المقدم سعيد العمري عندما يهبط الشهيد على الجنة بمظلة
بقلم: إسلام محمود ريشة: مازن الرمال
لا يرى البطل ما يراه الآخرون، وإنما يتمتع بوعي عميق وإدراك دقيق ينبعان من قلب وعزم وإرادة، الهدف لديه أكبر من الحاجة، والرسالة عنده أسمى من الرغبة، الجسد أهون عنده من أي شيء آخر، والروح فيه أغلى من الدنيا بأسرها، تحكمه القيم ويحتكم إليها، البطل هو الكبير الذي ربما ينساه الصغار، فقد يغيب ذكره ولكن أبداً لا تغيب ذكراه.
بعد إعلان استشهاده وخبر لحاقه بشهداء الوطن الأبرار خلال معارك جبل دخان؛ عادت الأنباء لتؤكد عودته سالماً غانماً، ثم عادت الأنباء من جديد.. ولم يعد هو.
إنه الشهيد المقدم مظلي سعيد بن محمد العمري، قائد الكتيبة (85) التابعة لقوات الأمن الخاصة والمظلات بالمنطقة الشمالية الغربية التي نجحت رغم استشهاد قائدها في كشف الكثير من مواقع الحوثيين على طول الخط الحدودي بين المملكة واليمن الشقيق. وكان رفاق السلاح هم أنفسهم من تمكنوا بالأمس من قتل "عنتر" قائد المتسللين المتحصنين بجبل دخان في عملية إنزال ناجحة.
هو سعيد بن محمد العمري، من مواليد محافظة النماص عام 1388، جاء ميلاده في بني عمر بقرية آل الشيخ، وعمل ضابطاً باللواء المظلي التابع للقوات البرية، وقد شارك في حرب تحرير الكويت وفي قوات حفظ السلام بالصومال عام 1993، وكان يُعدُّ من أفضل الكوادر المظلية بالمملكة, وقد أنهى المقدم العمري قبل نحو شهر دورة تدريبية بمجال عمله بفرنسا. وللفقيد الشهيد المقدم سعيد العمري خمس بنات هن شهد 17 سنة – مودة 13 سنة - أسيل 9 سنوات – همس 7 سنوات – شادن ثلاث سنوات بالإضافة للابن خالد 16 سنة.
وربما كان تصور البطولة والشهادة شيئاً وتصويرها شيئاً آخر، وكذلك يقين والد المقدم العمري الشيخ محمد ظافر العمري الذي كان يملأ قلبه؛ فابنه ذهب – كما كان يقول قبل نبأ استشهاد ولده - دفاعاً عن أرض الوطن ولن يعود بغير الغنيمتين النصر أو الشهادة.. وقد عاد بالاثنين.
نجله الوحيد (خالد) والذي يدرس بالصف الأول ثانوي أعرب عن سعادته وهو يسمع باستشهاد والده في ميدان العز والشرف وإن تأثر بفقدانه. شقيق زوجته المقدم ظافر بن عيد العمري يروي ما ذكره بعض زملاء أبي خالد من أنه كان يوصيهم قبل التوجه للمعركة بأن يكونوا على طهارة، وأن يستعدوا للدفاع عن وطنهم، كما قام المقدم سعيد قبل استشهاده بأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً. لتكون الصلاة ثم القتال ثم الشهادة آخر أعمال الشهيد العمري، وليصدق فيه بحق قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
"فالصحاري غمد كل مهند، أبلى فأحسن في العدو بلاء، خُيرت فاخترت المبيت على الطوى، لم تبن جاهاً أو تلم ثراء، إن البطولة أن تموت من الظما، ليس البطولة أن تعب الماء".
إحترنا نحن الذين ليس بيننا وبينه صلة قرابه فماذا عن أهله الذين تلقوا التعازي والأن يقال أنه مفقود
كيف سيكون حالهم ......... الله أعلم ونسأل الله ان يصبرهم حتى ظهور الحقيقه