06-01-2012, 08:26 PM
|
|
الحلقة 4 جزيرة الكنز
بين سارة واريج ...
قالت سارة : تعلمين يا أريج أن الله تعالى خلق الرجل والمرأة شطرين للنوع الإنساني :
ذكراً وأنثى قال تعالى " وأنـّـه خلَق الزوجين الذكر والأنثى " [النجم: 45]
والزوجان هما المقترنان اللذان لا يستغني أحدهما عن الآخر .. فالرجل والمرأة مقترنان لتسيير عجلة الحياة ..
نعم .. الذكر والأنثى مخلوقان يشتركان في عِمارة الكون كلٌّ فيما يخصه ..
بلا فرق بين الرجال والنساء في عموم الدين ..
فهما متساويان في المسئولية ..
فرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا النساء كما دعا الرجال .. وبايع النساء على الدخول في الاسلام كما بايع الرجال .. وصلى اماماً بالرجال والنساء .. وافتى الرجال والنساء .. وكان الرجال والنساء يشيرون عليه ويقبل منهم .. وكان الـــ ...
عندها صرخت أريج : كان يقبل مشورة النساء!! عجباً !! وأبو بكر وعمر موجودان ؟!!
سارة : نعم ..
واستمعي إلى أم سلمة وهي تحكي بكل عزة ثقتها بنفسها ..
وشعورها بنظرة المجتمع المشرقة لها .. وهي تقضي برأيها على مشكلة كانت قد تعصف بجيش كامل !!
أريج : كيف ؟!
لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم الى مكة معتمراً
وهذا كله قبل قرون من اعتراف العالم الحديث للمرأة بحقها في التعبير عن رأيها الخاص بها ..
خرج مع ألف وأربعمائة من أصحابه ليعتمروا .. وذلك قبل فتح مكة ..
كان قريش هم أهل مكة يمنعون من شاءوا ويأذنون لمن شاءوا ..
وصل e مع أصحابه لا يريدون قتالاً بل سيعتمرون كبقية الناس ..
منعتهم قريش من دخول مكة .. وكاد e أن يدخلها بالقوة .. لكنه عدل عن ذلك وأراد أن يكتب بينه وبينهم صلحاً ..
أرسلت قريش إليه عدة أشخاص للتفاوض معه حول بنود الصلح .. حتى جاءه سهيل بن عمرو ليكتب الصلح معه ..
فدعا النبي e الكاتب فجعل يملي عليه قال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ..
فاعترض سهيل قائلاً : أما الرحمن .. فوالله ما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب ..
فغضب المسلمون وقالوا : والله لا نكتبها إلا باسم الله الرحمن الرحيم ..
فقال النبى e : اكتب باسمك اللهم ..
ثم قال e اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ..
فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب محمد بن عبد الله
فقال e : والله إني لرسول الله وان كذبتموني
اكتب محمد بن عبد الله
على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ..
فقال سهيل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ، ولكن ذلك من العام المقبل ..
فوافق النبي e على ذلك .. وكتبه ..
فأراد سهيل أن يضيق على المسلمين .. فاشترط :
أنه لا يخرج من مكة مسلم يريد المدينة .. إلا رُدَّ إلى مكة ..
أما من خرج من المدينة وجاء إلى مكة مرتداً إلى الكفر فيُقبل في مكة ..
فقال المسلمون : من جاءنا مسلماً نرده إلى الكافرين !! سبحان الله كيف نرده إلى المشركين وقد جاء مسلماً ..
فقال e : أما من ذهب منا إليهم فأبعده الله ..
ثم سكت والنبي e مفكراً ..
وكان قد أسلم فعذبه أبوه وحبسه .. فلما سمع بالمسلمين .. تفلت من الحبس وأقبل يجر قيوده .. تسيل جراحه دماً .. وعيونه دمعاً ..
ثم رمى بجسده المتهالك بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم .. والمسلمون ينظرون إليه ..
فلما رآه سهيل .. غضب !! كيف تفلت من حبسه .. ثم صاح بأعلى صوته : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي ..
فقال صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد ..
قال : فوالله إذاً لا أصالحك على شيء أبداً ..
فقالصلى الله عليه وسلم : فأجزه لي .. قال : ما أنا بمجيزه لك .. قال : بلى فافعل .. قال : ما أنا بفاعل ..
فسكت النبيصلى الله عليه وسلم ..
وقام سهيل سريعاً إلى ولده يجره بقيوده .. وأبو جندل يصيح ويستغيث بالمسلمين .. يقول :
أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً ..
ألا ترون ما قد لقيت من العذاب .. ولا زال يستغيث حتى غاب عنهم ..
والمسلمون تذوب أفئدتهم حزناً عليه ..
فصالح النبي صلى الله عليه وسلم على أن يعودوا إلى المدينة .. ويعتمروا في العام القادم ..
كان المسلمون قد جاؤوا بإحرامهم من المدينة متحمسين للعمرة .. ثم تفاجئوا أن قريشاً تمنعهم هكذا بكل بساطة !!..
(((((كان الحزن يسيطر على نفوسهم ..))))))
فلما فرغ النبي e من كتابة المعاهدة التفت إلى أصحابه ثم أمرهم أن ينحروا الـهَدْي ..
وهو ما جاؤوا به معهم ليذبحوه في عمرتهم من غنم وإبل .. وأمرهم أن يحلقوا رؤوسهم ..
فتفاجأ الناس .. الأصل أن يفعلوا ذلك بعد العمرة ..
ولا تزال نفوسهم معلقة بها .. فتباطئوا عن الاستجابة لأمره رجاء أن يتراجع عنه ..
لكنه لم يتراجع .. وأخذ ينظر إليهم ينتظر تنفيذ الأمر .. فلم يقم أحد !! فأعاد عليهم .. فلم يقم أحد !!
فغضب e .. ودخل على زوجه أم سلمة .. فذكر لها أنه يأمرهم ولا يطيعون !!
فقالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك ؟ أي تحب أن يطيعوك ؟ اخرج إليهم .. ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة ..
حتى تنحر هَدْيك .. وتدعو حالقك فيحلقك ..
فخرج e ومضى يمشي ساكتاً لم يكلم أحداً منهم حتى فعل ما اقترحته عليه أم سلمة .. نحر هديه ..
ودعا حالقه فحلقه .. فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا هديهم ..
فانظري كيف أن امرأة واحدة .. واثقة بقدراتها .. معتزة بفكرها .. لم تحتقر نفسها بل أبدت رأيها .. وهم لم يحتقروها .. بل أخذوا بالرأي .. وعملوا به ..
أريج : والله كلام رائع ..
سارة : نعود إلى ما كنا فيه :
فأقول لك - أريج – إن الله تعالى ساوى بين الجنسين الرجل والمرأة في كل شيء ..
إلا فيما تقتضي طبيعة الرجل والمرأة الافتراق فيه ..
فقال تعالى عن الرجال " إن الذين يبايعونك إنما .. "
وقال عن النساء " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على .." ..
وكذلك ساوى بينهما في المسئولية عن البيت ..
فقال صلى الله عليه وسلم ( .. الرجل راع على أهل بيته .. والمرأة راعية على بيت زوجها وولده .. فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) متفق عليه ..
وساوى بينهما في العبادة والتكاليف الشرعية :
فأوجب الله على الرجل والمرأة تكاليف متماثلة .. ساوى بينهما فيها ..
فالصلاة واجبة على الرجل وواجبة على المرأة على السواء خمس مرات ..
وصوم رمضان واجب عليهما جميعاً ..
والزكاة واجبة عليهما جميعاً ..
والحج واجب عليهما جميعاً ..
بل إن الله خفف على المرأة أكثر من الرجل ..
فأسقط عنها الصلاة والصيام أيام حيضها ونفاسها ..
وساوى بين الرجل والمرأة في عمارة الأرض ..
فكلاهما مأموران بالجد والعمل .. كما قال تعالى " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه " ..
وهذا خطاب للرجال والنساء ..
وكلاهما مأموران بأنواع الطاعات ..
قال تعالى " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما ) ..
والرجل والمرأة على السواء مأموران بطاعة الله ورسوله قال تعالى ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله أمرا أن يكون لهما الخيرة من أمرهم ) ..
بل إن نساء صالحات ضربن أروع الأمثال في الحرص على الطاعة وطلب العمل ..
والتحبب إلى الله تعالى بأنواع القربات ..
سأذكر لكم في الحلقة القادمة باذن الله بطووووووووولات استشهدت بها سارة وابهرت اريج اترككم في رعاية الله وحفظه
|