرود
ذكروا أيضاً عن النمرود أنه كان أيضاً تمكن في الأرض ، وأنه ملك مشرقها ومغربها حتى ادّعى أنه هو الله وامتحن إبراهيم فقال له إبراهيم : " رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ " ، فقالوا : إنه ملك نحو أربعمائة سنة ومع ذلك لم يبق له إلا الأخبار السيئة التي يذم بها .
بختنصر
وكذلك أيضاً ذكروا ممن ملك الدنيا : بختنصر ، الذي تسلط على أهل الأرض وسامهم سوء العذاب ، وقتل خلقاً كثيراً ممن استولى عليه .
المراجع
المنتظم في التاريخ – ج1
موقع سماحة الشيخ ابن جبرين رحمه الله