غابت وظل الجميع يسأل عنها حتى أمس، اسمها علياء عسيري، وهي باحثة بعمر 22 عاما. كان قدرها أن تموت في يوم افتتاح المؤتمر العلمي الثاني لطلاب وطالبات التعليم العالي في جدة، حيث شاركت ببحث أودعت فيه حلمها بأن يتغذى طلاب المدارس بطعام صحي، ليعيشوا بسلام.
وأمس حين وقف الجميع يترقبون سماع أسمائهم من بين الفائزين بجوائز المؤتمر، جاء صوت مقدم الحفل ليعلن، في غيابها الأبدي، عن فوزها بجائزة الريشة الذهبية. تطاولت الأعناق تبحث عنها أو زوجها ليتسلم أحدهما الجائزة، لكن المقدم أتبع اسمها بدعاء حزين: رحمها الله.باحثة أبها.. ماتت وقلبها معلق بحلم لطلاب المدارسباحثة أبها.. ماتت وقلبها معلق بحلم لطلاب المدارس
يحكي زوجها محمد أبو زيد لـ"الوطن" وهو يغالب حزنه ويكتم حشرجات صوته عن آخر لحظات حياتها قائلا: قبل أيام شعرت بوعكة صحية أدخلت على إثرها المستشفى، وأجريت لها عملية جراحية وبعد شفائها ومع اقتراب المؤتمر، ذهبنا للرياض لزيارة أحد الأقارب، ثم قررنا الذهاب إلى مكة لأداء العمرة لكنها ماتت. وأضاف: كان حلمها دائما أن تصل لدرجات علمية عالية. واجتهدت كثيرا لتنجز بحثها عن الإبداع للوجبات المدرسية الصحية. وكانت تتمنى الحصول على جائزة خلال المؤتمر وأن يتحول بحثها إلى مشروع فاعل، لكنها غابت وبقي حلمها.
من جانبه قال عميد شؤون الطلاب بجامعة الملك خالد بأبها الدكتور مبارك حمدان، الذي تسلم الجائزة نيابة عـن الباحثة، إن الجامعة تجهز لحفل تكريم للراحـلة عرفانا لها بما قدمته لخدمة التعليم، مؤكدا أن الجامعة ستطلب التفاصيل الدقيقة للمشروع للاطلاع عليه وتنفيذه، مشددا "لن يضيع مجهودها هباء".
بينما وقف الجميع ينتظر أن يعلن اسمه من بين الفائزين بجوائز الملتقى العلمي الثاني للتعليم العالي بجدة ليصعد على المنصة والتسليم على وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري واستلام الجائزة، جاء صوت مقدم الحفل ليعلن فوز الباحثة علياء محمد عسيري بجائزة الريشة الذهبية، لكن علياء لم تصعد على المنصة ولم تجب النداء بعد أن لبت نداء آخر وسلمت روحها إلى بارئها في يوم افتتاح الملتقى. اختلطت الدموع بالابتسامة داخل القاعة وتعالت الهمهمات بعد سماع اسم علياء التي حرمت من تلك اللحظة التي يتمناها كل باحث. فلم يمهل القدر عروس أبها ابنة الاثنين والعشرين ربيعا المشاركة ببحثها المصنف تحت ريادة الأعمال لعرضه في الملتقى، فقد داهمها المرض ونقلت إلى المستشفى، حيث خضعت لعملية جراحية وعقب خروجها من المستشفى كانت تعتزم الذهاب لأداء العمرة في مكة قبل المشاركة في المنتدى لكن القدر لم يمهلها. الطالبة النجيبة وافتها المنية قبل أن تقدم بحثها العلمي، وتبتهج بفوزها كإحدى الباحثات المشاركات في الملتقى. وكان بحث علياء الريادي يخدم طلاب وطالبات المدارس بكافة المراحل وكان موضوعه التغذية الصحية بالمدارس. ويقول عميد شؤون الطلاب بجامعة الملك خالد بأبها الدكتور مبارك بن سعيد حمدان الذي تسلم الجائزة نيابة عن الباحثة: حرصت الطالبة علياء على المشاركة في الملتقى وتقديم بحثها العلمي ضمن المشاركات، لكن القدر لم يكتب لها أن تكمل المشوار ووافتها المنية يوم افتتاح المؤتمر، مؤكدا أن الجامعة قامت بالاتصال بذوي الباحثة وزوجها لتقديم التعازي ومواساة أسرتها، مضيفا أن الجامعة ستساهم في تقديم ما تحتاجه أسرة الباحثة تقديرا لدورها الريادي والمتميز طوال رحلتها الدراسية بالجامعة.
وأضاف أن الجامعة ستقيم حفلا لتكريم الطالبة وتسليم جائزة التكريم لذويها، عرفانا لها بما قدمته لخدمة التعليم، إلى جانب مشروعها الذي يهدف لخدمة النواحي الإنسانية وخاصة طلاب وطالبات المدارس.
وأشاد الحمدان بما يقوم به المؤتمر من خطوات إيجابية لتكريم ذوي العالمة الراحلة، لما لذلك من مردود إيجابي عليهم في مصابهم الجلل. وقال سنقف مع زوجها على وجه الخصوص حتى يتجاوز تلك المحنة الصعبة تكريما للباحثة ولما قدمته من مجهود إنساني يعتبر قدوة لكل باحثة وطالبة ومبتكرة. وأكد أن الجامعة ستقوم بتكريم طلابها وطالباتها في المؤتمر.
وأضاف أن بحث علياء عسيري كان عبارة عن مشروع ريادي بعنوان "الإبداع للوجبات المدرسية الصحية"، حيث كانت علياء حريصة على تقديم وجبة غذائية صحية تقدم لطلاب وطالبات المدارس بطريقة مبتكرة تتناول النواحي الصحية الصحيحة، كاشفا أن بحث الطالبة سيلقى عناية، ولن يترك مجهودها يضيع هباء. وتابع: سنقوم بطلب التفاصيل الدقيقة للمشروع، وسيقدم إلى إدارة الجامعة للاطلاع عليه وتنفيذه.
وفي اتصال هاتفي لـ "الوطن" بزوج علياء لمعرفة تفاصيل وفاة زوجته الباحثة المشاركة في المؤتمر العلمي الثاني للتعليم العالي، أشار محمد أبو زيد بنبرة صوت حزينة إلى أن وفاة زوجته قضاء وقدر، حيث شعرت بوعكة صحية أدخلت على أثرها المستشفى، وأجريت لها عملية جراحية وبعد شفائها ومع اقتراب المؤتمر، قمنا بالذهاب لمدينة الرياض لزيارة أحد الأقارب، بعدها قررنا الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة لكن الموت كان أسرع، ولم يمهلها الأجل للمشاركة في المؤتمر، مضيفا أن مشاركتها كانت حلما لها حيث كانت تسعى دائما للوصول لدرجات علمية عالية. وأشار إلى أنه كان داعما ومساندا لها في كافة نجاحاتها، وأنه تزوجها قبل تسعة أشهر فقط ولم يقدر الله لهما الإنجاب، لترحل قبل أن ترى نتاج جهدها وسهرها، حيث أخذ البحث منها مجهودا كبيرا، وكانت تتمنى الحصول على جائزة خلال الملتقى وتنفيذ المشروع على أرض الواقع رحمها الله رحمه واسعه.