الحمد لله الرحيم الغفار ، الكريم القهار ، مقلب القلوب والأبصار ، عالم الجهر والأسرار ، أحمده حمداً دائماً بالعشي والإبكار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة تنجي قائلها من عذاب النار ، وأشهد أن محمداً نبيه المختار صلى الله عليه وعلى أهله وأزواجه وأصحابه الجديرين بالتعظيم والإكبار ، صلاة دائمة باقية بقاء الليل والنهار .
أما بعد ..
فإن أهم ما يعتني به المسلم في حياته اليومية ، هو العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله حتى ينظم حياته على سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كلها من الصباح إلى المساء .
قال ذو النون المصري : [ من علامة المحبة لله عز وجل ، متابعة حبيبه في أخلاقه ، وأفعاله، وأوامره وسننه ].
قال تعالى: ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [آل عمران:31]
قال الحسن البصري : فكان علامة حبهم إياه ، إتباع سنة رسوله .
وإن منزلة المؤمن تقاس باتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم
فكلما كان تطبيقه للسنة أكثر كان عند الله أعلى وأكرم .
والمقصود بهذه السنن: هي ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ، وهي " التي تتكرر في اليوم والليلة وباستطاعة كل واحد منا أن يقوم بها "
حسناً ... ولكن حينما أعمل بالسنة .. ماذا يحصل و ماذا أستفيد ؟؟
1- محبة الله لعبده المؤمن كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري وفيه "..و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ....... الخ".
-2 أن المحافظة على النوافل تجبر كسر الفرائض لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال :إن أول ما يحاسب به الإنسان يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال : يقول ربنا عز وجل لملائكته ـ وهو أعلم ـ انظروا في صلاة عبدي أتمها أم أنقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئاً قال انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن كان له تطوع قال : أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم".
3- أن للمتمسك بالسنة فضل كبير ويزداد فضله رفعة كلما كان في زمن إعراض عن السنة وإيذاء لمن تمسك بها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"..... فإن من ورائكم أياماً الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم". وقال عبد الله بن المبارك :" وزادني غير عتبة: قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم قال : بل أجر خمسين منكم " قال الترمذي حديث حسن غريب.
4- إن للعامل بالسنة مثل أجر من تبعه لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً كما في حديث مسلم وفيه قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء". ....
قال النووي في شرح مسلم على قوله" من سن " فيه الحث على الابتداء بالخيرات.
فالله الله يا أمة الإسلام في سنن رسولكم ، أحيوها في واقع حياتكم، فمن لها سواكم ، فهي دليل المحبة الكاملة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلامة المتابعة الصادقة له.
الآن أكاد أجزم أن لا يقرأ هذا الكلام أحد إلا و قد عاهد نفسه على فعلها و إحيائها و نشرها