زواجها ، وكيف أنها تلوذ بالصبر على كل ماكانت تلقاه
من زوجها الذي قالت أنه يدقق ويتابع كل شيء ، ويسأل
عن كل صغيرة وكبيرة ، فهو لا يتغاضى ، ولا يتسامح ،
ولا يلين .
ذكرت أنها كثيرا ماكانت تشعر برغبة في ترك كل شيء ،
البيت والأولاد والزوج ، ولكن إلى أين ؟ لم تكن تدري !
كل ما كان يملأ نفسها شعور بأنها ماعادت قادرة
على الصبر ، وأن الأعباء ماعادت محتملة لديها ،
وأن طاقة التصبر عندها وصلت حدها .
سألتها أن تحادثني عن زوجها غير ماذكرته عنه من تدقيق
وتفتيش ومتابعة وعدم مسامحة ؛
فقالت إنه قاس ،
لسانه حاد ، لا أسمع منه ثناء عليَّ، أو على طبخي ،
أو على تربية أبنائي ، لا أسمع منه كلمة حب أو عطف
أو حنان ، لقد تعبت، تعبت، تعبت .
لا أعني تعب الجسد فهذا أحتمله وأصبر عليه ؛
إنما أعني تعب النفس ، تعب الأعصاب ، تعب الوجدان .
قلت لها هل جربت أن تكلمي أحدا من أهلك أو من أهله
ليراجعوه في ذلك وينصحوه،
قالت فاتحت والدي فنفى
كل شيء ، وقال إنه غير مقصر نحو بيته،
ويوفر لنا كل ما نحتاجه .
هل رأيت ؟ إنه ينظر إلى الجوانب المادية وأنا أريد الجوانب
النفسية والعاطفية والروحية .
قلت لها هل تريدين نصيحتي ؟ قالت لهذا فاتحتك بالأمر .
قلت : أعلم أن نصيحتي قد لا تلقى قبولا كبيرا في نفسك ،
لكني أرى العمل بها هو الأجدى والأربح .
قالت : تفضلي .
قلت : لو أراك الله ما أعد لك من أجر على صبرك
واحتسابك لقلت : أهذا كله لي ؟
لورأيت مقعدك في الجنة جزاء احتمالك ما تلقينه من عنت
زوجك وشدته وقسوته وجفافه ثم سئلت :
ما رأيك لو جعلنا لك زوجك مثلما تريدين ..
ولكننا سننقص من أجرك .. وننزلك إلى مرتبة أدنى في الجنة ..
لربما قلت : لا .. أصبر على زوجي فأبقوا على
منزلتي هذه في الجنة .
هنا سمعت صوت بكاءها بسبب تأثرها مما سمعته من
كلام فقلت لها :
أيهما تفضلين ؟ أن يصلح الله زوجك ولكن منزلتك
في الجنة ستكون أدنى ..أم تواصلين صبرك عليه مع علو
منزلتك في الجنة ؟
صمتت ولم تجب ومازالت تبكي ....
قلت لها : لا شك في أنك تفضلين أن يكون زوجك
كما تريدين ، وأن تبقى منزلتك في الجنة ؛ أي أن تظفري
بالأمرين معا .
واصلت حديثي : هذا ما تتمناه كل زوجة .
نعم . ولكن الله أقسم على أن يبلونا في هذه الحياة الدنيا ،
وفي الوقت نفسه بشرنا إذا صبرنا على هذا البلاء .
قال عز وجل ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص
من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين *
الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون *
أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )
عدت إلى سؤالها من جديد : ماذا اخترت يا أختاه ؟
قالت : لقد اخترت مواصلة الصبر . ولكني أرجوك أن ترشديني إلى ما يعينني على ذلك .
قلت لها : بارك الله فيك لاختيارك مواصلة الصبر على زوجك .
أما ما يعينك على ذلك فهو التالي :
كلما سمعت من زوجك ما آلمك واحزنك ،
وكلما وجدت إعراضا وصدودا ، وكلما ضاقت الدنيا عليك
من شدة زوجك وقسوته .. اذهبي إلى
حبيبك
نعم حبيبك واشكي زوجك إليه !
قاطعتني مستنكرة : وانا مالي حبيب ؟قلت لها بلى لا تتعجلي !
أليس الله حبيبك ؟
ألا تحبين الله تعالى ؟قالت : بلى أحبه .
قلت إذن الجئي إليه سبحانه ، وناجيه جل شأنه بمثل هذه الكلمات :
اللهم إني أحبك . وأحب أن أقوم بكل عمل يرضيك ،
وأنا أعلم أن صبري على زوجي يرضيك عني .
اللهم فالهمني حسن الصبر عليه ، وامنحني طاقة أكبر على
احتماله ، وأعني على مقابلة اساءته بالإحسان
اللهم ولا تحرمني الأجر على هذا الصبر ،
واجزل لي ثوابك عليه ، وابن لي عندك بيتا في الجنة
رحمك الله يا أُمي رحمة واسعة
.