كنت صغيراً أسمع بلغتنا الدارجه كلمة ( منتبر ) عندما يُسأل عن فلان من الناس فتكون الإجابه إنه منتبر كلمة تعني أنه جالس لدى من لا يريده وهي أيضاً دالة على أن من وصفه بذلك الوصف (منتبر ) لا يحبذ وجوده نتيجة إطالته للجلوس وبمعنى أدق أنه ( ثقيل ) وكلمة منتبر تعني أنه لا يأبه بمن حوله بل قد تكون صفة من يزهو بنفسه فلا هم له إلا نفسه فقط ومعلوم أنها صفة ذميمه ومنتبر أيضاً تعني أنه يجلس في ناصية المجلس في مكان لا يستحقه .
ويقال له قم ( واش فيك منتبر ) . واليوم فكرت .. ماهي العلاقه بين المنبر والمنتبر فوجدت تلازماً أو على الأقل تقاربُ في معناها .
فمنابرنا اليوم أصبحت للجميع دون إستثناء إلا من رحم ربي وكل أصبح منتبراً سواءاً في منابر المساجد أو نواصي المجالس أو على وسائل التواصل الإجتماعي وأصبح من يفقه ومن لا يفقه ينتبر ويجعل من نفسه معلماً للبشريه وهناك من يتواطأ من الخطباء في منابر المساجد فيجعل المنبر الذي أوكلت إليه الخطابه من خلاله متنفساً للكثير حتى ولو لم يعلم من هو ذلك الرجل الذي يريد أن ينتبر فيه ويخاطب الناس بعقلية قد تكون واعية وقد لا تكون . وهذا كله من منطلق المجامله والمحاباه والطبطبه على الأكتاف إنطلاقاً من الشبه في الهيئه فيكفيك للإنتبار أن تطيل لحيتك وتقصر ثوبك وتحفظ لك قليل من الأحاديث لتكون منتبراً في مسجد أو محل عام أو قاعة أفراح أو غيرها من أماكن إجتماعات الناس . وهذا الإنتبار يسيطر شيئاً فشيئاً على البعض حتى يرى أن من حوله جميعهم أميين لا يفقهون شيئاً من أمور الدنيا والدين ولو كان من ضمنهم من علمه أصلاً العارف لقدر نفسه الذي لايسعى للإنتبار والثرثره ويكفيه الإستماع وربما قال في نفسه أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني .
أما ذلك الذي كما قلنا لا يأبه بمن حوله بل قد أصفه بأنه لا يتردد في أن يصور نفسه ذلك المعلم الملهم والبقيه كتلاميذ يعجزون عن تركيب الجمل فهذا والله مما أبتلي به المجتمع اليوم وليت ذلك ينتهي عند الإنتبار لكنه يكون مصحوباً بصياحٍ ونياح بواسطة مكبرات للصوت مزعجه في كثير من الأحيان إلى حد الإشمئزاز منه وإضاعة أوقات الناس خاصة في صالات الأفراح الذين يتقابلون من هنا وهناك وربما من مدن متباعده فيُشغل ذلك الوقت بما يقول المنتبر وعلى الساده الحضور الإستماع فقط !!!
أكثرت عليكم ترديد كلمة منتبر ومنبر لكنها مجرد خاطره أردت التعبير عنها لمن قد يقبل كلامي هذا وربما قد يعارضه الكثير إنطلاقاً مما تعودنا عليه بعدم الخوض في شأن الدعاه وربط ذلك ذهنياً بأنه مساس بالدين ،،،
الإهداءات
( المنبر والمنتبر )
العرض العادي
